يتحدث العالم كله عن ثقافة جديدة تنادي بها الدول منذ انتشار فيروس كورونا وهي ثقافة التباعد الاجتماعي, ولكنها ثقافة غريبة علي مجتمعنا المصري.. فهناك فئة ملتزمة بهذه الإجراءات ولكنها تشعر بالضيق فأصبح الأبناء محرومين من أحضان والديهم وزيارة أجدادهم خوفا عليهم من نقل العدوي أيضا.
الأفراح اقتصرت علي المقربين من العروسين وكذلك المآتم.
وستظل أمامي صورة إحدي زميلاتي عندما ذهبنا لتعزيتها في وفاة زوجها, ووقف الناس جميعا من بعيد يخافون الاقتراب منها خوفا عليها وعلي أنفسهم فلم نجد أحدا يواسيها بالأحضان والقبلات ولكن اكتفي الجميع بالإيماء برأسه وترديد عبارات التعازي.. فأنا أعلم أنها كانت تحتاج أن ترتمي في حضن أحد لتبكي وتشعر بالدفء, ولكنها لم تجد فأصبحت العروس تتزوج في صمت والميت يذهب في صمت دون أن يشارك الناس بعضهم.. كذلك المرضي معزولون في منازلهم دون زيارات بل يكتفي الأقارب بالسؤال عنهم بالتليفون وأيضا غلق دور العبادة والتزام هذة الفئة بالمنازل كلها أمور جعلتهم يشعرون بالضيق.
ومما يزيد الأمر صعوبة علي الملتزمين هو استهتار فئة أخري بتلك الإجراءات وعدم التزامهم بالتباعد الاجتماعي سواء في الزيارات والفسح والأفراح والمآتم وهو ما يشعر الملتزمين بالظلم وتوقف حياتهم اليومية وإحساس أبنائهم بالضيق من الالتزام داخل المنزل.
ولسان حالهم إحنا إيه إللي يخلينا ندفع فاتورة ناس مش ملتزمين؟ إحنا كمان عاوزين نخرج وننبسط ولكن الموضوع محتاج عقل.
فنحن نحتاج أن يلتزم الجميع ويعتادوا علي ثقافة التغيير التي ستطرأ علي العالم أجمع ولابد أن يتقبل المصريون هذه الثقافة الجديدة ويعتادوا علي شغل أوقاتهم داخل البيوت بأشياء مفيدة مثل لعب الرياضة بالمنزل بدلا من صالات الجيم وتعلم كورسات أون لاين وتعلم حرف ومهارات جديدة وتشجيع الأبناء علي زراعة بعض النباتات فوق أسطح المنازل لشغل أوقاتهم بدلا من قضاء الوقت أمام مشاهدة التلفاز واللعب علي الموبايل والأكل طوال اليوم.
فيجب أن نصبح شعبا منتجا بدلا من أن نستهلك فقط حتي ننتصر علي هذا التحدي ونجتاز هذا الوقت الطويل دون خسائر خاصة أننا لا نعرف ولا أحد يعرف متي سينتهي هذا الوباء.