حذر نيكولاي ملادينوف، الممثل الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، من أي خطوات أحادية ترمي إلى ضمّ أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، قائلاً، إن ذلك يشكل تهديداً متزايداً، وفي حال تم تنفيذه، فإنه يعد انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي.
جاء ذلك خلال إحاطة أمام مجلس الأمن، لبحث الأوضاع في الشرق الأوسط بما فيها القضية الفلسطينية. وقال ملادينوف في إحاطته، إن ضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة سيوجّه ضربة مدمرة إلى حل الدولتين، وسيوصد الأبواب أمام العودة إلى المفاوضات وسيهدد جهود التوصل إلى سلام في الإقليم.
وقال ملادينوف: “في حين شدد الطرفان على التزامهما بالمضي قدماً في اتفاقيات السلام والتعاون مع جيران إسرائيل، إلا أنهما اتفقا أيضا على المضي قدماً في ضمّ أجزاء من الضفة الغربية، بدءاً من الأول من يوليو 2020. وبدورها، لوّحت السلطة الفلسطينية بإلغاء تنفيذ جميع الاتفاقيات الثنائية إذا أقدمت إسرائيل على هذه الخطوة.
وكان زعيما الليكود وأزرق أبيض في إسرائيل قد توصلا في 20 أبريل إلى اتفاق يقضي بتشكيل حكومة وحدة طوارئ. ورأت هذه الحكومة النور بعد ثلاث انتخابات تشريعية وشلل حكومي استمر 16 شهرا.
تعاون خلال جائحة كوفيد-19
وحثّ ملادينوف القادة الإسرائيليين والفلسطينيين على انتهاز فرصة جائحة كوفيد-19، واتخاذ الخطوات اللازمة للتقدم باتجاه السلام ورفض أي خطوات أحادية من شأنها تعميق الصدع بين الشعبين وتقويض أي فرصة للسلام.
وأفاد ملادينوف بأن أزمة كوفيد-19 وفرت الفرصة للتعاون بين الطرفين. “آمل في ألا تُقوّض أو تُدمر هذه الفرص إذا ما تدهور السياق السياسي بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.” ومنذ بداية الأزمة، يعمل الطرفان، الإسرائيلي والفلسطيني، على تنسيق جهودهما في التصدي للتهديد المشترك المتمثل بالجائحة.
وأشار ملادينوف، إلى أنه رغم التراجع في الاشتباكات بسبب كوفيد-19، فقد وقعت عدّة حوادث متفرقة في الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، وقُتل ثلاثة فلسطينيين وأصيب 25 بجراح، وأصيب إسرائيليان بجراح بينهم مدني وأحد عناصر الأمن.
وبحسب “أوتشا”، هدمت إسرائيل 34 بناء تابعاً للفلسطينيين في منطقة “أ” بدعوى عدم الترخيص الذي يصعب على الفلسطينيين الحصول عليه، ولم يتم هدم أي مبنى في القدس الشرقية أو في منطقة “ج” في الضفة الغربية منذ 26 مارس.
وحذر ملادينوف من أن التوجه نحو ضم الأراضي وتسريع توسيع المستوطنات، وفوق ذلك كله مواجهة تبعات كوفيد-19 المدمرة، “يمكن أن يشعل الوضع وينسف أي أمل للسلام”. ودعا إلى العمل معا لتحديث وتوسيع الاتفاقيات الموجودة، وتعزيز الهدوء النسبي في غزة، واتخاذ خطوات حيوية للتفاوض بشأن حل الدولتين يكون قائما على القرارات الأممية والإتفاقيات الثنائية والقانون الدولي.
جهود الأمم المتحدة
وضعت الأمم المتحدة خطة استجابة تتطلب 34 مليون دولار للاستجابة إلى الاحتياجات الصحية العامّة والآثار الإنسانية المترتبة على الجائحة في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة.
وأرسلت الأمم المتحدة، منذ بداية الأزمة، أكثر من مليون قطعة من الأدوية الأساسية والمستلزمات الضرورية للتعامل مع الجائحة من بينها أدوات الوقاية الشخصية وأدوات مخبرية والآلاف من الاختبارات وأجهزة الأكسجين وغيرها. كما قدّمت تدريباً للعاملين الصحيين في غزة لبناء قدراتهم على الأرض. ومن جانبهما تواصل منظمتا الصحة العالمية واليونيسف الجهود لتوفير أجهزة التنفس والعناية المركزة.
وقال ملادينوف: “رغم الخطوات الإيجابية، ثمّة تحديات ماثلة في المنطقة”، مشيراً إلى أن الخدمات الصحية الفلسطينية تعاني من نقص حاد في المستلزمات والطواقم الطبية بسبب ضعف التمويل. وقال: “في غزة، أفادت وزارة الصحة في مارس بوجود نقص بنسبة 44% في المعدات الطبية الأساسية.”
وتطرق ملادينوف إلى عشرات الآلاف من العمّال الفلسطينيين الموجودين في إسرائيل، “هؤلاء إذا عادوا إلى المنزل، فعليهم أن يخضعوا للفحص والحجر المناسبين.”
وفي القدس الشرقية، قال منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، إن مستشفيين فقط من بين ستة قادران على التعامل مع الحالات التي تتطلب عناية سريرية بسبب الإصابة بكوفيد-19. مشيرا الى ان: “قيام إسرائيل بإغلاق عيادة الاختبار في سلوان شرقي القدس في 14 أبريل أمر يبعث على القلق”.
وحثّ جميع السلطات على الإمعان في إمكانية إطلاق سراح المعتقلين أو إيجاد بدائل للتوقيف خاصة الأسرى الضعفاء مثل كبار السن أو المرضى، إضافة لنساء والأطفال.وكغيرها من الكثير من دول العالم، شهدت المنطقة ارتفاعا في حالات العنف المنزلي والعنف القائم على الجنس منذ بداية الجائحة.
وقال ملادينوف “أحث الحكومة الفلسطينية على العمل مع الأمم المتحدة لاتخاذ كافة الإجراءات الضرورية لضمان حماية النساء والفتيات”.
واقتصاديا، أكد المسؤول الأممي أن إسرائيل تتحمل مسؤولية الحفاظ على سلامة ورفاهية الشعب الذي يخضع لسيطرتها. وأوضح: “بعد مشاورات أخيرة بين وزراء المالية الإسرائيليين والفلسطينيين، بإمكاني أن أشير اليوم إلى مناقشة إجراءات ستضمن، خلال الأشهر الأربعة المقبلة، أن الإيرادات التي تحوّلها إسرائيل إلى السلطة الفلسطينية لن تقل عن 137 مليون دولار شهريا”.
رد الممثلان الإسرائيلي والفلسطيني
وفي كلمته أمام مجلس الأمن، شدد مراقب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، على ضرورة امتثال إسرائيل لدعوة الأمين العام بوقف إطلاق النار، وقال: “يجب وقف الاحتلال وحصار غزة غير الأخلاقي وإطلاق سراح الأسرى بينهم الأطفال، خلال جائحة كورونا.” وأشار إلى أن أكثر من 50 عاما من الاحتلال قد استنفد قدرة الفلسطينيين على التعامل مع الجائحة. وفيما يتعلق بالتوقعات المتعلقة بضمّ أجزاء من أراضي الضفة الغربية، قال منصور: “إن أي خطوات أحادية ستضرّ بالسلام وهي انتهاكات خطيرة للقانون الدولي”.
بدوره، دعا مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة، داني دانون، إلى التركيز على الوحدة والتضامن ورفع مستوى التعاون الدولي في سياق جائحة كوفيد-19. وقال إن إسرائيل قررت وضع السياسة جانبا “لكن السلطة الفلسطينية اختارت طريقا آخر وهو الكراهية والتشهير” مشيرا إلى أن إسرائيل تعمل مع الدول والمنظمات الدولية على تسهيل نقل المستلزمات الطبية والسلع والطواقم إلى غزة وإلى السلطة الفلسطينية. ودعا السلطة الفلسطينية إلى الامتناع عمّا وصفه بالتحريض خلال فترة أزمة عالمية.
وكان الأمين العام قد أطلق في 23 مارس مناشدة لوقف فوري لإطلاق النار في العالم. وفي 11 أبريل، ردّد ملادينوف ومبعوثو الأمم المتحدة في الشرق الأوسط تلك المناشدة وشددوا على التزامهم المتين بالدبلوماسية الوقائية ودعم جميع الجهود في الاستجابة للعواقب الصحية والاقتصادية-الاجتماعية لأزمة كـوفيد-19 ودعم التعاون من أجل السلام وتسهيل الوصول الإنساني للفئات الأكثر ضعفا.