تشهد “الأديرة المصرية” نهضة عمرانية وتنموية وروعوية كبيرة، ومسؤوليتها الوطنية جعلتها تسعى لخدمة المجتمع، علاوة على اكتفائها ذاتيا ومساعدتها للاخرين … قامت “وطني” على مدار الأعوام السابقة بجولات في العديد من الأديرة المصرية … واليوم يقدم “موقع وطني نت” حكاية ” ديـــــر الســيدة الــعــذراء الــمــحــرق” بجبل قسقام ، وذلك لإلقاء الضوء على حكاية هذه الأديرة العامرة بالإيمان والأعمال المتجلية في العديد من الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية وخدمة المجتمع, كما أن الكنيسة تحتفل خلال هذا الشهر بدخول العائلة المقدسة لأرض مصر حيث استقرت فى جبل قسقام 6 شهور و5 ايام بعد رحلتهم من فلسطين إلى مصر و تنبأ “أشعياء النبى”… “سيكون للرب مذبح وسط أرض مصر (19: 19)، والمذبح المقدس الذي لا تنتهي منه القداديس ولا تتوقف طول العام ما عدا أيام “الاثنين، والثلاثاء، والأربعاء”، فى أسبوع “البصخة” من كل عام، وتصلى فيه القداديس باللغة القبطية.
موقع الدير: يقع الدير فى سفح جبل قسقام ، ويبعد دير المحرق حوالى 12 كيلومتر غرب بلدة “القوصية”حوالى 10كم وهو من اهم واقدس المزارات المسيحية فى أرض مصر والعالم وكثيرا ما تغنى الاباء فى المعابر بجبل قسقام وحلول العائلة المقدسة فيها كما يوجد طريق اخر من منفلوط يبعد حوالي 23 كم.
أسماء الدير : إشتهر دير المحرق فى المخطوطات وكتب التاريخ بعدة أسماء أخرى يعرف منها أنه الدير المحرق منها : – دير العذراء مريم: يعتقد انه الدير الوحيد على أسم الملكة فى مصر والسبب فى هذه التسمية يعود إلى أن العائلة المقدسة (العذراء مريم وإبنها الرب يسوع والشيخ البار يوسف النجار وسالومى) قد أقامت فى الكهف التى أصبحت فيما بعد (مذبح) هيكل الكنيسة الأثرية التى تحيط بالدير .
– دير قسقام أو دير جبل قسقام : (قسقام كلمة قبطية معناها مدفن الحلفاء (أو نبات الغاب) والسبب فى هذه التسمية للمنطقة أن فقراء المنطقة كانوا يدفنون موتاهم بالحلفاء) , وترجع تسميته بأسم قسقام إلى الجبل الذى أنشئ عليه الدير وكانت هناك أيضاً مدينة تحمل أسم قسقام خربت منذ زمن بعيد ولم يبق إلا الديرالذى يحمل هذا الإسم.
– دير المحرق:سمى بالدير المحرق أيضاً ، ويحاول المؤرخون إيجاد تفسير لهذا الأسم فمنهم من يقول أن الأسم قادم من كلمة “تحاريق” فالدير يقع بعيداً عن الماء فى معظم أيام السنة ولكن حوض المياة القريب منه كان يمتلئ بماء الفيضان قبل غيره من الحياض وتحصل تحاريق فسمى بـ “الحوض المحرق”وسميت الأرض التى حوله بـ “المحرقة” ويثبت أصحاب هذا الرأى تفسيرهم بأن الخرائط المساحية فى الدولة تشيرإلى أن الديرواقع فى “حوض المحرق ” ويقول آخرون : أن الحوض الزراعى فى وسط الدير كانت تنموا فيه أعشاب الحلفاء والحشائش الجبلية بغزارة فكانوا يحرقونها بالنار كعادة فلاحى مصر ليتخلصوا منها ولكنها كانت تنموا مرة أخرى فيحرقونها ومن تكرار الحرق سميت المنطقة بالمحرقة وسمى الدير باسم المنطقة “الدير المحرق” وهناك من يقول: ان حرباً مشبت بين حاكم مقاطعة الأشمونيين وحاكم القوصية وعندما أنتصر حاكم الأشمونيين أحرق وأخرب مدينة قسقام فأطلق على المنطقة كلها اسم المحرقة ولما أنشئ الدير أطلق عليه الديرالمحرق وتفتقر هذا التفسير للحقائق التاريخية الثابتة ولكنه قد يكون صحيحاً كتقليد مسلم يقال من ألاباء للآبناء وهناك من يقص قصة عن : أنه كان يسكن فى الجهة المجاورة رجل شرير قاسى خاطئ ولا يؤمن بالإله ولا يخشاة أسمه “خربتاين ماليق ” فرماه الإله بصاعقة نزلت من السماء عليه فأحرقته وداره وإنتشرت النار فى البلدة فسميت المنطقة بـ “المحرقة ” وتفتقر هذه القصة للإثبات التاريخى أيضاً وهى اقرب إلى الأساطير ولكنها تفسر كيف أحرقت البلدة والتفسير الخامس : يقول أن الدير من أديرة الأنبا باخوميوس (ابى الشركة) والتى قام ببنائها فى صعيد مصر وأن هذا الدير هو شمال الأديرة التى بناها ويمثل الخط الشمالى فأطلق على الدير أسم ” المقرر” ثم حرفت الكلمة إلى “المحرق” ولكن فى هذا التفسيرلاقى إعتراضات أهمها : هل كلمة المقرر قبطية ام عربية؟
أورشليم الثانية:يرجع أهمية دير المحرق إلى ما للدير من إمتياز وشرف ومجد وقال المتنيح الأنبا غريغوريوس الدير المحرق تاريخه ووصفه وكل مشتملاته , ألأنبا غريغوريوس أسقف عام للدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمى إيداع رقم 4676/ 1992 ص 35-40 وذلك لأن فيه المكان المقدس التى مكثت فيه العائلة المقدسة أطول مدة أقامتها فى مصر, وصار المكان الذى سكنوا فيه هذه المدة ( الكهف) هيكلاً تقام فيه الصلوات اليومية بلا إنقطاع بكنيسة العذراء الأثرية بدير المحرق .
ما كتب عن الدير من الرحالة والمؤرخين :
– ذكر الدير أبو المكارم (القرن 12 ) والمقريزى (القرن 15 ) وعمر طوسون (القرن 19 ) وأن هذا الدير عامر بالرهبان وتخرج منه العديد من الاساقفة جبل قسقام : ظهر فيه ملاك الرب ليوسف وقال له في حلم ( قم وخذ الصبي وأمه واذهب الى ارض اسرائيل لانه قد مات الذين كانوا يطلبون نفس الصبى ) متى 2:2-21, وفى قسقام أسس القديس باخوميوس الحياة الديرية والرهبانية فى القرن الرابع , وذكر ان الملك زينون فى أواخر القرن الخامس حوالى 481م نزل فى قسقام بناء على رغبة ابنته ايلارية التى ترهبنت فى وادى النطرون باسم الراهب إيلاري وأمر الملك زينون ببناء الحصون فى جميع الأديرة المصرية ومنها دير المحرق.
يذكر أبو المكارم : إن هذه الكنيسة أول بيعة أنشئت بالوجه القبلى ولكن تقليدنا القبطى يروى انها أول كنيسة فى مصركلها ولكن فى الحقيقة أن هذه الكنيسة تعتبر أول كنيسة فى العالم كما جاء فى رؤيا السيدة العذراء التى رآها الأنبا ثيئوفيلوس يثبت أن هذه الكنيسة هى اول كنيسة بنيت على وجه الأرض وأول بيعة كرسها السيد المسيح إذ يقول : ” فها أنا أمضى لتكريزها بيدى أى كنيسة بإسمى على الأرض كما ذكره أيضا فى كتابه عن تاريخ كنائس مصر واديرتها المنسوب خطأ إلى ابى صالح الأرمنى وفى البعة ( كنيسة السيدة العذراء الطاهرة مريم بالمحرقة ) مذبح واحد وكان تكريزه بحلول سيدنا المسيح فيه والتلاميذ الكبار فى السحابة على ما شهد به ميمر فيلاتاوس (يقصد فيلوثيئوس) البطريرك وهو الثالث والعشرون فى العدد, ذهب البابا ثيئوفيلوس إلى جبل قسقام قادماً من أسوان ومعه 10 اساقفة ، وكان ذلك حوالى سنة 380 م رأى أن الكنيسة صغيرة ، وتعجب من بساطتها على الرغم من شهرتها ، فرغب أن يبنى كنيسة كبيرة تليق بجلال الرب وشهرة المكان وقداسته ، وأعلن هذه الرغبة فى صلاته التى رفعها فى المقصورة العليا التى ظهرت فيها والدة الإله ، ولقد عرفته القديسة مريم أن إرادة إبنها الوحيد أن تبقى الكنيسة كما هى فى صغرها وضآلتها ، شهادة لكل الأجيال والدهور التالية على إتضاع الرب وقبوله وهو ملك الملوك أن يكون مثل هذا المكان الحقير والصغير ملجأ ومسكناً ومقر إقامة وفعلاً صار ، فقد رضخ البابا ثيئوفيلوس للأمر ، ولم يحدث تغييراً أو تعديلاً فى حجم الكنيسة ، وهكذا بقيت الكنيسة إلى اليوم فى حجمها الأول .
وجاء فى السنكسار تحت يوم 6 هـاتور تذكارتكريس كنيسة العذراء الاثرية بدير المحرق العامر بجبل قسقام في مثل هذا اليوم تكريس كنيسة السيدة العذراء بدير المحرق بجبل قسقام.
وجاء فى كتاب الدفنار تحت يوم 6 هاتور طرح بلحن واطس : اجتماع الرسل مع المخلص بجبل قسقام لتقديسه ، فلنسبح الرب الإله بخوف ورعدة ولنمجده بمسرة من أجل رحمته الجزيلة لنا ، لما إجتمع فى هذا اليوم وهو 6 هاتور مع والدته العذراء ورسله الأطهار فى جبل قسقام الذى إلتجأ إليه … من وجه هيرودس المارق ، وقدس هيكل ذلك البيت قبل جميع الكنائس الكائنة فى المسكونة … وقدس هو البيت بيده الإلهية ” .
كنيسة السيدة العذراء الأثرية
فى نفس هذه البقعة المقدسة أجرى السيد المسيح فى طفولته العديد من العجائب والمعجزات وآيات شفاء وكان وجوده بركة للكثيرين وفى نفس هذه البقعة أيضاً ظهر الملاك لـ يوسف خطيب مريم العذراء فى حلم أعلمه فيه الملاك بموت هيرودس الذى يريد أن يقتل الصبى , وأمره بالعودة إلى الأراضى المقدسة وذلك حسب النص الذى أورده الكتاب المقدس : ” فلما مات هيرودس , وإذا ملاك الرب قد تراءى فى حلم بمصر, قائلاً: قم خذ الصبى وأمه وأذهب إلى أرض إسرائيل , فإنه قد مات الذين يطلبون نفس الصبى , فقام وأخذ الصبى وأمه , وجاء إلى أرض إسرائيل (إنجيل متى 2: 1- 8) … وتنفرد الكنيسة ببساطة بنائها المعماري حيث إنه بسيط، غير متكلف من الطوب اللبن ,والحوائط غير المنتظمة، وعدم وجود أية نقوش زخرفية عتيقة أو رسومات قبطية مرسومة على حوائطها أو..الخ وبلا شك هذا يدفع الشاهد المتأمل إلى التعجب .. ويحّير عالم الآثار، لأن علم العمارة الأثري
وصف كنيسة العذراء الأثرية
هيكل كنيسة العذراء الأثرية: هو المغارة التى مكثت فيها العائلة المقدسة ستة أشهر وبضعة أيام ومذبحها هو ذات الحجر الذى جلس عليه المخلص وهو طفل وينقسم الهيكل إلى ثلاثة أقسام ، كل قسم تعلوه قبة بقمتها فتحة صغيرة مستديرة تسمح بدخول الضوء فتضئ الهيكل ، والأقسام الثلاثة يؤدى الواحد منها إلى الآخر عن طريق فتحة باب صغير وقصير (لا يوجد عليه باب خشب) على كل من يمين ويسار الهيكل الأوسط بشكل حرف u وكل من القسمين الأيمن والأيسر يستخدمان ملحقين للهيكل .
المذبح الذى يقع فى وسط أرض مصر
كنيسة السيدة العذراء الأثرية تقع فى وسط أرض مصرطبقاً لنبوة أشعياء النبى القائلة “وفى ذلك اليوم يكون مذبح الرب في وسط أرض مصر وعمود للرب عند تخمها 20 فيكون علامة وشهادة لرب الجنود في أرض مصر, لانهم يصرخون الى الرب بسبب المضايقين فيرسل لهم مخلصا ومحاميا وينقذهم 21 فيعرف الرب في مصر ويعرف المصريون الرب في ذلك اليوم ويقدمون ذبيحة وتقدمة وينذرون للرب نذرا ويوفون به” (أش 19: 19- 2) … كنيسة السيدة العذراء الأثرية تقع فى منتصف المسافة من شمال مصر وجنوبها , تقع مصر بين خطي العرض 22 و 31.5 شمال خط الاستواء وبين خطي الطول 25 و 37 شرقي جرينتش.
المذبح الذى دشنه السيد المسيح
والقسم الأيمن يحفظ فيه الشمع والزيت وأدوات المذبح كالخمر والمجامر والفحم وبه طاقتان لهذا الغرض إحدهما فى الحائط الأيمن أو القبلى والثانية فى الحائط الشرقى ، ويوجد مخبأ صغير جانبى فى ركن الحائط الشرقى بالقرب من الأرض تفرغ فيه المجمرة من الفحم وترابه بعد الفراغ من الطقوس الدينية ، فإذا إمتلأ المخبأ نزح بمعرفة القيم وورى التراب تحت شجرة كبيرة من أشجار الديرأو ألقى به فى ماء جار والقسم الأيسر فى الجهة البحرية من المذبح يستخدمها الكاهن فى إرتداء ملابس الخدمة وخلعها وبه طاقتان إحدهما فى الجهة الشرقية والأخرى فى الجهة البحرية ، توضع بهما كتب الكنيسة المستخدمة فى الصلوات أما فى الهيكل أو القسم الأوسط من المغارة الأصلية ، فهناك المذبح من الحجر ، وعلى الرغم من صغرة فلا توجد مسافة فى الهيكل لا تسمح إلا بمرور شخص واحد وفى شرقيته ثلاث حنيات فى الحائط الشرقى متدرجة ، كبيرة ووسطى وصغيرة ، وفى أعلى الحجاب (حامل الأيقونات) صف من صور السيدة العذراء تحمل المسيح وصور التلاميذ ويعلوها جميعاً فى الوسط صليب خشبى ، ولكل من المقصورتين اللذان على جانبى الهيكل باب من الخشب يفتح على صحن الكنيسة .
الذبيحة لا تنقطع من على مذبحي
يقول الأنبا غريغوريوس “يروى بعض شيوخ الرهبان الذين لا يزالون أحياء أنه فى سنة 1928م فى أواخر حياة المتنيح الأنبا باخوميوس أسقف دير المحرق قد قام ولى عهد أسبانيا بزيارة للديروكان بصحبة المرحوم مرقس سميكة باشا وجدوا نقشاً أثرياً على سطح المذبح الحجري ترجمته ” لا تنقطع الذبيحة من فوق مذبحى ” مما سبق نستنتج أن اللوحة الرخامية التى وضعت فوق المذبح الأثرى لتجعلة أكثر إتساعاً وضعت بعد سنة 1928 م .
صحن كنيسة العذراء الأثرية
ينقسم صحن الكنيسة الأثرية إلى ثلاث خوارس (الخوارس جمع خورس وهى كلمة يونانية وباللغة القبطيه خورس,أيضاً وتعنى قسم أو جزء ، ويطلق على أقسام الكنيسة من الداخل وكان كل قسم تقف مجموعة من الناس حيث كان فى أيام المسيحية الولى يوجد موعوظين أى قبلوا ألإيمان ولم يتعمدوا ومؤمنين وآخرين سامعين فقط) (أقسام) تبعاً للتقليد الكنسى القديم : الخورس الأول : ويقع أمام الهيكل مباشرة ويطلق عليه خورس (قسم) المتناولين وهو مكان مخصص للمستعدين للتناول, الخورس الثانى: ويقع بعد القسم السابق ويفصله عن القسم الأول حجاب أقل إرتفاعاً من حجاب الهيكل وله ثلاثة أبواب مفتوحة من غير أبواب خشبية ويسمى بخورس السامعين الخورس الثالث : ويقع فى آخر الكنيسة بعد القسم الثانى ويفصل بينهما حجاب أو حاجز آخر يعلوا الحجاب الثانى وله باب واحد ويطلق عليه ×ورس (قسم) الراكعين , ويحمل قباب الكنيسة أربعة أعمدة كبيرة إسطوانية الشكل وعدد القباب ثلاثة فى القسم الأوسط المواجة للهيكل ، وثلاث قباب فى الجناح الأيمن للهيكل ، وقبة واحدة فى الجناح الأيسر ، وأما السقف الباقى من الجناح الأيسر فمصنوع من الخشب .
أيقونات العذراء الأثرية: أيقونة السيدة العذراء تحمل على يسراها الأثرية بكنيسة السيدة العذراء الأثرية بالدير المحرق معلقة على حائط الجهة القبلية لصحن الكنيسة (فى الجانب اليمن من الهيكل) وفى الخورس الأول مثبته على الحائط صورة للعذراء مريم وهى تحمل الطفل يسوع ويقال أنها إحدى النسخ الثلاث الأصلية التى رسمها لوقا الإنجيلى
راهب شلت يده
ومما يذكره بعض شيوخ الدير المحرق أن أحد رؤساء الدير فى القرن العشرين رأى أن مذبح الكنيسة صغير جداً عن أن يتسع للذبيحة المقدسة وأوانيها ، فرغب فى إزالة المذبح ليقيم مذبحاً آخر أكبر حجماً ، فأمر أحد رهبان الدير بإزالة المذبح وتناول الراهب الفأس إطاعة لرئيسه وعندما هم بضرب المذبح شلت يده فصرخ ولم يقدرعلى مواصلة هدم المذبح ، ولم تتحرك يده إلى بعد استرحام وصلوات ودهنها بالزيت المقدس ، فكانت هذه المعجزة عبرة وعظة ، فلم يقدم أحد بعد ذلك على إحداث تغييرات فى هذا المكان ، وإكتفى أحد رؤساء الدير بتثبيت لوحة رخامية أكبر من المذبح من فوق ، فصار سطحة كافياً للذبيحة وكل آنيتها ومتعلقاتها ..هذا ولا يزال أثر الفأس واضحاً فى جانب المذبح الأيسر ومذبح الكنيسة هو بعينه حجر المغارة التى سكنتها العائلة المقدسة ، وان الرب يسوع جلس عليه ، فصار مقدساً .
الحصن الأثري القديم وكنيسة الملاك ميخائيل ..
يرجع تاريخ الحصن إلى القرنين السادس والسابع الميلاديين. وهو من أصغر الحصون الموجودة في الأديرة العامرة حاليا والحصون عموماً، بنيت لحماية الرهبان من غارات البربر الوحشية. وأولها كان في دير أبي مقار، وهو أكبرها حجماً والذي بني في أواخر القرن الخامس الميلادي في عهد الملك زينو (زينون) وتوفى سنة 491م , فأن ابنة هذا الملك , القديسة إيلارية هربت من القصر الإمبراطوري متخفية في زي رجل وذهبت إلى برية شهيت وصارت من (القديسين المتوحدين) هذا الأمر الذي عندما اكتشفه الملك زينو بعد ذلك بزمن طويل جعله يغدق على ديرأبي مقار بعطف متزايد مع بقية الأديرة الهبات، وحينما علم بغارات البربر المتكررة على برية شهيت، بنى الحصون وأولها كان في دير أبى مقار … ولما كانت فكرة بناء الحصون ليست مصرية فبالتالي يكون التصميم الهندسي مأخوذا من بلاد آسيا وسوريا كما يذكر فيلارد , ولقد صمم الحصن عموما على أن يحفظ الرهبان من هجوم البربر، فهو قوي البناء له مدخل واحد يؤدي إليه عن طريق قنطرة خشبية متحركة. وفتحاته (أى النوافذ) مقاطعها الأفقية مخروطية الشكل والحصن مجهزاً لإيواء الرهبان إذا طال بهم الحصار، ومهيأ لخدمتهم روحياً ومعيشياً على قدر متطلبات الجسد الأساسية التى تكفل استمرارية الحياة فكان يحتوي على : وسيلة للحصول على ماء للشرب…. وبالنسبة لحصن الديرفهو لا يوجد به بئرويبدو أنه كان هناك وصلة بين بئر الماء الذي كان يقع خارج الكنيسة الأثرية (قبل توسيعها) وبين حوض الترمس الموجود حالياً في أرضية احدى غرف الدور الأرضي للحصن وهناك رأى آخرأنه كان هناك بئر قديم شرق الحصن متصل بحوض الترمس وكان عند الحاجة إلى الماء تفتح فتحة الحوض، فيدفق فيه الماء غرفة صغيرة أو أكثر لدفن المنتقلين وهي موجودة بين سقف الكنيسة وسطح الحصن… ومخابئ للطوارئ في حالة إذا ما حدث ونجح البربر في اقتحام الحصن ودخلوا لقتل الرهبان وأهم مخبأ هو الموجود أسفل مذبح الكنيسة بالحصن فإذا ما إقُتحم الحصن أثناء صلاة القداس، يهرب الكاهن (ومن يخدم معه إن أمكن) إلى هذا المخبأ ويحفظ الذخيرة المقدسة وإن لم يتمكن. فيجب أن ينهي التقدمة سريعاً قبل أن تصل إليها يد المهاجم
كنيسة مار جرجس
أنشأ هذه الكنيسة القمص عبد الملاك الأسيوطي رئيس الدير فى أواخر القرن 18 الميلادي بإمكانيات بسيطة وفى سنة 1878 م ـ 1594 ش وبدأ القمص ميخائيل الأبوتيجي رئيس الدير في إنشاء كنيسة جديدة باسم السيدة العذراء، على أنقاض كنيسة مارجرجس، وانتهى منها فى سنة 1880م. وأطلق على المذبح البحري اسم يوحنا المعمدان وعلى المذبح القبلي مارجرجس، على أساس أن المذبح الأوسط هو بالاسم الجديد للكنيسة وهو اسم السيدة العذراء , ولكن لأن اسم مارجرجس هو الذي كان سائدا على الألسن والدير كله باسم السيدة العذراء والكنيسة الأثرية باسم السيدة العذراء أيضا لذلك ساد اسم مارجرجس على الألسن حتى الآن وتعتبر من أكبر كنائس دير المحرق – ولها ثلاث أبواب ، أحداها فى الغرب ، والثانى فى الشمال والثالث فى الجنوب ، وصحن الكنيسة خالى من الخوارس (التقسيمات التى فى الكنائس القديمة) ولها طابق علوى يطل على أرضية الكنيسة وتحده حواجز خشبية , الهيكل به ثلاث مذابح رخامية قائمة على 4 أعمدة رخامية تتدلى من قمتها نجفة وللهيكل 3 قباب وبه 3 مداخل فى الشرق فى دخلة الوسطى قنديل من الزيت مندل ، وهو يمثل نجم المسيح الذى رآه مجوس المشرق ، ولا وخارج الكنيسة توجد المعمودية التى كانت مستخدمة لتعميد الأطفال إلى أن أنشئت كنيسة العذراء الجديدة سنة 1964م .
تجديدها
وقد قام المتنيح الأنبا ساويرس رئيس الديربتجديد هذه الكنيسة فى أواخر عام 1990 م وافتتحت بعد التجديد فى تذكار نياحة أبينا القديس القمص ميخائيل البحيري، حيث تم وضع رفاته فى مقصورة خاصة في صحن الكنيسة بحضور ثلاثة عشر أسقفاً من أحبار الكنيسة الأجلاء وذلك في 16 أمشير 1707 ش الموافق 23 فبراير 1991 والكنيسة أقيمت فى عهد القمص عبد الملاك الأسيوطى رئيس الدير فى ذلك الوقت والذى تولى الرياسة فى منتصف عام 1772 م حتى 1808 م وكنيسة مار جرجس الحالية بنيت فى عهد القمص ميخائيل الأبوتيجى الذى تولى الرياسة منذ سنة 1870 حتى 1884 وهذا مذكور فى لوحة موضوعه بجانب باب الكنيسة البحرى على النحو التالى “إفتحوا أيها الملوك ابوابكم ، إرتفعى أيتها الأبواب الدهرية ـ ليدخل ملك المجد ، من هو ملك المجد ، الرب العزيز القوى الجبار القاهر فى الحروب هو ملك المجد ” “هذا هو باب الرب ، وفيه يدخل الأبرار, أذكر يارب “عبدك القمص ميخائيل الأبوتيجى ريس ديرالمحرق” المهتم بتجديد هذا الموضع المقدس للشهداء. ”
كنائس قديمة أخرى
من تاريخ الديرووثائقه تم التعرف على كنيستين كانتا بالدير، ليستا بموجودتين الآن وهما : كنيسة القديس يوحنا المعمدان وكانت مخصصة للرهبان الأحباش إلا أنه غير معروف تاريخ إنشائها ويرجع إلى منتصف القرن 17 الميلادي , وكانت الكنيسة بجوار الكنيسة الأثرية من الجهة البحرية ثم أزيلت فى القرن 19 الميلادي وأنشئ مكانها الصالة الخارجية للكنيسة الأثرية والغرف الملحقة ولم يبق منها إلى اليوم إلا المذبح الحجري وبعض الأيقونات…
إكتشاف آثار كنيسة يوحنا المعمدان
كانت توجد تل ردم وطوب كبير فى الجهة البحرية من كنيسة العذراء الأثرية فى فناء الدير ، وعند رفع هذا الردم وتنظيف المكان عثر على كنيسة قديمة بإسم القديس يوحنا المعمدان ، وعثر فيها على أدوات المذبح وعلى أدوات أثرية مكتوب عليها ما يفيد أنه وقف على الدير المحرق ، وهذه الكنيسة أزيلت آثارها وفى مكانها أرض مزروعة بها شجرة مانجو أمام صف من قلايات وكلها بمعنى غرفة وهى مسكن الراهب ، والقلاية تتألف من قسمين الأول محبسة داخلية والثانى ردهة خارجية (أماكن سكنى الرهبان أو غرف الرهبان) يطلق عليها ألان ” البيت البحرى”وقد إستدل على أسم الكنيسة من مخطوط ما زال يستخدم حتى يومنا هذا فى دورة عيد الصليب مكتوب به : ترتيب ديرالعذراء المعروف بالدير المحرق بجبل قسقام ينص على أن يتوجه الكهنة والرهبان بموكبهم فى دورة عيدى الصليب والشعانين فى المحطة الثامنة إلى بيعة (كنيسة) القديس يوحنا المعمدان ، وهم يرتلون الألاحان كعادتهم ثم يتلون أوشية الإنجيل ثم إنجيل مرقس 1: 1- 11
كنيسة القديسين بطرس وبولس
كانت للرهبان الأحباش وقد أنشئت على سطح الصالة الخارجية للكنيسة الأثرية فى القرن التاسع عشر ولكنها أزيلت فى الثلاثينات من القرن 20, لتأثر المبنى الأثري للكنيسة الأثرية .
حادثة الفرمان
ويذكرالرهبان قصة عن الحجاب (حامل الأيقونات) فيقولون أن بعض أمراء الأتراك جائوا إلى الديرفأكرمهم الدير إكراماً فائق الوصف، وكتعبير عن إمتنانهم وعدواالرهبان بإستصدار فرمان من السلطان بموجبه يصير للدير ملكية 285 فداناً من الأرض وذهب الحكام ، وخشى الرهبان أن ينسى أمرالفرمان ، فتحركت الحماسة والغيرة فى قلب احدهم وأسمه الراهب القس صليب بيوحا الهورى ، فذهب إلى إسطنبول عاصمة الإمبراطورية العثمانية (الأتراك) راكباً بعض الطريق وراجلاً فى جزء منه للحصول على الفرمان ، وقد نجح فى الحصول على الفرمان ، وفى طريق عودته مرببلاد الشام وكان يجمع التبرعات لبناء الكنيسة فقابله هناك رجل فلما سأله الراهب أن يتبرع له بشئ للكنيسة فاشاح بيده فى وجهه فيبست ذراعه ، فصرخ من الألم وإستغاث بالراهب أن يصلى من اجله ، ففعل ، فعادت ذراع الرجل سليمة كما كانت ، فذهل وتبرع بثمن حجاب هيكل كنيسة مار جرجس وقد سجل الراهب أسمه على الجانب الأيسر من باب الهيكل فوق صورة القديس باسيليوس الكبيرفى عبارة كالتالى:” أنشئ هذا المحل فى رياسة القمص ميخائيل الأبوتيجى إذكر يارب المهتم بهذا الحجاب القسيس صليب الهورى الراهب .
كنيسة القديس تكلا هيمانوت الحبشى
القديس تكلا هيمانوت الأثيوبى (الحبشى) (- لا يوجد شئ اسمه الحبشة ولكن يوجد دولة أثيوبيا وقد اطلق العرب المسلمين عليها أسم الحبشة ونحن أقباط أصل الحضارة يجب أن نسمى الأسماء بمسمياتها الأصلية والكنيسة القبطية تعترف بـالقديس تكلا هيمانوت الأثيوبى (الحبشى) وتحتفل بميلاده فى 24 كيهك وبنيتحته فى 24 مسرى هو قديس تعترف به الكنيسة القبطية وله العديد من الكنائس فى مصر والخارج ، وكانت توجد كنيسة بإسمه (تكلا هيمانوت الأثيوبى) فوق كنيسة العذراء الأثرية وكانت كنيسة صغيرة ( من الجهة البحرية لكنيسة العذراء وكانت تقع فوق الجزء المسقوف بالخشب) وكان يصلى فيها الرهبان الأثيوبيين عندما يريدون الصلاة بلغتهم الأثيوبية ، ولذلك أطلق عليها رهبان الدير المصريين أسم كنيسة ألأثيوبيين او كنيسة الأحباش وفى سنة 1936م فى عهد رئاسة القمص دانيال داود أمربهدمها عندما خشى على كنيسة العذراء الأثرية أن تتأثر مبانيها لقدم عهدها بوجود ثقل مبنى عليها بوجود كنيسة أخرى فضلا عن القرضة (النمل الأبيض) الذى يأكل أخشاب المنطقة وقد نقل حجاب (حامل الأيقونات) من كنيسة الأثيوبيين إلى كنيسة العذراء الأثرية عندما تآكل حجابها النمل الأبيض وهوالموجود حالياً الجانب الأيسر من حجاب كنيسة السيدة العذراء الأثرية ، والحجاب الصغير المنقول باب من الخشب غيرمستعمل الآن, كتب عليه: من فوق إلى اليمين باللغة العربية بالعاج المطعم : المجد لله فى الأعالى وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة “وكتب عليه فى الوسط .. فى مستوى الكتابة الأولى وبالتطعيم بالصدف وباللغتين القبطية والعربية : السلام لهيكل الله ألاب ومن تحته : برسم هيكل الرسولين الأبيين (أى الأبويين) بطرس وبولس وكتب على اليسار والتطعيم بالعاج ما يدل على التاريخ حروف (د ص ).
كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل
وفى الحصن فى الشمال الشرقى من كنيسة العذراء الأثرية فى الطابق الأخير الأعلى من الحصن القديم أو ” القصر القديم” وكانت مخصصة لصلاة الرهبان الذين يلجأون إلى الحصن عندما يحتمون فبه أثناء هجوم العرب المسلمين على الدير لنهبه وقتل الرهبان أو أخذهم أسرى ليبيعها عبيد وقد تطول هذه الفترة أو تقصر تبعاً لفترة الهجوم ، أما ألان فتقتصر الصلاة فى هذه الكنيسة فى بعض المناسبات الخاصة مثل عيدا شفيع الكنيسة رئيس الملائكة ميخائيل الأول فى 12 من شهر هاتور القبطى من كل سنة (22 فبراير) ويقع الثانى فى شهر بؤونة القبطى (يوافق تقريباً 22 نوفمبر) وصحن الكنيسة ينقسم إلى خورسين صغيرين يفصل بينهما حاجز خشبي مفتوح من جهتين ، وبالخوروس الأمامى منجلية قديمة جداً من خشب ، قدر تاريخها بحوالى 850 سنة مضت.
كنيسة السيدة العذراء الحديثة
تأسست هذه الكنيسة في عام 1940م الموافق 1656 ش في رئاسة المتنيح الأنبا أغابيوس مطران ديروط وصنبو وقسقام الذى عين رئيساً للدير فى ديسمبر 1939م وقد أكمل بنائها فى عام 1964م الموافق 1680 فى عهد القمص قزمان بشاى الذى كان رئيساً للدير فى ذلك الوقت كاملة بمنارتها وقد كلف إلى فنان الأيقونات الأستاذ يعقوب فانوس برسم جميع الصور الدينية التى تزين الهيكل والحجاب (حامل الأيقونات) وجدران الكنتيسة من الداخل والخارج وقد أننشئت كنيسة السيدة العذراء الحديثة بجانب المدخل الكبير العمومى للدير
كنسية الحصن
لها مذبح واحد والصحن منقسم إلى قسمين صغيرين بواسطة عمودين يتوسطهما حاجز خشبي. ويبدو أن العمودين من عهد قديم ومنقولين من المعابد الوثنية القريبة التى كانت موجودة في القرون المسيحية الأولى ويظهر ذلك من تاج أحدهما (المكسور جزء منه) وبالكنيسة منجلية (أي حامل خشبي يوضع عليه كتاب القطمارس الخاص بالقراءات الكنسية) وقد قدر زمنها بزمان ترميم الحصن في القرن 12 الميلادي. وباب كنيسة الحصن وأبواب الغرف عموماً على نفس تصميم أبواب كنيسة السيدة العذراء الأثرية … ولم نتوصل إلى أية معلومات حتى الآن تفيد أن الحصن قد أستُخدم, وقد قام بترميم الحصن ـ في أزمنة مختلفة ـ كل من:الشيخ أبو ذكري بن بو نصرعامل الأشمونين (أى الوالي) في عهد الخليفة الحافظ (1130 ـ 1149 م) , البابا غبريال السابع (1525 ـ 1568 م) المعلم إبراهيم الجوهري في أواخر القرن 18 الميلادي , القمص عبد الملاك الهوري رئيس الدير في منتصف القرن 19 الميلادي, وفي القرن العشرين تم عمل بعض الترميمات القليلة.
والحصن يعرف قديماً باسم “الجوسق” أو “البرج” أو “القستلية” بنى فى داخل أديرة مصر مبنى يسمى الحصن حيث كان القبائل الرحل التى تعيش فى الصحراء تغير على أديرة الرهبان وتنهبها وتقتل الرهبان وتأسرهم ويبيعونهم كالعبيد وعندما إعتنقت هذه القبائل الإسلام وأطلق عليها قبائل عرب وهم ليسو فى الحقيقة من العرب ولكنهم قبائل شمال أفريقيا وما زال بعضهم يتحدث اللغة الأمازيغية ولغات أخرى وعندما إعتنقوا الإسلام إزدادوا وحشية لأن الإسلام يعتبر الهبان أئمة الكفر ، لهذا إستمر بناء وتقوية الحصون الداخلية حتى يهرب الرهبان إليها عندما يغيرون العرب المسلمين عليها وتشاهد فى الصورة الجانبية حصن دير المحرق ويرجع بناء الحصون فى الأديرة المصرية إلى الإمبراطور البيزنطى فى القسطنطينية زينون (474 – 491) الوصف: بنى الحصن بالشكل المربع على شكل برج ويرتفع 16 متراً فوق سطح الأرض ، ومساحته مربع طول ضلعه 9 أمتارويمكن الدخول إليه بمعبر (قنطرة ) خشبية متحركة مثبت طرفه فى البرج على إرتفاع حوالى ستة امتار ونصف متر من الأرض ، فإذا رفع هذا المعبر أو القنطرة فلا يمكن الدخول إلى البرج ، أما الطرف الثانى المتحرك للمعبر فيستند إلى مبنى صغير ضيق فى الجهة الشرقية من كنيسة العذراء الثرية ولكنه مستقل بذاته ومنفصل عنها يؤدى إلى درج من 22 درجة مرتفعة وعند الدرجة الأخيرة يتكز الطرف المتحرك من المعبر. والمعبر الخشبى أو القنطرة الخشبية طوله 5 أمتار وعرضه نحو متر وربع المتر ، وبطرفه عروة حديدية تقابلها وتطابقها قطعة أخرى مثبتة فى البرج على إرتفاع 5 أمتار من فتحة البرج التى يغلقها المعبر تماماً عندما يرفع بواسطة حبل أو سلسلة تمر من داخل حائط البرج وتلتف بتحريك دولاب كدولاب رفع الأثقال أو بكرة البئر
قصر ضيافة الزوار
شيد هذا القصر الفاخر المتنيح الأنبا باخوميوس الأول أسقف الدير فى عام 1910 م الموافق 1626 ش وأسسه بأثاث فاخر وستائر جميلة وأنيقة وخصصه لإستقبال كبار الزوار ، ويبلغ إرتفاعه 16 متراً, يتكون قصر ضيافة الزوار من ثلاث طوابق: الدور الأول فتوجد قاعة إستقبال كبيرة زينت جدرانها بصورة رئيس الجمهورية وإمبراطور أثيوبيا ، والبابا البطريرك ، والمطارنة والأساقفة بالإضافة إلى القاعة هناك ستة حجرات أخرى لإقامة كبار الزوار ، وملحقة بهما قاعة للطعام ، وحمام ودورة مياة ،
ومكتبة للمخطوطات الثمينة فى إحدى غرف الدورالثانى حيث يقيم فيه رئيس الدير وبه قاعة إستقبال خاصة وسبع حجرات أخرى ، وقاعة طعام وحمام ومطبخ ودورة مياة , أما الطابق الثالث، ففيه أربعة غرف فقط تستخدم كمخازن , ويحيط بالقصر حديقة جميلة وقصر الرياسة والضيافة والحديقة يشغل الجزء الأوسط من الدير ، ويفصل بينه وبين قلالى الرهبان والكنائس سور حديدى له باب خاص.
مدرسة الرهبان: وقام أيضاً المتنيح الأنبا باخوميوس الأول أسقف الدير سنة 1906م بإنشاء مدرسة لتثقيف الرهبان ورفع مستواهم العلمى والتعمق فى دراسة الكتاب المقدس بالإضافة إلى الممارسات الروحية ، وعين لهذه المدرسة مدرسين أكفاء من خريجى الكلية الإكليريكية اللاهوتية بالقاهرة وأمر رئيس الدير بإعفاء الرهبان من الأعمال المرهقة للبدن كالأشتغال فى الزراعة التى تضمن جهداً بدنياً كبيراً وتشغل وقت الراهب حتى يتفرغوا للدراسة والعبادة , أما مدرسة الرهبان الحالية فتوجد خارج أسوار الدير الداخلية وقد إنتهى بناؤها فى عهد القمص تادرس أسعد الذى تولى لارياسة منذ عام 1930م ، أن مدرسة الرهبان أوردها مسيو إميلينو فى كتابه عن جغرافية مصر فى العصر القبطى .
معالم أخرى
ديوان وكيل الدير: شيد مبنى ديوان وكيل الدير فى عهد رئاسة القمص تادرس أسعد ويتبع نظام الرهبنة فى دير المحرق نظام الشركة الذى أسسه الأنبا باخوميوس أب الشركة وسمى بالنظام الباخومى ولما كان وكيل الدير له اختصاصات كثيرة فقد اقيم له ديوان (بيت للإدارة) خارج اسوار الدير الداخلية أمام الباب العمومى الكبير ، ضماناً لعزلة الرهبان المقيمين بالداخل بعيداً عن الإتصال بجمهور الزوار والعمال ، وكل من له معاملات مادية ومالية مع الدير ، وديوان الوكيل هو محل إقامته حيث يتواجد بالديوان نهاراً وليلاً تسهيلاً للعمل .
وابور الماء والصهريج
وبالدير مولدان للكهرباء والماء أحضرهما المتنيح الأنبا باخوميوس الثانى أسقف الديرالأكبر ديزل يولد قوة 93 حصاناً وسرعته 750 دورة وهو من طراز ومن إنتاج سنة 1954 م صنع ميونخ بألمانيا والثانى أصغر يولد 42 حصاناً أما خزانات المياة فقد كان للدير خزانان صغيران للمياة فشيد الإيغومينوس قزمان صهريج كبير للمياة ، بلغت تكاليفه وقتها 3 ألاف جنية ، وهذا الصهريج يمون الدير جميعه بالماء ، وبدأ بناؤه فى نوفمبر 1964م واتم فى آخر أغسطس 1965م
حدائق الدير
أنشأ الأنبا باخوميوس حديقة جميلة منسقة تنسيقاً فرعونياً جميلاً حول قصر الضيافة الزوار بها أزهار الورد والفل والياسمين وبها اشجار فاكهة متناثرة وقد زيدت هذه الحديقة فى عهد رئاسة القمص تادرس أسعد حتى أصبحت ثلاثين فداناً , وبالدير حديقة اخرى أكبر اخل السور الشرقى بالدير وفى ركن منها مدافن الرهبان والتى تسمى بالقبطية طافوس وهى كلمة يونانية الأصل tavoc وتعنى مقبرة أو مدفن Tafwc وبالقرب منها يوجد حظائر الدير والتى يمكن أن تشاهد بها جمال وماشية وتسمى هذه المنطقة بالحوش ، وقد أنشئ بالقرب منه مصنع لصناعة الزبد والجبن يشرف على عماله أحد الرهبان يعينه الرئيس , الحديقة الصغرى على يمين الخارج من الدير ومساحتها عشرين فداناً وقد زرعت أيام القمص بولس الدلجاوى (الأنبا أبرآم أسقف الفيوم) وزيدت فى أيام القمص تادرس أسعد , أما الحديقة الكبرى وهى على اليسار فمساحتها أربعون فداناً وقد زرعت فى عهد الأنبا باخوميوس الثانى .
معهد ديديموس للعرفاء والمرتلين: أنشئ المعهد بالديرفي أواخر السبعينات لتخريج مرتلي الكنيسة والعرفاء الذين لا تستغني عنهم الكنيسة القبطية لأنهم المتخصصون في ممارسة طقس الكنيسة بإنتظام والمعايشون له يومياً والمحافظون عليه من كل قلوبهم لتفرغهم الكامل له وعدم ارتباطهم بأي مشاغل أخرى , ومدة الدراسة في المعهد خمس سنوات يتلقى فيها الطالب بعض المناهج التعليمية , بالإضافة إلى الألحان والطقوس الكنسية بالكامل , مثل: – دراسة في العهدين القديم والجديد، وتاريخ الكنيسة – حفظ المزامير – اللغة القبطية – اللغة العربية – الحساب , وقد كان هذا المعهد ـ عندما أنشئ فرعه الرئيسي بالقاهرة ـ غالبية طلابه من المكفوفين، لذلك أطلق عليه اسم القديس ديديموس واستمريحمل هذا الاسم إلى اليوم , وقام الديربإنشاء معهد للعرفاء والمرتلين ، ومدة الدراسة به خمس سنوات يتلقى فيه الطالب بعض المناهج التعليمية بالإضافة إلى الألحان والطقوس الكنسية بالكامل .
الكلية الأكليريكية: عندما اعتلى مثلث الرحمات البابا شنوده الثالث الكرسي البطريركي اهتم بالكلية الإكليريكية فرأى أن يُنْقَل القسم المتوسط الموجود بالقاهرة إلى الدير المحرق. وكان أنسب مكان لها هو مدرسة الرهبان ,وهذا لكي يتعود الطلبة على الجو الريفي بعيدين عن أضواء العاصمة , وبحيث يكون لهم منهج خاص يناسب خدمة الريف، وأيضاً لأسباب مالية تتعلق بالعجز المالي الكبير الذي تواجهه البطريركية, وكذلك لكي يكون لدير العذراء (المحرق) رسالة علمية يساهم بها في خدمة الإكليريكية
إستراحة الزوار: فى سنة 1985م تم بناء إستراحة الزوار بدير العذراء ( المحرق) من ثلاثة ادوار مجهزة بجميع المستلزمات والمتطلبات الإلازمة للإقامة وملحق بها صالات للطعام والإستقبال بدورات مياة نظيفة ، ويقع خلف هذه الإستراحة حديقة جميلة بنافورة يزرع بها بعض النباتات العطرية والنادرة الجميلة تحت إشراف علمى متخصص كما يوجد بالدير وسائل خدمات كثيرة للقاطنين فيه من الرهبان والزوار كفرن للخبز، ومخزن للغلال، وحظيرة للبهائم، ومخزن للوقود الخاص بتشغيل ماكينات الري، وورش للنجارة والحدادة واللحام , بالإضافة إلى مكتبة لإستعارة الكتب لفائدة الرهبان، ومكتبة لبيع الكتب والأيقونات والصور . كتاب عن الدير: أصدر دير العذراء (المحرق ) كتاباً عن الدير يقع فى 200 صفحة من الحجم الكبير ، وملحق به ملزمة بمعالم الدير الرئيسية وأيقوناته الأثرية تقع فى 37 صفحة بالألوان الطبيعية تحت إشراف نيافة النبا ساويرس أسقف ورئيس الدير.
أول أسقف لدير المحرق فى العصر الحديث : فى يوم 2/6/1985م قام قداسة البابا بسيامة القمص بيشوى المحرقى أسقفاً للدير بأسم الأنبا ساويرس وفى يوليو 1986م وافق قداسة البابا شنودة الثالث على طلب نيافة الأنبا ساويرس أسقف دير المحرق بشراء مقر للدير بالقاهرة ، عبارة عن شقة تمليك فى عمارة دير الملاك البحرى بمبلغ 30 ألف جنيه المخطوطـــات : وقد ظل استعمال البردي في صناعة الورق حتى القرن التاسع أو العاشر الميلادي تقريباً، ثم استبدل بعد ذلك بنوع آخر أقوى تحملاً للتأثيرات الجوية وهو الرق , وقد كان للقبط دراية تامة بصنعه من جلود الغزلان حيث كانت تنتزع إلى شرائح رقيقة جداً ثم تُملح وتجفف حتى تصلح للكتابة عليها والمخطوطات شأنها شأن الكتب الحديثة أي فيها الصالح والطالح. لذلك تحتاج إلى مجهود في دراستها وفحصها لئلا يكون قد دُسَّ فيها أفكار منحرفة أو روايات كاذبة.. لذلك فإن قدم المخطوطة لا يعنى أن مادتها العلمية أو الدينية سليمة.
سيامة رهبان جدد : فى صباح الأحد 15/5/1994م قام نيافة الأنبا ساويرس أسقف ورئيس دير العذراء (المحرق) بسيامة ثمانية رهبان جدد بالدير بأسماء : يوئيل – إيلاريون – إيسيذوروس – تداؤس – سرابيون – عمانوئيل – ميساك – إفرايم وإشترك معه فى الصلوات اصحاب النيافة : الأنبا أغاثون – الأنبا كيرلس – الأنبا بيمن – الأنبا يوأنس الآباء الأساقفة الذين سامهم قداسة البابا شنودة الثالث من دير العذراء ( المحرق) – نيافة الأنبا برسوم – الأسقف العام (29/5/1977م – وتنيح فى 5/5/1986م – نيافة الأنبا ساويرس – أسقف الدير 2/6/1985م – نيافة النبا بيمن – اسقف قوص ونقادة 26/5/1991م .
شموع أضاءت بالدير
القمص يوسف المحرقي: شقيق البابا ديمتريوس الثاني (1862 ـ 1870 م) عينه البابا رئيساً لدير أبي مقار بدلاً منه بعدماً رسم بطريركاً.. وإن كان على غير العادة في الأديرة عموماً أن يكون رئيسها ليس من رهبانها.. إلا أن هذا الأب كان أباً نقياً وأحبه رهبان الدير ويشهدون له، حتى اليوم..
القمص صليب العلوني: اشتهر بالورع والتقوى وكان شيخاً في أيام رئاسة القمص بولس الدلجاوي (الأنبا أبرآم أسقف الفيوم والجيزة) ولحنكته ولمعرفته في الحياة الإنجيلية الحقيقية، عهد إليه رئيس الدير بتلمذة الراهب ميخائيل البحيري الذي اكتسب منه المدارك والدراية الروحية في نشاط ومهارة عجيبة.
القمص صليب بيوحا الهوري كان لفضائله وتقواه أن حصل على حامل ايقونات (أي حجاب الهيكل) لكنيسة مارجرجس بالدير وهو من الرخام الإيطالي النقي. وفي أخر أيامه سمح الرب بأن يجَّرب بفقد بصره لكنه كان لديه رجاء عظيم بالرب فقد كان كل من يأتي إليه ليواسه ويعزيه كان يسمع منه هذه الصلاة الجميلة التي قالها يونان قديماً “.. لكنى أعود أنظر هيكل قدسك ” (يونان 2) وقبل نياحة بأيام طلب من رئيس الدير أن يصلي مع أحد الآباء القداس الإلهي. وبعد حلول الروح القدس في سر الافخارستيا وبينما كان يصلي الأواشي أمسك أبونا القمص صليب بالجسد المقدس بكلتا يديه وهو يقول له (المرأة الخاطئة غسلت قدميك بدموعها أما أنا فأغسلك كلك بدموعي) وظل يبكي ودموعه تمتزج بالجسد الكريم وقد ملأ بها الجسد المقدس وما هى إلا لحظات حتى أبصر. لقد كان يلهج في داخل قلبه مع داود النبي ويقول: ” انظر واستجب لى يارب وإلهى أنر عينى لئلا أنام نوم الموت ” (مز 13: 3) فسمع الرب له واستجاب لطلبته.
القمص حسب الله عبد الثالوث المحرقي:تنبأ لوالدة الآب الورع القمص قسطنطين موسى (1898 ـ 1982 م) راعي كنيسة السيدة العذراء بالزيتون بولادتها لهذا الأب (حينما كانوا في أسيوط) وقد أشتهر القمص قسطنطين بقداسته وتقواه وتشرف بنوال نعمة عظيمة ـ هيأتها السماء له ـ وهي ظهور السيدة العذراء في كنيستها بالزيتون في أيام خدمته بالكنيسة (والجدير بالذكر أن هذه الكنيسة هى أول كنيسة اهتم بها قداسة البابا شنودة الثالث وأصدر من أجلها القرارات رقم 5، 10، 11 في الأسبوع الأول من تتويجه.. ومدحه البابا شنودة في القرار البابوي الخامس 18 / 11 / 1971 بقوله … تحية من أعماق قلبي لهذا الكاهن الجليل وهذا الشيخ الوقور الذي على يديه وبصلواته ظهرت العذراء في تلك الكنيسة المقدسة، فغمرتها نعم إلهية كثيرة).
القمص يوحنا الإتليدمي: على قدر ما وصل إلى علمنا أن القمص بشاي الأسيوطي نسخ 12 مخطوطة والقمص ميخائيل الجاولي نسخ 11 مخطوطة عن تفسير المزامير وسير القديسين وكتب عقائدية هذا غير الكتب الطقسية مثل الخولاجيات والأجيبة. والقمص يوحنا الإتليدمي الذي يعتبر أبو النساخة في الدير ولد في بلدة إتليدم (مركز أبو قرقاص بالمنيا) وحضر إلى الدير سنة 1842 م وترهب ثم صار قساً في سنة 1845م في رئاسة القمص عبد الملاك الهوري وكان هذا الأب فاضلاً وحكيماً لا يتدخل في سياسة الدير وتنظمية لذلك أحبه الرؤساء الذين عاصرهم واحترموه ويتضح ذلك من المخطوطات التي كتبها في أيام رئاستهم.
الآباء رؤساء الدير الذين عاصرهم
القمص عبد الملاك الهوري، القمص بولس غبريال الدلجاوي، القمص ميخائيل فام الأبوتيجي والقمص صليب وهبه, وقد نسخ عدداً ليس بقليل من المخطوطات في أحجام مختلفة، ما وصل منها إلى أيدينا هو 64 مخطوطة من قطمارسات وكتب طروحات وأسفار مقدسة وميامر وخولاجيات … وأحدثها كتب بتاريخ 1602 ش (1886 م). القمص عبد المسيح عبد الملك المسعودي: اشتهر بوضع المدائح وابصاليات شهر كيهك، ويكفي هنا أن يشار إلى بعض من كلمات الخطاب المطول الذي أرسله عالم اللغة القبطية إقلاديوس لبيب بك بمناسبة تأليف القمص عبد المسيح لكتاب المدائح الكيهكية والإبصاليات الصومية والأعياد السيدية. (الطبعة الأولى سنة 1912 م): (… أحيطكم علماً بأن مؤلفكم النفيس طالعته بإمعان وافٍ فوجدته صادراً من روح وديعة طاهرة ونفس روحية شريفة… سهل المأخذ لدقتة معانيه مرتباً الترتيب الكنائسي الأبوي القديم … محافظاً على المعاني الكتابية مراعياً لمؤلفات معلمي البيعة السابقين الذي يجب عدكم واحداً منهم … والذي به أكملتم فراغاً يحتاج إليه جميع المصلين في كل مكان وفي كل وقت.. فلتهنأ بكم كنيستكم وطائفتكم المحبوبة وخصوصاً مجمعكم المقدس الذي كان ولا يزال له اليد الطولى في كل شئ ديني ومدني … وختاماً أطلب من العلى أن يكثر من أمثال أبويتكم حتى تعلو المعرفة على الدوام…).
القمص يوحنا الحبشي: هو أحد الرهبان الأحباش الأفاضل الذين عشقوا دير المحرق وغاية أمنيتهم أن يعيشوا في الدير متمتعين بحماية سيدة البشرية كلية الطهر العذراء أم النوروقد أطلق عليه أسم القمص يوحنا المتوحد أو الحبيس وقد عاش هذا الأب في حجرة موجودة بالسور (وهي حجرة مساحتها 5 × 5 متر تبنى مع السور لتدعيمه وهي لا تصلح للسكن لعدم توافر الأسباب الصحية بها في ذلك الوقت) مدة تزيد عن 38 سنة حبيساً بها لا يخرج إلا للضرورة عاكفاً على صلواته وأصوامه وكان هذا الأب ناسكاً لدرجة عظيمة تستطيع من شدة نسكه أن تحصى عظامه كما كان مثالاً يحتذى في الأتضاع فإذا تقدمت لأخذ بركته وقبَّلت يده. فهو لا يترك يدك إلا بعد أن يقبَّلها , وقام هذا الأب الفاضل بتعريب سيرة القديس تكلا هيمانوت الحبشي , وتم طبعها في ذلك الوقت بواسطة أحد الأحباء بأسيوط.
القمص يوحنا سلامة: هذا الأب من جرجا واسمه العلماني سيف سلامة والتحق سنة 1892م بالمدرسة الإكليريكية ومكث بها 5 سنوات وكان من المجموعة الأولى التي التحقت بها مع الأستاذ حبيب جرجس. وتزوج سنة 1898 م ولكن بعد قليل انتقلت العروس إلى السماء ورفض أن يتزوج بعد ذلك، وكان في أثناء ذلك ـ يهتم بالوعظ الديني في كنائس مدينتي أسيوط وجرجا… ولكن تاقت نفسه إلى الحياة الرهبانية فقصد دير البرموس إلا أن والده منعه من تنفيذ قصده وجاء به إلى القاهرة. فانتدبه الأنبا باخوميوس أسقف دير المحرق ناظراً لمدرسة الرهبان فيه… فرحب بذلك ولم يقم إلا زمناً يسيراً حتى طلب الرهبنة فأجيب طلبه وتولى رسامته راهباً أصحاب النيافة مطران إسنا وأسقف منفلوط وأسقف دير المحرق سنة 1905 م وصار اسمه يوحنا… وقد لبث في الدير نحو 12 عاماً مجداً حتى نال ثناء أسقف الدير ومحبة إخواته الرهبان له، فرُسم قساً فقمصاً، وكان يعكف على الدرس والاطلاع وتميز بالعلم الواسع وتتلمذ على يديه الكثيرين , وبعد ذلك عين وكيلاً لمطرانية الخرطوم.
وقام بتدبير أمور أبناء الكنسية الروحية وشُهد له بالكفاءة التامة وبالحكمة والإخلاص والتفانى وأحب الشعب للغاية , ولحنكته في إدارة الكنسية، طالب الشبان بإقامته أسقفاً مساعداً رغم معارضته الشديدة فظل كما هو قمصاً وبذل كل جهده في سبيل الخدمة بالسودان بمساعدة الغيورين من أبناء الكنيسة هناك فأنشأ عدة مدراس لرياض الأطفال والتعليم الابتدائي للبنين والبنات والتعليم الثانوي والتجاري.. وأثنى عليه كبار رجال الدولة من المصرين الذين زاروا السودان آنذاك , كما رشح القمص يوحنا سلامة للبطريركية بعد نياحة الأنبا كيرلس الخامس عام 1928 م. وقد ألف كتاباً قيماً يقع في جزئين وهو اللآلئ النفيسة في شرح طقوس ومعتقدات الكنيسة سنة 1909م.
القمص بولس الدلجاوي :- الأنبا أبرام أسقف الفيوم والجيزة:ترهب هذا الأب بالدير سنة 1848م ونظراً لسيرته العطرة، سمع عنه الأنبا ياكوبوس مطران المنيا، ولفضله وتقواه سامه الأنبا ياكوبوس كاهناً.لكنه اشتاق العودة إلى الدير فرجع سنة 1863 م ليعيش حياة السكون والهدوء. وعكف على ذلك إلى أن وقع عليه الاختيار لرئاسة الدير في سنة 1866م وسيم قمصاً. وقد كان رجلاً روحانياً قديساً لا يهتم بما للعالم بل كان كل ما يهمه كيف يعيش لله , وكان يقتني فضائل عديدة منها محبة الفقراء وذوي الحاجة ومساعدتهم بسخاء دون حساب وكان القديس فريداً في رئاسته، واهتم بالرهبنة والإرشاد الروحي فجذبت سيرته الكثيرين من محبي حياة الكمال المسيحي، فرسم أربعين راهباً في أسبوع واحد (22 في أول الأسبوع، 18 في آخر الأسبوع) منهم القمص ميخائيل البحيري، وأصبح عدد الرهبان حوالي 190 راهباً ورسم ثمانية قسوس ومنهم من تقلد منصباً قيادياً هاماً في الكنيسة مثل الأنبا متاؤس مطران الحبشة والأنبا مرقس مطران إسنا والأقصر والأنبا بطرس مطران الحبشة أيضاً والأنبا باخوميوس أسقف دير المحرق والأنبا أثناسيوس أسقف صنبو وقسقام. وكان خادماً للكل الكبير والصغير.. واهتم بإعفاء الدير من رسم الأيلولة على 172 فدان، وغرس حديقة خارج الدير (موجودة للآن) كما اهتم بنسخ مخطوطات عديدة لفائدة الرهبان (موجود منها الآن 18 مخطوطة) وقد عزل القمص بولس بحجة أنه مسرف للغاية وغير قادر على إدارة الدير بموافقة الأنبا مرقس مطران البحيرة النائب البطريركي بعد نياحة الأب ديمتريوس البطريرك سنة 1870م , وظهرت قداسة هذا الأب القديس عند خروجه من الدير فكانت تبكيه كل عين لأنه أب رحوم، تقي وورع عامل بالوصايا الإلهية, وقد ذهب إلى دير البرموس ومعه بعض الرهبان. وكان لسانه يرتل .. طردوني الرؤساء … من كلامك خاف قلبي. وكان سيخرج معه القمص ميخائيل البحيري، إلا أن القمص بولس أقنعه بالبقاء ليكون خميرة مباركة للدير، وقد صار بالفعل… وكانت مدة رئاسة القمص بولس حوالي أربع سنوات وثلاثة أشهر، وقد زار دير المحرق وهو أسقف على الفيوم والجيزة سنة 1902م.
سيـرةالـقـمـص مـيخائـيـل الـبحيـري………كوكب برية جبل قسقام
نشأته: ولد ببلدة أشنين النصارى مركز مغاغة محافظة المنيا سنة 1847م، من أبوين فاضلين، توفى والده غبريال وهو في الثانية عشرة من عمره، ولما كان ضعيف الجسم أشفقت عليه أمه وأخفته على سطح المنزل لكي لا يسمع صوت الباكين، وإذا به يرى أباه صاعداً وحوله الملائكة فرحين فناداه يا أبي يا أبي، فقالت له الملائكة.. اطلب لكي تكون أخرتك كآخرته , ميله نحو النسك ورهبنته: وكان بحكم نشأته زاهداً العالم نامياً في الفضيلة، فترك العالم بعد وفاة أمه وذهب إلى دير السيدة العذراء ـ بالمحرق ـ وتتلمذ هناك على يد القمص صليب العلونى في عهد رئاسة القمص بولس (الأنبا آبرام أسقف الفيوم والجيزة الأسبق) وقد كان أباً روحياً له. وما إن لبس إسكيم الرهبنة حتى أخذ يزداد في النسك والتقشف، فأحبه الجميع وذاع صيته الحسن، وسيم قساً سنة 1874 م، وفي أوقات فراغه كان يعمل في تجليد الكتب وما يصله من مال عن هذا الطريق، كان يقوم بتوزيعه على الفقراء.
أعماله:لم ينس أعماله بالدير كل يوم يقوم بتنظيف الكنائس وتجهيزها للصلاة، وكان يوزع جميع النذور التي ترد لذمته خاصة على الفقراء والمساكين. ومع كل هذا كان رجلاً بسيطاً جداً متجرداً من القنايا العالمية ولعل ذلك هو سر عظمته ، مما جعل الأنبا باخوميوس الأول أسقف الدير يسميه قمصاً وجعله أبا روحياً له ولآباء الدير, فضائله ومواهبه: كان رجل دموع في صلواته، وقد منحه الرب مواهب الشفاء وإخراج الشياطين, لذا تمتع بمحبة كبيرة ، ومهابة عظيمة لدى معاصريه ، وكان رجلاً واسع الإطلاع ، يصرف أوقاتاً طويلة ، في قراءة الكتب المقدسة والمؤلفات الدينية وقد سمح الرب بفقد بصره، فاحتمل ذلك بشكر، وبعد جهاد عظيم تنيح بسلام في 16 أمشير سنة 1639 ش الموافق 23/ 2/ 1923 م بركة صلواته فلتكن معنا.
بعض من أقواله: القراءة في الكتب الإلهية ضرب آخر للصلاة – أني منذ ترهبت للآن، إذا زاد المال عن كفافي، أحسبه لصاً في قلايتي، فلا أنام بتاتاً – الصوم للمؤمن فاتحة عهد سلام بين الروح والجسد – المنتقم من أخيه، متغلب في عيني نفسه وأعين الناس. وأما عند الله فمغلوب على أمره، ذو صفقة خاسرة