قال السيد المسيح لتلاميذه:كل شيء تطلبونه وأنتم تصلون بإيمان تنالونه(متي21:22) بالرغم من أن العالم يملك من القوة والمال والعلم, إلا أنه عاجز أمام فيروس كورونا المستجد الذي أثبت ضعف الإنسان وهشاشته لذلك يجب علينا أن نعلم جيدا بأنه عندما يعجز الإنسان,فالله يبقي الملجأ الوحيد, لأن الله قادر علي كل شيء ولا يوجد أمامه مستحيل.
كما يجب علينا أن نلجأ للصلاة والدعاء حتي ينجينا الله من هذا الوباء, وهذا ما قام به قداسة البابا فرانسيس عندما دعا شعوب العالم كل واحد حسب إيمانه ومعتقداته إلي صلاة مشتركة نرفعها لله القادر علي كل شيء يوم الخميس الموافق14مايو الجاري, طالبين منه أن ينجينا وينقذنا من هذا الوباء.
فالصلاة لها قوة سحرية تفوق قوي العالم.
وكما يقول أحد السياسيين الأسبان:الذين يصلون يعملون في سبيل العالم أكثر من الذين يحاربون وإذا كان العالم يتحول من سوء إلي أسوأ,فالسبب الرئيسي أنه توجد معارك أكثر مما ترفع صلوات.
فالصلاة تربطنا بالله وتوحد فيما بيننا,لأنها حديث الأبناء ولقاء المحبة مع الله الأب الذي يجمعنا معا برعايته وعطاياه.
ولا يوجد أي مبرر نعفي به أنفسنا من الصلاة وتخصيص وقت لله, لأنه واجب علينا أن نعطيه من وقتنا كل يوم, فهو الذي يجود علينا بالحياة كلها من المهد إلي اللحد.
ونتعلم من نصيحة العالم والنابغةأمبير الذي قدم للإنسانية أعظم خدمة باكتشافه التيار الكهربائي والتلغراف, وقد لخص نجاحه في خطاب كتبه لابنه الطالب في جامعة باريس قائلا له:بني الحبيب!اعكف علي الدرس بعين واحدة ولتكن الأخري محدقة دوما في الله الحاضر أمامك فهو وحده يوليك الذكاء الحقيقي.
وانصت إلي أساتذتك العلماء بأذن واحدة لتكون الأخري علي استعداد دائم لسماع صوت الله الذي يتكلم في داخلك, وإن كتبت لا تكتب إلا بيد لتمسك بالأخري يد الله علي نحو ما يفعل الطفل الذي يتشبث بيد والده,فإن لم تفعل ما أوصيك به عثرت وتحطمت.
إنه درس يساعدنا علي ابتكار وقت للصلاة مهما كانت ارتباطاتنا علينا أن نثق في أبوة الله الذي يحقق لنا كل ما نريده من خير, فهو العالم بكل ما نحتاج إليه كما أن الالتجاء إلي الله بواسطة الصلاة والحديث معه, هو عرفان بالجميل لما يقدمه لنا طوال حياتنا ولا نستطيع أن نتخيل سعادة الله عندما نفتح له قلبنا,كما يحدث عندما تقيم حوارا مع الشخص الذي نحبه ونثق به, لأنه تعبير عن حبنا وإخلاصنا له وثقتنا فيه.
فالصلاة هي لقاء وحوار بنوي للإنسان العاجز مع أبيه السماوي الذي يسعفه في كل لحظة ولكن ليست حسب تقويمنا وساعاتنا الشخصية بل حسب إرادة الله الذي يعلم جيدا ما هو خيرنا فإذا كان الله قادرا علي كل شيء فلماذا لا نلجأ إليه في كل أمورنا ولكن ليس للطلب فقط وإنما لنشكره علي كل لحظة نلنا فيها من نعم وعطايا دون أن نشعر بذلك.
من المحتمل أن يتساءل البعض:لماذا ينتظر الله منا الصلاة وطلب ما نحتاج إليه بالرغم من أنه يعلم كل شيء؟ الأبوة وحدها تساعدنا علي فهم معني انتظار الله لصلاتنا فالله ينتظر حديثنا معه كأب لأن الحديث هو سعادة المحبين وعندما يوجد الحب بين الأب وأبنائه يصبح الطلب دليل ثقة وطمأنينة وليس سؤالا لحاجة ما, وفي ذات الوقت اعتراف بأبوة الله الذي لا يرفض كل ما هو لخيرنا خلاف ذلك يتقوي بالصلاة ويتجدد وينتعش قلبه ويشعر بالطمأنينة والحيوية التي تتدفق في داخله والأمل الذي ينعش روحه ياله من شرف عظيم نناله في حديثنا مع الله أبينا!
كما أن الإنسان يشعر بالفخر والاعتزاز عندما ينال الفرصة لمقابلة شخصية مرموقة ويدور بينهما حديث ثم يحكي عن هذا الشرف والفخر والامتياز, مع أنه لاتوجد شخصية تقارن بالله, نحن نعيش عالما يشوبه القلق والاضطراب والتشويش والحروب فالعلاج الوحيد هو الصلاة لله لينجينا من كل هذا فالصلاة هي دواء لكل داء أخيرا نرفع صلواتنا لله طالبين منه أن يخفف آلام المرضي ويشفيهم وأن يلهم ذوي الاختصاص القدرة علي اكتشاف العلاج لهذا الوباء, وأن يبارك في جميع الذين يسهرون علي خدمة المرضي.