بعد حياة حافلة بالخدمة والعطاء والروحانيات والوداعة رحل يوم الإثنين الماضي عن عالمنا الأب الورع والمعلم الجليل، القمص بيجول باسيلي مقار - كاهن كنيسة مارمرقس الرسول بفرانكفورت، ألمانيا.. وأقيمت صلوات الجناز صباح أول أمس الجمعة من كنيسة مارمرقس بفرانكفورت.
وقد تألم قداسة البابا تواضروس الثاني، بخبر نياحة هذا الأب الجليل الذي قدم حياته في خدمة الكنيسة بمصر والمهجر, وقال قداسته في رسالة تعزية: خالص تعزياتي القلبية في رحيل أبينا الحبيب أبينا بيجول باسيلي، ذلك الكاهن المبارك الذي خدم بالروح والحق في مصر وألمانيا، وله تعب وبذل في خدمته ومحبته الفياضة في الرعاية الروحية والكنسية، وكان مثالاً عميقاً في محبته للكنيسة وعقيدتها وطقوسها ولغتها القبطية.. على رجاء القيامة نودعه، ونحن في زمن أفراح القيامة المجيدة ونعزي كنيسته وأسرته وأبناءه ونيافة أنبا ميشائيل والإيبارشية، كما نعزي أشقاءه بالجسد: نيافة الأنبا ديمتريوس وأبانا كيرلس وكل أحبائه المباركين.. نياحاً للراحل الأمين وعزاء لنا أجمعين.
أبونا بيجول يرحب بقداسة البابا أثناء زيارته لألمانيا
الحقيقة أبونا بيجول كان خادماً وكاهناً متواضعاً وتعب كثيراً من أجل الكنيسة وأبنائها سواء في خدمته بمصر بكنيسة السيدة العذراء بأرض الجولف أو في خدمته بألمانيا، وهذه الخدمة النارية ترجع لبداية تكوينه ونشأته.. أبونا الجليل ولد من أسرة تعيش في مدينة الإسكندرية تتكون من أب وأم قبطيين أصيلين لهما أحد عشر ابن وابنة.. منهم نيافة الأنبا ديمتريوس أسقف ملوي، أبونا كيرلس باسيلي من رعاة الكنيسة القبطية بهولندا، وأمنا أغابي وأمنا يوستينا وتاسوني أنجيل زوجة المتنيح القمص بيشوي كامل, والتي رحلت عن عالمنا في نوفمبر من العام الماضي.
هذه الأسرة رغم عددها الكبير إلا أن أبناءها متميزون في تنشئتهم، فقد نشأوا على التكلم باللغة القبطية، فيتحدثون باللغة القبطية كلغة أولى في منازلهم وأينما ذهبوا.
ومن أقوال المتنيح الأب بيجول باسيلي راعي الكنيسة القبطية بفرانكفورت عن نشر اللغة القبطية واستمرار تواجدها: “اللغة هي هوية الشخص التعبيرية, وهي أيضا العمود الفقري للشخصية, فأذكر أنني قابلت طبيبا ألمانيا في برلين, وسألني هل أنت مصري؟ فقلت: نعم, فسألني: وأين لغتك؟ فقلت له: لغتي القبطية هل تريد أن تتعلمها وهنا أبدي أسفه, لأن مصر لغتها الرسمية هي لغة وافدة عليها وأن مصر تنبذ لغتها الحقيقية, وقال مثلا: إنه في ألمانيا يعلمون في المدارس كل التلاميذ الأجانب لغتهم الأم حتي يمكنوا الأجانب من الحفاظ علي تراثهم الحضاري.
اللغة القبطية فعلا مازالت متواجدة في حياتنا ففي مصر نستخدم في اللغة الدارجة الكثير من الألفاظ القبطية دون أن يعلم ناطقوها بأنهم يتحدثون ألفاظا قبطية مثل كلمة فلافل وكلمة عفاريت وكلمة بخ وكلمة ترابيزة وغيرها الكثير, ولكن يجب أن تكون متقنا للغة القبطية حتي تدرك أن هذه الكلمات قبطية وليست عربية, وعندما تزوجت كان شرطي في الإنسانة التي أريد الارتباط بها بالرباط المقدس هي أن تكون إنسانة قبطية تجيد اللغة القبطية ومستعدة أن تشاركني حماسي للغة القبطية ومستعدة أن تعلم أبناءها تلك اللغة, وفعلا منذ اليوم الأول للزواج صممنا أنا وزوجتي أن تكون اللغة الأم لأبنائنا هي اللغة القبطية, وهو ما قد حدث بالرغم من أنهم يعيشون في ألمانيا ومولودين فيها إلا أنهم يتحدثون القبطية بطلاقة مذهلة”
ونحن اليوم نودع أبانا بيجول باسيلي وتفتح وطني سجلاً من الاختبارات من الخدام الذين عايشوه وأبنائه ليكون شاهداً .. فكم تعب هذا الكاهن البار في حياته وخدمته حتي نهاية سيرته العطرة، ليكون مثلا نتمثل به في حياتنا..
أبونا بيجول باسيلي.. الجوهرة الكنسية
كنت أمينا في القليل فأقيمك علي الكثير. ادخل إلي فرح سيدك” (مت25:21)”
رحل عنا إلى عالم الخالدين، وإلى ملكوت السموات، الأب الحبيب، عشرة العمر: القمص بيجول باسيلي – كاهن كنيسة مارمرقس .في فرانكفورت، ألمانيا
أبونا بيجول نموذج نادر من الآباء الكهنة الملائكيين، نستطيع أن نسميه ”الكاهن المدرسة”، فهو كاهن مثالي في الأبوة والرعاية.. إنسان متصل بالله، ومحمل بالفضائل، ومقتني لثمار الروح القدس حيث: كان راعياً ومحباً للجميع، وعنده سلام قلبي عميق، وكان، راعياً أميناً في افتقاد كل نفس، ومع الوداعة والاتضاع ابتسامة ثابتة، يخدم ويفرح بلقاء الكل، طويل الأناة في التعامل مع شعبه، وديعاً متضعاً، هادئاً وخفيض الصوت.
عرفت أبانا بيجول باسيلي، حين بدأت أخدم في الشباب المبكر، حيث حضرت مؤتمراً للخدام بالإسكندرية، وكنت أعرف أبانا بيشوي كامل (سامي كامل) حيث كنت أدعوه بتكليف من نيافة المتنيح الأنبا أثناسيوس مطران بني سويف والبهنسا للخدمة في مؤتمرات الإيبارشية، وكانت تضم 11 مدينة و400 قرية.. وكان نيافة أثناسيوس يرعاها بأمانة مذهلة، حيث زارها بيتاً بيتاً وكان شعاره “نخدم كل إنسان وكل الإنسان في كل زمان ومكان”..
ثم بعد ذلك عرفته كاهناً في كنيسة السيدة العذراء بأرض الجولف، واشترك في افتتاح الكنيسة سنة1982, بناء على توجيهات المتنيح قداسة البابا شنودة الثالث بمشاركة المتنيح نيافة الأنبا تيموثاوس، والمتنيح القس يوحنا ثابت.
أبونا بيجول مع القمص المتنيح يوحنا ثابت أول كاهن على كنيسة العذراء أرض الجولف
أخذني أبونا بيجول وقتها (بتكليف من أبينا بيشوي كامل) وكنا شباباً وطاف بي أنحاء الإسكندرية لأشاهد كل معالمها التاريخية، المسيحية وما قبل المسيحية، فهي مدينة ذات حضور دائم عبر التاريخ اليوناني والروماني والعصر الحديث…واستمرت علاقتنا حتي أننا تقابلنا في ألمانيا منذ عدة أشهر.
ارتبط قلبي بأبينا بيجول، ثم بأسرته النادرة التكرار، ومنهم شقيقه نيافة الحبر الجليل الأنبا ديمتريوس أسقف ملوي، وصاحب التراث وتخصصات التاريخ القبطي واللغة القبطية: خياة ودراسة ولغة، والذي أحيا الكثير من المعالم التاريخية في إيبارشية ملوي، ويقدم كل خدمة ورعاية معاصرة لأولاده.
كذلك القس كيرلس باسيلي بفلوريدا، والراهبتان بدير أبي سيفين (المتنيحة أمنا أغابي، وأمنا يوستينا أطال الله عمرها).
يطول بنا الحديث عن أسرة أبينا بيجول وأشقائه وشقيقاته، فكلهم يتقنون الحديث باللغة القبطية فهي أسرة ملائكية، بكل أفرادها وبكل تاريخها, ستظل مدي الدهر تصلح أن تكون نموذجاً ونبراساً للأسرة القبطية العريقة في أصالتها الباذلة:
قال القديس مكاريوس: الإنسان المتواضح لا تبرح الابتسامة شفتيه أبداً…وأبونا بيجول لم تبرح الإبتسامة شفتيه أبداً وفي كل الظروف وذلك نابع من قلبه المؤمن الواثق بالرب، وبكل تدبيراته الطيبة لمنفعة حياتنا.
كان أبونا بيجول راعياً صالحاً، إذ تشبه بسيده في البحث عن الخراف الضالة، كما أسس الكثير من الكنائس، وأقام الخدمات، ورعي شعبه أحسن رعاية.
أما تاسوني أنجيل شقيقة أبينا بيجول، فسوف تظل علامة فارقة في تاريخ الكنيسة المعاصر، وقد خدمت مع أبينا بيشوي كامل خدمة ممتازة، وحين تنيح أبونا بيشوي لم ترتدي السواد، بل ارتدت ثبابا بيضاء ملائكية، تتناسب مع إيمانها بالقيامة, وقلبها المكرس المسيح, حيث كانت أول زوجة كاهن ترتدي الملابس البيضاء, وتبعها في هذا النهج الكثير من زوجات الكهنة.
أنه حقا لقاء رائع بين أبينا بيجول وتاسوني أنجيل في فردوس النعيم حيث ينعمان الآن مع رب المجد وأم النور وكل القديسين، بسعادة فردوس النعيم تمهيدا للقيامة المجيدة.
وأخيراً.. ونحن نهتف دائما في كل صلاة: وننتظر قيامة الأموات وحياة الدهر الآتي آمين (قانون الإيمان). وليس موتاً لعبيدك بل هو انتقال(القداس الإلهي).. ومن آمن بي ولو مات فسيحيا (يو11:25).
لذلك طوباك يا أبي.. فقد نلت ما كنت تنتظره بشوق.. نلت الآن نعيم الفردوس وفي الطريق إلى ملكوت السموات اذكرنا أمام الرب، لينعم علينا بغفران خطايانا، وليجهزنا لعرسه الأبوي
الأنبا موسي الأسقف العام للشباب
نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى مع أبونا بيجول
ارتبط بالألحان والقداسات
“أما الشيوخ المدبرون حسنا فليحسبوا أهلا لكرامة مضاعفة ولا سيما الذين يتعبون في الكلمة والتعليم” (1ني5:17).
أبونا بيجول باسيلي، من أسرة عريقة متدينة أسرة كهنوتية، أب وديع وأم تقية وأخوه وإخوته أتقياء محبون للكنيسة ولغتها القبطية. فكانت الأسرة مقربة جدا من القديس قداسة البابا كيرلس السادس بابا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الـ116 .
نشأ جورج باسيلي في هذا الجو الروحاني مواظباً علي القداسات والألحان الكنسية وحب الخدمة وزيارة الأديرة, وخاصة دير مارمينا العجايبي وكبر وكبرت معه محبته للخدمة, وتمت دعوته للكهنوت المقدس, ودعي باسمالقس بيجول ومعناه الشهد, وخدم في القاهرة – وكانت خدمته ناجحة مثمرة ومتميزة- وانتقل للخدمة في ألمانيا.
كان القمص بيجول محبوبا من الجميع, وكان رمزا مهما من رموز الجالية المصرية في ألمانيا, أبا للجميع, وبابه مفتوح لكل من يلجأ إليه وكان يحظي باحترام الجميع علي كل المستويات كان أستاذا للغة القبطية ومحبا لها جدا, واستطاع أن يجعل الشباب في ألمانيا إللي في سن أولاده يعرفون اللغة القبطية ويتكلمون بيها وخاصة لما يكونوا مجتمعين معا سواء في الكنيسة,.
أو في منزله إللي كان ملتقي للشباب وملجأ للغرباء حسب وصية الرب يسوع المسيح كنت غريبا فأويتموني (مت25:35).
وحسب الآيةلا تنسوا إضافة الغرباء, لأن بها أضاف أناس ملائكة وهم لايدرون (عب13:1).
ولا أنسي استضافته لي وزوجتي في منزله العامر حينما سافرنا إلي ألمانيا لعلاج زوجتي والحفاوة والكرم وحسن الضيافة منه ومن زوجته الراحلة الفاضلة الكريمة تاسوني هاتاسو وأبنائهم الأحباء, وأيضا كان بشوشا وديعا خدوما للكل.
كان عالما باحثا في تاريخ الكنيسة, وكان مدافعا عن الكنيسة وآبائها القديسين بكل قوة وجسارة وشجاعة, وكان مرجعا في التاريخ الكنسي وله العديد من الأبحاث في هذا المجال ومجالات أخري عديدة كان كاهنا متميزا ومنحه الله مواهب كثيرة ومتعددة.
نياحا لروحه وعزاء لأسرته الغالية ولكل محبيه في مصر وفي ألمانيا.
ولا أنسي أن أنوه أنه تمت الصلاة علي جثمانه يوم عيد مارجرجس لارتباطه بمارجرجس, حيث كان اسمه بالميلاد جورج, نودعه علي رجاء القيامة.
نياحا لروحه وعزاء لأسرته الغالية وخاصة أسقفنا الحبيب نيافة الحبر الجليل الأنبا ديمتريوس أسقف ملوي وتوابعها وأبونا كيرلس باسيلي, والدكتور فايز باسيلي.
أبونا بستفروس رشدي كاهن كنيسة مارمرقس بمطرانية ملوي
أبونا بيجول مع شقيقه نيافة الأنبا ديميتريوس
خدمنا معاً
* أبونا الحبيب المتنيح القمص بيجول باسيلي
* طيف سماوي انتعشنا بنور الله الذي فيه
* كاهن رائع استراح فيه روح الله بروعة فائقة
! من ملء محبة الروح القدس الذي فيه صار حضنه مفتوح لكل من تقابل معه
* من فرح الروح الذي فيه لم تفارق الابتسامة وجهه
* روح عاشت علي الأرض هائمة منجذبة نحو الآب السماوي
نصلي من أجل راحته مع المسيح الذي أحبه, ونطلب تعزيات الروح القدس لنيافة الأنبا ديمتريس وأبينا كيرلس مقار باسيلي وأولاده نوفير ورانو وفرت وكل عائلته وأحبائه.
. وداعا لأبي الحبيب إلي أن نلتقي معا أمام عرش الله كما خدمنا معا علي علي مذبح واحد في كنيسة العذراء بأرض الجولف.
أبونا أبرآم سليمان – كنيسة مارمرقس بجيرسي سيتي
وكنيسة مارمرقس كلورادو
وكنيسة العذراء مريم بأرض الجولف
قلب مفتوح
أبونا بيجول.. قلب مفتوح وصدر مفتوح وحضن مفتوح.. أبونا بيجول.. محب للمسيح، محب لتراث الكنيسة ومحب لشعب كنيسة أرض الجولف.. أبونا بيجول شبه المسيح.. شبه القديسين.. أبونا بيجول نجح بتفوق في كل مرة نجيب سيرته فنبتسم ونفرح ويجيلنا سلام ونتذكر كلمته ”أهلاً أهلاً أهلاً حبيبي”.. حبيبنا ياأبونا.. أنت محفور في قلوبنا ومتأكدين إن حبنا محفور في قلبك.. أذكرنا أمام عرش النعمة.
القس إسحق نبيه - من كنيسة العذراء بأرض الجولف
علمنا المحبة
أبونا المحبوب جدا.. أبونا بيجول خدم لفترة في اجتماع الشباب أيام الأستاذ يحي سعد وكان هو مع واحد قريبه اسمه الأستاذ موريس يعطونا درساً قبطياً (نتكلم قبطي مع بعض مش بس نقرأ القبطي وإحنا مش فاهمين لأن اللغة الرسمية عندهم في البيت كانت اللغة القبطية).
كان هو وأسرته ساكنين في روكسي قريب من بيتنا، في الوقت ده كان دايمًا بيتهم مفتوح لينا كلنا حتي في الأوقات إللي مش مناسبة.
وأتذكر زوجته تاسوني هاتاسو لما كان نوفير ابنه عنده 3 سنين تقريباً قالت لي: إنه اتعلم من ابن الجيران كلمة واحدة عربي” لا” ومكانش بيعرف ولا كلمة عربي غيرها لغاية السن ده لأنهم في البيت مش بيتكلموا مع بعض غير قبطي.. الكلام ده كان في السبعينيات يعني أقل شوية من خمسين سنة.
أهم حاجة أن أبونا بيجول علمنا المحبة إللي من جوه القلب الممتزجة بالاتضاع بتصرفاته من غير كلام كتير طول السنين إللي عاشها معنا.
الدكتور جورج لطيف
حفل اجتماع الشباب للترحيب بأبونا بيجول بعد رسامته كاهن على كنيسة العذراء بأرض الجولف عام 1982
أبونا بيجول في حفل اجتماع الشباب
أغسطس 1993 في منزل أبونا بيجول وسط أسرته بحضور أستاذ موريس واسيلي ودكتور سمير كمال
وأعضاء من فصل مدارس الأحد
خدم شعبه.. وغسل أقدامهم
أبونا الغالي المحبوب المثل الأعلي في القداسة والطهر والحب والاتضاع والتفاني في العطاء، زميلي وشريكي في خدمة كنيسة مارمرقس مصر الجديدة. أبونا بيجول باسيلي مقار، رحل عن عالمنا الحاضر ليتمتع بأمجاد القيامة السماوية الأبدية مع المسيح وكل القديسين ولكن ذكراه وخدمته للأجيال ستظل حاضرة معنا إلى أن نلتقي جميعاً هناك في ذلك الموضع.
أبونا بيجول.. بدأ خدمته في مدارس الأحد في الكنيسة بعدما نقله عمله كمهندس المهندس جورج باسيلي، من الإسكندرية إلي القاهرة في منتصف الستينيات، وسريعاً ما نال نعمة في أعين آباء الكنيسة، أبونا مرقس أفرام وأبونا أنطونيوس أمين، وكل أمناء الخدمة. وتولى أمانة “أسرة القديسين” ثانوي. وظل يخدم معنا إلى أن تزكي لخدمة الكهنوت وسيم قساً أثناء الصوم المقدس عام1981 على كنيسة القديسة مريم بأرض الجولف، وبعد خدمة عدة سنوات، أرسله قداسة البابا شنودة الذي رسمه ليخدم شعب الكنيسة في منطقة فرانكفورت وما حولها إلى أن تنيح .
أخذت بركة عظيمة عندما زرت قدسه وخدمت كنيسته في ألمانيا من سنوات قليلة إذ رأيت في شخصه البار كل فضيلة مسيحية تخطر علي البال.. حب، اتضاع قلب، إنكار ذات، عطاء بلا حدود، بساطة قلب، حكمة رعوية عجيبة، حياة تجرد وزهد خالية من محبة العالم والمجد الباطل، فرح لا يقدر أحد أن ينزعه، سلام سماوي يشع من ملامحه لم تغيره السنون أو موقع الخدمة سواء كعلماني أو كأكليروس، ولم تجذبه الكرامات بعيدا عن رسالته في خدمة شعبه وغسل أقدامهم.
ومقابل تحديات ومشاكل الخدمة كان يلجأ للصلاة والمذبح، فلا تذكر أنك رأيته يوماً عابس الوجه أو غضوباً، بل مشرق بابتسامته الوديعة التي تبعث الفرح وتعكس سلام الله الذي يفوق كل عقل، إيمانه بدور اللغة القبطية في الحفاظ على التراث القبطي العتيد جعل شعب كنيسته الذي أحبه يتعلق بلغة الأجداد لكي يحافظ عليها حية، وتتعجب عندما تسمع الشعب كله يردد معا ألحان القداس والصلاة الربانية باللغة القبطية.
سيحتاج التاريخ لتسجيل حياة ذلك الجندي المجهول وعملها في كنيستنا القبطية الأرثوذكسبة وذلك لتقديمها إلى الأجيال.
أبونا بيجول لحق بزوجته القديسة تاسوني هاتاسو، وشقيقته القديسة تاسوني أنجيل.. عزاء السماء لأسرته ولعائلته الكبيرة العظيمة ولشعبه ومحبيه في كل العالم.
دكتور يسري حلمي أرمانيوس
من أسرة أنجبت مباركين
ولما كملت أيام خدمته مضي إلي بيته (لو1:23)
نياحا لروح أبينا الحبيب القمص بيجول باسيلي شقيق سيدنا الحبيب نيافة الحبر الجليل الأنبا ديمتريوس أسقف ملوي وأنصنا والأشمونين ورئيس قسم اللغة القبطية بمعهد الدراسات القبطية, وشقيق تاسوني أنجيل باسيلي شريكة حياة أبينا بيشوي كامل حامل الصليب, والتي سافرت إلي السماء منذ شهور قليلة. إنها أسرة مباركة, أسرة كانت تتحدث اللغة القبطية بطلاقة في حياتها اليومية أسرة أنجبت رعاة وكهنة ورهبانا وراهبات مباركين وأبرارا معاصرين.
ولد القمص بيجول باسيلي سنة 1935م, وكان من أبناء كنيسة العذراء محرم بك بالإسكندرية, وبعد انتقاله للقاهرة بدأ خدمته بمدارس الأحد بكنيسة مارمرقس مصر الجديدة منذ منتصف الستينيات من القرن العشرين, وسيم كاهنا سنة 1981م للخدمة بكنيسة العذراء مريم بأرض الجولف, وبعد خدمة عدة سنوات انتقل للخدمة بكنيسة مارمرقس فرانكفورت بألمانيا.
وكما وصفه قداسة البابا تواضروس الثاني أنهكان مثالا عميقا في محبته للكنيسة وعقيدتها وطقوسها ولغتها, فكان له دور بارز في تعليم اللغة القبطية والحفاظ علي التراث القبطي, مما جعل شعب كنيسته- الذي أحبه- يتعلق بلغة الآباء والأجداد ويستخدمونها في حياتهم اليومية.
تعزيات السماء لكل أسرته وكنيسته وشعبه ومحبيه وتلاميذه وأبنائه الروحيين.
ويتقدم معهد الدراسات القبطية بخالص العزاء لكل أفراد الأسرة, بصلوات قداسة البابا تواضروس الثاني ونيافة الحبر الجليل الأنبا ديمتريوس. وستظل ذكراه العطرة وخدمته الباذلة باقية علي مر الزمان, ,نطلب صلواته عنا, أن يذكرنا أمام عرش النعمة .
أسرة معهد الدراسات القبطية
عنهم أ.د إسحاق إبراهيم عجبان
الأب الفريد
يعز علي انتقال أبينا بيجول حيث أعرفه منذ أكثر من أربعين عاما, تعرفت عليه بكنيسة العذراء أرض الجولف. والشيء العجيب أنه كان يوماً يصلي قداساً تزامن مع انتقال والده ولم يسافر للإسكندرية لوداعه إلا بعد انتهاء القداس..
تعلمت منه الحب الصادق من قلب نقي، والخدمة الباذلة بكل حب وتضحية، ورأيت كم كان يعلم الألحان واللغة القبطية لشعب الكنيسة.. وعندما سافر إلي ألمانيا لم تنقطع العلاقة والاتصالات معه وكل مرة أزور ألمانيا كان يصمم أن يستقبلني في المطار, وأغلب شعب أرض الجولف كان يستقبلهم أيضا بمنتهى الترحاب ويقدم لهم الخدمات في ألمانيا.
أبونا بيجول أب فريد من نوعه في الخدمة والقداسات وتقديم المحبة. لقد افتقدت أباً أرضياً ولكن كسبت أباً سماوياً.. أذكرني أمام العرش الإلهي وكما أعانك الرب يعيننا.
القس يسطس إسكندر – من كنيسة العذراء أرض الجولف
“نانيه إمما شو”
لن ننسي وجهه البشوش المبتسم والأحضان المفتوحة للصغير قبل الكبير..
لن ننسي محبته للغة القبطية, وهويته المصرية الأصيلة التي غرسها في كل المحيطين به..
لن ننسي كلماته الرقيقة المشجعة والمفرحة نانيه إمما شو أي برافو ممتاز جدا بالقبطي..
أبونا شاروبيم الصموئيلي
الأب المتواضع
إن كان أحد يخدمني فليتبعني، وحيث أكون أنا هناك أيضا يكون خادمي. وإن كان أحد يخدمني يكرمه الآب (يو12:26)..
لقد انطفأت شمعة المحبة لتضيئ في فردوس النعيم وسط الملائكة والقديسين حول عرش الله.
لمسنا محبة أبينا بيجول باسيلي في خدمته وترحيبه وتشجيعه للجميع، كل هذا كان ينبع من حبه للرب يسوع المسيح.
لمسنا أيضا حبه الكبير للكنيسة وصلواتها واللغة القبطية التي كان يتقنها كأنها لغته الأولي.
لم يكن أبونا القمص بيجول كاهناً عادياً بل كان من أسرة تقية تحب الرب وتخدم من عمق قلبها.
كان متواضعاً جداً، وكان يعطي بهجة روحية لكل مكان يدخل فيه.
وداعا أبانا الحبيب إلى أن نلتقي على السحاب لكي نكون كل حين مع الرب.
القس رافائيل فتحي
محبته واتضاعه شبه سيده
تعرفت على أبينا بيجول باسيلي من 34 سنة وقت ما كان أستاذ جورج باسيلي قبل ما يدخل الكهنوت، كان يعلمنا اللغة القبطية، كنا 5 بس في الأول من كنيستنا ومع أننا عدد قليل جدا، إلا أنه كان متفانياً معانا لأقصى الحدود في تعليمنا.
له الفضل الأكبر والوحيد بالفعل في اهتمامي وانفتاحي علي اللغة القبطية لأتعرف عليها أكثر واستمتع بتاريخها ومفراداتها..
أبونا بيجول كان له مكان ومكانة خاصة في حياة كل خادم وخادمة في كنيستنا – كنيسة العذراء مريم بأرض الجولف, وكمان مكانة كبيرة جدا بروحانياته العالية جدا واتضاعه العجيب للغاية وسط شعب الكنيسة كلها.
لم يحاول أبدا أن يبدو متميزا أو كأنه نجم لامع، بل محبته الكاملة واتضاعه المتناهي جعلاه شبيها في حياته لمعلمه ومعلمنا وسيده وسيدنا ربنا يسوع المسيح..
أبونا بيجول المحبوب هتوحشنا أوي يا أبونا، هايجي الوقت وأتمني يكون قريب وألتقي بك في المكان الأفضل ونجتمع مع كل الأحباب.
أذكرنا يا أبانا أمام العرش السماوي.. وبنطلب منك يا يسوع تملأ قلوب كل أسرته وقلوبنا كلنا بتعزياتك السماوية يا إلهنا الحي.
أسامة منير
المعلم
كان أبونا بيجول معلمي المحبوب في مدارس الأحد بكنيسة سانت ماري في محرم بك عام 1972, وكان متواضعا جدا.
كان لديه قاعدة معلوماتية وقوة روحية عالية جدا وكان رجلا مرحا للغاية ومرحبا بالكل, مشهورا أهلا أهلا لأي شخص في المجموعة.
التقيت به في إنجلترا من بضع سنوات, وسعدت بلقائه جدا..
ارقد بسلام يا أبونا, لقد كنت صادقا في الخدمة التي قدمتها ولن أنساك أبدا. ادعو لنا إلي أن نلتقي.
ناجي لويس عزيز – الإسكندرية
أبويا ومعلمي القديس .. أبونا بيجول .. يابختك بالسما..
لن أنسي أبدا أني أحببت تاريخ الكنيسة بسببك.. حين كنت فتي صغيرا.. رأيتك موسوعة متحركة, وكأنك كنت معهم.. مع القديس بطرس خاتم الشهداء أو مع القديس أثناسيوس.
لن أنسي أبدا عشقك للغة القبطية.. حتي كنت أغير من زملائي لأنهم يزورونك كل يوم ليتعلموا منك القبطية.. وصاروا أيضا كهنة.
لن أنسي أبدا ابتسامتك ووداعتك وحضنك وتشجيعك لضعفي.. حتي لو لم نلتق إلا لحظات في سنوات.
يابختك يا أبويا الغالي.. وعقبالنا كلنا.
القمص داود لمعي – من كنيسة مارمرقس كليوباترا
أبونا بيجول يرحب بأبونا داود لمعي
أثر الحب
للرجل الذي أنار عقلي.. للرجل الذي أراني ما هو حب الله غير المشروط.. لأبي الأول للاعتراف, حيث لم يكن الاعتراف صعبا أو محرجا لأنه كان ملفوفا في حب الرب وشعورك الفكاهي المضحك.. لم أشعر أبدا بسلام مع نفسي وبفرح مع الرب مثل ذلك اليوم عندما كان عمري 14 عاما واستمر تأثيره معي بعد 30 سنة.
لقدجعلتكلشخص -حتي أولئك الذين لا يعرفونك- يشعرون أنهم كانوا أهم شخص علي وجه الأرض, بمحبة كنت تمسك بيد الكل وتسألهم عن سلامتهم بأكبر ابتسامة لتعكس قبولك ومحبتك لهم. حقا الحب يأثر القلوب ويغير الحياة. أنت يا أبي كان لك الأثر الأكبر علي حياتي.. لذا تمتع مع القديسين واذكرنا في مملكة الرب.
شيري بهادر
تصرفات أقوى من عظة روحية
لما كنت في رابعة ابتدائي.. خدام مدارس الأحد طلبوا مننا أن يكون لينا أب اعتراف.. كل مرة كنت أهرب لغاية ما قابلت أبانا بيجول.. ابتسامته واهتمامه بكل واحد من أصغر طفل لأكبر شيخ يخليك مطمن.. أبونا مكانش بيوعظ كتير, لكن كل تصرفاته وتعاملاته مع ولاده وعظة كنا بنتعلم منها.. والأهم من كده مكانتش بننساها لأنها مكنتش مجرد كلام.. اتعلمنا منه يعني إيه تشجيع.. ويعني إيه احتمال واتعلمنا كمان حب كنيستنا وتراثها وإزاي نفضل دايما فخورين بتاريخها..
باهر منير – خادم بكنيسة العذراء أرض الجولف
في رحيل تلميذ أمين للرب
في 27 أبريل2020 رحل تلميذ أمين للرب هو القمص بيجول باسيلي مقار كاهن كنيسة مارمرقس- فرانكفورت- ألمانيا, شقيق الأنبا ديمتريوس أسقف ملوي وأنصنا والأشمونين, وقد سبقته في الرحيل شقيقته الراهبة أمنا أغابي في دير أبوسيفين بمصر القديمة يوم 16 أبريل 1964م.
كما يخدم أشقاؤه في الكنيسة خدمات رعوية وتعبدية متعددة, تنوعت في الرتب الكهنوتية والرهبانية وهم: القمص كيرلس باسيلي بفلوريدا بالولايات المتحدة الأمريكية, الراهبة يوستينا أبو سيفين, تاسوني أنجيل باسيلي شريكة حياة القمص بيشوي كامل كاهن الحق بالإسكندرية.
أتقن اللغة القبطية كتابة ومحادثة, وأسند إليه المتنيح قداسة البابا شنودة الثالث تدريس اللغة القبطية بكنائس المهجر, ورسم بيد البابا الأنبا شنودة الثالث البطريرك 117.
تعود معرفتي الوثيقة بجميع أفراد الأسرة إلي فترة الستينيات, حيث كنا نخدم جميعا بكنيسة السيدة العذراء بمحرم بك بالإسكندرية, وازداد الارتباط بيننا في حبرية البابا كيرلس السادس البطريرك 116, حيث كنا ننتظم جميعا للصلاة معه بالكنيسة المرقسية بالإسكندرية صباحا وعشية.
بعد أن تخرج المهندس جورج باسيلي مقار (القمص بيجول باسيلي مقار فيما بعد) في كلية الهندسة- جامعة الإسكندرية- شعبة الاتصالات الكهربية, وأنهي خدمته العسكرية, عين في هيئة التليفونات بالقاهرة, وبعد فترة صار من أشهر مهندسي التليفوناتبالقاهرة, حتي إن هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية أسندت إليه الأشراف علي تأسيسسنترالاتالتليفونات الجديدة المختلفة لنبوغه في هذا التخصص, وفي نفس الفترة كان يخدم بكنيسة مارمرقس بمنطقة كليوباترا بحي مصر الجديدة بالقاهرة, ثم انتقل للخدمة بعد ذلك للخدمة بكنيسة السيدة العذراء بأرض الجولف بمصر الجديدة, وبعد فترة من الخدمة الناجحة والصادقة تمت تزكيته لخدمة الكهنوت, فسيم كاهنا بيد البابا شنودة الثالث علي كنيسة السيدة العذراء بأرض الجولف باسم الأب بيجول باسيلي مقار.
ببذل حقيقي كانت خدمته بالكنيسة صورة رائعة للخادم الواعي في كل شيء من بذل وتضحية وتواضع ومعرفة حسنة بالطقوس الكنسية وتقاليدها ولغتها وألحانها بل, وجميع الترتيبات الكنسية في إنكار للذاتوحب حقيقي.
وعندما احتاجت الخدمة في مدينة فرانكفورت بألمانيا لكاهن, تمت تزكية الأب بيجول باسيلي للسفر والخدمة بها, فسافر واستقر بها, وبدأ نشاطه المعتاد وفي خلال فترة بسيطة تمكن شعب الكنيسة من التحدث باللغة القبطية التي كان يتقنها هو وجميع أخوته.
تميز الأب بيجول باسيلي -منذ شبابه المبكر- بالاهتمام بتاريخ مصر في عصور مختلفة, وكان يتحدث عن التاريخ بسلاسة ووعي وفكر مستنير, كما كان حجة في التقاليد الكنسية, ولم يكن يفرط فيها, فهو سليل عائلة كهنوتية سواء بالإسكندرية أو صعيد مصر, كما كان قارئا جيدا لتاريخ الكنيسة القبطية, وبفكر المهندس الناجح كان يربط بين الأحداث الكنسية بعبقرية شديدة.
كان لي العديد من اللقاءات معه سواء بالإسكندرية أو القاهرة أو فرانكفورت بألمانيا, وكانت تدور بيننا العديد من المناقشات عن تاريخ الخدمة بكنيسة السيدة العذراء بمحرم بك بالإسكندرية, والتي كان يلقبها الأم الولود التي ولدت العديد من الخدام الذين خدموا في أنحاء الإسكندرية وخارجها, وكان من أبرز خريجيها كاهن الحق القمص بيشوي كامل إسحق -كاهن كنيسة مارجرجس بسبورتنج, كما كانت تدور الأحاديث بيننا في الثقافة القبطية, وعندما أصدرت جمعية مارمينا العجايبي بالإسكندرية في عام 2004 مجلة راكوتي للدراسات القبطية, كان يحرص علي اقتناء جميع الأعداد, وعندما كنا نتقابل كان تدور بيننا أحاديث في بعض الموضوعات التاريخية المنشورة بالمجلة.
كان شقيقه الأصغر المهندس فيكتور باسيلي (تنيح في 6 نوفمبر 1986), وأيضا كان مهندس تليفونات نابغ بالإسكندرية, يستلذ بمناقشة شقيقه المهندس جورج باسيلي (الأب بيجول) في العديد من الأمور التاريخية والطقسية, فكلاهما كانا علي علم ودراية كاملة.
تمتع الأب بيجول بحياة هادئة حتي بعد رحيل زوجته الغالية منذ عدة سنوات -بألمانيا- لم يهتز وكان متمتعا بسلام الله الكامل, وحرص علي تربية نجليه وابنته تربية كنسية حسنة, بالإضافة إلي تمكنهم من اللغة القبطية نطقا وكتابة وتدريسا, وكانت زوجته تنتمي إلي عائلةالأستاذ بسنتي رزق الله أستاذ اللغة القبطية بالإسكندرية.
وبعد أن أكمل الأب بيجول خدمته الناجحة رحل إلي الأمجاد مكللا بالآلام لفترة بسيطة جدا, وفي السماء يسمع الصوت الفرح: نعما أيها العبد الصالح والأمين, كنت أمينا في القليل, أقيمك علي الكثير, ادخل إلي فرح سيدك طوباك بالحقيقة يا جبار البأس.
د.مينا بديع عبدالملك
كلية الهندسة – جامعة الإسكندرية
لن ننساك
قديس عاصرناه عاش في صمت الملائكة, ورحل عنا بعد أن ترك لنا بإنجازاته علي الأرض ميراث القديسين وهنيئا له في أحضان القديسين في كورة الأحياء إلي الأبد في أورشليم السماوية.
أنا وأسرتي كنا من المحظوظين إللي عايشوا هذا القديس وأسرته المباركة التي عرف عنها أن لغة التخاطب فيما بينها هي اللغة القبطية وكان كل شيء في منزلها المبارك يفوح برائحة البخور, تشعرك بقداسة هذا المنزل, وهذه الأسرة المباركة.
ولازلت أتذكر وجهه البشوش عندما كنا نذهب إلي فرانكفورت ويأتي كي يقلنا من المطار في الصباح الباكر أو في أواخر الليل بابتسامة وترحيب القديسين, وعندما كنا نذهب معه وأسرته لحضور القداس الإلهي في الكنيسة المستأجرة قبل أن يوفقه المسيح للكنيسة الحالية كنا نشعر بإحساس لا نشعر به إلا في الأديرة ولا ننسي زوجته القديسة تاسوني هاتاسو التي تنيحت من قبله, وكنا نتمتع بكرم ومحبة لم نر مثلهما من قبل بالرغم من الآلام والأمراض التي كانت تعاني منها.
وكيف ننسي أن أصل هذا القديس الشجرة المثمرة التي أفرعت علامات مضيئة في الكنيسة الأرثوذكسية فشقيقته هي تاسوني إنجيل القديسة البتول زوجة المتنيح القديس أبينا بيشوي كامل وأن شقيقه الحبر الجليل الأنبا ديمتريوس أسقف ملوي.
ونحن نتقدم للأبناء الأعزاء المهندسة فيرت والمهندس نوفير والمهندس رانو بخالص آيات العزاء في انتقال حبيبنا الغالي أبينا بيجول أقول لهم لا تحزنوا علي فراق أبيكم القديس, بل افرحوا وتهللوا فقد أصبح لكم ولنا شفيعا أمام عرش المجد فتحت له السماء أبوابها بالتهليل لأنه كان مثل يسوع بالحب يجول لأجلنا نحن الخاطئين.
لواء/ عاطف يعقوب ومريم المندراوي وفيلو وسارة
الخادم الناري
أبونا بيجول.. أب كاهن تمت رسامته علي كنيستنا -كنيسة أرض الجولف- من زمان وأنا في ابتدائي.. ولكن لم يستمر كثيرا وكان لازم يروح يخدم في بلد تاني (ألمانيا) وكل شوية كان يجي يزور الكنيسة في مصر.
وقت الزيارات دي, الحاجة الثابتة فيه دايما التي لم تتغير مع خدمته في الخارج كانت ابتسامته الجميلة التي لم تفارقه أبدا وترحابه بينا كلنا بل بكل واحد من شعب الكنيسة يجي يسلم عليه, فكان يرحب بالكل ترحابا خاصا جدا بصوته المميز وطريقته السريعة في الكلام.
من الأشخاص إللي اتحفروا في قلبي بالرغم أني ما اتعاملتش كتير معاه!
هيوحشنا أوي أوي.. هو أكيد فرحان أوي في السما دلوقتي وبيصلي لنا وبيبص علينا بنفس الابتسامة وبيهتم بكل واحد مخصوص زي ما عودنا وهو علي الأرض.
ليليان شوقي – كنيسة العذراء أرض الجولف
من الذكريات
أبونا بيجول الأب المحب الحنون الذي لا يختلف عليه اثنان, قد لمست فيه الأبوة الحنونة, الأذرع المفتوحة, الابتسامة الجميلة مع الكلمات الصادقة النابعة من القلب التي تعطيك فرحا ورجاء. كان هو أول خبرة لي في الاعتراف و سرعان ما سمعت عن خبر سفره لألمانيا للخدمة.
أتذكر في الثمانيات أثناء رحلة الشباب لدير القديسة العذراء بدرنكة هو الذي علمني كيف أتعرف علي حروف اللغة القبطية, كان شرحه بطريقة جميلة ومشوقة, وفي النهاية طلب من كل واحد أن يبدأ بكتابة اسمه باللغة القبطية, خدمته لنا كان شعارها الأساسي المحبة.
عرفنا هذه العائلة المباركة من أيام وجودنا في الإسكندرية, تعرفنا علي الدكتور فايز باسيلي حيث إنه كان صديق والدي وعندما أتينا إلي القاهرة في الثمانيات تعرفنا علي تاسوني هاتاسو ذات الروح الهادئة الوديعة وأولادها نوفير وفرت ورانو. أخذت بركة عظيمة وكانت آخر مرة أري فيها أبانا بيجول عندما زرت مصر, وذهبت لأصلي القداس الإلهي في كنيسة العذراء بأرض الجولف يوم الخميس 22 نوفمبر 2012 وفوجئت بلفيف من الكهنة من كينيا وكندا وكان يصلي معهم أبونا بيجول الذي جاء في زيارة من ألمانيا, ذكريات جميلة لا تنسي. نطلب بركة صلوات أبينا بيجول عنا من أمام العرش الإلهي.
ماجد حليم – كنيسة العذراء أرض الجولف
قوة الخدمة
أنا وسلامة وصلنا ألمانيا من 6 سنين وكانت الظروف صعبة أننا نحضر قداس لأننا كنا عايشين في منطقة مواصلاتها صعبة.
أبونا بيجول كان بيسهل علينا الطريق وكان بيوصلنا بنفسه بعربيته من محطة القطار للكنيسة.. وهذا كان ليوضع قوة خدمته وتواضعه أنه كان يوصلنا بنفسه.
دينا سلامة – ألمانيا
أبونا بيجول وسط شعب كنيسته بألمانيا
إنجيل معاش
كم حزنت لسماع خبر انتقال حبيبي أبينا بيجول إلي السماء.. معرفتي بأبينا بيجول تمتد لأكثر من 35 سنة.. عندما كنت في ابتدائي وبدأت اعترف مع أبينا بيجول بكنيسة العذراء بأرض الجولف..
أبونا مثال للأب البشوش الذي لا تفارق الابتسامة وجهه حتي وهو في قمة العتاب.. يكفي أن تري أولاده الأحباء إلي قلبي -نوفير ورانو وفرت- لتعرف معني السلام والحب غير المشروط..
أبونا كان إنجيلا معاشا وكان مضيء الوجه بسبب السلام والحب الذي كان يملأ قلبه..
تعزياتي إلي أولاده وأسرته..
بسام صبري – خادم بكنيسة العذراء بأرض الجولف
القبطي الأمين
من أسرة مباركة, من أبوين لا نعلم عنهما الكثير لكن أثمرا أبناء مملوئين من النعمة وثمر الروح, فمنهم الأسقف والكاهن ومن سلك في الرهبنة والزوجة البتول!!.. كنت أتساءل كيف ربوهم؟؟!!
أسرته المباركة نموذج للأسرة المسيحية القبطية المحبة للكنيسة وطقوسها.. أسرة محبة للغة القبطية وكان يشجع عمل يوم للغة القبطية فكل ما يقدم فيه بهذه اللغة حتي الوعظة والألحان والكلمات, والحضور كان شباب وشابات من أعمار مختلفة, فكان يوما مبهجا تعلم منه كل من حضره حب الكثيرين في هذه اللغة.
كانت له أبحاث وآراء وكتابات جريئة يدافع عن الحق بإيمان وقلب قوي, كان يخفيه خلف ابتسامته العذبة.
أسس الخدمة في ألمانيا واحتضن المصريين المهاجرين إليها من كل الطبقات.. كان يعمل في صمت وفي عمق الروح وأحبه كل من تعامل معه.. كان بشوشا في مقابلته ويشعرك بدفء محبته بابتسامة عذبه تدخل الفرح والحب إلي القلب.
أتمني من محبيه وأبنائه إصدار كتيب عن شخصيته وخدمته وكتاباته وأبحاثه.. فهو نموذج للمصري القبطي والخادم والكاهن.. لقد ترك آثارا ستبقي مع الزمن يسير في دربها خدام الرب.. ليباركنا الرب بصلواته وشفاعته..
مجدي مراد – خادم بكنيسة العذراء أرض الجولف
من نعم ربنا علي
أكتب عن أخي ورفيق عمري من عام 1972 في خدمة كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة.. نفس الشخصية الفريدة في المحبة والبساطة والاتضاع والسلام.. ومن نعم ربنا علي من وقتها عشرتنا الأسرية مع زوجة الملاك هاتاسو وأولادهما نوفير ورانوا وفرت, توأم أولادي مينا ومايكل لأنهم في نفس السن. دخلوا المدرسة مع بعض وكانت مشكلة عندهم أنهم بيتكلموا قبطي ومايعرفوش عربي فكانوا أولادي المترجمين لهم.
كان حبيبي وعشرة عمري المتنيح أبينا يوحنا ثابت أنه يحتاج لترشيح أحد لرسامة كاهن معه لأنه كان وحده ووقتها لا يوجد من يختار منهم فعرفته علي حبيبي المهندس جورج وتمت مقابلته وتم اختيار ربنا لرسامته في كنيسة العذراء مريم بأرض الجولف وأفاض علي الشعب بكل صفاته الفريدة التي جعلت الشعب يتعلق بالكنيسة وبربنا وأنا أعلم كم من نفوس بعيدة قربهم لربنا عن ربنا ببساطته وخفته لكل نفس مهما كانت فهو موهبة في تشجيع صفاء النفوس ويقبلهم ويحتضنهم علي ما هم عليه ويشجعهم.
القس ميخائيل إبراهيم
ابونا بيجول.. الهادئ الصوت المتواضع
الأبوة الحقيقية
أبونا الحبيب الغالي القمص بيجول باسيلي هو كاهن فريد ومميز جدا وعندما اتحدث عن تميزه وتفرده لا أقصد عذوبة وروحانية قداساته وصلواته مع أنها كانت مميزة جدا، ولا أقصد بساطة وعمق تعليمه وعظاته مع أنها كانت كذلك، ولا أقصد أنه كان مميزا في عشقه للقراءة والمعرفة، وكم من الليالي التي رأيناه فيها ساهرًا يقرأ ويبحث في كل النواحي، ولا أقصد تميزه وحبه لتاريخ الكنيسة وبراعته في سرد القصص بطريقة شيقة جدا، وتمسكه الشديد بهويته المصرية القبطية بالرغم من بعده عن الوطن سنوات طويلة حتى أنه أخبرني أنه حرص أن يظل محتفظاً في جواز سفره المصري أنه كاهن كنيسة العذراء أرض الجولف (في خانة المهنة).
ولا أقصد تميزه بالحضن المفتوح والحب الحقيقي غير المشروط لكل واحد والذي جذب الكثيرين للمسيح وخلص الكثيرين من شباك عدو الخير بدون وعظ ولا كلام مجرد حضن مفتوح ومحبة حقيقية وقبول غير مشروط.
ولا أقصد ابتسامته المميزة وبشاشته الدائمة بالرغم من كل الظروف والمواقف حتي المؤلم منها وهنا اتذكر عندما سمعنا بخبر نياحة والد أبينا بيجول بالجسد لم تفارقه بشاشته، ولم يفارقه سلامه وعندما اتصلت به لتعزيته في نياحة زوجته الفاضلة كان هو الذي يمنح السلام والعزاء, ولا أقصد أيضا تواضعه الحقيقي بغير افتعال مع الكل الكبير والصغير, وهنا يحضرني عندما كنت في زيارة إلي ألمانيا أصر أن يستقبلني في المطار, وأن يدفع عربة الحقائب بنفسه وعندما أخذت بركة الصلاة معه في كنيسة مارمرقس قدمني لشعبه علي أنني أخوه وزميله من كنيسة العذراء أرض الجولف مع العلم أنه لو قدمني علي أنني أصغر أولاده وهي الحقيقة لكان هذا كرما وشرفا لا أستحقهما.
كان بالحقيقة يطبق وصية لا تنسوا إضافة الغرباء (عب 13:2) بكرم وتواضع وتلقائية.
ولا أقصد تميزه وجرأته في إعلان الحق بحكمة وجرأة واحتماله الكثير من المضايقات بسبب تمسكه بالحق, ولا أقصد براعته في مسالمة جميع الناس حتي المختلفين معه وتمسكه بالحق والسلام في نفس الوقت, فقد كان حقا لا يخاصم ولا يصيح, ولا يسمع أحد في الشارع صوته ( مت 12:19).
ولا أقصد تميزه في أننا لم نره يوما غاضبا أو متذمرا أو شاكيا من أي وضع صعب أو ظروف سيئة مر بها (لكنه كان شاكرا كل حين علي كل شيء في اسم ربنا يسوع المسيح, لله والآب. (أف 5:23).
أحبائي إن كل ما سبق قد ينطبق كله أو بعضه علي كثير من الرعاة والآباء وقد يمنحهم شيئا من التميز. لكن ما تميز به وتفرد به أبونا الحبيب هو إنه كان مسيحا حقيقيا مريحا سهلا شاملا يمشي علي الأرض كانت أبوته مميزة لأنها انعكاس لأبوة الله وكهنوته فريد لأنه بالحقيقة كان الصورة المنظورة لكهنوت المسيح غير المنظور.
والآن أبونا الحبيب لما كملت أيام خدمته مضي إلي بيته. (لو 1:23). بعد أن قدم مثالا حقيقيا نادرا في الأبوة والكهنوت.
إذا أردنا أن نكرم أبانا الراحل فأقل شيء أن نأخذ من حياته مثالا وقدوة واضعين أمام عيوننا وصية الكتاب اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله, انظروا إلي نهاية سيرتهم فتمثلوا بإيمانهم (عب 13:7).
نطلب من الله نياحة وراحة لنفس أبينا الحبيب مع الأربعة والعشرين قسيسا الجالسين حول العرش, ونطلب عزاء الروح القدس لأسرته وشعبه وأولاده في مصر وألمانيا وفي كل مكان. واثقين أنه يكمل صلاته وخدمته لنا من مكان أفضل.
القمص أنطونيوس تكلا
كنيسة الشهيد أبانوب والقديس الأنبا أنطونيوس نيوجيرسي