دعا الرب يسوع ، المعلم الإلهي ، تلاميذه إلى قداسة السيرة التي رسمها هو بذاته في حياته كلها .
وتمّمها عندما أفاض على الجميع الروح القدس الذي يدفع المؤمنين إلى حب الله والقريب ، اي إلى القداسة والكمال .
وقال لنا في تعاليمه : ” كونوا أنتم كاملين ، كما أنّ أباكُمُ السماويّ كامل ” . ( متى ٥ : ٤٨ ).
وقد أضاف القديس بولس محرضاً المؤمنين أن يعيشوا ” كما يليق بالقديسين ” .
فجميع المؤمنين بأيةِ حالةٍ أو درجةٍ كانوا هم مدعوون إلى كمال السيرة المسيحية وإلى كمال المحبة . مستفيدين من النعم التي نالوها على قدرِ ماشاءَ المسيح أن يوزعها عليهم حتى إذا ما اقتفوا أثره ، وصاروا مشابهين لصورته ، وأطاعوا في كل أمرٍ مشيئةِ الآب ، يتكرسون من كلّ قلوبهم لمجدِ اللهِ وخدمةِ القريب وعلى هذا المنوال تأتي قداسة شعب الله بثمارها الوافرة ، وهذا ما يظهر في سيرة الكثيرين من القديسين والقديسات في تاريخ الكنيسة .
فهؤلاء كانوا بشراً مثلنا ، تجاوبوا مع النعم التي أفاضها عليهم روح القدس واجتهدوا في السير بطريق الكمال ، فمنهم من توحد في صومعته ، ومنهم من مارس خدمة الكنيسة أو التعليم أو التأليف أو الوعظ والإرشاد أو تربية الشبيبة أو نشر اسم المسيح ، وكلّ واحدٍ في أي طريقٍ سار حاول أن يُكمِّلَ المسيرة بروحِ المسيح فوصل إلى القداسة .
إن مريم العذراء التي حيّاها الملاك جبرائيل قائلاً : ” إفرحي ، أيّتُها المُمتَلئةُ نِعمةً ، الرّبُّ مَعَكِ ” ( لوقا ١ : ٢٨ ) ، هي مثالنا الأعلى في طريق القداسة ، فلنسر على خُطاها مُلبين دعوة المسيح للكمال الروحي .