أنطون سيدهم.. ومشوار وطني
أنطون سيدهم.. وقضايا التعليم
منذ بدء النصف الأول من القرن العشرين قامت نهضة تعليمية كبيرة بالبلاد فبجانب ما قامت به الحكومة من بناء المدارس الحكومية في جميع عواصم المحافظات ومراكزها, وكان ذلك بدراسات دقيقة لكل الأنشطة التعليمية والرياضية والتدريبية للطلبة, من فصول متسعة سهلة التهوية طبقا للأسس الصحية السليمة, مؤثثة بالمقاعد التي تقابلها الأدراج لكل طالب من طلبة الفصل, ومنصة عليها طاولة وكرسي لجلوس المدرس, خلفه سبورة وحامل للطباشير والماسحة, ومعلق في جوانب الفصل الخرائط والصور التي تتصل بالعلوم التي تدرس للطلبة شاغلي هذا الفصل, وهكذا جميع فصول المدرسة. كما كان هناك معامل للكيمياء والطبيعة ينتقل إليها الفصل عند تلقيه هذه العلوم, وبالمدرسة ملاعب لمختلف الألعاب من كرة القدم وغيرها من الألعاب الأخري بخلاف غرف خاصة للهوايات سواء الموسيقي أو التمثيل أو الأشغال اليدوية. وهكذا بدأت الجمعيات المختلفة والأفراد أيضا في مجاراة الحكومة في هذا المجال فأنشئت آلاف المدارس في جميع أنحاء مصر.
وأخذت جميع هذه المدارس في التنافس علي الحصول علي أحسن النتائج في الشهادات العامة, وبذا كانت النهضة التعليمية في أوج نشاطها وتقدمها, وبالتالي أصبحت شهادات جامعاتنا معترفا بها من جميع الجامعات في أنحاء العالم.
وقد نشرت وطني في العدد الماضي مقالا هاما لصاحب النيافة الحبر الجليل والصديق الحبيب الأنبا أثناسيوس مطران كرسي بني سويف والبهنسا تنول فيه ما قامت به الكنيسة طوال النصف الأول من القرن الحالي من انشاء المدارس في جميع أنحاء مصر, وكانت تقوم بتعليم المواطنين علي اختلاف أديانهم ونحلهم علي أحسن المستويات تعليما وخلقا وقيما.
وفي أوائل الثورة قررت الحكومة مجانية التعليم مما أدي إلي عجز كثير من المدارس القبطية والأهلية عن الاستمرار في دورها الرائد هذا لتفضيل الأهالي المدارس الحكومية المجانية بل وأخذت الحكومة في احكام سيطرتها علي المدارس المختلفة, فأخذ دور هذه الجهات المختلفة في التعليم يضعف, بل كاد أن يتلاشي دور المدارس الأهلية في هذا المجال. ولما كان العبء علي الحكومة أصبح ثقيلا, وأخذت ميزانية الدولة تئن تحت زيادة مصاريف التعليم التي أدت إلي أن أصبح التعليم في أسوأ حالاته, لذلك يناشد نيافة الأنبا أثناسيوس الكنيسة في استئناف دورها الرائد في التعليم بانشاء المدارس المختلفة في كل مدينة من مدن الجمهورية للمساهمة مع الدولة في هذا العمل المجيد والهام جدا لمستقبل مصر.
لقد ناشد نيافة الأنبا أثناسيوس الكنيسة وهي مجاله الذي يمكن أن يطالبه بهذا العمل ـ ونحن نطالب الجمعيات القبطية والاسلامية وأيضا أفراد الشعب بالقيام بأقصي ما يمكن من الجهد لانشاء المدارس في جميع انحاء البلاد, كل في موطن اقامته للمساهمة في هذا العمل الحيوي الهام, وحتي نخفف العبء عن كاهل حكومتنا التي تلتزم الآن بواجبات ثقيلة في النواحي الأمنية والصحية والاقتصادية والاجتماعية, وأكثر هذه الأعباء يجب أن يتحملها الشعب وخصوصا ميسوري الحال.
أنني أرجو أن نكثف الدعوة للقيام بهذا المطلب العاجل والضروري.. وأن يتكاتف جميع القادرين في هذا البلد لتنفيذه حتي نري أمامنا مدارس أهلية تنافس المدارس الحكومية في جميع المناحي. وفق الله الشعب علي العمل علي تقدم وازدهار الأجيال القادمة.. وهي أمانة في أعناقنا.
وصلنا من السيد الأستاذ أحمد محيي الدين محمد مدير إدارة مدرسة القوصية الثانوية فاكس يؤكد فيه أن المدرسة هادئة, وأن الطلاب مسلمين وأقباطا يعيشون في أخوة, والكل يعمل بروح المحبة والتسامح, وأن المدرسة من المدارس الأولي في محافظة أسيوط في الأنشطة والخدمات والعاملين بالمدرسة مسلمين ومسيحيين علي حد سواء, كما أن سيادته ينفي الاعتداء علي أحد طلاب المدرسة المسيحيين.
وأننا نرجو من كل قلوبنا أن تسود العلاقات الطيبة في جميع مدارس الجمهورية بين الطلبة والمدرسين مسيحيين ومسلمين, كما وصفها سيادة الأستاذ مدير مدرسة القوصية الثانوية, وشكرا له علي رسالته.