لسنوات طويلة كان المعتقد السائد هو الربط بين الكرش (أو كما يطلق عليه علميا سمنة البطن) وبين الأغذية الدسمة والدهنية، أو بين الكرش وتناول السكريات والحلويات، ولكن الواقع الذي عاشه معظم المتخصصين في مجال التغذية كان مليئ بالألغاز، فالكرش عمليا لا يرتبط فقط بالغذاء. مرضى السمنة لديهم أنماط محيره ، واستجابة العديد منهم للنصائح الغذائية متفاوت، والعوامل المتسببة في حدوث السمنة وظهور الكرش متباينه جدا بين المرضى . ما يوضحه دكتور محمود سمير استشاري الروماتيزم والطب الطبيعي وعضو الجمعية الطبية لدراسة السمنة قائلا : مؤخرا أثبت الباحثون أن الأسباب الحقيقية للسمنة متداخلة مختلفة، ومتعددة، ولا تقتصر على الأسباب الغذائية فحسب، على سبيل المثال، التوتر والقلق المزمن، يمكن أن يؤدي إلى زيادة الوزن والكرش، كما وجد خبراء التغذية أيضا أن غالبًا ما ترتبط السمنة بمشكلات عاطفية، مثل الحزن والقلق والاكتئاب.
قد لا يلاحظ المريض ذلك في البداية .
ويؤكد دكتور محمود سمير استشارى الروماتيزم والطب الطبيعي وعضو الجمعية الطبية لدراسة السمنة على أن الجسم يستجيب للضغوط والتوتر من خلال زيادة مستويات هرمون الكورتيزون الذي تفرزه الغدد الكظرية إستجابة للتهديد والقلق، مما يتسبب فى زيادة الوزن، واحتباس السوائل فى الجسم، ومما زاد الأمر تعقيدا اكتشف العلماء أن الكورتيزون المرتفع يتسبب في تراكم الدهون بشكل مركز حول منطقة الوسط، كما أن الكورتيزون يعتبر أيضا منبه قوي للشهية، وهذا هو السبب الذي يجعل الكثير من الناس يستجيبون للضغوط النفسية والتوتر من خلال تناول الكثير الطعام، وكأنها آلية للتكيف من أجسامنا . وما هو أكثر من ذلك، أظهرت دراسة عرضتها مجلة Biological Psychiatry عام 2015 أن أجسامنا تحرق السعرات بشكل أبطأ تحت تأثير التوتر والضغوط، ووجدت الدراسة أن النساء المشاركات اللواتي أبلغن عن ضغوط أو تعرضن للتوتر خلال الـ 24 ساعة السابقة للفحص أحرقن 104 سعرات حرارية أقل من النساء الأخريات، كما كان لديهن مستويات أعلى من الأنسولين في الدم، وهو الهرمون المسئول عن تخزين الدهون، وخلص الباحثون إلى أن حرق 104 سعرات حرارية أقل يمكن أن يضيف أكثر من خمسة كيلوجرامات من الوزن فى السنة.
ويأتي الأكتئاب كسبب آخر من أسباب السمنة والكرش هذا ما يكشفه دكتور محمود سمير استشاري الروماتيزم والطب الطبيعي وعضو الجمعية الطبية لدراسة السمنة قائلا: من المفهوم جيدًا أن الاكتئاب قد يزيد من خطر الإصابة بالسمنة، والعكس صحيح، ووفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها Centers for Disease Control and Prevention (CDC) ، فإن 43% من المرضى الذين يعانون من الاكتئاب يعانون من السمنة المفرطة . كما وجدت دراسة نشرت فى مجلة JAMA عام 2010 أن 55% من الأشخاص الذين يعانون من السمنة لديهم عوامل مخاطر أكبر للإصابة بالاكتئاب على مدار حياتهم .
ويستطرد دكتور محمود سمير استشاري الروماتيزم والطب الطبيعي وعضو الجمعية الطبية لدراسة السمنة قائلا: قد يعاني الأشخاص المصابون بالاكتئاب أو القلق من زيادة الوزن أو فقدان الوزن بسبب حالتهم أو الأدوية التي تعالجهم، كما يمكن أن تؤدي بعض علاجات خفض الوزن إلى تقلبات عاطفية قد تؤدي إلى الاكتئاب أو تفاقمه، كما يسبب النظام الغذائي القاسي أو غير المتوازن للكثير من الضغوط لدى مرضى السمنة خاصة إذا فشلوا في تطبيق هذه الأنظمة الغذائية، لذلك أصبح علاج السمنة وضبط الوزن من التحديات الصحية و الغذائية العنيدة، و أصبح البحث عن السبب الحقيقي للسمنة والكرش هو الخطوة الأولى والأساسية للتشخيص والتعامل الصحيح مع المريض، وذلك من خلال فريق من الخبراء لإرشاد المريض وتشجيعه ومحاسبته والحصول له على خطة علاجية و غذائية تناسب حالته تماما .
ويفجر أبانوب ألبرت أخصائي التغذية العلاجية والإكلينيكية- جامعة ستانفورد مفاجأة قائلا: قد ‘لا’ يكون علاج “الكرش” هو منع السكريات أو منع الشوكولاته لذيذة الطعم كليا كما يعتقد أغلب الناس، إنما قد يكون علاج الكرش في إضافة بعض منها إلى البرنامج الغذائي !!! نعم كما قرأت، لأن كلمة السر يكمن في كلمتي ” الدوبامين و السيروتونين او ”هرمونات السعادة” ، أغلب الناس عند البدأ في عمل برنامج غذائي لفقد الوزن يلجأوا إلى الطرق التقليدية و هو منع كل ما يحبون في غذائهم اليومي اعتقاداً منهم أن ذلك الطعام هو الذي يجلب لهم كثيراً من الوزن الإضافي، وأنهم لن يتخلصوا من الدهون إلا بمنعهم السكريات و الشوكولاتة والدهون بشكل كامل و نهائي !! ودعني أخبرك أنه لا يوجد أي دراسة طبية توصي بالمنع الكامل كما يفعل البعض لفقد الوزن بل على العكس !! ، بعد فترة سريعة تحدث الانتكاسة بشعور غريب من الاكتئاب و الملل و أحياناً بعض مظاهر الإعياء، و من ثم أكل المزيد من السكريات والحلوى و الوجبات ذات الدهون المشبعة بشكل كبير ، و كسب وزن جديد وتتكرر القصة عدة مرات يليها عدة محاولات من الفشل، وقد يصل بعض الأشخاص إلى مرحلة الإحباط الكامل والاستسلام لفكرة أن فقد الوزن هو أمر مستحيل .
وعن الحل وطريق العلاج الصحيح، يقول أبانوب ألبرت أخصائي التغذية العلاجية و الإكلينيكية- جامعة ستانفورد : يجب أن تعرف في البداية طريقك الصحيح لفقد الوزن، وهو أن غذائك مؤثر مباشر على إفراز الهرمونات المختلفة، و بالتالي تؤثر على النشاط اليومي والطاقة والحالة المزاجية، “فإن لم تأكل ما تحبه، فلن تصل إلى الشكل الذي تحبه”، و من الأطعمة التي تؤثر على الحالة المزاجية بشكل جيد هي الشوكولاتة الداكنة، فإضافتها إلى غذائك اليومي خاصة قبل النوم سوف يشعرك بالكثير من السعادة لكن لا تتعدى أكثر من ٣٠ جرام يوميا أي مكعب متوسط الحجم/ اليوم، كما أن الموز يوجد به مادة التريبتوفان والتي تحفز من إفراز السيروتونين بالدم وتعطي شعور جيد بالارتياح والمذاج الجيد ومن المستحب إضافة موزة واحدة يوميا مع كوب زبادي خالي الدسم كوجبة خفيفة وسط اليوم .
ويضيف أبانوب ألبرت أخصائي التغذية العلاجية والإكلينيكية- جامعة ستانفورد قائلا: الاوميجا٣ من المواد القادرة بشكل جيد على تحسين الحالة المزاجية، وأيضا التقليل من الالتهابات في الجسم وتقليل الكوليسترول الضار، وفقد الوزن، وهي موجودة في الأسماك الدهنية خاصة سمك الماكريل والسردين والسالمون، و يفضل وضعها في البرنامج الغذائي من مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعيا، كما تمتاز أيضا المكسرات بوجود نسبة جيدة من الأوميجا ٣ ويفضل تناول قدر فنجان صغير منها ٢-٣ مرات أسبوعيا، كما أن فيتامين ب وحمض الفوليك لهم قدرة جيدة على تعديل المذاج ، غير أن لهم أهمية قوية على منع حدوث ألتهاب الأعصاب و من المهم توفير مصادر لهم عند البدأ في عمل برامج غذائية وهم متوفرين في اللحوم الحمراء واللحوم البيضاء وأغلب مصادر البروتين الحيواني من بيض ولبن و غيرهما.
و في النهاية ينصح أبانوب ألبرت أخصائي التغذية العلاجية والإكلينيكية- جامعة ستانفورد القارئ قائلا: يجب عليك معرفة، أن قرار فقد الوزن يجب أن يكون قرار متزن، لا تمنع ما تحبة نفسك من أطعمة، فالطعام متعة خلقت من الله لأجل أن يتمتع بها الإنسان، إنما أحرص أن تكون كميات الغذاء مناسبة ولا يوجد بها إفراط، حتى تعيش بصحة قوية وشكل مثالي .
الجدير بالذكر أن أبانوب ألبرت أخصائي التغذية العلاجية والإكلينيكية – جامعة ستانفورد، ومحاضر التغذية الإكلينيكية بالأكاديمية الدولية للإدارة العربية ومحاضر التغذية العلاجية والرياضية بشركة روتابيوچين الدوائية وشركة إيجي فارما، والدكتور محمود سمير إستشاري الروماتيزم والطب الطبيعي وعضو الجمعية الطبية لدراسة السمنة ومحاضر دولي في التغذية الإكلينيكية أطلقا مبادرة صحية تقع تحت عنوان “طبيب العائلة” وذلك تضامنا مع المبادرات الصحية العديدة التي أطلقها السيد عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية للإهتمام بصحة المصريين وإيمانا بأكإتجاة الدولة العام بملف الصحة، بل إهتمام العالم أجمع بملف الصحة بعد إجتياح الوباء العالمي ” فيروس كورونا ” هذا إلى جانب توعية الشعب المصري بل والعربي وكل من يقرأها، وذلك حتى يعود بالنفع على صحة العائلة بأكملها وخاصة الأبناء فهم أمل الغد، فإنطلاق أي دولة وقوتها يأتي من قوة شبابها فهم حماة الوطن .