المحلات فارغة.. المطاعم مغلقة.. والفعاليات أُلغيت.. حتى الكنيسة أغلقت أبوابها.. ربما تعمل من البيت، وحتى إن لم تكن مريضًا، أو تخضع رسميًا للحجر الصحي، فأنت تقضي وقتًا طويلاً في البيت مع شريك حياتك. هل سيمتلئ هذا الوقت بالإحباط والتوتر، أم ستستخدم هذا الوقت لتقوية حياتك الزوجية؟
يقول دكتور جريج سمالي، نائب الرئيس لقسم الزواج بمؤسسة Focus on the Family: ”ستزعجان أحدكما الآخر؛ لذا قدما قدرًاهائلاً من النعمة، واسألا أنفسكما كثيرًا هل الموضوع يستحق أم لا يستحق!“ يجب أن تكون قادرًا على أن تتغاضى عن الأمور المزعجة البسيطة، لكن اهتم بمعالجة القضايا المهمة حتى لا تتسرب وتتراكم مشاعر الاستياء داخلكما. فيما يلي بعض الخطوط الاسترشادية لتحقيق أكثر تجربة إيجابية، بالرغم من الموقف المتأزم.
ابدأ بالكلمة المقدسة.. كلنا نعيش مع ما يحدث أثناء أزمة الكورونا: الأمور الصحية، والمالية، وقضاء وقت طويل مع شريك الحياة والأطفال، وأحيانًا نفاذ الاحتياجات الضرورية، وكثيرًا نفاذ الطاقة والهدوء الداخلي.. لكن «من منكم إذا اهتم يقدر أن يزيد على قامتهذراعًا واحدةً؟» (لوقا ١٢: ٢٥)، أو يزيد ساعة واحدة على عمره.
من المؤكد أن كثيرين سيختبرون مواقف عصيبة مثل المرض، أو الحزن، أو الاضطراب.. إلا أن الامتنان أثناء الأزمة ليس استجابة طبيعية لمعظم الناس، بينما الكتاب المقدس يمتلئ بالوصايا المتعلقة بالشكر. تقول رسالة تسالونيكي الأولى: «اشكروا في كل شيء» (١تس ٥: ١٨)، وتقول رسالة فيلبي:«لا تهتموا بشيء، بل في كلشيء بالصلاة والدعاء مع الشكر، لتعلم طلباتكم لدى الله» (في ٤: ٦). حتى تحافظ على نظرة إيجابية للأمور، فإن أفضل الخيارات المتاحة لك هي الصلاة والشكر.
التواصل مع شريك حياتك شيء جيد في أي وقت، لكن في الأزمات يصبح أمرًا ضروريًا لا غنى عنه. فيما يلي بعض الأسئلة التي يمكنك أن تسألها لشريك حياتك بينما تقضيان أوقاتًا طويلة معًا:
• ما هي أكثر مخاوفك تجاه الأزمة؟
• إذا كان لديك تحفظات حول بقائنا لوقت طويل معًا، كيف يمكننا إتاحة مساحة خاصة كافية لأحدنا الآخر، وفي نفس الوقت نظل نعمل معًا كفريق خلال هذا الوقت العصيب؟
• كم من الوقت تريد أن تبقى بمفردك كل يوم، وكيف تريد أن يكون هذا الوقت؟
• ماذا تود أن نفعله سويًا؟
• ما هي توقعاتك للأوقات التي سنعمل فيها من البيت؟
• كيف يمكننا استخدام هذا الوقت لتعميق حياتنا الزوجية؟
• كيف يمكننا استخدام هذا الوقت للاقتراب أكثر من الله؟
بالإضافة إلى هذه الأسئلة، تحدث عن الأمور التي تجعلك تشعر بأنك محبوب. ليكمل كل منكما العبارة التالية: “أنا أشعر أنني محبوب عندما…”
بينما تناقشان هذه الأسئلة، ضع في ذهنك أن بعض الأشخاص يحتاجون للمزيد من المساحة والوقت مقارنة بآخرين. اكتشف كيف يبدو هذا الوقت لكل منكما، بينما ترتب في جدولك أوقاتًا للتمارين الرياضية، ومشاهدة التليفزيون، وممارسة الهوايات، احرص أيضًا على الوقت المنفرد الذي يقضيه كل منكما بمعرفته.
المهام المنزلية الإضافية قد تمثل جزءًا من روتين العزل الذاتي، وتقسيم المهام بطريقة ترضي جميع الأطراف هو شيء هام جدًا. تحدَّث عن مَنْ سيقوم بالمهام المختلفة خلال هذه الفترة. وعندما تتغيّر الظروف، من الجيد مراجعة التوقعات بحيث يتم الاتفاق عليها.
لكن ليس عليكما أن تقسما كل المهام.. فإدارة المسؤوليات المطلوبة معًا يمكن أن يكون حلاً رائعًا أيضًا. استغلا الفرصة في العمل سويًا على المهام التي يفعلها أحدكما في المعتاد- وخاصة الطبخ؛ لأن الطبخ معًا يمكن أن يقربكما أكثر، ويجعلكما تشعران بالتواصل العميق كزوجين.
عندما تتواجدان معًا طوال ال٢٤ ساعة، يمكن لأحد الزوجين أن يفعل شيئًا بشكل مختلف عما تتم به الأمور في المعتاد؛ وهذا قد يولّد مشاجرات وإحباطًا للشريك الذي اعتاد على اتخاذ هذه القرارات. إن المفتاح الحقيقي هو التعبير بالكلام عن هذا التغيير، واكتشاف الحل الذي يبدو مناسبًا لكلا الزوجين. ركزا على العمل الجماعي والشراكة.
التغيير هو سمة كل الأشياء، ولكنه قد يولّد إحساسًا بالخسارة. أنت وشريك حياتك تختبران بعض الخسارات مثل الروتين المعتاد، السيطرة على الأمور (حتى وإن كانت وهمية)، الاستقلالية، والتفاعل الاجتماعي، والأكل خارج البيت، والرياضات، والأنشطة، والهوايات، والأمور المالية، والسفر، وغيرها. لذلك قد يشعر شريك حياتك بما هو أكثر من الإحباط والخوف والإجهاد.. ربما يشعر بالأسى بسبب التغيير. ولكي نساند أحدنا الآخر خلال هذا الوقت، تحتاج أولاً أن تفهم مشاعر شريك حياتك. على سبيل المثال، قد تسأله: ”ما هو أكثر شيء تفتقده أثناء هذه الأزمة؟“ القلوب تتآلف عندما تقضي وقتًا في الاعتناء والتعاطف تجاه مشاعر شريك حياتك في مواجهة التغيير والخسارة.
إذا استثمرتم هذا الوقت الزائد بشكل أفضل، ستخرجون من هذه الأزمة بحياة زوجية أكثر قوة وصحة؛ والابتعاد عن الأخبار والسوشيال ميديا قد يكون أفضل نقطة للبدء في هذا. هذا سيمنحك فرصة لفتح حوارات هادفة مع شريك حياتك بدلاً من الاكتفاء بتبادل المعلومات بينما تهرول من خبر لآخر.
تذكَّر أيضًا تلك الأمور المبهجة التي اعتدت على فعلها في بداية تعارفكما قبل الزواج. ربما يكون هذا الوقت مثاليًا للمشاركة في اللعب معًا، أو قد تخرجان معًا للتمشية في منطقة قريبة من المنزل لا تكون مزدحمة- إن أمكن ذلك. كذلك من أفضل الأشياء لتعميق التواصل في علاقتكما هو أن تحلما معًا وتخططا معًا لمستقبل مشرق. اقضيا معًا ١٠ دقائق على الأقل يوميًا في التركيز فقط على أمور حياتكماالداخلية (مثل المشاعر، المخاوف، الهواجس، الآمال، والاحتياجات)..هذا سيجعلك على دراية بما يدور داخل قلب شريك حياتك.
قد يكون هذا الوقت رائعًا أيضًا لاكتشاف أنشطة جديدة يمكنكمافعلها معًا، أو أمور روتينية جديدة تحبان أن تضيفاها إلى حياتكما. اخلقا جوًا من التقاليد المرحة أثناء أوقات الحظر في البيت.. العبا معًا، كونا پازل، شاهدا فيلمًا، اطبخا معًا، غيرا ترتيب الأثاث بالمنزل.
اقتربا أكثر إلى الله.. إذا كان لديكما أطفال في البيت، فهذا الوقت،مع تجنُّب الاتصال مع الناس من خارج عائلتكما، قد لا يكون وقتًا هادئًا. ومع ذلك، إذا كان لديكما وقت متاح بدون مقاطعة، فقد يسمح لك بدراسة الكتاب المقدس مع شريك حياتك. هذا سيكون مفيدًا بشكل شخصي إذا كان أحدكما أو كلاكما خائفًا من الأزمة.
ربما كنتما تصليان معًا قبل الذهاب إلى النوم كل ليلة، أو قبل المغادرة للعمل كل صباح. لكن مع تواجدكما في البيت لفترة أطول من الوقت، يمكنكما إضافة وقت آخر للصلاة كزوجين في أي وقت آخر من اليوم. جزء من هذا الوقت الخاص للصلاة يمكن تخصيصه للصلاة من أجل صحة العائلة والأصدقاء، والحكمة في تعاملهم مع معالجة الأزمة.
أي وقت متأزم يمكن أن يصبح فرصة رائعة لإظهار الحب والخدمة لشريك حياتك. يمكنك فعل هذا بالنعمة، والصبر، والتواصل المنفتحالمغلف بمحبة المسيح.
(مترجم بتصريح، ومنشور على موقعنا: FocusOnTheFamily.me)