بدأت في الظهور منذ حوالي خمس سنوات بهدف تبادل المعلومات فيما يخص مصلحة الأبناء ولكن أشارت لها أصابع الإتهام في الآونة الأخيرة بترويج الشائعات وبث الذعر في نفوس أعضائها، خصوصاً بعد أنتشار فيروس كورونا المستجد.. إنها “جروبات الماميز” الموجودة على مواقع التواصل الإجتماعي مثل الوتساب أو الفيسبوك، وقد زاد عنها الحديث مؤخرا، خصوصا في ظل شدة الأزمة الصحية التي اجتاحت العالم وما ترتب عليها من تعليق الدراسة، واستخدامها كمنصات إلكترونية لتبادل مقاطع صوتية وأخبار ومعلومات عن فيروس كورونا لتقوم بالتشكيك في الاخبار التي تعلنها الدولة، ولما تناثرت الكلمات بين القيل والقال، كان على وطني أن تستمع إلى أعضاء هذه الجروبات لندخل إلى هذه الجروبات بعيونهم، ومن ناحية أخرى طرحنا الأمر على المتخصصين.. لنضع بين أيديكم القضية في الميزان…
“دور فعال في الدراسة عن بعد”
قالت مها كميل، ولية أمر طالبة بإحدى مدارس البنات الخاصة، إن “جروبات الماميز” فكرة في غاية الروعة وقد عظم دورها جدا في الظروف الراهنة خلال الحجر المنزلي الذي تزامن مع الفصل الدراسي الثاني، وخلال الدراسة عن بعد وعمل الأبحاث الدراسية المطلوبة لاجتياز الترم الثاني، وتسألت ماذا لو لم تكن هذه الجروبات موجودة في ظل الظروف التي نعيشها حالياً ؟!، كما أشارت إلى دورها الفعال بشكل عام خلال العام الدراسي في تواصل الأمهات بشكل لحظي فيما يخص ما تم أخذه الأطفال خلال اليوم الدراسي داخل الفصل، من خلال التقاط صور بالموبيل للصفحات التي تم كتابتها، خصوصا في حالة غياب الطفل أو عدم أنتباهه لتستطيع الأم أن تحصل على كل ما كتب في كراسات وكتب الأطفال في نفس اليوم حتى تراجعه مع الطفل في المنزل بدلا من أن يسقط منه جزء من المنهج، وكذلك حتى لا يأخذ من وقت يومه الدراسي التالي لو كتبه من زميله في الفصل.
“منصة للحكي.. وقوة ضاغطة.. ومتجر إلكتروني”
من جانب آخر ترى مريم مينا، إحدى عضوات جروب أمهات، أن هذه الجروبات تمثل قوة لا يستهان بها أمام إدارة المدارس خصوصا الخاصة منها، حيث أصبح للأمهات صوت موحد للوقوف أمام أي تقصير من المدرسة خصوصا خلال التعليم عن بعد الذي يتلقاه الطلاب حالياً، ولكن أشارت مريم، أن هذه الجروبات أصبحت في الوقت الحالي تغالي في الحديث والحكي عن الأحداث الجارية وانتشار وباء “كورونا”، بمعلومات وأخبار ومقاطع صوتية من هنا وهناك، لمصادر معلومة وأخرى مجهلة، بشكل أصبح مزعج جدا يصعب معه التركيز على مصلحة الأولاد وتعليمهم، كما نوهت إلى استغلال بعضهن فترة الحظر وعدم خروج الأطفال والأمهات من المنزل للبيع الإلكتروني للملابس المأكولات وأدوات التعقيم والتنظيف والكمامات والجونتيات .
“تبادل خبرات وأخبار وشائعات”
وأشادت كرولين اسحق، إحدى عضوات جروب أمهات، بهذه الجروبات في هذا التوقيت العصيب، لأنها تعمل على تبادل الأخبار والمعلومات الخاصة بهذا الوباء الخطير، بين الأمهات الاتي ينتمين إلى مهن مختلفة مما يجعل كل أم منهن تنير الطريق من زاويتها بحسب عملها، فمنهن الطبيبات والصيادلة والمعلمات والعاملات في مؤسسات إعلامية، ولكل منهن معارفها وعلاقتها مما يسهل الوصول لكل ما هو جديد من أرض الواقع، وأضافت أن هذه المنصات لا تجعلنا نترك عقولنا بين يدي الإعلام الذي قد يكون موجها أو لبيانات الحكومة التي يكون لديها اعتبارات كثيرة قبل إطلاع الجمهور على أي شيء، ولا تجد كرولين أزمة أن تكون هناك معلومات مغلوطة ومجهلة بين ما تبثه الأمهات عبر هذه الجروبات لأنها في النهاية ستجعلنا نصل إلى بداية الخيط ونعرف الحقيقة.
“جروبات الماميز تواصل سهل ومباشر”
وقال هاني المحمدي، مدير مدرسة لغات بمحافظة الجيزة، لجروبات الأمهات أهمية كبيرة في الوقت الحالي وخصوصا مع توقف الدراسة وتغير نظام الامتحانات لأول مرة، مما اثار القلق والخوف في نفوس الأمهات والطلاب، ولكن هذه الجروبات جعلت التواصل سهل ومباشر بين إدارة المدرسة والمعلمين وأولياء الأمور والطلاب، لتوفير كافة المعلومات والبيانات الخاصة بالأبحاث وكيفية القيام بها وتقسيم الطلاب لمجموعات بحث ومساعدتهم ليجتازوا العام الدراسي الحالي في ظل التصدي لجائحة الكورونا.
“اتحاد أمهات مصر”
قالت عبير أحمد مؤسسة اتحاد أمهات مصر للنهوض بالتعليم، لا أفضل جروبات مجموعات أولياء الأمور على “الواتس آب” لأن بعضها يتضمن رسائل مجهولة من أشخاص مجهولين، وأن اتحاد أمهات مصر للنهوض بالتعليم على الفيس بوك، دائما يتبع سياسية مهنية ودقيقة في التعامل مع نشر المنشورات وروابط الأخبار، كما أن الاتحاد لا ينشر روابط أخبار غير موثوق فيها، ودائما البوستات يتم التأكد منها والتركيز فيها قبل نشرها، ودائما نذكر الأعضاء بشكل مستمر بسياسية وقواعد الاتحاد والتي على رأسها عدم الإساءة أو التجاوز في حق أشخاص سواء أعضاء مختلفين في الرأي أو مسئولين، بينما يتم السماح بالنقد البناء المحترم فقط، ويتم حظر أي عضو غير ملتزم بقواعد الجروب .
وأكدت مؤسسة اتحاد أمهات مصر للنهوض بالتعليم، أن مواقع التواصل الاجتماعي عليها جروبات كثيرة وشاسعة، وبالتالي لسنا مسئولين عن أي جروبات ومجموعات أخرى تنشر شائعات وتساعد أيضا على انتشارها، مشيرة إلى أن الاتحاد دائما يقوم بتوعية أولياء الأمور بعدم نشر لينكات لمواقع مجهولة وغير معروفة أو رسائل وفيديوهات تهدف لإثارة الذعر بين أولياء الأمور وداخل المجتمع، مطالبة الجهات المعنية بغلق الجروبات المجهولة والتي تعمل على نشر الشائعات.
وناشدت عبير، الأمهات والطلاب في هذه الفترة بالبقاء في المنازل ومتابعة دروسهم عن طريق القنوات التعليمية، وبنك المعرفة للتقليل من التجمعات وعدم تعرضهم للخطر، للحد من طرق انتقال العدوى وهي من أهم خطوة من سلسلة العدوى بالفيروس.
“أرض خصبة لترويج الشائعات”
من جانبه أكد الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، أن هذه المنصات تنجح في ترويج الشائعات لأن كثير من الأمهات في هذه الفترة لديهن وقت فراغ مما يدفعهن ذلك لمشاركة أي معلومات أو مقاطع صوتية أو فيديوهات دون تمحيص أو افراز لمصدر أو دقة المعلومات التي تبثها هذه المنصات، كما تستبعد كل أم من أمهات هذه الجروبات وجود شخصيات تابعة للجان إلكترونية أو جماعات هدفها نشر معلومات تشكك في شفافية الحكومة أو في قدرة الدولة على احتواء الأزمة، لأنهن يثقن في بعضهن ثقة كبيرة لكونهن يتحدثن طوال اليوم معا فبالتالي يشعرون بألفة بينهن وبين بعضهن وكأنهن صديقات منذ زمان بعيد بالرغم من عدم معرفتهن أشكال بعضهن. وأضاف، أن هذه المجموعات تعتبر أرض خصبة لنمو أي شائعة لأن أعضائها من السيدات ومن المعروف أن المرأة أكثر عاطفية وتأثر، خصوصا عندما تكون أم فإن غريزة الأمومة تلعب دورا هاما في تصديق المعلومة حيث أنها في حالة قلق وفزع على أبنائها وأسرتها بشكل دائم.
“بث الذعر وتقليل المناعة”
وأشار “فرويز”، إلى أن الحالة النفسية تؤثر بشكل كبير على مناعة الجسم فالقلق والاكتئاب يؤثران بالسلب على كرات الدم البيضاء مما ينعكس على مقاومة الجسم للفيروسات والأمراض، حيث شرح أن بداخل المخ أشياء تدعى النواقل العصبية، هي المسؤولة عن كل تصرفات الإنسان من حزن وفرح وهدوء وعصبية، وهذه النواقل العصبية ذات حجم ثابت، فعندما يتعصب الإنسان أو يتضايق يرتفع لديه موصل عصبي يدعى النورادرنالين وهو قابض للأوعية الدموية، مما يؤدي إلى الشعور بالصداع وزغللة في العين وجفاف في الفم وشعور باختناق وعدم القدرة على التنفس، وألم في المعدة لزيادة الافرازات المعدية، وكذلك انقباض في عضلات القولون، مما يترتب على ذلك تقليل الأجسام المضادة وكورات الدم البيضاء فتقل مقاومة، وعندما يزيد الأدرنالين يقل في المقابل هرمونات السيروتونين والدوبانين المسئولين عن شعور الإنسان بالسعادة، وبالتالي أي ميكروب يستطيع أن يؤثر على الجسد، وأوضح “فرويز” أن الأم هي التي تستطيع تهدئة أبنائها والتقليل ذعرهم، وهذا لا يعني أخذ الأمور بلا بمبالاة بل بهدوء وأخذ الاحتياطات الاحترازية لحماية الأبناء والأسرة كلها بشكل عام .
“تسجيلات مزيفة”
قال وليد حجاج خبير أمن معلومات، للأسف لا نستطيع وضع قواعد معينة لحسم مشكلة التفرقة بين التسجيلات الصوتية الحقيقية والتسجيلات الصوتية المزيفة، فلا يوجد معيار واحد صريح وحقيقي وفى أغلب الأحيان وتصل إلى 90% تكون مزيفة والغرض أما شخصي، اثارة بلبلة أو ضرب سمعة منتج لتسويق منتج أخر، كما تقوم جماعة الإخوان بنشر الشائعات المغرضة بشكل غير مباشر.
وأكد خبير أمن المعلومات، علينا أن نبتعد عن سماع مثل هذه التسجيلات وعدم مشاركتها مع الأصدقاء والعائلة، حتى نعيق انتشارها وتختفي، وفى نفس الوقت علينا تلقى المعلومات الصحيحة من مصادرها المسؤولة والمعروفة، أو من خلال المتخصصين ولكن عن طريق الفيديوهات حتى يكون ظاهر الشخص بعينه مما يؤكد شخصه وصحة كلامه.
“النيابة العامة تتصدى للشائعات”
أكدت النيابة العامة أنها ستتصدى لنشر الشائعات والبيانات والأخبار الكاذبة حول فيروس كورونا المستجد، التزاما بأداء دورها وإعمالا لنصوص القانون، وذكرت النيابة في بيان لها، أنه إزاء المتداول في الأيام المنصرمة حول فيروس “كورونا” الـمُستَجَد وآثاره، وما استتبع ذلك من إجراءات اتخذتها مؤسسات الدولة وقايةً منه ونشراً للتوعية من أضراره، وبياناً لكيفية مكافحته واتقائه صونا للأنفس والأموال، وما عرض على النيابة العامة من متهمين بجريمة نشر أخبار كاذبة حول هذا الفيروس.
وأضافت النيابة أنها تتابع عن كثب كل ما يتم نشره من أنباء في هذا الخصوص وخاصة المتداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يُنشَرُ بعضها دون الاستيثاق من صحتها، وما يحمله ذلك من خطورة؛ إذ يكدر الأمن والسلم العام، وناشدت النيابة العامة المجتمع بأسره توخي الدقة في المتداول من أخبار وبيانات، وتَبَيُّن صحتها من مصادرها الرسمية، وعدم الانسياق وراء الشائعات والأخبار والبيانات الكاذبة أو نشرها وإعادة تداولها والتي تلحق الضرر بالمصلحة العامة، والتحلي بروح الوعي والمسؤولية قياما بالدور المطلوب منهم في هذه المرحلة.
وستطبق النيابة نصوص مواد قانون العقوبات 80(د)، و102 مكرر، و188 من قانون العقوبات والتي تعاقب مُخالِفَها بالحبس وبغرامة تصل إلى عشرين ألف جنيه، إذ لن تتوانى النيابة العامة في تطبيق القانون؛ ردعا لكل مخالف، وحفاظا على المجتمع من مَغَبَّةِ ذلك الُجرم وما يتبعه من آثار سلبية تطال جموع الشعب.
وفى بيان تكميلي أصدرته النيابة العامة، بيانًا بشأن ترويج الشائعات حول فيروس «كورونا» المستجد، جاء فيه: «إننا نُنوِّه بأنه في حالة إنشاء أو إدارة أو استخدام أي من المواقع أو الحسابات الخاصة على الشبكة المعلوماتية لنشر وترويج تلك الأخبار والبيانات والإشاعات الكاذبة أو تسهيل ذلك فإن العقوبة تصل إلى الحبس الذي لا يقل عن سنتين والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد عن ثلاثمائة ألف جنيه؛ إعمالاً لنص المادة ٢٧ من القانون رقم ١٧٥ لسنة ٢٠١٨ في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، فضلاً عن العقوبات التبعية من مصادرة الأدوات والآلات والمعدات والأجهزة المُستخدَمة في ارتكاب الجريمة؛ إعمالاً لنص المادة ٣٨ من القانون المُشار إليه، وإذا ثبت وقوع ذلك بغرض الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر أو الإضرار بالأمن القومي للبلاد أو بمركزها الاقتصادي أو منْع أو عرقلة ممارسة السلطات العامة لأعمالها أو تعطيل أحكام الدستور أو القوانين أو اللوائح أو الإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي؛ فإن العقوبة تكون السجن المشدد؛ إعمالاً لنص المادة ٣٤ من القانون المُشار إليه».
وتهيب النيابة العامة بالمواطنين عدم الالتفات لأي أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة والالتفاف حول مؤسسات الوطن في ظل ما يَمرُّ به من ظروف راهنة لِمَا فيه صالح البلاد والعباد».