شارك المركز المصرى للدراسات الاقتصادية، اليوم الثلاثاء، في ويبينار عبر الإنترنت مع المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية IFPRI، لعرض نتائج الدراسة التي أعدها المعهد الدولى حول تأثير فيروس كوفيد 19 على الاقتصاد والأسر في مصر، بالاستعانة بسلسلة التقارير التحليلية التي أعدها المركز المصرى بعنوان ” رأى في أزمة ” لدراسة تداعيات الفيروس على القطاعات المختلفة، وبالتعاون مع وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية.
وقال كليمنس برايسنجر، مدير البرنامج القُطري للمعهد الدولى لبحوث السياسات الغذائية IFPRI في مصر، إن المعهد بدأ سلسلة من الدراسات لقياس تأثير أزمة كوفيد 19 على العديد من دول العالم، ومنها مصر، من خلال نماذج رياضية التنبؤ بتأثير الأزمة على الناتج المحلي والقطاعات المختلفة، والمستهلك، مشيدًا بأهمية التعاون بين الجهات البحثية ومراكز الفكر، وهو ما تمثل في الإستعانة بالتحليلات التي أعدها المركز المصرى للدراسات الاقتصادية لقياس تأثير الأزمة، وأيضاً التعاون مع الحكومة المصرية ممثلة في وزارة التخطيط ،وأشار “كليمنس” إلى استمرار المعهد، بدعم من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، في دعم العمل التحليلي لتقييم سيناريوهات التعافي البديلة.
وعرضت مريم رؤوف، باحث مشارك أول بالمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، أهم نتائج الدراسة التي سيتم نشرها لاحقًا، والتي تتوقع تراجعاً بنسبة -1.1% في الناتج المحلي الإجمالي المصري خلال الربع الرابع ” أبريل – يونيو” من العام المالي الحالي 2019/ 2020، لافتة إلى أنه بدون حزمة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة كان الناتج المحلى الإجمالى سيتراجع بنسبة -8.7% ، وقدرت الدراسة معدل النمو السنوي المتوقع خلال السنة المالية بنحو 3.8% .
وأشارت الدراسة إلى أن خسائر الناتج المحلي الإجمالي تأتى نتيجة تراجع الخدمات والقطاعات الصناعية والمتوقع أن تشهد انكماشًا قدره 10.9% و8.9% ” بتكلفة عوامل الإنتاج ” على التوالي، ومن المتوقع أن تتوسع قطاعات أخرى مثل تكنولوجيا المعلومات والإتصالات، والخدمات الصحية والماشية.
وقدرت الدراسة الخسائر الضخمة التي تواجهها الأسر في دخولها بنسبة -7.5% (الخسائر أقل بالنسبة للأسر الريفية نظرًا لإعفاء الزراعة وتجارة الأغذية )، كما تواجه الأسر مرتفعة الدخل خسائر ضخمة في دخولها، إلا أن الفقراء يُعانون بدرجة أكبر من الأزمة.
وأظهرت النتائج أهمية الاستمرار في إعادة فتح الاقتصاد بالكامل مرة أخرى بشكل تدريجى لتجنب خسائر الوظائف الدائمة وزيادة الفقر، وهو ما يوفر فرصًا للتحول الاقتصادي المستدام، ودعت الدراسة لتعاون الحكومة عن قرب مع القطاع الخاص والعمل على تحسين مناخ الأعمال والاستمرار في تنفيذ إصلاحات جدية للقضاء على أوجه الضعف المؤسسي حتى يتحقق النجاح والاستدامة بعد كوفيد 19 والتحول الاقتصادي المنشود.
ومن جانبها عرضت الدكتورة عبلة عبد اللطيف، المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية، جهود المركز في دراسة تأثير الأزمة على القطاعات المختلفة، وهو ما تجلى في سلسلة تقارير تحليلية بعنوان ” رأى في أزمة “، على مدار الثلاثة أشهر الماضية ، لدعم الحكومة في اتخاذ الإجراءات والتدخلات المطلوبة لتخفيف حدة التداعيات الاقتصادية للأزمة كوفيد 19، مشيرة إلى استخدام نتائج هذه التقارير في التوصل إلى نماذج رياضية للتنبؤ بتأثير الأزمة على الناتج المحلي والقطاعات المختلفة والمستهلك، في الدراسة التي أعدها المعهد، وهو أمر يدعم تعاون مراكز الفكر المختلفة.
وشددت “عبد اللطيف” إلى أن الأزمة كشفت أوجه الضعف بوضوح، فلا يجب استمرار اعتماد الاقتصاد المصرى على القطاعات الريعية فقط كالسياحة، ولكن لا بد من الاهتمام بالقطاعات الإنتاجية والتنمية البشرية بدعم قطاعات التعليم والصحة، مؤكدة على ضرورة الإسراع بتنفيذ الإصلاحات الهيكلية والمؤسسية والتي لم تعد رفاهية ولكنها ضرورة ملحة لتحسين كفاءة الاقتصاد.
وقالت “عبد اللطيف” إن برنامج الإصلاح الاقتصادى حقق نجاحًا هامًا، ولكن تم تنفيذ الجانب المالى منه فقط، مما كان سببًا في عدم انعكاسها إيجابًا على معدلات الفقر، لافتة إلى ضرورة استكمال الإصلاح على جانب الاقتصاد الحقيقى لتحقيق العدالة الاجتماعية والتخلص من الفقر.
ومن جانبه أشار الدكتور أحمد كمالى، نائب وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، إلى أن النماذج الرياضية التي يتم بها التنبؤ بالتوقعات الاقتصادية تعطي نتائج مختلفة، ولكن يجب الإستمرار فيها والتعامل معها بحذر، والتعاون مع الجهات المختلفة للوصول إلى نماذج رياضية تحقق أكبر قدر من الدقة في التنبؤ بالتوقعات.
وأضاف “كمالى” أن الحكومة اتخذت عددا من الإجراءات الاستباقية لمواجهة الأزمة وتخفيف تداعياتها سواء على القطاعات الاقتصادية الأكثر تأثرا، أو الفئات الأشد تأثرا كالعمالة غير المنتظمة، ولم تتجه إلى الغلق الكامل للنشاط الاقتصادى، بل لجأت إلى الغلق الجزئي والسماح باستمرار النشاط الاقتصادي بصورة أكثر بطئا مع اتخاذ التدابير اللازمة.
وحول توقعات الحكومة لنمو الناتج المحلي الإجمالي خلال السنة المالية الحالية، أوضح كمالى أنه من المتوقع تحقيق نمو بنسبة 3.3% في 2019/2020، وتراجع النمو إلى ما بين 1.93% – 2.59% في 2020/2021، حسب تدخل الحكومة باتخاذ التدابير المطلوبة.
ومن جانبه أشاد المهندس طارق توفيق، نائب رئيس المركز المصرى للدراسات الاقتصادية، ونائب رئيس اتحاد الصناعات المصرية، بالإجراءات التي اتخذتها الحكومة لمواجهة الأزمة، مطالبًا بمزيد من مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد المصرى، وإعادة النظر في دور الدولة.