ثقتنا بمريم والدة الإله :
لنكن على ثقة بأن كل ما نفعله لإكرام العذراء مريم لا نزيد به الأكاليل المعدة لنا في السماء بهجةً وضياء فقط، بل نستمطر علينا ونحن على الأرض أيضاً نعماً وتعزيات وافرة روحية وسماوية. وهذا الأمر يحققه لنا الاختبار الشخصي فلا حاجة إلى اثباته .
فلِمٓ الكنائس العظيمة والمعابد العديدة المشيّدة على اسمها؟ ولِمٓ الجمعيات والأخويات الموضوعة تحت حمايتها؟
وعمّ تخبر الأعياد والأيام المخصصة بها المبتهجة بضياء مناقبها، والمتعطرة بزهور فضائلها؟ أليست كلها ألسنة ناطقة باعتناء مكرميها، وتكاتف الجميع واتحادهم لتعظيمها وتكريمها؟
أما يشهد بحسن مجازاتها لمكرميها ربما نالوا بواسطتها من النعم التي يصعب علينا إحصاؤها، فكم أفرجت عن متضايقين.. وكم أغاثت من مظلومين.. وعزّت من حزانى ومضطهدين.. وشفت من مرضى.. وأغنت من فقراء.. ونجت من مهددين بالأخطار والهلاك..
فإكرامها لم ولن يتوقف من وجدان وضمير وقلب الإنسان، ولا من شعوب الأمم.
العذراء لا يطوبها المسيحيون فقط بل غير المسيحيين أيضاً كما تنبأت هي بنفسها قائلةً: ” وستطوبني بعد اليوم جميع الأجيال” (لوقا ١ : ٤٨ ) .
وعنها قال ابن سيراخ : ” تُعظم في شعبها وتُمجد في ملأ القديسين وتُحمد في المختارين وتُبارك بين المباركين”( ٢٤ : ٣ – ٤ )
ولذلك القديسون المستنيرون بنور الله، لتأكيدهم ضرورة إكرامها قد تمسكوا به في كل وقتٍ وحينٍ وعصر محرضين الغير عليه، وبالأخص القديس كريكور الناريكي والقديس إفرام السرياني والقديس برنردس والقديس توما الأكويني اللاهوتي الذين نسبوا إليها كل ما أنعم عليهم من علم وقداسة .
أفعال وعواطف الإكرام :
والآن لم يبقى علينا إلاّ أن نعرف على أي شيء يقوم هذا الإكرام. فإنه يقوم على ثلاثة أفعال أو ثلاثة عواطف، أعني بها:
عاطفة الإحترام والإجلال المقابلة لعظمتها وسمو مقامها بصفتها ” أُم الله “، وعاطفة الرجاء والإتكال المقابلة لقدرتها وجودتها، إذا التجأنا إليها في إحتياجاتنا. وعاطفة الحب البنوي المستوجبة كمالاتها، وصفة كونها أُمنا الحبيبة الغالية.
فمن هذه العواطف الثلاثة تولد جميع عواطف القلب التي تقيّم إكرامها وتكملّه .
فإذا أحببت، أخي المؤمن، أخي القارئ، أن تكون لها ابناً صادقاً وخادماً أميناً وعبداً مخلصاً، فاجتهد أن تحبها حُباً جماً، وتثق بها ثقة تامة، معلناً احترامك لها ومديحها والثناء عليها بالثقة التامة بها وفي الإلتجاء إليها في جميع المحن والشدائد.
وهكذا من قبلك أكرمها جميع القديسين .