القرض لدعم “قطاع الصحة”” والتعليم” “والقطاع الخاص” بالدرجة الأولي
مع تزايد الإعباء الاقتصادية بسبب جائحة كورونا، أصبح اللجوء للإقتراض توجهًا عالميًا للعديد من الدول حول العالم، بعد أن فرضت أزمة كورونا على الدول تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة ، وهذا الأمر دفع العديد من المنظمات الدولية منها صندوق النقد والبنك الدوليين، لتقديم حزم تحفيزية لدعم الجهود فى الحد من انتشار الفيروس ومواجهة تداعياته الاقتصادية السالبة .. والاقتصاد المصري، مثل باقي الاقتصادات حول العالم واجه خلال الأشهر الماضية ضغوطًاً جراء انتشار جائحة كورونا، وصاحب ذلك فرض إجراءات إحترازية شديدة شملت فرض حظر للتجول بعضها كلي وبعضها الأخر جزئي وكذلك غلق لعدد من القطاعات الاقتصادية المختلفة .. ولجأت الحكومة المصرية للاقتراض تعويضًا عن الخسائر التى تخطت الـ 100 مليار جنيه ، جراء سياسات تحفيز النشاط الاقتصادى، وحماية العمالة غير المنتظمة، ما بين تأجيل سداد القروض لمدة 6 أشهر وخفض أسعار الفائدة، واسقاط المديونيات، وتأجيل سداد الضرائب المستحقة، وإتاحة تمويلات إضافية للقطاعات المتضررة ، وقامت الحكومة المصرية، والمجموعة الأقتصادية، وعلى رأسها القيادة السياسية برصد حزمة تمويلية قدرها 100 مليار جنيه ، والأزمة دفعت مصر للدخول فى مفاوضات جديدة وجدية مع مؤسسات تمويلية دولية لاحتواء الأزمة والحصول على سيولة، وللحفاظ على مكتسبات برنامج الإصلاح الاقتصادى.
من جانبه أعلن صندوق النقد الدولي اليوم الجمعة توصله لاتفاق على مستوى الخبراء مع الحكومة المصرية من أجل الحصول على قرض استعداد ائتماني “SBA” لمدة عام بقيمة 5.2 مليار دولار .. وقال الصندوق في بيانه إنه بناءً على طلب الحكومة المصرية عقدت بعثة صندوق النقد الدولي مناقشات برئاسة أوما راماكريشنان، رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي في مصر، عدة اجتماعات في الفترة من 19 مايو إلى 5 يونيو مع السلطات المصرية، لمناقشة تمويل مالي من الصندوق من أجل خطط السلطات المصرية للتأكد من استقرار الاقتصاد الكلي والتعافي القوي للاقتصاد.
وقالت رئيسة بعثة الصندوق فى مصر” أوما راماكريشنان “: إن الاتفاق سيكون بقيمة 5.2 مليار دولار لدعم جهود السلطات للحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي وسط أزمة فيروس كورونا، مع دفع الاصلاحات الهيكلية ، منوهة أن هذا الاتفاق سيحافظ على المكتسبات التي تحققت خلال السنوات الثلاث الماضية ويضع مصر على قدم المساواة من أجل استدامة الإنتعاش الاقتصادي وبالمثل تحقيق معدلات نمو عالية وخلق وظائف على المدى المتوسط ، وتوقعت مديرة بعثة الصندوق في مصر أن يساعد البرنامج الجديد مصر للحصول على دعم مالي إضافي ومتعدد الأطراف.
وأضافت راماكريشنان: إن برنامج الإستعداد الائتماني سوف يهدف لدعم الإنفاق على الصحة والجوانب الاجتماعية، ويحسن الشفافية المالية ويدفع المزيد من الإصلاحات لتحفيز النمو الذي يقوده القطاع الخاص وخلق فرص العمل.
ثقة ومصداقية للاقتصاد
وقال طارق عامر محافظ البنك المركزي المصري : ” قدرنا نساعد السوق في أزمة كورونا، وإجراءات الإصلاح كانت قوية وأشاد بها الجميع، وفتحت أمامنا مجالات للتمويل الدولي، وكانت لدينا مرونة لتعويض الخسائر، مثل السياحة، التي تأثرت بشكل بالغ جراء توقف معظم خطوط الطيران الدولية والرحلات بسبب كورونا ، لافتآ إلى أن صندوق النقد متحمس جدًا، وهناك مصداقية لنا، والبرنامج مدته عام واحد فقط، وسنستطيع الاستفادة منه، والاحتياطي الأجنبي لدينا تمكنا من الصمود.
وأوضح البنك المركزي، خلال الشهرين الماضيين، عن تراجع الاحتياطي الأجنبي وأنه استخدم نحو 9.5 مليار دولار من احتياطي النقد الأجنبي منها نحو 5.4 مليار دولار في مارس، ونحو 3.1 مليار دولار في أبريل، مليار دولار في مايو، لتغطية احتياجات السوق المصري وضمان استيراد السلع الأساسية والإستراتيجية، وتغطية تراجع استثمارات الأجانب والمحافظ الدولية، بجانب سداد الالتزامات الدولية الخاصة بالمديونية الخارجية للدولة، لمواجهة تداعيات انتشار فيرس كورونا وانعكاساته على الاقتصاد المصري .
صلابة القطاع المالى والمصرفى
من جانبه أوضح الدكتور محمد معيط وزير المالية أن السلطات المصرية وفريق صندوق النقد الدولى نجحوا فى الوصول لإتفاق على مستوى الخبراء يوم 5 يونيو 2020 حول عقد اتفاق ائتمانى لمدة 12 شهر وبقيمة 5.2 مليار دولار وهو الإتفاق الذى يمهد للعرض على المجلس التنفيذى للصندوق للحصول على موافقتة النهائية على الاتفاق وقيمة التمويل المطلوبة ، وأشار إلى أن هذا الإتفاق والتمويل المصاحب له في هذه المرحلة أمراً هاما لاستمرار دعم ثقة الأسواق والمستثمرين فى قدرة وصلابة لااقتصاد المصرى علي التعامل مع اثار أزمة جاءحة كورونا والتعافي من اثارها الي جانب الحفاظ على المكتسبات والنتائج الإيجابية التي تحققت خلال السنوات الأخيرة بسبب تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي المصرى الوطنى والذي أشادت به جميع المؤسسات الدولية. وقد اثبتت سياسات ذلك البرنامج الاقتصادي الاصلاحى خاصة الاصلاحات النقدية والمالية المتبعة صحه رؤية الدولة المصريه فى هذا الشان وهو ساهم فى تحقيق خفض كبير فى معدلات التصخم السنوية، وتكوين احتياطيات دولية من النقد الاجنى كبيرة ومطمئنة، وزيادة صلابة وقوة القطاع المالى والمصرفى، وتحقيق تحسن كبير فى مؤشرات المالية والمديونية واهمها تحقيق فائض اولى بالموزازنة العامة قدره 2% من الناتج المحلى وخفض معدلات المديونية لتصل الى 90% من الناتج المحلى فى يونيو 2019.
وأوضح “معيط” أن برنامج الإصلاح الاقتصادى أدى لتحسن الاوضاع الاقتصادية للبلاد فى تعزيز قدرة السلطات المصرية على التعامل بايجابية وسرعة مع الأزمات والصدمات الاستثنائية واضطرابات الأسواق العالمية التي أصبحت سمة السنوات الاخيرة ، كما انعكست تلك الأوضاع إيجابياً على تقييم المؤسسات الدولية للاقتصاد المصري وأحدثها مؤسسة ستاندرد أند بورز والتى أبقت على تصنيف مصر الائتماني عند مستوى B مع نظرة مستقبلية مستقرة مقارنة بعشرات الدول حول العالم التي تم تخفيض تصنيفها الائتماني.
نقص السيولة
قال الدكتور فخري الفقي، مساعد المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي الأسبق ، إن كافة اقتصاديات العالم تعاني من نقص السيولة وندرة النقد الأجنبي، وتراجع النمو بالسالب في معظم دول العالم، ينطبق على مصر بشأن نقص النقد الأجنبي ، وأضاف” أنه مع تراجع النقد الأجنبي، وهبوط مؤشرات النمو عالميا بالسالب بنحو 6 بالمئة، خلق الكثير من التأثيرات السلبية على دول العالم ومنها مصر، تراجع قطاع السياحة وما يرتبط به من الطيران والنقل الجوي، إضافة إلى الصناديق الاستثمارية الأجنبية حيث خرج نحو 17 مليار دولار خلال الفترة الماضية، إضافة لتراجع تحويلات المصريين.
ولفت “الفقي” أن التمويل العاجل الذي حصلت عليه مصر في وقت سابق، يرتبط بالمفاوضات الجارية بشأن 5.2 مليار دولار، حيث وافقت عليه لجنة الخبراء، وفي انتظار موافقة مجلس إدارة البنك الدولي خلال يونيو الجاري.
أولوية للقطاعات الطبية والتعليم
وأشار الدكتور خالد الشافعي” لـ “وطني ” إلى أن مصر لها تجربة ناجحة مع الصندوق خلال 2016، لكن المرحلة الحالية ليست برنامج شامل لكنه تمويل من حصة القاهرة لعبور هذه الأزمة، ومصادر التمويل كثرة منها القروض ومنها السندات وغيرها ، وأضاف” الشافعي ، أن القرض الجديد يوجه للعديد من القطاعات على رأسها القطاعات الطبية والتعليم والقطاع الخاص بشكل كبير، وبأن عملية الإصلاح الاقتصادي حققت أهدافها خلال السنوات الماضية، الأمر الذي انعكس على تعاملات مصر مع البنك الدولي .
ومؤخراً الحكومة قلصت الكميات المقبولة من عطاءات الأذون والسندات على الخزانة العامة، المصدرة بالعملة المحلية حتى نهاية العام المالي الحالي 2019/ 2020، والهدف منه تنويع مصادر التمويل لتخفيض تكلفة الاقتراض، بمعني أن هناك اتجاه لتقليل الاستدانة الداخلية والاعتماد بصورة أوسع على طرق استدانة أقل في تكلفتها من الاستدانة من السوق المحلية ومن ثم اللجوء إلى الاستدانة من خلال طروحات سندات مقومة بالعملات الأجنبية لتوفير احتياجات الموازنة العامة وسد العجز المزمن فيها
ويسهم التمويل الجديد فى احتواء الأثر الاقتصادى والمالى لجائحة كورونا، والتى تضررت منها كبرى الاقتصاديات العالمية.وحزمة التمويل المالية الجديدة تدعم جهود الدولة فى مواجهة تداعيات فيروس كورونا المستجد ولمساعدة الاقتصاد المصرى فى الحفاظ على مكتسبات نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى رفع معدلات النمو إلى 5.5%، وخفض معدل البطالة إلى 7.5%.
واختتم الشافعي قائلاً : لابد التأكيد على أنه لا يمكن قياس اثر إجراءات المتخذة لمواجهة فيروس كورونا الآن، فنحن لا نزال في الآزمة وربما نجد ظهور قرارات أخري خلال الفترة المقبلة، فنتائج هذه الخطوات لن تظر الآن بأي حال من الأحوال، فالاقتصاد لا يقاس بالاسابيع، الأمر يحتاج الي شهور ربما في نهاية 2020، فاجراءات وزارة المالية وقرارات الحكومة ستظهر لاحقا.