دعا البابا تواضروس الثاني جموع الشعب القبطى لقراءة انجيل يوحنا ورسائله وايضا سفر الرؤيا، استوقفنى اختيار البابا لقراءة انجيل القديس يوحنا وتسألت هل لأنه يتكلم عن احداث الصلب والقيامة، لم اجد أن ذلك هو السبب الرئيسى لأن أناجيل متى ومرقس ولوقا ايضا تتحدث عن هذه الأحداث العظيمة، ولكن يجب ان نذكر ان يوحنا شاهد عيان رأى كل هذه الأحداث بعينيه ولم يكتب انجيله مباشرة بعد قيامة المسيح ولكنه انتظر سنوات حتى يذكر الأحداث الأخرى، واذا كان اختيار البابا لإنجيل يوحنا لأنه أفضل شاهد على الصلب والقيامة وحياة المسيح من قبلهم على ما أعتقد، لكن اختيارى اليوم للتأمل في شخصية القديس والتلميذ الحبيب الذى اتكأ على صدر المسيح، وكان دائما قريبا من المعلم يحبه حبا شديد وعند القبض على يسوع رافق يوحنا القديسة السيدة العذراء لتسير وراء يسوع وكان لها السند دائما كما أنه أول تلميذ وصل للقبر بعد ان أخبرته مريم ومعه التلاميذ بقيامة المسيح، ولا اخفى عليك عزيزى القارئ اننى ينتابني شعور “الغيرة” من القديس يوحنا لقربه من المخلص حيث انه التلميذ المدلل، وايضا لطباعه الجميلة حيث تميز بالهدوء والوداعة رغم انه أصغر التلاميذ سنا، وقد كان مصدر ثقة ليسوع فهو وعلى الصليب طلب من العذراء ان تمكث في بيته وقال لها هذا ابنك وقال ليوحنا هذه أمك، وكنت أخشى عليه بعد صعود المسيح لارتباطه الشديد به، ولكن مافعله جعلنى أشعر أنه كان مميز.
ففى السطور التالية نرى من هو يوحنا وماذا كان يعلم واين ذهب بعد نياحة السيدة العذراء.
بطرس ويوحنا كانا اصدقاء حسبما قال القمص داود لمعى في إحدى عظاته عن يوحنا الحبيب، رغم فرق السن وفرق الشخصية وذلك ماذكره القديس يوحنا ذهبى الفم في تأملاته، ويعلمنا ذلك ان ربنا كان بيستخدم كل الشخصيات فى الخدمة والكرازة، فبطرس الرسول كان مندفع وجريئ ويوحنا كان ذو شخصية هادئة وخجولة، ومثلما كان لبطرس دور في الخدمة القديس يوحنا الحبيب كتب إنجيل و3 رسائل وسفر الرؤيا، وكان بطرك المسكونة كلها أكثر من 20 عاما منذ إنتقال جميع التلاميذ حتى نياحته.
وكان يوحنا الحبيب من تلاميذ يوحنا المعمدان وكان واقفا معه عندما أشار المعمدان على يسوع فذهب يوحنا الحبيب وأندراوس وتبعاه، وكان أكثر التلاميذ تعلقا بالمسيح لذلك كان يقول ” التلميذ الذى يحبه”.
كما أنه شارك المسيح خلال الثلاث سنوات التى قضاها في الخدمة، حضر جميع القصص حتى الخاصة منها التجلى وإقامة ابنة يايرس، وفي لوقا الإصحاح الخامس يذكر مدى قرب يوحنا من المسيح، حينما تحدث المسيح عن الشخص الذى يسلمه، فقال بطرس ليوحنا ان يسأل المعلم من هو.
وكان يوحنا صيادا، ومن عائلة غنية بعض الشئ كان والده مقتدرا وله علاقة برؤساء الكهنة وذلك يفسر كيف إستطاع يوحنا دخول قصر قيافا وقت محاكمة المسيح، وعلى الرغم من غناه لم يظهر ذلك.
وأطلق السيد المسيح عليه هو ويعقوب أخيه لقب”بونراجس”أى ابنى الرعد، وكان في حياته الأولى يتسم ببعض الغضب ولكنه أصبح وديعا بعد ذلك.
كما يذكر ليوحنا أنه الوحيد من التلاميذ الذى لم يهرب وتبع المسيح اثناء المحاكمة والصلب، ولذلك كافأه المسيح بأنه اوصاه برعاية امه السيدة العذراء وقال له وهو على الصليب “هذه امك” وقال للعذراء “هذا ابنك”.
وقد استضاف يوحنا العذراء في بيته لذلك لم يغادر اورشليم للكرازة حتى نياحة العذراء مريم.
بعد صعود المسيح أصبح يوحنا مع بطرس وسجنا بسبب شفاء الأعرج، كما كانا يجاهرون بالإيمان بالمسيح علانية، وسجن مرة أخرى مع التلاميذ.
كتب إنجيل يوحنا متأخرا ليؤكد على لاهوت المسيح وقال قد كتبت لتؤمنوا ان المسيح هو إبن الله.
وكان القديس يوحنا على رأس الكنيسة لما نفي لجزيرة بطمس وظهر له المسيح وكتب سفر الرؤيا حيث صعد إلى السماء ورأى ماكتبه لنا في انحيله، والذى يختتمه ب”امين تعالى أيها الرب يسوع”.
وقد لقب بالعديد من الألقاب منها
اللاهوتى، البتول الإنجيلي، الحبيب”، وقد اشتهر بحديثه عن المحبة وقال ” احبوا بعضكم .
ووالدة يوحنا هى سالومة اخت العذراء مريم والتى تبعت المسيح وطلبت منه ان يكون ابناها واحدا عن يمينه والآخر عن يساره حسبما ذكر القمص انطونيوس فريد في “ارثوذكسى”.
وفي اواخر أيامه ذهب إلى افسس وكرز فيها وفي إحدى حركات الاضطهاد أيام دوميتانوس نفوه إلى جزيرة بطمس بعد ان عذبوه ، وبعد انتهاء عصر الاضطهاد عاد إلى افسس وكتب انجيله سنة 98م وكتب سفر الرؤيا سنة95م وكان اخر ماكتبه الرسائل، وتميز بأنه رسول المحبة، واشتهر انجيله بكلمة الحق.
وهو أول المعترفين فهو عانى من آلام الاستشهاد ولكنه مات موتا طبيعيا، وكان آخر التلاميذ بينما كان يعقوب أخيه أول شهيد منهم وقتله هيرودس اغريباس الأول سنة24م.