منذ فترة ليست ببعيدة دخل فيروس كورونا مصر ولم نكن ندرك خطورته في البداية خاصة أنه كان يسجل أرقاما بسيطة أذهلت الجميع لدرجة أن الاجتهادات الفكرية وقتها وصلت إلي أن قلة الأعداد ترجع لجينات دول الشرق الأوسط والبعض الآخر تفتق ذهنه ليؤكد أننا لن نصل للذروة بسبب تطعيم الدرن خاصة مع الذين ترك علامة واضحة علي أجسادهم.. وهرعت بعدها منظمة الصحة العالمية لتصرح في أواخر شهر أبريل أن تطعيم الدرن لا يقي من الإصابة بفيروس كورونا المستجد.
في غمرة هذه الأحداث كنا نري شعوبا تتساقط بالآلاف من جراء إصابتها بكورونا ولم نع أن الدور قادم علينا وشاهدنا بيوريس جونسون رئيس وزراء بريطانيا وتصريحا مرعبا له يقول: استعدوا لفقد احبائكم ـ وبدأت دائرة الإصابات بكورونا تتسع وتنال من أحبائنا وأصبحت مواقع السوشيال ميديا عبارة عن اصدقاء لنا تمت اصابتهم أو أصدقاء وأقارب فقدناهم.. وهنا تذكرت جملة ـ استعدوا لفقد أحبائكم.
وأتعجب لماذا لا نستعد للتمسك باحبائنا والسؤال عنهم ومحاولة وصل الود الذي فقدناه بسبب التكنولوجيا التي جعلت التواصل عن طريق جهاز صغير في أيدينا أصبح هو كل شيء بالنسبة لنا سواء لمتابعة العمل من خلاله أو من أجل معرفة ما يدور حولنا في العالم إلي حد التحكم في العلاقات الإنسانية فأصبحت من خلاله وكأننا في عزلة اخترناها لأنفسنا ما دمنا نحمل أهم شيء بالنسبة لنا وهو الهاتف المحمول.. واشتدت شراسة كورونا لتفرض علينا مزيدا من العزلة وتكشف لنا أن المعني الحقيقي للحياة بالتواصل المباشر والالتصاق بأحبابنا وعدم فراقهم..
تذكرت كلمات الشاعر الراحل سيد مرسي ـ احضنوا الأيام لتجري من إيدينا ـ وأدركت أننا نحزن علي ماض فقدنا فيه أحباءنا ونندم لفوات فرصة التعبير عن حبنا لهم ونتمسك بذكريات قديمة وننسي أن لنا أحباء علي قيد الحياة يستحقون الاهتمام والحرص علي الاستمتاع بكل دقيقة معهم لنصنع ذكريات جديدة جميلة إذا شاءت الأقدار الفراق عنهم.. لا تستعدوا لفقد أحبائكم بل استعدوا لتعويضهم ولو لأيام عن سنوات كنا فيها مغيبين عن قيمة الحياة.