لفترات طويلة كانت تصريحات و توصيات خبراء التغذية بخصوص تناول البروتينات (خاصة البروتين الحيواني) مثيرة للجدل، ومع تطور الدراسات والأبحاث العلمية اتفق جميع الأطباء والعلماء تقريبًا على أن البروتين مهم جداً لوظائف جسم الإنسان وصحة و تجديد خلايا الأنسجة المختلفة ، وأصبح لدى خبراء التغذية العديد من الأسباب المدعومة بالعلم التى تؤكد على أهمية تناول المزيد من البروتينات فى نظامنا الغذائي الصحى .
هذا ما يؤكده دكتور محمود سمير استشارى الروماتيزم والطب الطبيعى وعضو الجمعية الطبية لدراسة السمنة قائلاً : البروتين هو المكون الأساسى لبناء العضلات ، لذلك من المنطقى تناول كميات كافية من البروتين يُساعد في زيادة كتلة العضلات وقوتها ويعزز النمو العضلى عند ممارسة الرياضة .. كما يمكن أن يساعد الحفاظ على تناول كمية عالية من البروتين في منع فقدان العضلات أثناء فقدان الوزن وممارسة الريجيم .
وعن الإعتقاد السائد لعقود طويلة أن تناول البروتين (البروتين الحيواني بشكل رئيسي) له تأثير سيئ على قوة العظام ، يكشف دكتور محمود سمير عن أن معظم الدراسات طويلة المدى تشير إلى أن البروتين ، بما في ذلك البروتين الحيواني ، له فوائد كبيرة لصحة العظام .. ففى عام 2009 نشرت مجلة Journal of Bone and Mineral Research التابعة للجمعية الأمريكية لأبحاث العظام ، بحثاً علمياً اثبت أن الأشخاص الذين يتناولون المزيد من البروتين يميلون إلى الحفاظ على كتلة العظام بشكل أفضل خاصة مع تقدمهم في السن ، كما أن خطر الإصابة بهشاشة العظام والكسور يقل كثيرًا مع تناول كميات أعلى من البروتينات .كما تشير العديد من الدراسات إلى أن النظام الغذائي عالي البروتين له فوائد كبيرة لفقدان الوزن وتحسين معدلات التمثيل الغذائي .
ويوضح دكتور محمود سمير قائلاً : بشكل عام يُعتبر تناول الطعام من أهم محفزات عملية التمثيل الغذائي الخاص بالجسم ،ذلك لأن الجسم يستخدم السعرات الحرارية لهضم العناصر الغذائية الموجودة في الأطعمة والإستفادة منها ،هذا ما يعرف علميا بالتأثير الحراري للأغذية (TEF). ومع ذلك ، ليست كل الأطعمة متشابهة في هذا التأثير . في الواقع ، للبروتين تأثير حراري أعلى بكثير من الدهون أو الكربوهيدرات، ففي دراسة نشرتها مجلة British Journal of Nutrition فى عام 2010 .. أكدت النتائج ان المواظبة على نظام غذائى غنى بالبروتين يعمل على زيادة معدلات حرق الدهون ، وكان من المثير للإهتمام أيضا فى هذه الدراسة أن تناول البروتينات زاد من الشعور بالشبع وعدم الجوع . وهناك دراسة أجريت فى عام 2015 ونشرت فى مجلة American Journal of Clinical Nutrition ، تناولت هذه الدراسة تأثير أنظمة غذائية عالية البروتين و أخرى منخفضة البروتين على مجموعة من الأشخاص لمدة 56 يوم ، أظهرت أن معدلات الحرق واستهلاك السعرات فى المجموعة عالية البروتين أكثر من مجموعة منخفضة البروتين بما يعادل 260 سعرًا حراريًا في اليوم تقريبا ، وهذا يعادل ساعة من التمارين متوسطة الشدة في اليوم . على الرغم من أن تناول كمية عالية من البروتين يمكن أن يكون له العديد من الفوائد الصحية ، إلا أنه يجب التأكيد على أن تناول 15 ٪ من السعرات الحرارية التى يحتاجها الجسم يوميًا من البروتين يعتبر كافى لمنع مضاعفات نقص البروتين فى الكثير من الناس ، و لكن إذا كنت بحاجة إلى إنقاص الوزن ، أو تحسين معدلات الحرق ، أو زيادة كتلة العضلات وقوتها ، فإنك ستحتاج إلى تناول أكثر من ذلك بكثير (تقريبا 25-30٪ من السعرات الحرارية اليومية من البروتين) .
من جانبه يضيف أبانوب البرت أخصائي التغذية العلاجية والإكلينيكية – جامعة ستانفورد قائلا: لاحظت في الآونة الأخيرة إتجاه العديد من الناس للمأكولات النباتية فقط !! و منع كل ما له علاقة بالبروتين الحيواني من البان وأسماك و لحوم و دواجن ، وغيرها معتقدين أنها ضارة !! ، و أن الأكل النباتي أفيد و يقي من الأمراض ، و هو مناسب كثيراً لفقد الدهون ، في الحقيقة لا أعلم من أين حصلوا علي تلك المعلومات، خصوصاً أنه لايوجد أي توصيات طبية بمنع البروتينات الحيوانية المصدر علي الإطلاق ، بل علي العكس تماماً ، إتباع نظام نباتي فقط دون دمجة مع نظام به بروتين حيواني المصدر هو مناسب جدًا لمن أراد للمرض أن يتسلط علي جسدة بالكامل !!
و لتوضيح هذا الأمر يقول أبانوب ألبرت : البروتين عموماً يتكون من عناصر أصغر منه حجماً و تسمي بالأحماض الأمينية ، تلك الأحماض الأمينية هي التي تلعب دوراً أساسيًا في تكوين المناعة لمواجهة الأمراض ، و التأم الجروح ، و إنتاج الحيوانات المنوية للرجال، و تكوين اللبن عند الأمهات، و نمو خلايا الجنين في رحم الأم، و نمو العضلات ،و إفراز الهرمونات البنائية .. غيرها العديد من العمليات الحيوية في الجسم . والأحماض الأمينية نوعين أساسيين نوع يُسمي بالأحماض الأمينية ”الغير أساسية” و هي الموجودة في الأكل النباتي ، و سميت غير أساسية لأن جسم الإنسان يستطيع إنتاجها دون الحاجة لإدخال كميات كبيرة منها من مصادر خارجية . و النوع الآخر هو ”الأحماض الأمينية الأساسية” وهي الأنواع التي لا يستطيع الجسم إنتاجها و يحتاجها بشدة من الغذاء ، وهي الموجودة بالأغذية حيوانية المصدر . وهي الأحماض الامينية الأهم في تقوية الجهاز المناعي ، ومختلف العمليات الحيوية الأساسية للجسم ، و في حالة حدوث خلل بها يمكن أن تحدث العديد من المشاكل و الأمراض التي لا حصر لها .
وبالنسبة للصحة العامة لا يعتقد أبانوب البرت أن إختيار النظام النباتي فقط دون دمجة بالنظام الحيواني هو إختيار سليم خصوصا ، لمرضي مثل أمراض السكري الذي يمكن أن يحدث له “إلتهاب شديد في الاعصاب” في حالة إتباع برنامج غذائي نباتي فقط بسبب عدم قدرة الجسم في الحصول علي فيتامين ب من الطعام نباتي المصدر . كما نواجه مشكلة شائعة بين الرجال خصوصًا الرياضيين و الذين يأكلوا أكل نباتي فقط ، بأن تحاليل أعداد الحيوانات المنوية لديهم تكون أقل من الطبيعي ، و حتي مع لجوئهم للكثير من الأدوية العلاجية تأتي دون تأثير مثالي ، و عند حصولهم على احتياجاتهم الغذائية الصحيحة من المصادر النباتية و الحيوانية و الفيتامينات مع العلاج نجد نتائج أفضل كثيراً .
وعن أهمية المصادر الحيوانية، في حالات الجراحة و فترة النقاهة يؤكد ابانوب البرت على انه يجب حساب الاحتياجات الغذائية من البروتين من المصادر الحيوانية و الأحماض الأمينية الكاملة حتي تلتأم الجروح و نرفع من قوة المناعة ، فلا يصح لمريض في فترة نقاهة و بعد إجراء عملية جراحية أن يتناول غذائى نباتي فقط !! خصوصًا لان احتياجاته من البروتين تتضاعف في فترة التعافي و من الصعب توفير كل تلك الاحتياجات من البروتين النباتي فقط ، وبالنسبة لحالات فقد الوزن بالأكل النباتي فقط صحيح أنه يقلل الكثير من الوزن ”في البداية” ، إنما أغلب الوزن المفقود يكون بالأصل فقد “للعضلات ليس إلا” نتيجة عجز الاحتياج من البروتين مع فقد نسبة من الدهون بعد فقد الكثير من العضلات .
أخيرًا و بعد كل هذا ينصح أبانوب ألبرت بأن يكون البرنامج الغذائي صحي قدر الإمكان ، حيث يتوفر به كل العناصر الغذائية من نشويات و فواكة و ألبان و لحوم و خضروات و دهون صحية ، حتي لا يحدث عجز غذائي لأي عنصر من العناصر الغذائية و نتجنب حدوث مشاكل صحية في المستقبل ، و تذكر دائماً أن البرنامج الغذائي الصحي هو الذي يشمل كل المجموعات الغذائية ، و أي نوع آخر من البرامج الغذائية يجب أن يكون تحت الإشراف المباشر لأخصائي التغذية العلاجية .
ومن الجدير بالذكر أن أبانوب ألبرت اخصائي التغذية العلاجية والإكلينيكية – جامعة ستانفورد، ومحاضر التغذية الإكلينيكية بالأكاديمية الدولية للإدارة العربية ومحاضر التغذية العلاجية والرياضية بشركة روتابيوچين الدوائية و شركة ايجي فارما، والدكتور محمود سمير إستشارى الروماتيزم والطب الطبيعى وعضو الجمعية الطبية لدراسة السمنة ومحاضر دولي في التغذية الإكلينيكية أطلقا مبادرة صحية تقع تحت عنوان ” طبيب العائلة ” وذلك تضامنا مع المبادرات الصحية العديدة التى أطلقها السيد عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية للإهتمام بصحة المصريين و إيمانا باتجاة الدولة العام بملف الصحة، بل إهتمام العالم أجمع بملف الصحة بعد إجتياح الوباء العالمى ” فيروس كورونا ” هذا الى جانب توعية الشعب المصري بل والعربي وكل من يقرأها، وذلك حتى يعود بالنفع على صحة العائلة بأكملها وخاصة الأبناء فهم أمل الغد، فإنطلاق أى دولة وقوتها يأتي من قوة شبابها فهم حماة الوطن.