اعلنت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت، عن الحاجة إلى التركيز على حقوق الإنسان في العصر الرقمي. إذ أشارت إلى أنه فيما تحقق التكنولوجيا الرقمية بالفعل العديد من الفوائد، فإن الثورة الرقمية هي قضية عالمية رئيسية لحقوق الإنسان و “فوائدها التي لا شك فيها لا تلغي مخاطرها التي لا لبس فيها”.
وفي ظل هذا التصريح، وبالرغم من أن الإنترنت لا يستخدم على نطاق واسع من قبل جميع شرائح المجتمع الصومالي.|إلا ان الناشط الصومالي عبد الفتاح حسن علي البالغ من العمر 33 عاماً أصبح معروفاً بنشاطه بشأن موضوع حقوق الصوماليين الرقمية. اذ دفعت هذه المخاوف علي وأصدقاؤه إلى إنشاء ما يسمى بـ “الملجأ الرقمي”، وهو منظمة مجتمع مدني تعمل على تعزيز السلامة الرقمية، والدفاع عن الحقوق الرقمية والاندماج، والكفاح من أجل حرية الإنترنت وتمكين المجتمعات في الفضاء المدني الرقمي المتنامي في الصومال. ومن خلال المنتديات والمنشورات والدعوات، تمكن “الملجأ الرقمي” من إشراك فئات مختلفة من المجتمع بمناقشة وتعزيز الحقوق الرقمية
أوضح علي قائلاً: “اليوم، يمكن تحويل الأموال بسهولة وعلى الفور من جميع أنحاء العالم عبر شركات التحويلات الصومالية. داخل البلاد، يرسل الناس الأموال من خلال النظام القائم على الهواتف المحمولة. بالإضافة إلى ذلك، شهدت وسائل الإعلام الرقمية ارتفاعا في الصومال حيث أصبحت منصات وسائل التواصل الاجتماعي مصدراً أساسياً للناس للحصول على أجدد الأخبار بمجرد توافرها”.
و قال السيد علي إن “الملجأ الرقمي يرى عالماً حيث يصبح الناس فيه على اتصال متزايد عبر الإنترنت والأدوات الرقمية التي توفر فرصا وتسبب تهديدات، وخاصة لأولئك الذين يستخدمون الإنترنت للنضال من أجل قضية معينة، مثل المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين والمدونين”.
بدأ عبد الفتاح حسن علي وأصدقائه منظمة الملجأ الرقمي، وهي منظمة مجتمع مدني لتعزيز السلامة الرقمية، والدفاع عن الحقوق الرقمية والاندماج، والكفاح من أجل حرية الإنترنت وتمكين المجتمعات في الفضاء المدني الرقمي المتنامي في الصومال.
جاء تأسيسه في الوقت الذي أدى فيه اعتماد الصومال المتزايد على التكنولوجيا إلى توسيع حيز العمل المدني في البلاد. وتُمكّن منصات ومدونات وسائل التواصل الاجتماعي الصحفيين والناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان من توثيق الانتهاكات البشرية والإبلاغ عنها، وحشد الرأي العام، وإقامة حملات من أجل الإصلاحات، ومشاركة المحتوى والمعلومات ذات الصلة، وبناء الشبكات على المستوى الوطني.
ومع ذلك، في السنوات الأخيرة، ألقت التهديدات ضد حرية التعبير عبر الإنترنت – مثل التحرش الإلكتروني، وزيادة المخاطر الرقمية وتقلص المساحة المدنية على الإنترنت بشكل عام، ألقت بظلالها على بعض التقدم المحرز في الصومال. على سبيل المثال، قد لا يكون الناس على دراية بالمخاطر التي تنطوي عليها عندما تتعرض خصوصيتهم للخطر من قبل جهات حكومية أو غير حكومية، أو عندما يتم استهداف الأشخاص بسبب آراء شاركوها عبر الإنترنت.
تحديات حقوقية وتقنية
يبدو أن الكثير من الناس يقللون من المخاطر الناجمة عن استخدام الإنترنت. ومن بين أكثر الأسئلة الشائعة: “نحن نعيش في بلد يُقتل فيه الناس بانتظام، فما الخطر الذي يمكن أن ينتج عن التهديدات الرقمية؟”
وللتعامل مع هذا الأمر، أوضح علي أن الملجأ الرقمي ينشر قصص ضحايا الهجمات عبر الإنترنت، مثل قصص النساء والفتيات اللواتي تأثرن بالإساءة والتحرش الإلكتروني -بالطبع دون الكشف عن هويات الضحايا-، كما ينشر قصص الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء وسائل التواصل الاجتماعي الذين واجهوا هجمات مماثلة. ويقول علي إن “ذلك قد ساعد على تغيير تصورات المجتمعات المحلية تجاه التهديدات التي يشكلها المجال الرقمي”.
الدعم الدولي
يسلط مؤسس شركة “الملجأ الرقمي” الضوء على حقيقة أن الوعي الدولي القوي بالحقوق الرقمية قد أدى إلى دعم عمله في الصومال.وفي وقت سابق من هذا العام، تلقت الشركة أموالا من صندوق الحقوق الرقمية لأفريقيا، وهي مبادرة للتعاون بشأن السياسة الدولية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات لشرق وجنوب أفريقيا. وصندوق الحقوق الرقمية هو واحد من مركزين تم إنشاؤهما من خلال مبادرة تدعمها وزارة التنمية الدولية البريطانية. ويركز هذا المركز على صنع القرار الذي يسهل استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لدعم التنمية والحد من الفقر.
وكان تقرير صدر عام 2019 من قبل لجنة أممية رفيعة المستوى معنية بالتعاون الرقمي، قد دعا إلى جعل المستقبل الرقمي أكثر أماناً وشمولا. في الوقت الذي لا يزال فيه نصف سكان العالم تقريبا غير قادرين على الوصول إلى الإنترنت، دعت اللجنة إلى أن يتمكن كل شخص بالغ من الوصول بأسعار معقولة إلى الشبكات الرقمية بالإضافة إلى الخدمات المالية والصحية الممكّنة رقمياً بحلول عام 2030.
ووفقاً لشركة تتبع الاستخدام الرقمي “DataReportal”، بلغ عدد مستخدمي الإنترنت في الصومال في يناير من هذا العام، 1.63 مليون مستخدم. وارتفع عدد المستخدمين في البلاد بنسبة 7.5 في المائة، أي ما يعادل 113 ألف شخص، منذ عام 2019. وبلغ معدل انتشار استخدام الإنترنت في الصومال 10 في المائة في بداية هذا العام.ومع ذلك، فقد جاء النمو وسط محدودية الوعي العام بشأن الحقوق الرقمية وقضايا الخصوصية، وصلاتها بحقوق الإنسان.
ويلعب التوصيل بشبكة الإنترنت دوراً حاسماً بالنسبة للصوماليين داخل بلادهم وفي الخارج على حد سواء، في مجالات تتراوح من إبقاء العائلات والأصدقاء على اتصال، إلى نشر الأخبار وتوفير منصة للأعمال التجارية الإلكترونية الناشئة.