قال أبوبكر الديب، المحلل الاقتصادي، إنه للمرة الأولي في التاريخ ،في سوق النفط، وربما في جركة التجارة عبر التاريخ، يدفع البائعون أموالا للمشترين، لبيع النفط، هذا ما حدث اليوم الاثنين، والذي انهارت فيه أسعار الخام الأمريكي، إلى مستويات قياسية غير مسبوقة، وصلت إلى “37 سنتا” للبرميل في عقود مايو الآجلة.
وأضاف أن ذلك يأتي، قبل 10 أيام من موعد تنفيذ اتفاق أوبك+ الأخير بقيادة السعودية، والذي تم خلال الاتفاق على تخفيض حوالي 10 ملايين برميل من إنتاج أوبك و10 أخري من دول خارج أوبك ليصل تخفيض المعروض إلى حوالي 20 مليون برميل يوميا، ما يعزز الأسعار وقتها في بدابة شهر مايو المقبل.
وقال إن انهيار الأسعار يتعلق أساسا بعقود شهر مايو والتي تنتهي اليوم الثلاثاء، ولا يرغب أحد باستلام براميل النفط التي تم التداول عليها وهو الأمر الذي دفع الممنتجين للبيع بالخسارة، لكن عقود شهر يونيو باقية عن 21 دولار لبرميل أو أكثر، وكذلك سبتمبر فوق الثلاثين دولار، حيث يمثل شهر مايو انتهاء فترة ساخنة استمرت لأشهر بين كبار منتجي النفط روسيا والسعودية، وذلك بتنفيذ اتفاق أوبك +.
وأوضح قائلًا “طبعا لاننسى المتهم الأكبر في الضغط على الأسعار، وهو وباء فيروس كورونا المستجد والذي أغلق المصانع في الدول الكبرى، وأدى إلى تراجع الطلب على النفط بشكل خاص والطاقة بشكل عام، و أحدث فائضا في المعروض، واقتراب مخازن النفط بشقيها سواء بباطن الأرض أو العائمة في البحار للامتلاء، ولجؤ شركات النفط لاستئجار ناقلات عملاقة لتخزين النفط، وسط مخاوف من عدم تواجد أماكن للتخزين، فضلًا عن نقص السيولة.
ويري الديب أن مسألة التراجع فنية ووقتية تتعلق بعقود شهر مايو فقط، وهيعملية مضاربة في السوق من قبل المصافي أو المضاربين، ومع زيادة المعروض والضعف الشديد في الطلب العالمي، يظهر ذلك الضغط على الأسعار.
وأشار إلى تواصل عمليات إيقاف المصافي والحفارات العملاقة لاستخراج النفط الصخري في أمريكا، بعد ارتفاع التكلفة عن السعر التجاري وبالتالي عدم جدوى الإنتاج.
وقال إنه عند بداية شهر مايو سيكون هناك أسبابا أخرى لارتفاع الأسعار بجانب خفض إنتاج أوبك + ومنها قيام بعض الدول بفتح جزئي للاقتصاد، بعد تراجع كورونا تدريجيا، كألمانيا وأمريكا وغيرها، وبالتالي دوران عجلة الإنتاج بشكل متدرج، كما أن الاقتصاد الصيني، سيعود بشراهة لاستيراد النفط لدوران عجلة الصناعة الصينية الضخمة ما يعني زيادة الطلب على النفط، وبالتالي زيادة الأسعار مرة أخرى.
وتحتاج الشركات العاملة في حقول النفط، إلى أسعار بين 70 و75 دولاراً للبرميل لتتمكن من تحقيق هوامش ربحية، تمكنها من عمليات البحث والتنقيب عن النفط، ولتأمين الامدادات البحرية وسط التوترات الجيوسياسية.
وبالنسبة لدول الخليج، قال إن تكلفة انتاج برميل النفط لديها هي الأقل عالميًا، نظراً للموقع الجغرافي وكبر حجم الحقول، فتكلفة استخراج برميل النفط في السعودية مثلا تتراوح بين 4 إلى 6 دولارات للبرميل.
كما أن استخراج النفط من الحقول البحرية والمياه العميقة من روسيا وأمريكا ونيجيريا، أغلى بكثير من الحقول البرية وذلك لصعوبة الوصول إليها، فتكلفة إنتاج النفط في نيجيريا تزيد عن 30 دولاراً للبرميل، وبالتالي فإن هذه التكلفة المنخفضة بدول الخليج، ستحميها من صدمة انخفاض الأسعار العالمية.
وفي مصر المستوردة للمواد البترولية، أوضح أن الموازنة العامة ستجني مليارات الجنيهات، لأن كل دولار تخفيض في أسعار النفط عالميًا يوفرللموازنة 4 مليارات جنيه وبالتالي ينعكس ذلك إيجابًا على عجز الموازنة، ويمكن لمصر استغلال الفرصة وتحسين شروط التعاقد مع الشركات الأجنبية للبحث والتنقيب عن النفط والغاز، أو شراء حصص أكبر بسعر متميز.