قرأت مقالاً أعجبني، وشجعني وسط هذه الظروف الصعبة التي نحياها جميعًا، وقررت أن أشارككم به هذا الأسبوع، لعله يبعث بعض الرجاء والطمأنينة في قلوبكم. المقال كتبه چيم دالي، الرئيس الحالي لمؤسسة Focus on the Family العالمية.
“في أوقات الأزمات الكبيرة، من الطبيعي والعادي أن يطرح البعضبل ويصارعوا مع العديد من التساؤلات.
مؤخرًا، سُئلت كيف يسمح الله كلي القدرة لـﭬيروس الكورونا أن يسببمثل هذا الدمار والخراب في كل أنحاء العالم؟! لقد حصد هذا الداء حياة الآلاف، وحطم حياة مئات الألوف. والكثير من الناس يريدون أن يعرفوا لماذا لا يوقفه الله -وأين هو وسط هذه الجائحة العالمية؟
أظن أن مثل هذه الأسئلة اللاهوتية تُطرح منذ بداية الزمان.. فقد أصابت البشرية عبر القرون العديد من المآسي غير المفهومة، والمعاناة التي لا توصف، والظروف التي لا يدركها عقل، من كل الأنواع. في الواقع، فقط في السنوات الأخيرة تمتَّع عالمنا بشكل نسبي من السلام والرخاء.
فقط ألقِ نظرة خاطفة على كتب التاريخ، وسريعًا ما ستكتشف أنه بقدر صعوبة وفداحة ما تبدو عليه الأمور اليوم، فقد واجه العالم الأسوأ جدًا من هذا في الماضي.
إحدى الجائحات الأكثر فتكًا حدثت ما بين عامي ٢٤٩ و٢٦٢ ميلادية، حيث مات ما يقرب من ٥٠٠٠ شخص في روما – يوميًا. وقتها، بينما كان العديد يركزون على إنقاذ أنفسهم فقط، المسيحيون المؤمنون هم مَنْ استمروا وخدموا أولئك الذين يعانون.
في القرن السابع عشر، كان هناك قس لوثري ألماني الجنسية اسمه «مارتن رينكارت».. وقد وجد نفسه يخدم وسط مجاعة ومرض مرعبين. في لحظة ما، كان هو القس الوحيد المتواجد في مدينته، وأقام ما يقرب من ٥٠ جنازة في يوم واحد. ومع ذلك، لما كان العالم ليذكر «رينكارت» إن لم يكتب ترنيمته الشهيرة «Nun danket alle Gott»، أو: «والآن لنشكر إلهنا كلنا». والذي يقول في بدايتها:
«والآن لنشكر إلهنا كلنا
بالقلب والأيدي والأصوات،
الذي يصنع العجائب
وفيه العالم يبتهج،
ومنذ حملتنا أذرع الأمهات
باركنا وبارك حياتنا
بعطايا حب لا تُعدّ،
وهو لايزال معنا ولنا اليوم.»
كمسيحي مؤمن، أؤمن أن الله موجود وسط كل شيء -الخير والشر..ونعم، حتى مع ﭬيروس كورونا. كإله ضابط الكل، إنه يظل ممسكًا بزمام الأمور كاملاً. ولكي أوضح.. لا يأتي أي شر من الله -لكن لا يحدث أي شر بدون إذنه.
بالرغم من كل المعاناة والاضطراب، الله موجود -لأنه في كل مكان. الله حاليًا موجود في كل مستشفى، يدعم الأطباء وأطقم التمريض ومَنْ يقدمون الخدمات الطبية بينما يعالجون المرضى، ويساندون مَنْ هم على فراش الموت. الله يعمل من خلال تجاوب الحكومات مع هذه الأزمة، مانحًا الرؤساء والمسؤولين الحكمة والإرشاد بينما يخططون ويدبرون مقاومتهم و معركتهم ضد هذا الميكروب القاتل.
إذا نظرت إلى الجهود الإنسانية الهائلة التي تُبذل في كل العالم، سترى الله -كثيرًا في صورة خدامه المخلصين- وسط كل التبرعات، والجهود المبذولة، ومَنْ يتطوعون للخدمة، وغيرها كثيرًا.
لقد حاول الكاتب الإنجليزي «سي. إس. لويس» في العديد من كتاباته أن يتناول المشكلة المحيرة لاهوتيًا وفلسفيًا لدور الله في وقت المعاناة، وبصفة خاصة في كتابه «مشكلة الألم». ولكنه طرح السؤال بطريقة مختلفة إلى حد ما، عندما قال بشكل بلاغي: “المشكلة الحقيقية ليست هي لماذا يعاني بعض الأشخاص الأتقياء المتواضعين والمؤمنين، ولكن لماذا لا يعاني البعض!”
الإجابة على هذا السؤال سهلة: “لا أعلم!” لكني أعلم يقينًا أن المعاناة تشبه التمارين الرياضية- إما أنها تجعلنا أكثر ضعفًا أو أكثر قوة.. إنها لا تتركنا كما نحن. عندما تمر أزمة ﭬيروس كوڤيد-١٩ -وسوف تمر، سيكون السؤال: هل نحن أقوى أم أضعف بعد اجتيازنا لها؟
بالمناسبة، فيما يتعلق بترنيمة مارتن رينكارت الشهيرة، والتي تمتلئبروح الامتنان والشكر.. لقد كُتبت في خضم الطاعون الهائل الذي أصابه هو وأهل بلدته، لتؤكد مرة أخرى على أن الصراع والمعاناة يمكن أن يطرحانا أرضًا، لكن الله سيكون دائمًا متاحًا ليرفعنا في كل مرة نلتفت إليه، سواء في هذه الحياة أو الحياة الآتية.”