أقام منذ قليل المكتب الإقليمى لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط مؤتمر صحفى بالفيديو كونفرانس على مستوى 23 دولة هى دول الإقليم بمناسبة مرور 134 يوماً منذ الإبلاغ عن أول حالة إصابة بمرض كوفيد-19 في الصين، و105 يوم على الإبلاغ عن أول حالة إصابة في إقليم شرق المتوسط. وخلال هذه الفترة، أُصيب نحو أربعة ملايين شخص في جميع أنحاء العالم، لقى حتفه منهم للأسف حوالي 300,000 شخص.
وقد تحدث فى المؤتمر واجاب على اسئلة الإعلاميين الدكتور أحمد المنظري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، والدكتور رنا الحجة، مديرة إدارة البرامج، المكتب الإقليمي لشرق المتوسط، ودكتور ريتشارد برنان، مدير الطوارئ الصحية الإقليمي.
وفى البداية تحدث الدكتور المنظرى قائلا
لقد تأثرنا جميعاً بهذه الجائحة، سواءً في حياتنا الشخصية أو المهنية. ولكن هناك فئة من الناس تأثرت حياتهم تأثراً أكبر بكثير، وهم العاملون بمجال الرعاية الصحية في الخطوط الأمامية للمعركة ضد هذا المرض.
ويشارك أغلبُ العاملين في مجال الرعاية الصحية، وعددهم 50 مليوناً تقريباً على مستوى العالم، منهم حوالي 3.5 ملايين في إقليمنا، مشاركةً مباشرةً أو غير مباشرة في الاستجابة لمرض كوفيد-19، ضمن فرق الترُّصد التي تكشف عن حالات الإصابة المحتملة، ومقدِّمي خدمات الرعاية الصحية الذين يشخِّصون المرضى ويعالجونهم، والعاملين في المختبرات، والعاملين في مجال صحة المجتمع، والموظفين بوزارات الصحة الوطنية.
كما وُجِّهت قدرات برنامج المنظمة لاستئصال شلل الأطفال بالكامل نحو مكافحة مرض كوفيد-19. وتوقفت حملات شلل الأطفال مؤقتاً، وبات موظفو البرنامج يعملون على مدار الساعة من أجل استقصاء الحالات، وتتبُّع المُخالِطين، والمسارعة بإرسال العينات إلى المختبرات لاختبارها، وتوعية الناس بسُبُل حماية أسرهم.
وفي حين ألقت الجائحةُ الحاليةُ الضوءَ على الحاجة المُلحّة إلى مزيد من الاستثمار في النُظُم الصحية، بما في ذلك القوى العاملة الصحية، فقد سلَّطت الضوء أيضاً على المخاطر الهائلة التي يواجهها العاملون الصحيون كل يوم، ما يؤكِّد أهمية دعوتنا إلى ضمان عافيتهم وسلامتهم وحمايتهم.
وحتى قبل جائحة كوفيد-19، كان العاملون الصحيون في الإقليم، لا سيّما في البلدان التي تعاني من نزاعات سياسية وأزمات أخرى، من الموارد النادرة التي لا تُقدُّر بثمن. وعلى مدار السنوات الخمس الماضية وأكثر، أبلغ الإقليم باستمرار عن تعرُّض العاملين الصحيين والعاملين في مجال الرعاية الصحية لهجماتٍ بأعدادٍ كبيرة تثير القلق، ولا تزال البلدان التي تعاني من النزاعات تبلِّغ عن نقص حاد في مِهْنِيّي الرعاية الصحية.
ويعمل الأطباء وطواقم التمريض وعاملو المختبرات وأخصائيو التَّصْوير التَّشْخيصِيّ الطِّبِّيّ والصيادلة وغيرُهم من العاملين في المرافق الصحية والخدمات التي تسبق الوصول إلى المُسْتَشْفَى، مثل سائقي الإسعاف وعاملي النظافة والعاملين المسؤولين عن التخلُّص من النفايات الطبية، في الخطوط الأمامية للاستجابة لمرض كوفيد-19. وفي نصف بلدان الإقليم تقريباً، يعمل العديد منهم في أماكن رعاية صحية تكون فيها تدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها ضعيفة. وقد يؤدي ذلك إلى عواقب وخيمة من حيث تزايد انتقال المرض من المرضى إلى العاملين في مجال الرعاية الصحية، ومنهم إلى زملائهم.
وتتسبب جائحة كوفيد-19 الحالية في إثقال كاهل القوى العاملة الصحية الهشة بالفعل، وبسبب عبء العمل المتزايد، يعمل العاملون الصحيون لساعات طويلة تحت وطأة ضغط شديد، ما تسبب في إصابتهم بالضائقة النفسية والإجهاد والإنهاك المهني. وفي بعض الحالات، يتعرَّض العاملون الصحيون للوَصْم والتمييز، فيُتَّهَمون بأنهم حاملون للمرض، ويتعرَّضون للعنف البدني والنفسي.
كما أنهم مُعرَّضون لخطر الإصابة بالمرض أو فقدان حياتهم، ويخشون نقل العدوى إلى أسرهم وأحبائهم. ويؤدي النقص الحالي في معدات الوقاية الشخصية إلى زيادة هذا الخطر. وهذه ليست مجرد أرقام بالنسبة لنا: فقبل أسبوعين، توفي أحد أفراد برنامج استئصال شلل الأطفال في الصومال بعد إصابته بمرض كوفيد-19. كما جاءت نتيجة التحليل لزميل صومالي آخر إيجابية. وفي باكستان، أثبتت الاختبارات إصابة 12 فرداً على الأقل في أسرة برنامج استئصال شلل الأطفال بمرض كوفيد-19.
وفي مواجهة هذه الضغوط والتعرُّض لمستويات من المرض والوفاة لم يتعرض لها العديد منهم من قبل، أفادت تقارير حديثة أيضاً بمحاولات انتحار في صفوف العاملين الصحيين.
وحتى 8 نيسان/أبريل، أُصيب أكثر من 22,000 عامل في مجال الرعاية الصحية في 52 بلداً بمرض كوفيد-19، وفق التقارير الواردة إلى المنظمة. وتتراوح نسبة العاملين الصحيين المصابين في إقليمنا من 1% إلى 20%. ونظراً لعدم إبلاغ المنظمة بطريقة منهجية عن حالات العدوى بين العاملين الصحيين، نعتقد أنَّ هذا العدد ربما لا يُمثِّل العدد الحقيقي لحالات الإصابة بمرض كوفيد-19 بين العاملين الصحيين.
وبينما قد يُصاب بعضهم بالعدوى خارج المرافق الصحية، في منازلهم أو مجتمعاتهم المحلية، تشير البيانات المحدودة المتاحة إلى أنَّ أكثر من 90% منهم يُصابون بالعدوى داخل المرافق الصحية حيث يتعرَّضون للفيروس الفتاك، ويبلغ متوسط أعمار العاملين الصحيين المصابين في إقليمنا 35 عاماً، وترتفع نسبة الإصابة قليلاً بين الإناث عنها بين الذكور. وبشكل عام، تفيد التقارير بوقوع حالات العدوى في صفوف التمريض والأطباء أكثر من أي مهنة أخرى.
ولا يسعنا أن نتحمل فقدان شخص آخر من هؤلاء المهنيين ممن هم في مقتبل العمر، ولا يزالون قادرين على العطاء على المستوى الشخصي والمهني والمساهمة في الحفاظ على صحة سكان الإقليم.
وبمناسبة احتفالنا اليوم باليوم العالمي لكادر التمريض، أودُّ أن أُثني على طواقم التمريض وسائر العاملين الصحيين وأدعو إلى حمايتهم، كما أُحيي أولئك الذين فقدوا حياتهم بسبب مرض كوفيد-19.
وإضافة إلى المخاطر التي يواجهها العاملون الصحيون بشكل مباشر، يؤثر النقص في هذه القوى العاملة على قدرة البلدان على الاستجابة بفاعلية، ما يؤدي إلى تداعيات متتابعة وواسعة النطاق ويُعرِّض المزيد من الأرواح للخطر.
ويؤثر النقص في تخصصات معينة، مثل الأطباء وطواقم التمريض في مجال الرعاية المركزة، وأخصائيي الأمراض المُعدية، وأطباء الرئة، وأخصائيي المُعَالَجَةِ التَّنَفُّسِيَّة، وأخصائيي الوقاية من العدوى ومكافحتها، وغيرهم تأثيراً سلبياً على توفير الخدمات العلاجية للمرضى الذين يعانون من أعراض وخيمة.
كما يؤدي العدد المحدود لمِهْنِيّي الصحة العامة، مثل أخصائيي الوبائيات، إلى عدم كفاية الموظفين في فرق الاستجابة السريعة. وإضافةً إلى محدودية الموارد، مثل وسائل النقل، يُشكِّل ذلك تحدياً أمام تتبُّع المُخالِطين، ما يترتب عليه من إغفال بعضهم ومِن ثَم مواصلة انتقال المرض.
ونظراً لظهور الجائحة بشكل مفاجئ وعبء العمل الهائل، يفتقر العديد من العاملين الصحيين إلى التدريب المناسب، ما يؤثر على جودة الرعاية المُقدَّمة. ومع تزايد عدد الاختبارات، قد يتسبب عبء العمل المرتفع الذي يواجهه العاملون بالمختبرات في إصابتهم بالضغط والإجهاد، الأمر الذي يؤدي إلى تدني الجودة ويُعرِّض سلامة الاختبارات للخطر.
ونحتاج الآن، أكثر من أي وقت مضى، إلى الإقرار بأهمية الاستثمار في قوانا العاملة الصحية، واتخاذ إجراءات ملموسة تضمن عافيتهم وسلامتهم، وتُمكِّنهم من تقديم الخدمات بفعالية وكفاءة.
ولمعالجة التحديات المختلفة التي تواجه العاملين الصحيين، وضعت منظمة الصحة العالمية إرشاداتٍ إقليميةً تحدد فيها الإجراءات الاستراتيجية لراسمي السياسات والمديرين على المستويات الوطنية ودون الوطنية وعلى مستوى المرافق.
ويجب التوسُّع فوراً في تدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها، ليس فقط لحماية العاملين الصحيين، بل لحماية المرضى الذين يخاطر العاملون بحياتهم لإنقاذهم ولحماية أسر العاملين أيضاً، وينبغي حشد قدرات إضافية لمعالجة النقص في أعداد العاملين. ويجب توفير الإرشادات والتدريب والحوافز وبيئة عمل مُشجِّعة، لتمكينهم من تقديم الخدمات بفعالية وكفاءة، بما يشمل تزويدهم بمعدات الوقاية والتأكد من قدرتهم على استخدامها استخداماً صحيحاً.
ويجب الحفاظ على عافيتهم وصحتهم النفسية من خلال الدعم النفسي والاجتماعي وتحديد ساعات عمل معقولة. والأهم من ذلك، يجب علينا وضع حدٍّ للعنف والوَصْم ضد العاملين الصحيين، والاعتراف بجهودهم وتفانيهم وإنجازاتهم وتقديرها.
وبينما يكدُّ العاملون الصحيون ليلاً ونهاراً للحفاظ على سلامتنا جميعاً من مرض كوفيد-19 وغيره من الأمراض، تقع على عاتقنا مسؤولية جماعية للحفاظ على سلامتهم من خلال الاعتراف الإيجابي بجهودهم، وفوق ذلك كله من خلال اتخاذ المجتمعات والسلطات الصحية والحكومات إجراءاتٍ داعمةً وملموسة. وفي حين يقف العاملون الصحيون في الخطوط الأمامية لهذه الاستجابة، فإن رؤيتنا الإقليمية “الصحة للجميع وبالجميع” تؤكد أهمية المسؤولية الجماعية في الحفاظ على سلامة جميع الفئات السكانية، ومنهم الأشخاص الذين نذروا حياتهم لإنقاذ حياة الآخرين.
أسئلة وأجوبة
كان هناك العديد من تسأولات الإعلاميين وكان أبرزها
تخفيف الإجراءات
هل ثبت فعلا ان تخفيف الإجراءات التباعد البدنى والاجتماعى يؤثر على زيادة أعداد المصابين بفيروس كورونا؟
وأجابت على هذا التساؤل دكتور رنا الحجة، مديرة إدارة البرامج، المكتب الإقليمي لشرق المتوسط: قالت: أن مسألة تخفيف الإجراءات ترجع لظروف كل دولة، فهناك دول تحاول ان توافق بين تخفيف الإجراءات والوضع الاقتصادى لديها ولكن ينبغي التأكد من أن المستشفيات فى هذه الدول لديها القدرة على استقبال حالات أكثر، لأنه فى حالة تخفيف الإجراءات ستتزايد الأعداد المصابة بالفيروس، وبالتالى اعداد المصابين بالمستفشيات ولا بد من متابعة المخالطين لهذه الاعداد ايضا، والاطمئنان على صحة الفريق الطبى ، وفى حالة التخفيف فى اجراءات السفر لا بد من وضع اجراءات على الحدود ومتابعة القادمين الى الدولة للتاكد من خلوهم من الفيروس وعزلهم فى اماكن تصل لاسبوعين على الأقل للتأكد من سلامتهم قبل دخول البلد ورفع الوعى بين مواطنى البلد بوضع الكمامات والتأكد من التباعد الاجتماعى والبدنى فى حالة نزول الأفراد الى اشغالهم او التواجد فى اماكن مزدحمة.
شفافية الأرقام
ما مدى شفافية الدول خاصة فى منطقة شرق المتوسط للإعلان عن الحالات الموجودة لديها؟ ومدى العجز فى الادوات المستخدمة فى الوقاية او الأجهزة الطبية؟ وهل المنظمة لديها وسائل لمعرفة الأرقام الحقيقية؟
وأجابت دكتور رانا عن السؤال: المنظمة تتعامل يوميا مع مكاتبها فى البلدان المختلفة وهناك التزام من هذه الدول بتوفير المعلومات التى تساعد المنظمة فى مواجهة الوباء وترصد المرض ويوجد دول لديها شفافية تامة فى اعطاء المعلومات ونحن الان لنا أكثر من اربع شهور فى محاولة احتواء الوباء ، وتكشف لدينا أن هناك دول لديها كفاءة عالية فى الترصد ودول أخرى نساعدها فى رفع كفائتها لرصد المرض ، وبالتالى دقة المعلومات.
حظر شامل
وكان السؤال الموجه للدكتور المنظرى، هل هناك بعض الدول ترى أن الحظر الشامل أفضل للحد من الاصابات، وهناك جهات فى مصر تطالب بفرض الحظر الشامل، فهل هذا مطلوب؟
أجاب قائلا: الاجراءات تفاوتت من خفيفة الى شديدة اى الغلق الكامل ولكن بعض الأنظمة لا تستطيع التعامل مع الحظر الشامل، ولا يتناسب هذا مع الجانب الاقتصادى لديها وكل دولة تحاول التوفيق بين تطبيق الإجراءات الاحترازية والوضع الاقتصادى لديها ، ومدى تقبل انظمتها الصحية لإعداد اصابات أكبر .
الوضع فى مصر
وكان هناك تساؤل عن الوضع فى مصر؟
وأجابت دكتور رنا: نقدم دعم تقنى لمصر ونتابع مع مكتب المنظمة فى مصر الوضع الوبائى ونناقش مع الوزارة كل الإجراءات المتبعة ، ولاحظنا ان هناك نسبة فى زيادة اعداد الفحص وكشف المصابين ، لابد ان يتبع ذلك عزل سريع للمرضى ومتابعة المخالطين وكان توصيتنا لوزارة الصحة المصرية:
زيادة الالتزام المجتمعى بالاجراءات الوقائية والاحترازية فى حالة تخفيف الإجراءات ومتابعة الحالات فى المستشفيات للحد من نسبة الوفيات، وخاصة كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة .
تجارب اللقاح
كان هناك تساؤل عما وصل اليه الأمر بخصوص الأدوية والوصول الى لقاح واقى من الفيروس؟
واجاب دكتور ريتشارد برنان قائلا يوجد حاليا تجارب على حوالى 100 لقاح قيد التطوير ، 8 منهم دخلت مرحلة التجارب السريرية، وبالنسبة مثلا للدواء الامريكى فهو لا يؤكد فعالية بشكل تام والأهم من الأدوية العلاجية هو اللقاح الواقى اصلا من المرض، ونحن نعمل مع الشركاء العالميين والمختبرات العالمية للتوصل الى هذا اللقاح، وهناك تخوف من انه فى حالة الوصول الى اللقاح ان يتم بيعه للدول الغنية فقط، ولكن المنظمة حريصة أنه فى حالة التوصل الى لقاح فأنه سيصل إلى الدول الفقيرة والمتوسطة مثل الدول الغنية تماما.