كم بكى الكثيرون متى ستفتح لنا يا الله كنيستك!!! بل قُل، كم بكى الله متى ستفتحون لى كنيستى كعهدها الأول؟!
لم يكن للكنيسة الأولى قباب أو أجراس ولم تزينها منارات أو ديكورات لكنها كانت تملك نورا تراصت حباته كنجوم متلألئة فى سماء الفضيلة، وكان المؤمنون فيها كمصابيح منتشرة وسط عالم مظلم قاحل، فكان كل من يلتقى بهم ينبهر من هذه المثالية التى ربما لا تخطر على بال أعظم المفكرين.
فها هى “بربتوا” كل ما يعنيها فى ساحة الاستشهاد أن تلملم أشلاء ثوبها قبل أن تلملم أشلاء جسدها المتناثر وقد نطحتها بقرة وحشية ضارية لأنها تعرف أن جسدها هو الهيكل المقدس التى يجب أن تحافظ عليه كما يقول الكتاب “انكم هيكل الله” (١كو١٦:٣ )
وها هو برنابا الرسول والأثرياء يفتقرون لكى يسدوا أعواز الفقراء “لأن كل الذين كانوا اصحاب حقول أو بيوت كانوا يبيعونها ويأتون بأثمان المبيعات ويضعونها عند أرجل الرسل” (اع ٣٥-٣٤:٤)
وهاهو مبشر الكنيسة القديس بولس لم تتسلل إلى قلبه شهوة التملق والتزلف لذوى الوجاهة ونبلاء المجتمع، فانحاز فى صف انسيموس العبد المتمرد على سيده والذى فى عبوديته لم يكن يخطر بباله بعد أن فقد آدميته أن يكون له مكان ومكانة فى قلب إنسان على وجه الأرض ولكن بولس الرسول يتبناه داعياً إياه “ابنى الذى ولدته فى قيودى” (فل:١٠ )
هؤلاء لم يكن لهم بعد مبنى يضمهم ولا جرس يجمعهم لكن كانت لأنات الروح القدس النارية فى قلوبهم سيمفونيات عذبة تردد صداها فى كل أقطار المسكونة وكانت صلواتهم بخوراً طيباً يشق عنان السماء فيتنسمه الرب رائحة رضا و سرور.
بالإجمال كانت الكنيسة فى بهائها ومجدها وسمو فضيلتها انعكاساً لمسيحها المتربع على عرش قلوب أبنائها رعاة ورعية.
فيا ليتنا نصغى إلى صوت الرب القائل “هكذا يحامى رب الجنود عن أورشليم يحامى فينقذ يعفو فينجى.. ارجعوا إلى الذى ارتد بنو اسرائيل عنه متعمقين”(اش٦-٥:٣١ ).