حالة من الحزن العميق أصابت المصريين برحيل الفنان القدير وعملاق الكوميديا في مصر الفنان الذي أمتع جماهير الشاشتين الكبيرة والصغيرة، حسن حسني الذي رحل عن عالمنا الليلة الماضية إثر أزمة قلبية مفاجئة، وجاءت وفاته وسط حالة هلع وخوف من وباء كورونا الذي بات يهدد الجميع وكأن الأقدار تحمل مزيدا من الألم برحيل فنان محبوب كان وجود اسمه علامة جودة للعمل الفني سواء كان العمل كوميدي أو تراجيدي.
ولد حسن حسني في ١٩ يوليو عام ١٩٣١ في حي القلعة، وكان والده مقاولا للمباني، توفيت والدته وهو في السادسة من عمره، وانتقل إلى حي الحلمية الجديدة وحصل على التوجيهية عام ١٩٥٦.
منذ طفولته، وشارك في فرق التمثيل بالمدارس منذ كان طالبا في الابتدائي وحصل على العديد من الميداليات، وبدأ حياته الفنية في الستينيات في المسرح الذي صدر للفن عمالقة وعباقرة في التمثيل، وتنقل بين مسرح الحكيم والمسرح القومي والحديث، ثم انضم لفرقة جلال الشرقاوي وعمل فيها ما يقرب من 10 سنوات.
تعود بداية حسن حسني في السينما بمشاركته في دور صغير بفيلم الكرنك عام 1975، ولكنه حصل على دور أكبر في فيلم سواق الأتوبيس للمخرج عاطف الطيب عام 1982، وبعدها استعان به الطيب في عدد من أفلامه، ومنها البريء، البدروم، الهروب.
وبخطوات ثابتة واثقة وجهد سنوات طويلة استطاع الفنان الكبير أن يضيف إلى رصيده ويلفت الأنظار إليه مع كل دور يقوم به، ورغم تأخر نجوميته تمكن من اقتناص الجوائز والأضواء من جانات السينما بالأدوار الثانية ويثبت أنه فنان مختلف يستطيع القيام بأدوار مختلفة ومتنوعة، واستعان به كبار المخرجين في العديد من الأعمال السينمائية والتليفزيونية، وخاصة مع بداية التسعينيات التي استطاع خلالها اقتناص العديد من الجوائز منافسا كبار النجوم وأصحاب الأدوار الأولى والبطولات.
حسن حسني مبدع تراجيديا ويحصد الجوائز
أبدع حسن حسني في التراجيديا بقدر إبداعه في الكوميديا، فجسد دور «ركبة القرداتي» بفيلم سارق الفرح وهو دور مركب وشخصية صعبة، وقال عن هذا الدور:» أخدت عنه 5 جوائز منهم جائزة من إيطاليا».
كما حصد عددا من الجوائز عن فيلم دماء على الأسفلت، وكان بطله الفنان نور الشريف، وكان قد صرح حسني عن هذا الفيلم قائلا : أخدت عن الفيلم ده عدد من الجوائز، ومنها جائزة أحسن ممثل سنة 93، واستلمها المخرج عاطف الطيب لأني كنت مسافر، وكان المعتاد إن الجائزة تروح للجانات، وكانت مفاجأة أني أنا اللي أفوز بيها لأني باعمل أدوار ثانية، وعندما أذيع أسمى ساد الصمت في القاعة لمدة دقيقة وماحدش كان مصدق وبعدها اهتزت القاعة بالتصفيق».
كما حصل الفنان حسن حسني على جائزة أحسن ممثل من مهرجان الإسكندرية السينمائي عن فيلم فارس المدينة، وقدم العديد من الأدوار المميزة في أفلام «ليه يابنفسج، وفرحان ملازم آدم»، وغيرها عشرات الأعمال، حيث تجاوز عدد أفلامه 200 فيلم.
وأضاف «أخدت جوايز كتير وكلها عزيزة على قلبي والتكريم الأخير في مهرجان القاهرة السينمائي جعلني في غاية السعادة لأنهم كرموني قبل ما أموت».
الأعمال التليفزيونية وحالة العشق الجماهيري
أبدع العبقري في عشرات الأدوار الدرامية على شاشة التليفزيون، قدم خلالها شخصيات متعددة في مسلسلات اجتماعية ودينية وتاريخية، حلم الجنوبي، أرابيسك، بوابة الحلواني، أم كلثوم، سمارة، العار، عفاريت السيالة، أميرة في عابدين، الأبطال، أيام المنيرة، ساعة ولد الهدى، المال والبنون، وداعا قرطبة، السبنسة، الكهف والوهم والحب، رأفت الهجان، رحيم، وغيرها من روائع الدراما. ويعرض له حاليا مسلسل أبو جبل.
القشاش
وأطلق الكاتب الراحل موسى صبري على الفنان حسن حسنى لقب القشاش لقدرته على أداء كل الشخصيات والأدوار الصعبة، فهو «الصول شرابي» الذي يقف أمام ابنه ليحاكم نفسه في مشهد عبقري بمسلسل المال والبنون، والضابط فهيم في فيلم «البريء»، والأستاذ وفائي الفنان صاحب المبادئ في مسلسل أرابيسك، وهو الأب في مسلسل «رحيم» الذي أبكى الجميع في مشاهده حين عثر عليه ابنه بعد فترة تشرد فيها وساعده على الاستحمام، فحسن حسنى قادر على أن يضحكك ويبكيك بنفس القوة والإتقان.
المسرح في حياه حسن حسني
تألق النجم الكبير ابن المسرح في عدد من المسرحيات الهامة التي حققت نجاحات مذهلة ومنها مسرحية على الرصيف مع سهير البابلى وحسن عابدين، ومسرحية اعقل يا مجنون مع الفنان محمد نجم، ثم انطلق فى مسرحيات عفرتو، جوز ولوز، حزمنى يا، وساعد فى هذه المسرحيات الكثير من الشباب الذين أصبحوا نجوما للكوميديا، وكان آخر هذه المسرحيات مسرحية «صبح صبح» مع الفنان محمد سعد منذ عامين، وعن احتمالية عودته إلى المسرح بعمل جديد، قال الفنان حسن حسنى: «المسرح عاوز مجهود كبير».
أثبت الفنان الكبيرحسن حسنى أن الممثل المبدع يستطيع أن يخطف الأضواء والأنظار وحب الجمهور ولو ظهر تتفى مشهد دون أن يتكلم، ومهما صغر حجم دوره، وأن يضع بصمته على كل عمل فنى يقوم به بصرف النظر عن حجم الدور، فأثبت للجميع عن جدارة أنه أحد وحوش التمثيل وعمالقته وعباقرته.
الأب الروحي لشباب الكوميديا في مصر
ويعتبر الفنان الكبير حسن حسنى الأب الروحي لكل فناني الكوميديا من الجيل الحالي الذين ساندهم في بداية حياتهم الفنية وحرصوا جميعا على الظهور بجواره ليمنحهم صك النجومية والخبرة والشهرة، ومنهم الفنان الراحل علاء ولى الدين في أفلام «عبود على الحدود والناظر صلاح الدين»، والفنان محمد هنيدي الذى شاركه العديد من الأفلام والمسرحيات ومنها: «ياانا ياخالتى، عسكر في المعسكر، مسرحية حزمنى يا وغيرها من أعمال»، والفنان أحمد حلمى في «ميدو مشاكل»، وهانى رمزى في فيلم «غبى منه فيه»، ومحمد سعد في «اللمبى، واللى بالى بالك»، وحمادة هلال في «عيال حبيبة» ورامز جلال في «أحلام الفتى الطائش»، وغيرها عشرات الأعمال كان فيها الفنان حسن حسنى سندا لجيل كامل من الشباب الذين استندوا على كتفه فمنحهم من نجوميته وخبرته، وظلت الشخصيات الكوميدية التي قام بها راسخة في أذهان الكبار والصغار، فهو «ضبش الحرامى» في فيلم «غبى منه فيه»، والأستاذ سيد في الناظر صلاح الدين، ووالد علاء ولى الدين في فيلم «عبود على الحدود»، ووالد محمد هنيدى في «عسكر في المعسكر، وياانا ياخالتى»، ووالد أحمد حلمى في ميدو مشاكل، وعم باخ في «اللمبى».. وغيرها مئات الشخصيات التى أبدع فيها الفنان الكبير.
الممثل عابر الاجيال
قال عنه المخرج داود عبد السيد إنه “ممثل مُلهِم عابر للأجيال، استطاع أن يستمر بنفس التوهج على مدار سنين طويلة”. فبعد نحو 300 عمل على مدى أكثر من 50 عاما، لم يكتف الفنان القدير حسن حسني بالانفراد بالنجومية، بل اختار أن يسخرها لدعم جيل الفنانين الشبان في فترة التسعينيات، قائلا “لقد منحني عماد حمدي فرصة في سواق الأتوبيس غيرت مجرى حياتي، فلمَ لا أقف إلى جوار هذا الشباب الصاعد؟”، لتصبح مشاركته في أفلام الشباب بمثابة صك للنجومية.
ننعي اليوم فنانا قدم علي مدار 50 عاما ما يقرب من 500 عمل اثري خلالها الفن المصري والعربي وله 5 افلام ضمن قائمة أفضل 100 فليم في السينما المصرية، وداعا حسن حسني.