كشفت دراسة أثرية للباحثة سهيلة عمر الرملى، المتخصصة في الآثار المصرية القديمة، على استخدام المصرى القديم العقاقير النباتية والحيوانية للعلاج ومستحضرات تجميل.
وتشير الباحثة سهيلة عمر الرملى، إلى أن المصرى القديم حرص على تطويع الطبيعة لخدمته واستثمار كل ما فيها من نبات وحيوان ومعادن كما برع في علم الكيمياء و تصنيع العقاقير الدوائية لعلاج مختلف الأمراض كما جاء فى بردية ايبرس و بردية اودين وهما من أهم البرديات الطبية المكتشفة حتى الآن
كما وصل المصرى القديم الى صناعة المستحضرات الدوائية كالحبوب والأقراص واللبخات والمنقوعات والحقن الشرجية والمستخلصات الكحولية من الخمور و المراهم والدهانات والزيوت المركبة والقطرات و الششم والعجائن والأبخرة حيث تم وصفها بالتفاصيل في البرديات الدوائية من طريقة تحضير وشروط الصناعة و الاستخدام
ويلقى خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بمناطق آثار جنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار الضوء على هذه الدراسة موضحًا أن المصرى القديم استخدم العقاقير النباتية المحلية والمستوردة من العراق وسوريا وأهمها نبات الجميز حيث استخدمت عصارته اللبنية في علاج الأمراض الجلدية و بالأخص مرض (الصدفية ) عن طريق خلط عصارة الجميز مع بعض مركبات الحديد و مواد كيميائية أخرى و تكون على شكل مرهم موضعى كما استخدموا بعض مستخلصات شجر السنط كدواء قابض لبعض أمراض النساء وخلطوا الخروع بالكحوليات لعلاج تساقط الشعر والقشرة والحنة و البخور و المستكة والحلبة لإزالة التجاعيد كما استخدمو الخس في زيادة الخصوبة وعلاج العقم لدى الرجال وعرفوا نبات الخشاش و استخدم في الطب كمخدر وزيت (الحبة السوداء) لعلاج آلام المعدة والمغص والإسهال و الصبار لتخفيف الجروح
ويضيف الدكتور ريحان من خلال الدراسة أن المصرى القديم استخدم العقاقير المعدنية حيث استخدم الحديد كخليط مع الأعشاب للأمراض الجلدية وصنع الأدوات المستخدمة معمليًا وكان معدن النحاس سهل التعدين واستخدم بالأخص أكسيد النحاس الأخضر (الملاكيت) في صناعة الكحل فهو مطهر للعين ومعالج للأمراض الرمدية كما استخدام في علاج القروح الجسدية و غيرها من الاستخدامات مذكورة في البرديات الدوائية باستخدام الجبس في (اللصق – تجبير الكسور – تحضير الملاط – تخفيف الأوزان )
ويتابع الدكتور ريحان بأن المصرى القديم استخدام أشياء من جسم الحيوان في العقاقير و العلاج حيث صنع من دهون و شحوم الحيوانات المختلفة كالأبقار والثيران والخراف والخنازير كريمات لترطيب البشرة و دخل دمج الدهن مع المساحيق المختلفة لعمل مستحضرات الجميل كما نسميها اليوم (كريم الأساس – الروج) و أيضا المراهم العلاجية للجروح الالتهابات كما تبين من رسومهم داخل المقابر استعمال المصريون ثلاثة أنواع من اللحم الحي لإيقاف النزيف واللحم النيِّئ واللحم المتعفن إذ كانوا يتركون اللحم معرَّضًا للجو حتى تنمو عليه الفطريات ثم يجففونه ويعطونه منقوعًا كدواءٍ لمَن يحس بمرض الصدر وهذه الظاهرة تشبه في كثير تلك الظاهرة التي لاحظها العالم ( فيلمنج )عندما ترك شوربة اللحم في الجو فنما عليها نوعٌ من النبت قضى على الميكروبات السبحية ومن هنا كانت النقطة الأولى للكشف عن البنسلين وجميع أنواع المضادات الحيوية فكان السبق في هذا لأجدادنا القدماء
كما دلت البرديات على أهمية كبد الحيوان في العلاج و كان يستخدم ( نيِّئًا وجافًّا ومشويًّا ومسحوقًا) وأيضا استخدامه مرهم للعيون لاحتوائه على فيتامين (أ) كما أيضا عالجوا به حالات الاجهاض
وقد وصفَتِ البرديات المصرية القديمة أهمية كبد الحيوان فى علاج العيون وعلاج حالات الإجهاض ولم يكن هذا عن طريق الصدفة بل عن معرفة و ملاحظة الدورة النسائية وتكوين البويضات كما استخدموا النخاع الحيوانى لتنعيم وفرد الشعر و هو ما نسميه الأن (كرياتين – بروتين ) و ما شابه ذلك