كما قال الفنان شارلي شابلن: «لقد أضحكت العالم ولم أعش يومًا سعيدًا»، هكذا كان الحال مع بعض نجوم الكوميديا المصرية في آخر ايامهم على الارض ،وكانت نهاية من من اضحكونا بقفشاتهم التي مازالت تردد بين الحين والآخر وحتى الآن غير متوقعة، فالنجومية والشهرة لم تمنع قسوة القدر من الوصول إلى هؤلاء، فنال منهم الفقر والعوز والمرض ولم ينظر إليهم أحد.
فبعد أن استطاعوا رسم البسمة على وجوه الكثيرين، انتهت حياتهم بطريقة درامية لم تخطر ببال أي مبدع ليقدمها على الشاشات، فمنهم من لم يجد ثمن علاجه وطعامه، ومنهم من احتجز جثمانه بسبب عدم استطاعة أسرته تحمل نفاقت علاجه، وكان من بين هؤلاء النجوم.
عبد الفتاح القصرى (15 أبريل 1905 – 8 مارس 1964)
عبد الفتاح القصرى، والذي أصيب بالعمى في آخر أيامه بعد زواج زوجته من صبي البقال واحتجزته في إحدى الغرف ومنعت عنه الطعام، بعد أن أخذت كل أمواله التي كونها طوال مشواره الفني، حتى أن شقيقته في نهاية حياته كانت تقوم بالعمل في أحد المنازل كخادمة؛ لكي تستطيع أن توفر له احتياجاته.
زينات صدقي (4 مايو 1913 -2 مارس 1978)
كما تعرضت النجمة زينات صدقي في سنواتها الأخيرة للكثير من المشاكل، والتي اضطرت بسببها لبيع أثاث منزلها لتوفير قيمة العلاج والطعام، ورفضت تقديم طلب للعلاج على نفقة الدولة من الرئيس السادات، ورفضت أيضاً مساعدة زملائها لها.
أمين الهنيدي (1 أكتوبر 1925-3 يوليو 1986)
الكوميديان الشهير أمين الهنيدي فقد تعرض لأزمة كبيرة وقت وفاته حيث احتجز جثمانه بإحدى المستشفيات بسبب عدم توافر 2000 جنيه قيمة علاجه قبل وفاته، وحاول أقاربة توفير المبلغ حتي يتم استخراج تصريح الدفن.
رياض القصبجي (13 سبتمبر 1903 -23 أبريل 1963)
الفنان رياض القصبجي الشهير بـ«الشاويش عطية» تشابهت قصته مع الفنان أمين الهنيدي حيث احتجز جثمانه بالمستشفى لعدم استطاعة أسرته دفع المبلغ المالي المطلوب منهم مقابل علاجه بالمستشفى قبل وفاته، لولا تدخل المخرج حسن الإمام.
النجم الكبير إسماعيل ياسين (15 سبتمبر 1912 – 24 مايو 1972)
الأعمال الناجحة، والتاريخ الطويل، لم يصاحب ملك الكوميديا الفنان إسماعيل ياسين للنهاية، بل كشر القدر عن أنيابه ليخلف له نهاية مأساوية بطلها الفقر والحاجة وابتعاد الأضواء.
«أبوضحكة جنان» عاش حزينًا وخاصة في آخر أيامه عندما انحسرت عنه الأضواء، ولأنه لم يعد يقدم أعمالًا تراكمت الضرائب عليه ، وأصبح مطالبًا بالديون، وتم الحجز على العمارة التي بناها بكفاح عمره، وحل فرقته المسرحية، وسافر إلى لبنان ليقدم المونولوج مجددًا، وقبل أعمال لا تليق بمكانته.
إسماعيل عاد إلى مصر بعد ذلك يقتله اليأس، وانزوى وابتعد عن الجميع، حتى وافته المنية عام 1972.
عبدالسلام النابلسي (23 أغسطس 1899، طرابلس، لبنان – 5 يوليو 1968)
لم يتعمد الفنان الراحل عبدالسلام النابلسي أن يأخذ الخط الكوميدي، بل عرفه الجمهور أرستقراطيًا مترفعًا، صاحب الكبرياء الذي رافقه في كل أفلامه.
طريقة النابلسي جعلت الجمهور يضحك رغم أنه لم يسع لذلك، فتميز بطريقته، ورغم نجاحه المستمر إلا أن المرض فاجأه، فحرص النابلسي على إخفائه حتى لا يعزف المخرجون عنه، ولم يخبر أحدًا، حتى صديقه المقرب فريد الأطرش.
ولم يكن المرض فقط رفيق الفنان في نهاية حياته، بل جاء الفقر ليقضي عليه بعد أن أعلن بنك «إنترا»، الذي كان يضع فيه أمواله إفلاسه، فازدادت حالته سوءًا حتى وفاته عام 1968.
إستيفان روستي (16 نوفمبر 1891، إيطاليا – 22 مايو 1964 القاهرة)
إستيفان روستي، ابن البارون النمساوي، الذي أجاد دور الشرير الظريف فأحبه الجمهور،لم يبتسم الحظ طويلًا لروستي، حيث انحصرت عنه الأدوار في آخر عمره، وتوفى عام 1964، ولم يكن يملك سوى 7 جنيهات، فجمع له الناس مصاريف الجنازة.
علي الكسار (13 يوليو 1887 – 15 يناير1957)
الفنان علي الكسار الذي اشتهر بشخصية «عثمان عبدالباسط»، استطاع أن ينافس شخصية «كشكش بيه» الذي جسدها نجيب الريحاني ،ورغم جماهيرية الكسار إلا أنه مات فقيرًا عام 1957، وهو يرقد على سرير درجة ثالثة في القصر العيني، بعد أن عانى من سرطان البروستاتا.
وداد حمدي (7 مارس 1924 – 26 مارس 1994)
قتلت بسبب مائتين جنيه ، لم تتوقع الفنانة وداد حمدي أشهر من قدمت دور الخادمة خفيفة الظل في السينما المصرية ، أن يؤدي عشقها للتمثيل لمقتلها في النهاية ، فبالرغم وصولها إلى سن 69 عاماً إلا أنها كانت مستمرة في التمثيل وتقديم الأعمال السينمائية والتلفزيونية ، وفي يوم 26 مارس عام 1994م ، ذهب إليها ريجيسير بحجة أنه سيقدم لها دوراً في أحد الأفلام ، فصدقته ودعته للدخول للمنزل ، بل وقامت لإعداد كوب من الليمون له ، ليتسلل ورائها للمطبخ ويطعنها عدة طعنات أودت بحياتها على الفور ورغم قيام الريجيسير بقتلها بهدف السرقة فقد تصور أنها تملك من المال الكثير إلا أن المفاجأة أنه لم يجد سوى مائتين جنيه في المنزل .
حسن فايق (7 يناير 1898 -14 سبتمبر 1980)
أبتعد الفنان الكوميدي الكبير حسن فايق عن الفن أثر إصابته بشلل في نصفه الشمال ، ومكث بالمستشفى الإيطالي ثلاثة أشهر،لم يسأل عنه أو يزوره بصفة مستمرة سوى أحمد مظهر وعدلي كاسب وطلعت حسن مدير فرقة الريحاني ،وقام بدفع مبلغ 1000 جنيه للمستشفى الإيطالي عن ثلاثة أشهر قضاها في المستشفى ، وكان يعالج على نفقته في مركز التأهيل بالعجوزة ،، ومشكلة أخرى تضايق حسن فايق وهى أن بعض المنتجين لم يرسلوا له بقية أجره عن عمله في أفلام أنتجوها وأشترك فيها بالتمثيل ويقول حسن فايق :
( أنا عاوز أرجع لصحتي فقط ومش عاوز أشتغل بالفن تاني ، بعد اللي شوفته من الجحود وعدم التقدير )
الجدير بالذكر أن آخر أعمال الفنان الراحل حسن فايق كان فيلم معبودة الجماهير وكان صورة قبل أزمته القلبية وتجاهل المسئولين التدخل في نفقات علاجه حتى علم الرئيس السادات وأخرج له معاشاً عاش بيه في سنواته الأخيرة حتى توفى في عام 1980م .
فؤاد خليل (19 يوليو 1940 – 9 أبريل 2012 )
اما الفنان فؤاد خليل والذي كان له أسلوبه المميز في الكوميديا وقدم الكثير من الشخصيات وكانت له لازمة حركية تثير الضحك وهي أنه كان يرفع شعره لأعلى بعد تجميعه، وكان يستخدمها حينما يكون في مشهد يستدعي العصبية أو الخروج عن الشعور . برغم ما ملأه فؤاد خليل من ضحكات وابتسامات على وجوه مشاهديه في السينما والمسرح أيضا إلا أن نهايته كانت مأساوية، فقد قضى 8 سنوات من عمره على كرسى متحرك نتيجة إصابته بجلطة في المخ .
يونس شلبي (مايو 1941 -12 نوفمبر 2007)
الفنان الراحل يونس شلبي ترك بصمته واستطاع وبشهادة الكبار أن يثبت موهبته الكوميدية من خلال هذا الدور وأن يضع لنفسه مكانة خاصة وسط نجوم الكوميديا.
يونس تميز بأسلوب خاص، فأحب الجمهور ابتسامته وروحه الطفولية، التي جعلت الصغار يعشقونه قبل الكبار.
ورغم موهبة الفنان الراحل إلا أن الحظ لم يواتيه كثيرًا، فقبل سنوات من رحيله اقتصرت أعماله على أدوار صغيره، حتى المسرح أصبح له نجوم وأدار ظهره له، فظل على فراش المرض يعاني تجاهل الزملاء والمسئولين بعد أن باع آخر ما يملك لينفق على مصاريف علاجه، حتى وفاته علم 2007.
محمد أبوالحسن (19 يوليو 1937 – 8 يونيو 2014)
كذلك الفنان محمد أبوالحسن الذي عانى في آخر أيامه بسبب عدم توفير قيمة علاجه ودخل أبناؤه في أزمة بسبب دفنه.
مظهر أبوالنجا (12 يوليو 1941 – 1 مايو 2017)
أيضاً الفنان مظهر أبوالنجا الذي خاطب عدداً من المنتجين للعودة مرة أخرى للعمل، لكي يستطيع العيش وشعر بإهانة بالغة قبل وفاته.
محمد أحمد المصري (1 فبراير 1924 – 4 مايو 2003 )
الفنان محمد أحمد المصري أصيب في أواخر أيامه بكسر مضاعف في رجله، ودخل على إثره أحد المستشفيات الإستثمارية، وللأسف الشديد أنه توفي داخل هذا المستشفى سنة 2003م، وليس الأسف لوفاته فقط ،ولكن الأسف والألم لأن هذا المستشفى رفض السماح بخروج جثمانه إلا بعد أن تدفع أسرته بقية تكاليف علاجه وقدرها 25 ألف جنيه.
كل هؤلاء النجوم تشاركوا في نفس القصة التي تبداء بضوء شديد في بداية حياتهم .. ومأساة عند خَريف العُمر، ولكننا نتذكرهم ونتذكر ضحكاتهم ،داعيين الله من اجلهم بالرحمة بالقدر الذي اسعدونا به .