قالت مريم في نشيد “تعظم نفسي الرب” الذي ردَّدَتهُ يوم زيارتها لنسيبتها اليصابات أن الرب : ” شتَّتَ المُتكَبَّرين ورفع المتواضعين” ( لوقا ١ : ٥١ – ٥٢ ) ولقد تحقق هذا القول في شخصها، إذ إستحَقَّت من الأب السماوي نعمةً وامتيازاً ( لوقا ١ : ٣٠ ) لم يمنح لغيرها من البشر، إلاَّ لمريم مُكافأةً لتواضعها العميق، وحياة الألم التي عاشتها، وهذا الامتياز هو إنتقالها بالنفس والجسد إلى السماء.
إنها مُكافأة خاصة بمريم، إذ لم يكن معقولاً ولا مقبولاً أن يخضع للموت ذاك الجسد الطاهر الذي منه وِلدْ الكلمة الإلهية.
كيف تضم الأرض هذا الجسد النقي، أو كيف يمكن للعناصر أن تحلِّله وتلاشيه؟
إن انتقال مريم إلى السماء بالنفس والجسد عقيدة إيمانية لها جذورها في التقليد المسيحي المتواتر عبر التأريخ في الشرق والغرب.
إن للجسد في التفكير المسيحي حرمةً وكرامةّ وقداسةً ، لأنه هيكل الله ” فنحنُ هيكلُ الله الحي ، كما قَالَ الله : سأسكُن بيتهم وأسيرُ بينهم وأكونُ إلهَهُم ويكونون شعبي ” ( قورنتس الثانية ٦ : ١٦ ) ومسكن الروح القدس، منذ أن يحلّ فيه بالعماد المُقدّس أولا ً، ويتغذى هذا الجَسد بالقربان المقدس وسائر الأسرار ثانياً . فهو مزمع أن يقوم بالمجد في الملكوت السماويّ .
فلنجعل من أجسادنا آنية طاهرة مكرسة لله لنستحق المجد السماوي قرب مريم العذراء.
يا سيدة الإنتقال بالنفس والجسد إلى السماء تضرعي لأجلِنا .