سيادة المطران عطا الله حنا: “رسالتنا كانت وستبقى رسالة التسامح والمحبة والإخوة الإنسانية والتلاقي بعيدا عن لغة البغضاء والكراهية والتطرف “.
قال سيادة المطران عطا الله حنا رئيس ثساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس اليوم بأن موقفنا من مسألة كاتدرائية أجيا صوفيا هو موقف ثابت وواضح فكاتدرائية أجيا صوفيا كانت وستبقى كنيسة وقد عبرنا وسنبقى نعبر عن رفضنا لقرار الرئيس التركي حول هذه الكنيسة التي هي جزء من التراث المسيحي العالمي والإنساني بشكل عام .
وقد حذرنا وما زلنا نحذر من أن خطوة من هذا النوع قد تؤجج الصراعات الدينية والمذهبية في حين أننا نعيش في مرحلة عصيبة نحتاج فيها إلى مزيد من اللحمة والإخوة والتضامن والتلاقي الإسلامي المسيحي في دفاعنا عن مقدساتنا واوقافنا الإسلامية والمسيحية وقضايانا العادلة بشكل عام .
وفي الوقت الذي فيه نؤكد رفضنا لقرار الرئيس التركي المتعلق بكنيسة أجيا صوفيا فإننا نرفض أي تطاول على دور العبادة وعلى الرموز الدينية في كافة الأديان لأن الأماكن المقدسة ودور العبادة هي صروح للمحبة والإخوة والسلام والحوار وليست صروحا للبغضاء والكراهية والعنصرية .
إن أمتنا العربية بشكل عام والفلسطينيون بشكل خاص يمرون بمرحلة في غاية الدقة والصعوبة حيث هنالك مؤامرات تحاك هنا وهناك بهدف تصفية قضيتنا والنيل من مقدساتنا واوقافنا وأولئك الذين يتآمرون على المقدسات والأوقاف الإسلامية هم ذاتهم المتآمرون على أوقافنا ومقدساتنا المسيحية .
كما أن هنالك مؤامرة ليست حديثة العهد تستهدف هذا المشرق برمته هدفها تفكيك المفكك وتجزئة المجزأ وتحويلنا إلى طوائف وقبائل ومذاهب متناحرة فيما بينها وهذه هي سياسة المستعمرين الذين دائما يطبقون سياسية “فرق تسد” .
ومنذ أن أعلنت موقفي حول كاتدرائية أجيا صوفيا وأنا أتلقى رسائل الشتائم والتهديد والوعيد والتشهير والتطاول الشخصي وكأننا ارتكبنا جريمة من خلال التعبير عن موقفنا من هذه المسألة .
ولكننا في نفس الوقت تلقينا الكثير من الرسائل الإيجابية وحتى الانتقادات الموضوعية البعيدة عن لغة التشهير والإساءة والتطاول والتي نرحب بها .
نحن نرحب بكافة الآراء ونحن لم نغلق أبوابنا في يوم من الأيام من أجل الحوار والتداول حول آية قضية قد يكون حولها نقاش أو اختلاف في وجهات النظر وبدل اللجوء للتحريض والإساءة أتمنى أن تكون لغة الحوار هي سيدة الموقف بعيدا عن لغة التشهير والإساءة والتطاول وتغذية الطائفية والكراهية والتي لا يستفيد منها إلا أعداءنا الذين لا يريدون الخير لأي واحد منا .
أخوتنا المسلمون هم أشقائنا في الانتماء الإنساني أولا وفي الانتماء الوطني ثانيا ولا نقبل بأي شكل من الأشكال أن يتم الاعتداء على أي من مقدساتهم واوقافهم لا سيما المسجد الأقصى والذي قضيته هي قضيتنا جميعا، كما أنه من واجبنا جميعا أن ندافع عن أوقافنا ومقدساتنا المسيحية المستهدفة والمستباحة بأساليب معهودة وغير معهودة.
الظروف التي نمر بها تحتاج إلى مزيد من الوحدة والآلفة والتضامن والمحبة بعيدا عن لغة البغضاء والكراهية التي نلفظها ونستنكرها جملة وتفصيلا .
ولا يحق لآية جهة أن تفرض علينا أجندتها ومواقفها فحرية الرأي مكفولة حسب القوانين وكما نقول بلغتنا العربية ” الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية “.
لقد أختلف معنا البعض حول مسألة قضية اجيا صوفيا وهنالك تعليقات موضوعية وتعليقات هي أبعد ما تكون عن الموضوعية فيها تزوير للتاريخ والحقائق والوقائع.
أن الإعلان الصادر حول كاتدرائية آجيا صوفيا هو إعلان مرفوض ولا يجوز أن نسمح لقرارات وإجراءات من هذا النوع بأن تؤجج العصبية والكراهية فيما بيننا فنحن شعب واحد ندافع عن قضية واحدة هكذا كنا وهكذا سنبقى .
أما لغة التشهير والإساءة والتطاول فلن تنال من عزيمتنا وسنبقى متشبثين بمواقفنا وكما أننا نرفض التعدي على مقدساتنا وأوقفنا الإسلامية والمسيحية في القدس فإننا أيضا نرفض الإجراء الذي اتخذ حول كاتدرائية أجيا صوفيا وهذا هو موقف الكنائس كلها في هذا المشرق كما انه موقف الكثير من الكنائس العالمية، كما أن هنالك مرجعيات إسلامية أعربت عن تحفظها من قرار الرئيس التركي، ولكننا في نفس الوقت نرفض ونستنكر أي اعتداء أو استهداف على أي مكان مقدس أو دور للعبادة في أي مكان في هذا العالم، ومن واجبنا جميعا أن نرفض التطاول على دور العبادة ومن كافة الأديان وفي كل مكان وزمان.
من حقنا أن نعبر عن موقفنا ونرفض سياسة التهديد والوعيد والابتزاز التي يتبناها البعض من خلال رسائلهم ومخاطباتهم ولكن ما أود أن أقوله بأننا وانطلاقا من قيمنا الإيمانية والروحية والأخلاقية لا نبادل الإهانة بالاهانة والشتيمة بالشتيمة والتحريض بالتحريض .
سامح الله من أساء وتطاول وشهّر ونسأل الله بأن ينير العقول والقلوب والضمائر لكي نعمل معاً وسويا من أجل وئد الفتن حيثما كانت واينما وجدت ومن أجل توحيد الصفوف لكي نكون كما كنا دوما عائلة واحدة .
نعم للمحبة ولا للبغضاء والكراهية ، نعم للحوار ولا للقمع الفكري ومنع التعبير عن الرأي ، نعم لقبول الرأي الآخر حتى وإن اختلفنا معه فيمكن اللجوء إلى الحوار حول آية مسألة مختلف حولها .
موقفنا من كاتدرائية آجيا صوفيا لم ولن يتبدل تحت اية وطئة تهديد او وعيد ونحن مستعدون لأي ثمن ولن نتنازل عن مبادئنا وقيمنا وحقنا المشروع في أن ندافع عن مقدساتنا وتاريخنا وتراثنا .
القدس أمانة في أعناقنا مسيحيين ومسلمين ومن واجبنا جميعا أن نكون موحدين في دفاعنا عن القدس وأن نعمل معا وسويا من أجل لفظ وافشال كافة المخططات والمؤامرات التي يقودها طابور خامس بهدف إثارة الفتن في مجتمعنا وبين ظهرانينا.
نعرف جيدا من يقودون حملات التشهير والإساءة ونقول لهم سامحكم الله فالله بالنسبة الينا هو محبة وحتى أولئك الذين يكرهوننا لأي سبب من الأسباب نحن نقول لكم بأننا نحبكم ونصلي من أجلهم ولا ندعو بالشر على أحد بل نتمنى الخير للجميع ولا نناصب العداء لأحد بل محبتنا هي لكل أبناء شعبنا والقدس كانت وستبقى قبلتنا وحاضنتنا ورمز وحدتنا وأخوتنا مهما تآمروا عليها وسعوا لتشويه صورتها ورسالتها وطابعها.
أتمنى أن تتوقف لغة التحريض الطائفي وأن ننتقل إلى لغة الحوار والإخوة والمحبة والتلاقي بعيدا عن البغضاء فلا يحق لأحد أن يفرض علينا رأيه كما أننا نحن أيضاً لا يمكننا أن نفرض رأينا على الآخرين، ولكن ومع وجود هذا الاختلاف في الرأي هنالك القواسم المشتركة التي تجمعنا وهنالك القضية التي يجب أن ندافع عنها وإلا نسمح لاحد بأن يحرف بوصلتنا والتي ستبقى دوما نحو القدس ونحو هذه القضية العادلة التي ندافع عنها جميعا .