ما أصعب ما فعله يهوذا بخيانة مخلصنا الصالح وتسليمه لليهود مقابل ثمن بخس هو 30 من الفضة، لا أحد يستطيع أن يصدق ذلك، فجميعنا أدانه ونسينا قول السيد المسيح “لا تدينوا لكي لا تدانوا، لأنكم بالدينونة التي بها تدينون تدانون، وبالكيل الذي به تكيلون يُكال لكم” .. يهوذا لم يستطيع أن يتحمل ما فعله واستطاع الشيطان أن يسوقه إلى خطية آخرى مستغلا ندمه حتى قام بشنق نفسه.
دعونى نفكر جميعا اليوم ونتأمل في نقطة مختلفة بعيدا عن الخيانة، فنحن مع بداية الحظر الذى فرضته الحكومة بسبب وباء كورونا وأغلقت الكنائس، وكثيرا منا ظن إن الله يغلق أمامنا أبوابه حتى وإذا كان هذا التفكير خاطئ ولكنه يدل على مدى صعوبة ابتعادنا عن بيت الله، وهنا نظرت إلى يهوذا الذى ضاق حلاوة العشرة مع المخلص بنفسه ماذا كان يريد أن يثبت بتسليم المسيح لليهود، كلنا نعلم رواية محبة يهوذا للمال والمسيح لم يمنع ذلك بل سلمه صندوق الأموال وجعله المسئول عنه، وإذا كان هدف يهوذا المال لماذا تراجع بعد بدء محاكمة المسيح وألقى بالفضى عند أرجل رؤساء الكهنة !
شاهدت العام الماضى للمرة الأولى فيلم يتحدث عن حياة يهوذا وإذا لم تكن جميع أحداثه حقيقة، فكما نعلم إن السياق الدرامى يحتاج إلى أحداث أخرى لكى يتم العمل الفنى بشكل جذاب للمشاهد، حيث جاء في هذا الفيلم إن يهوذا كان ينظر للمسيح بتعالى لأنه من الناصرة ويعمل في النجارة بينما يهوذا من أورشليم، وكانوا يعتبرون إن سكان أورشليم الأعلي قيمة، والملاحظة الثانية إن يهوذا لم يكن يتوقع إن المسيح سوف يصلب ويموت، فعند بدء محاكمته كان يهوذا ينتظر منه رد فعل مختلف أي إن المسيح يظهر قوته ويتخلص من قيود اليهود.
لا اعلم لماذا كان يريد يهوذا أن يرى قوة المسيح التى عاينها كثيرا في الفترة التى قضاها معه وهو يتبع المعلم وشاهد بعينه المعجزات التى قام بها المسيح، والأكثر من ذلك ما كان يقوله المسيح عن تسليمه لليهود ومحاولاته لكى يتراجع يهوذا عن هذا الفعل المشين: “الحق الحق أقول لكم: إن واحدا منكم سيسلمني.. فقال يهوذا أنا يا معلم فأجاب يسوع أنت قلت”.
لماذا كنت أنت يا يهوذا الشخص الذي يخون معلمك؟..ماذا كنت تريد أكثر ما فعله السيد المسيح لكي تتراجع عن خيانتك؟..