كلمة الوعي هى ببساطة كلمة تعبر عن حالة عقلية بحيث يكون فيها العقل بحالة ادراك وعلى تواصل مباشر مع محيطه الخارجي، ومن هنا نستطيع القول أن المصرى القديم كان على قدر كبير من الوعى فى مجالات النظافة والصحة والهندسة والعلم وانه سخر كل حواسه الخمسة لتطوير مهاراته والارتقاء بشأنه مع شغفه المستمر بالمعرفة
النظافة:
كانت النظافة من اهم الأمور التى أهتم بها المصرى القديم وحرص على ممارستها كأحد الضرويات الأساسية فى حياته اليومية وخاصة ما تعلق بالعناية بنظافة جسده ومسكنه وملبسه فكانت النظافة عنده كما ذكر هيرودت عقيدة وشرط أساسي لدخول الأماكن المقدسة ويتضح ذلك من خلال النقوش على جدران المعابد والتى صورت المصرى القديم وهو يغسل يديه قبل تناول الوجبات كما هناك العديد من الصور والنقوش تدل على حلاقة المصريين لشعر الرأس واللحية وكان ذلك الأمر وقاية من الحشرات التى يمكن ان تنقل الامراض وكانوا يتخلون عن تلك العادة فقط فى حالات الحداد وذلك وفقا لما كتبته الدكتورة ايمان احمد ابو بكر فى كتابها ( النظافة فى الحياة اليومية عند المصريين القدماء)
وخوفا من الحشرات أيضا عرف المصرى القديم الزيوت العطرية والتى اختلفت نوعيتها باختلاف مستوى الافراد المادى .
كما حرص المصرى القديم على غسل الفم باستمرار بالنيترون وقص أظافر اليدين والقدمين، كما صنع أدوات المائدة من الفخار لحفظ الماء او البيرة وبعدها صنع الصحون والقلل .
أما عن أمشاط الشعر فصنعت فى البداية من العاج وسن الفيل والعظم ثم الأخشاب، واستعملت الأمشاط ذات الأسنان الغليظة للتمشيط أما الدقيقة فكانت لتنظيف الشعر من الحشرات
كما شاع استخدام المكانس فى مصر منذ اقدم العصور وكانت تستخدم لنظافة أرضيات البيوت وفى الطقوس الدينية أستخدمت لطرد الأرواح الشريرة وكانت تصنع من الألياف النباتية.
وأخيرا زودت المنازل فى مصر القديمة بالمراحيض وهو ما آثار دهشة هيرودت أن المصريين القدماء ابتكروا المرحاض الصحى ونجحوا فى التخلص من الفضلات بتجفيفها فى الرمال وهو اجراء صحى لأن الجفاف عامل مهم فى قتل الجراثيم ومنع التعفن .
الطب:
عرف العالم قيمة الطبيب المصري الرائد، فعندما جاء الإغريق إلى مصر مع دخول الإسكندر الأكبر ارتفعت مكانة إمحوتب، وقال عنه الإغريق إنه «إله الطب» ونحتوا صورته على جدران المعابد..
ومن الأخلاقيات الجميلة التي نشرها إمحوتب : أن الطبيب في مصر القديمة كان يتبرع بجزء من أتعابه لتطوير مدرسة الطب التي يعمل فيها، وكان يطلق عليها بيت الحياة.
وتقول الدكتورة ميرفت عبد الناصر الباحثة في علم المصريات، أن الأطباء المصريين القدماء عرفوا كل التخصصات الطبية، فقال المؤرخ هيرودوت إنه رأى في مصر أطباء للعيون والعظام والأمراض الباطنية، وأمراض النساء والتوليد وتخصصات أخرى.. وهذا يدل على مدى تقدم علم الطب في مصر القديمة.
وتضيف: «لا شك أن علم التحنيط ساعد مصر كثيراً على التفوق في علوم الجراحة، فمن خلال التحنيط عرف المصري القديم كيف يصل إلى المخ عن طريق الأنف، وهذه طريقة متقدمة جداً ما زالت تمارس حتى الآن».
وحفظت لنا النقوش على جدران المعابد طريقة علاج المرضى في الحضارة المصرية القديمة، ومنها النقوش الموجودة على جدران معبد كوم أمبو، والتي تدل بوضوح على معرفة المصريين للآلات الجراحية المختلفة. ومن أكثر فروع علم الجراحة التي برع فيها المصريون كانت جراحة العظام، خصوصاً الجراحة التي كانت تجرى على جمجمة الإنسان، وغالبا ما تأتي الخبرة بهذا النوع من الكسور وغيرها من الحروب.
وعرف الجراحون المصريون القدماء كيفية خياطة الجرح، واستخدموا أوراق شجرة الصفصاف في تخفيف الآلام، فهي تحتوي على المادة الفعالة في صناعة الإسبرين، كما برع المصريون القدماء في جراحة النساء والتوليد وجراحة العيون وغيرها.
البرديات وعلاج الامراض
وحفظ لنا التاريخ مجموعة من البرديات الطبية العالمية منها «بردية كاهون» وهي أقدم البرديات الطبية، وتحتوي على معلومات كثيرة ومهمة في طب النساء والتوليد، وهناك أيضا بردية إدوين سميث، التي فيها ذكر علاج المخ وهي الأولى من نوعها
ومن أهم البرديات ايضا بردية تسمي ايبر. ويعود تاريخها لعام ١٥٠٠ ق.م وهى أضخم ملف طبي عثر عليه وتحتوي علي وصف لحوالي ٨٧٠ مرض من بينها أمراض الأسنان والعيون والجلد والعظام،وأمراض النساء وأمراض القلب والشرايين،وكيفية التخلص من سم عضة الأفعى وحمى النفاس.
ويوجد أيضا بردية (برلين) والتي إكتشفت في مدينة (ممفيس) بالقرب من سقارة ويعود تاريخها لعام ١٣٠٠ ق.م.وتتكون من٢١ صحيفة فيها ١٧٠ بطاقة طبية تتضمن مختلف الأمراض وعلاجاتها وتركيب العقاقير اللازمة لهذه الأمراض.
وأيضا بردية (كارلرزبرغ) وتعود إلى عام ١٢٠٠ ق.م، وهي برديّة متخصصة في طب العيون.
وتعتبر بردية (ليدن) من أهم البرديات التي تعود إلي أجدادنا الفراعنة وتضم نصائح ووسائل طبية وقواعد صحية للوقاية من الأمراض المعدية،وكيفية منع إنتشارها.