رحل الكاتب والصحفي والروائي الدكتور عمرو عبد السميع، والذي كان يُعد موسوعة ثقافية وسياسية وفنية.
وكان من أبرز كتاب جريدة “الأهرام”، وصاحب عمود “حالة حوار” الذي يكتبه يوميًّا منذ سنوات، كما أنه باحث سياسي بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، وله ما يقرب من 1000 مقال، ومشهود له بالمواقف الوطنية والتصدي لحملات الهجوم على مصر.
كان يتابع ويشاهد ويحلل ما يجرى في مصر والعالم، وسنوات عمله في لندن أدت إلى معرفة عميقة بتشابكات السياسة والاقتصاد والعلاقات الدولية.
قدَّم عبد السميع عددًا من البرامج التليفزيونية؛ منها برنامج “حالة حوار” على شاشة القناة الأولى بالتليفزيون المصري، والذي توقف عام 2011 بعد قيام الثورة، كما سبق أن حاور من خلاله الرئيس الأسبق حسني مبارك.
واشتهر عبد السميع بارتباطه بالرئيس الراحل حسني مبارك، و اشتهر أيضًا بمعاداته لجماعة الإخوان المسلمين ومشروعها السياسي.
كان للراحل عشرات المقالات واللقاءات الإعلامية التي فضح فيها ممارسات الجماعة “الإرهابية” في مصر، بالإضافة إلى الحركات التي تحصل على تمويل ودعم خارجي.
هاجم عبد السميع الولايات المتحدة الأمريكية في فترة حكم أوباما، قائلًا: الأوضاع أصبحت مكشوفة.. الولايات المتحدة تتآمر على مصر وتقدم السلفيين كبديل لـ”الإخوان”.
وصدر للكاتب الراحل العديد من الأعمال الأدبية والصحفية، وعددًا من الكتب الساخرة، التي تميز في كتاباتها عمرو عبد السميع، ومن أشهر كتبه ” ساعة عصاري” و” النسوان”،” وأنا والحبيب”، والكاميليا والزمان” , والدم والعصافير .وكان آخر ما كتب الكاتب الكبير في عموده بـ”الأهرام، “حالة حوار”، في العدد الصادر الأسبوع الماضي ، مقالاً بعنوان “بلا ضمير وبلا وعي”، حيث قارن بين “الإعلام الوطني” وإعلام جماعة الإخوان “الإرهابية”، الذي وصفه بأنّه بلا ضمير ويُنتج شعباً بلا وعي.
شغل الدكتور عمرو عبد السميع العديد من المناصب بمؤسسة “الأهرام”، من بينها مساعد رئيس تحرير “الأهرام”، ومدير مكتب “الأهرام” في لندن، ورئاسة تحرير طبعة “الأهرام” الدُّولية، وذلك بعد عودته من لندن، وخارج عمله بـ”الأهرام” عمل نائباً لرئيس تحرير مجلة “المجلة” في لندن من 1981 حتى 1985، ومديراً لمكتب صحيفة “الحياة اللندنية في القاهرة”، ومديراً لتحرير مجلة “الوسط” التابعة لدار الحياة من عام 1989 حتى 1995.
ولد الراحل المولود في 4 نوفمبر عام 1955، وحصل على بكالوريوس الإعلام عام 1976، من ثمّ حصل على الماجستير عام 1980 بتقدير امتياز، وحصل على الدكتوراة في مجال الصحافة عام 1984 بمرتبة الشرف الأولى مع التوصية بالطبع والتبادل، وعمل معيداً ومدرساً مساعداً ثم مدرساً في كلية الإعلام جامعة القاهرة حتى عام 1981.
وحصل على «جائزة نقابة الصحفيين» في الحوار الصحفي عام 1989 وحصل على «جائزة علي ومصطفى أمين» عن مؤلفاته في الحوار الصحفي عام 1984.
وللكاتب مؤلفات مهمة من بينها “أحاديث الحرب والسلام والديمقراطية”، و”على ضفاف الثقافة: حوارات حول المستقبل”، و”الأشرار: لوحات ساخرة من مصر المعاصرة”.
وحول مسيرته، وأهم أعماله التقت وطني، عددًا من الكتاب والنقاد.
قال عبد المحسن سلامة رئيس مجلس إدارة صحيفة الأهرام ونقيب الصحفيين الأسبق لـ”وطني”: إن الدكتور عمر عبد السميع كان أحد كبار الكتاب، متعدد المواهب، حصل على شهادة الدكتوراة، وفنان كاريكاتير، وكان والده عبد السميع عبدالله رسام كاريكاتير، ورث الموهبة عن أبيه وثقافته واهتمامه بالعمل في مجال الصحافة واحتكاكه بجيل من أوائل الكتاب الصحفيين ذو طابع مهني ثقيل.
وأضاف عبد المحسن سلامة، أن عبد السميع تدرج في عدة وظائف داخل مؤسسة الأهرام الصحفية بداية بعملة كمدير مكتب الأهرام في لندن، و واشنطن ومشرف على الطبعة الدولية في الفترة الأخيرة بعد عودته من واشنطن , و جمعني به عملًا في قسم التحقيقات في الطبعة الدولية معه وقت ما كان مشرفًا عليها , واستمرت تربطني به علاقة جيدة خاصة على المستوى الإنساني والمهني، فكان عبد السميع دؤوب ومطلع وقاريء جيد وكاتب لمقالات وكتب كثيرة وله إسهامات متعددة , وكاتب وطني متميز محددًا لقضاياه الوطنية الذي يتحدث عنها وثوري , وهذه كانت أحد أهم العلامات المميزة في كتاباته الوطنية.
وأشار رئيس مجلس إدارة الأهرام، إلى أن الدكتور عمرو عبد السميع كان في آخر أيام مرضه متحاملاً على نفسه، وأن آخر مقال كتبه من داخل غرفة العناية المركزة في المستشفى فهو نموذج للشباب الصحفيين في أن كيف يكون الصحفي متميز ومبدع، فكان الدكتور عمرو يحب القراءة بصفة مستمرة ويتابع لأهم القضايا ويجتهد في عمله ويطور من نفسه.
اختتم عبد المحسن سلامة حديثه لـ”وطني”، موضحًا أن الروائي الراحل الدكتور عمرو عبد السميع كان صحفيًا متميزًا له قائمة طويلة احتوت على كتب ومقالات منشورة في صحيفة الأهرام والحياة اللندنية والشرق الأوسط وروزليوسف اليومية وإسهاماته المتعددة الأخرى وله سلسلة كبيرة من المؤلفات والكتب، كان يقدم برنامجاً سياسياً يتمتع بمرونة وخفة ظل.
بينما قال الناقد عمر الكاشف لـ”وطني”، إن وفاة الكاتب والدكتور عمرو عبد السميع عن عمرو يناهز 65 عام كانت فاجعة لنا, ولكن في المقام الأول هو قضاء الله وقدرة وحكمته الإلهية في الحياة، ربطني بالدكتور عمرو السميع مواقف مباشرة في العمل معة فمنذ لقائي به في مبنى ماسبيرو ببرنامجه الشهير “حالة حوار”، على فضائية القناة الأولى عام 2008 ، حيث كان يستضيف العديد من الوزراء والمثقفين و السياسيين والصحفيين من أحزاب وصحف متنوعة، و رغم أنّه كان يقدم برنامجاً سياسياً فإنّ أسلوب تقديمه للبرنامج كان يتمتع بمرونة وخفة ظل.
وسبق لعبد السميع محاورة الرئيس الراحل حسني مبارك عبر هذا البرنامج الذي كان يتمتع بنسبة مشاهدة لافتة، وكان يستضيف ضيوف من العيار الثقيل، واستطاع إلى توصيل خبرتة للأجيال الشابة الذي عاصرته في ذلك الوقت، وإعطائه الفرص للشباب وفتح باب الأسئلة معهم في برنامجه حالة حوار، وفي نفس الوقت استطاع عبد السميع أن يشق طريقه ويحفرمكانه له بين عشرات كبار الكتاب على الساحة، وكان رجلًا له آرائه الوطنية والفكرية البنائه ومقالاتة بصحيفة الأهرام، والتي لاقت قبول الجماهير.
وكون عمرو هذا الجمهور عن طريق كتاباته وبرنامجه “حالة حوار”، في ماسبيرو.
وأضاف الناقد،أن رحيل الدكتور عمرو عبد السميع يعد خسارة فكرية لمصر وللوطن العربي فرحل بروحه ولكن سيبقى علمه، وقلمه، وفكره، خالداً إلى الأبد.
وأشار “الكاشف”، إلى أبرز مواقفه مع “عبدالسميع”، قائلًا:” منذ 12 عاماً حضرت معه إحدى الحلقات ببرنامج “حالة حوار”، وكان وقتها مستضيف أحمد جمال الدين وزير التربية والتعليم عام 2008 وطرحت سؤالًا عليه, لماذا لم يتم إلغاء الدروس الخصوصية، فرد عليه الوزير، إن هذا الموضوع ليس بهذة السهولة مطلقاً ولا تستطيع السيطرة عليه, ورد عليه عبد السميع يجب تحسين الأحوال للمعلمين وكانت لافتة طيبة منه، وكان دائم الوقوف مع فئات الشباب وكافة المهن.
وأشار عمرالكاشف، إلى أنه بعد الانتهاء من كواليس برنامج حالة حوار طرح سؤالًا عليه.. لماذا سميت هذا البرنامج باسم حالة حوار على التلفزيون المصري؟ فأجابني لتركيزي على الحوار وأسئلته بتعمق ولا نتشتت بأي فرعيات أخرى.
وكان ضيوف البرنامج من النخبة والوزراء والكتاب والشباب فكلها ذكريات لم تمحو من ذاكرتي مطلقاً.
وذكر “الكاشف”، كواليس أخرى لـ”وطني”، أنه كان لا يلقن ضيوفه الأسئلة أو الإجابات أو قصده لمجموعة من الشباب والفتيات بعينها فلا صحة لهذا الكلام، بل كان يحب أن يمنح فرص للشباب فبرنامج حالة حوار كان أكثر البرامج التي خلقت ضجه للكاتب الراحل.
استكمل الناقد حديثه عن الراحل عمرو عبد السميع، أنه قد تتلمذ على يديه مجموعة كبيرة من الشباب الصحفيين في الأهرام وسيبقى فكر وقلم عمرو عبد السميع منهج وأسلوب متبع في طريقهم ومشوارهم بالعمل الصحفي، عمرو عبد السميع تميز بحثه الفكاهي وحضوره الخفيف.
وقال الكاتب والروائي يوسف القعيد لـ”وطني”، إن بداية معرفتي بالدكتور عمرو عبد السميع كان في الوقت الذي قرر فيه تقديم استقالته من الجامعة والتفرغ للعمل الصحفي فقليلون من نجدهم يفعلوا ذلك وكثيرًا منهم الذين يجمعون بين العمل الصحفي والأكاديمي، ولكنه كان شجاع بقرار تقديم الاستقالة من كلية الإعلام جامعة القاهرة، رغم ما كان ينتظره مستقبل لكنه قرر أن يتفرغ للعمل الصحفي.
وأكد “القعيد”، أن عبد السميع كان قد قدم رسالة دكتوراة شديدة الأهمية عن الكاريكاتير الساخر في الصحافة المصرية، وطبعت في كتاب من دار سعاد الصباح للتوزيع والنشر ولاقا رواجاً غير عادي، والتحقت في العمل معه في مكتب صحيفة الحياة اللندنية بالقاهرة و مكتب صحيفة الشرق الأوسط بالقاهرة وكان منضم إلينا وقتها اثنان من كبار الكتاب جمال عنايت وعماد الدين أديب.
وأشار القعيد،إ لى أن عبد السميع تميز بحثه الفكاهي وحضوره الخفيف، فكان ابن نكتة مصري ووالده كان زميلًا وصديقًا شخصي لي، رسام الكاريكاتير المشهور عبد السميع عبد الله في جريدة دار الهلال، وكان مكتبه مجاور بمكتبي وأراه بشكل يومي ومنتظم وكان يسكن في ميدان سليمان باشا وكنت أعرفه قبل أن التقي الدكتور عمر عبد السميع.
وأوضح الكاتب يوسف القعيد، أن الراحل عمرو عبد السميع حول كتابة الرواية وله أكثر من نص منشور ولديه قدرة إبداعية نادرة وجميلة لم ينظر لها الناس بسبب انشغاله بكتابة عامود يومي في صحيفة الأهرام والانخراط في العمل الصحفي أكثر من الروائي، فالكاتب هو القادر على كتابة بورتريهات “ضاحكة، باسمة، جميلة”، يستطيع استخراج منها الضحكة.