(1): في مواجهة الموت
كان العالم الكبير باستير يبحث عن علاج لمرض الكلب, وظل عدة سنين يجري تجاربه علي أرانب سليمة, ويصيبها بالمرض عن طريق لعاب كلاب مسعورة. وكان أحيانا يترك الكلاب المسعورة تعض بعض الأرانب فتنقل إليها المرض.. ذات مرة أدخل أرنبا إلي قفص كلب مسعور… وكان الكلب يتلوي من شدة الألم, لكنه رفض أن يعض الأرنب. ووجد باستير أنه لابد أن يمتص بنفسه اللعاب من فم الكلب, ثم يحقنه في الأرنب. وربط باستير الكلب ربطا محكما, وانحني وفي فمه أنبوبة زجاجية فوق فم الحيوان المسعور.
وخاف عليه مساعدوه, فلو وصلت قطرة عن غير قصد إلي فمه ستحدث له مأساة, لكن باستير استمر في عمله, فحياة العلماء لم تمنعهم أبدا من الاستمرار في محاولاتهم لتقدم العلم وإسعاد البشرية. واستمر باستير في تجربته, يمتص السم من فم الكلب, كأنه لا يقف وجها لوجه مع الموت. وبعد شهور, ثبت نجاح تجارب باستير, وسجل العلم الانتصار النهائي علي مرض الكلب, عن طريق التطعيم الواقي من المرض.
(2): لا تشتري بمال!!
يحكي أن المليونير اليوناني أوناسيس, الذي عاش في الفترة من 1906 حتي 1975, كانت أمنيته وهو شاب أن يصبح مليونيرا, وكان يقول: إذا بلغت الحادية والعشرين ولم أجمع مليونا من الدولارات, لن أصبح مليونيرا. وهاجر أوناسيس إلي الأرجنتين, وكان في السادسة عشرة من عمره, وهو لا يملك سوي (250) دولارا. كان يشتغل حوالي (21) ساعة يوميا, ويكتفي بوجبة واحدة طوال اليوم, ولا ينام أكثر من ساعتين. وتحققت أمنيته, واستطاع أن يجمع أضعاف الملايين التي كان يحلم بها في أقل من 6 سنوات.
سألوه وهو راقد علي فراش الموت قبل وفاته ببضعة أيام: لقد كانت أمنيتك منذ أكثر من أربعين عاما أن تصبح مليونيرا, تري ما هي أمنياتك اليوم؟ قال أناسيس: أن أتنازل عن كل ثروتي للطبيب الذي يستطيع أن يعيد إلي صحتي. لقد اكتشفت أن الصحة هي الشيء الوحيد الذي لا يشتري بمال, فإذا افتقدها الإنسان افتقد معها كل شيء.
(3): قطة في الكيس
أثناء إحدي الرحلات البحرية, توفيت فرانسواز دوبينيه ابنة حاكم جزيرة ماري ـ جلانت, وقد كانت في الثالثة من عمرها. ووضع رجال الحاكم جثمان الطفلة في كيس وأحكموا خياطته, تمهيدا لإلقائه في البحر. وخلال القيام بمراسم الجنازة, سمع أحد الرجال صوت مواء قطة من داخل الكيس, فقال القبطان: إن القطط لا تقترب من الجثث. ففتح الكيس, وأعاد فحص الطفلة, فوجدها حية. وشفيت الفتاة مما أصابها, وعاشت حتي سن الرابعة والثمانين.
(4): قاضي الرحمة
تقول الحكايات: إن أحد جنود الإسكندر الأكبر نام أثناء نوبة حراسته, فحكم عليه الإسكندر بالموت. في الحال تقدمت إلي القائد الكبير امرأة وصاحت: إنني والدة هذا الجندي, وأنا أستأنف الحكم في هذه القضية أيها الملك. غضب الإسكندر وقال: ألا تعرفين أن الاستئناف يكون دائما إلي قاض أعلي من القاضي الذي أصدر الحكم؟! فمن هو أعلي مني؟ أجابت المرأة: أنا أعرف أن رحمتك أعلي من عدلك, وأن من حقك أن تعفو وتصفح.. لقد كنت مريضة, وسهر ابني إلي جواري أياما متوالية, لذلك غلبه النوم أثناء حراسته.. مع ذلك أنا لا أبرر خطأه, فقد ارتكب ذنبا كبيرا, لكنني أستأنف حكم العدل إلي قاضي الرحمة. وتقول الحكاية: إن الرحمة تغلبت علي العدل, وأصدر الإسكندر عفوه عن الجندي المذنب
يعقوب الشاروني
Email:[email protected]