هذا هو اليوم الذي صنعه الرب, فلنبتهج فيه ولنتهلل مزمور117:24 نحتفل هذا العام بعيد القيامة المجيد في أجواء غريبة لم نعتد عليها من قبل, بسبب فيروس كورونا الذي اقتحم عالمنا وقلب موازينه.. من يتخيل أن نحتفل بطقوس أسبوع الآلام المحببة إلي قلوبنا وعيد القيامة الذي يملأ الأجواء بالبهجة في منازلنا؟ هل كان يتوقع أي شخص منا أن يتابع هذه الصلوات عن طريق التلفاز فقط؟ إذا ما هو الحل؟ يجب علينا أن نتحلي بالرجاء الذي يحول كل الطاقات السلبية إلي إيجابية, ونتعلم من السيد المسيح المثال الحي الذي تألم وتعذب وقبل الإهانات والصلب والموت ثم قام من بين الأموات, لاننكر أن غالبية الناس في العالم كله تعيش حالة من الخوف والفزع والصراع النفسي بين اليأس والأمل, الحزن والفرح, الظلام والنور, لكن يجب علينا أن ننطلق من عيد القيامة المجيد رافعين راية الأمل وعدم الاستسلام للوضع الحزين, حتي نستعيد طاقتنا في هذه الفترة ثم نعود إلي حياتنا اليومية كما من قبل ولكن بصورة أفضل وموعظة جديدة, كما يجب أن نعتبر هذه الأيام مرحلة تنقية وتطهير ووقفة مع الذات لنصبح أنضج من قبلهذا هو اليوم الذي صنعه الرب, فلنبتهج فيه ولنتهلل هذا اليوم يختلف تماما عن الأيام التي نصنعها بأيادينا, للأسف الكثيرون منا اخترعوا أيام الخيانة والنكران والحقد والقتل والتدمير, لكن اليوم الذي يمنحنا إياه الله هو يوم جديد نستطيع أن نطلق عليه: يوم ميلاد الخليقة الجديدة فإن كنا صنعنا أيام الظلام نتيجة ما نفعله مع الآخرين, فالله يمنحنا النور الذي يبدد الظلام, إذا كنا نخاف الموت أو نتجاهله أحيانا كثيرة, فالله يهبنا الحياة التي لانهاية لها ولايستطيع أحد أن ينزعها منا, إذا كان الإنسان يصنع الدمار بكل الوسائل التي يتفننها, فالله يصلح كل شيء في حياتنا, وإذا كان الإنسان يبتكر البغض والكراهية, لكن الله يمنحنا الحب الحقيقي والغفران الدائم بلا حدود, بالرغم من الأجواء التي تحيط بنا ونحن نحتفل بعيد القيامة يجب علينا أن نهدم كل أنفاق العالم القديم المبنية علي البغض والكراهية والظلم وعدم المساواة ,نحل محلها جسور المحبة والسلام والنور والعدالة, فالقيامة بالنسبة لنا هي عبور من الجسد الأرضي إلي اللقاء السماوي, من الطبيعي أن يعترض البعض علي ما نمر به من محن وقلق بسبب فيروس كورونا, لكن يجب أن نثق في وعود الله وعزائه, وأن نضع نصب أعيننا الرجاء الذي به نتحمل المشقات والآلام والصعوبات التي تواجهنا في هذه الدنيا واثقين بأنها لن تدوم, لأن ذلك النهار لن يعقبه ليل علي غرار أيام الحياة الأرضية, لأن نوره لايزول وضياءه لا حد له, وسلامه حقيقي, وراحته أبدية.. كما يجب علينا ونحن نحتفل بعيد القيامة المجيد أن نتذكر جميع الذين رحلوا عن عالمنا بسبب فيروس كورونا ونحن علي ثقة بأنهم في مكان أفضل, وهذا سيدفعنا إلي التحلي بالرجاء الذي يساعدنا علي تحمل جميع المشقات في سبيل حياة وقيامة أبدية, فالإنسان الذي يجاهد في هذه الدنيا جهادا حسنا سينال التعزية عن كل هذا, وينعم بالفرح الذي لاينزعه منه أحد, إذا خبرة القيامة تساعدنا علي إزالة الحجر الذي يغلق باب رجائنا لكي نخرج إلي النور ونعتاد عليه, كما أنها تمنحنا الثقة في وجود الله كل لحظة في حياتنا وهو الذي سيحررنا من عتق عبودية القبر, لذا يجب علينا أن نحيا في سعادة تامة ونفرح كل حين ولا نتمثل بالذين يعتبرون السعادة ضد الإيمان, حتي أنهم يعيشون في حزن طوال حياتهم, فالسعادة هي مقياس اللجوء إلي الله والثقة والرجاء والإيمان به, فإذا فتحنا قلوبنا لله ستغمرنا السعادة والابتهاج والقيامة, ولكن عندما نستسلم للحزن والكآبة سنبتعد عن الله مصدر هذه النعم, وحيثما يوجد الله, فهناك السعادة للأسف كثيرون الذين يعيشون تحت وطأة الحجر الذي يغلق باب القبر عليهم ومن شدة يأسهم لايريدون الخروج من هذا الظلام كما أن البعض منا يحيا في هذه الحياة وكأنه مأئت ولايفكر أبدا في نعمة القيامة, لذا يجب علينا أن نرفع هذا الحجر لكي نحيا القيامة بروح جديدة, ونزيل عنا حجر همومنا وحزننا ويأسنا, ونحول هذا كله إلي نور وفرح وقيامة.
كل عام وجميعنا بخير وسلام, وبركة القيامة تحل علي جميعنا.