هي ذات طراز كلاسيكي شامخة في أرقى وأشهر أحياء القاهرة “حي الزمالك” تبدو للوهلة الأولى كبنيان أثري ضخم يحوي بداخله الكثير من الأسرار … إنها عمارة ” الشربتلي” بالزمالك التي شهدت مؤخرا هبوطا أرضيا تسبب في ميلها وتصدع حوائطها مما ألزم سكانها بالمغادرة فورا وهم ينظرون خلفهم فى ذهول لذكرياتهم من زمن فات ..
ترجع تسمية البناية بالشربتلي للمغفور له” حسن عباس الشربتلي” عميد عائلة الشربتلي المشهورة، هو سعودى الجنسية وأول من حمل لقب ” معالى ” ولقب”وزير دولة فخرى” بناء على أمر أصدره الملك عبد العزيز آل سعود عام ١٩٣٤ وذلك تكريما له وإعترافا بدوره الوطنى والأنسانى ليس فى خدمة وأنشاء بلده السعودية فحسب بل لمساعدته وأهتمامه بسائر المدن العربية فتبرع الشربتلي للقضية الفلسطينية فى أربعينيات القرن الماضي ب نصف مليون ريال وخصص لهم بعدها مليون ريال شهريا فلقب ب ( المحسن الكبير) وزاد عطائه بأن خصص ثلث ثروته للاعمال الخيرية والتنموية.
وفي مصر لعائلة الشربتلي تاريخ سياسي واجتماعى طويل بداية من عميد العائلة إلى الاحفاد ، فالراحل هو اول من ساهم فى إعادة بناء مدينة بورسعيد بعد العدوان الثلاثي وبنى فيها حى للمنكوبين أطلق عليه وقتها ” حى الشربتلي” كما ترك وقفا تم تخصيصه لأعمال الخير فى مصر وأسست ” مؤسسة حسن عباش الشربتلي” الخيرية مسجدًا ضخما بأسم الشربتلي مشهورا فى مدينة القاهرة الجديدة، كما للراحل العديد من المواقف الانسانية المهمة تجاه مصر وسوريا بعد هزيمة ١٩٦٧
بناية الشربتلي
يبلغ عمر عمارة الشربتلي نحو ثمانون عاما، حيث تم إنشائها فى أربعينيات القرن الماضى وهى مكونة من جزئين الأول يطل على ١٧ شارع البرازيل ومكون من ١٢ طابق وبه ٣٧ وحدة سكنية، والجزء الثانى يطل على شارع عزيز أباظة ومكون من ١١ طابق وبه ٣٣ وحدة سكنية.
وكان لموقع البناية المتميز جدا فى قلب مدينة القاهرة دافعا قويا لتكون ملتقى وسكن لنجوم فن الزمن الجميل ، ومن خلال مبادرة” عاش هنا” والتى أطلقها الجهاز القومى للتنسيق الحضارى أتضح لنا انه كان يسكن فى عمارة الشربتلي الفنانة نجاة الصغيرة والفنان محمود المليجى وزوجته علوية جميل والفنان عز الدين ذو الفقار وزوجته الفنانة كوثر شفيق
نجاة الصغيرة
هى من اشهر رموز الموسيقي العربية فى العصر الذهبي للخمسينيات والستينيات من القرن العشرين، ولدت فى القاهرة والدها هو محمد كمال حسن الخطاط الدمشقي الشهير الذى هاجر إلى مصر وتزوج والدة نجاة ولها اخوات غير شقيقات كثيرات منهم الفنانة سعاد حسنى واشتهرت عائلتها بتمتعهم بمواهب فنية عديدة وع راسهم شعاد حسنى ونجاة الصغيرة التى بدأت تغنى فى التجمعات العائلية حتى اشتركت فى أول فيلم لها فى سن الثامنة ومع مرور الوقت احتلت نجاة الصغيرة مكانة خاصة ومتميزة فى صفوف الفن وبين قلوب محبيها وكان الموسيقار محمد عبد الوهاب هو اول من تبناها فنيا حتى نصجت وقدمت روائعها الغنائية منها ( لا تكذبي) ( آه لو تعرف) ( انا باعشق البحر) ( إلا انت) ( أما براوه) ( أسالك الرحيلا) ومن اشهر افلامها كان الشموع السوداء وبنت البلد
وعن حياتها الخاصة تزوجت فى البداية فى سن صغير من كمال منسي وانجبت ابنها الوحيد وليد وانتهى الزواج بالانفصال سريعا وتزوجت مرة اخرى من المخرج حسام الدين مصطفى وانتهى الزواج ايضا فكرست حياتها لفنها وتربية ابنها.
محمود المليجى وعلوية جميل
عام ١٩٣١ نشأت قصة الحب بين محمود المليجى وعلوية جميل رغم فارق السن بينهما وقررا الزواج عام ١٩٣٩ واستمر زواجهما ٤٤ عاما حتى رحيله عام ١٩٨٣ وكانت علاقتهما دوما محل للتساؤل حيث كان المليجى دائم الارتباط بآخريات إلا أن علوية جميل كنت تجبره على تطليقهم ومنهم درية أحمد التى تزوجها سرا، واشار الناقد طارق الشناوى أن الفنانة سناء يونس تزوجت المليجى سرا لمدة ١٥ عام دون علم علوية جميل وإن سناء هى من أبلغته بهذا.
عز الدين ذو الفقار
ولد فى حى العباسبة بالقاهرة فى ٢٨ اكتوبر ١٩١٩ وهو الشقيق الأوسط للفنانين محمود ذو الفقار وصلاح ذو الفقار وقبل أن يسلك الفن كان ضابطًا بالقوات المسلحة حتى استقال وهو فى سلاح المدفعية ليعمل بالسينما وبدأ اول اعماله مساعد مخرج فى فيلم الدنيا بخير وازهار واشواك بعدها قام بكتابة قصة وسيناريو فيلم ( اسير الظلام) واخرجه وكان من بطولة مديحة يسرى ومحمود المليجى وهو الفيلم الذى أعاد تقديمه قبل وفاته عام ١٩٦١ بأسم ( الشموع السوداء) بطولة صالح سليم ونجاة الصغيرة
وتزوج عز الدين من الفنانة فاتن حمامة وانجب منها ابنتهما نادية وعملا ثنائيا فنيا حتى انفصلا عام ١٩٥٤ واستمرا فنيا حتى بعد انفصالهم لتتزوج فاتن حمامة من عمر الشريف ويتزوج عز الدين من الفنانة كوثر شفيق وانجبوا دينا التى تسكن حاليا عمارة الشربتلي وهى من النشطاء بمجال حقوق الحيوان
وفى عام ١٩٦٣ توفى المخرج عز الدين ذو الفقار تاركا خلفه أرثا فنيا كبيرا بعد ان حصد على العديد من الجوائز.