أنطون سيدهم .. ومشوار وطني
أنطون سيدهم .. والقضايا الاقتصادية
تطلع علينا الجرائد يوميا بأخبار اجتماعات تعقد مناقشات تجري لتيسير الحصول علي الدولار.. والمحافظة علي أسعاره في مستوي معقول بعيدا عن السوق السوداء كما يسميها البعض أو السوق الحرة كما يطلق عليها البعض الآخر, وآخر ما وصل إلينا من بيانات أن الحكومة ستبيع الدولار بسعر 127قرشا للمستوردين وبالتالي سوف تشتري الدولار من المصريين وغير المصريين بالسعر الواقعي.
وصف رئيس تحرير -وطني- ذلك في العدد الماضي بأنه الخطوة الصحيحة التي كان يجب علينا أن نبدأ بها كعلاج لمشاكل سعر الصرف في مصر, وأنا أعارض سيادته في هذا الرأي فليس هذا الحل هو الخطوة الصحيحة, ولا هو علاج لمشاكل سعر الصرف, لأن السوق السوداء أو السوق الحرة ستبقي ولن تختفي.. مادام هناك من يرغب في الحصول علي الدولارات.
إذن فالسوق الحرة ستبقي ما بقي هذا النظام العقيم والمعقد, وسيستمر ارتفاع سعر الدولار بحيث يزيد علي سعر بيعه للبنوك بما يتجاوز 20% علي الأقل.
الحل الوحيد هو تعويم الجنيه المصري -بمعني أن يصبح تداول وبيع الدولار حرا وبأسعار يحددها العرض والطلب, قد يعارض في ذلك البعض بأن هذا سيؤدي إلي تدهور سعر الجنيه المصري ويتوقعون أن يصل سعر الدولار إلي جنيهين مصريين.. والحل لهذه المشكلة أن يقف البنك المركزي بالمرصاد, فعندما يجد أن أسعار الدولار في طريقها إلي الارتفاع عليه أن يطلق في السوق كميات من الدولارات للمحافظة علي سعر الجنيه من الانهيار, وعندما يجد أن سعر الدولار في هبوط له أن يشتري من السوق الكميات التي يري أن شراءها سيحافظ علي سعر الدولار, أي أن علي البنك المركزي موازنة العرض والطلب.. والمحافظة علي سعر معقول للدولار.
قد يقول قائل: ومن أين سيأتي البنك المركزي بالكميات اللازمة من الدولارات للمحافظة علي الأسعار متوازنة, وهنا أمام البنك المركزي أن يقوم بإصدار سندات بالدولار معفاة من جميع الضرائب بما فيها ضريبة الشركات, وبسعر فائدة يزيد علي الفائدة العالمية بنسبة 1.5%, أي بسعر فائدة 11%, إنني أعتقد أنه يمكن تغطية سندات بالدولارات بهذه الشروط بما قيمته مليار دولار في أقصر وقت -وليس أدل علي ذلك من أن الدفعة من سندات التنمية (بالدولارات) التي كان موعد استهلاكها محددا في يناير وفبراير 1985 وسعر فائدتها 8%, قد أعلنت الحكومة عن إمكانية مد مدة هذه السندات 5 سنوات أخري وبقائدة 9.5%, مع حرية الاختيار لحاملي هذه السندات, فبمجرد ظهور هذا الإعلان, سارع حملة هذه السندات إلي إبلاغ البنوك برغبتهم في تجديد مدة هذه الصكوك.
يا سادة.. لا تضحكوا علي أنفسكم, ولا تحرثوا البحر فإنه لا حل لمشكلة الدولار والقضاء علي السوق السوداء إلا بتعويم الجنيه المصري.