تخليداً لذكرى أكثر من مليون شخص قُتلوا بشكل ممنهج في رواندا، على مدار مائة يوم فقط، قبل 26 عاماً، وتحديداً فى أبريل عام 1994 م، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، إلى عدم السماح أبدا لمثل هذه الفظائع بأن تحدث مجدداً.
وتحيي الأمم المتحدة هذه الذكرى ، وتدعو الأمم المتحدة المجتمع الدولي للتفكّر في اعمال الإبادة الجماعية، ضد “التوتسي” في رواندا.و التوتسي (أحد ثلاث شعوب تعيش في منطقة البحيرات العظمى الأفريقية وخصوصاً في رواندا وبوروندي، أما الشعبان الآخران فهما الهوتو والتوا. ويبلغ تعداد شعب التوتسي 2.5 مليون نسمة معظمهم كاثوليك وأقلية مسلمة.ويمثل التوتسي ما نسبته 15% من سكان رواندا بينما يمثل الهوتو 84%”.
وتكريما لكل من لقوا حتفهم وكذلك الناجين من المذبحة ضد الغالبية من “التوتسي”، ولكن أيضا “الهوتو ” وغيرهم ممن عارضوا المذبحة،قال أنطونيو جوتيرييرش:”يجب أن نناهض خطاب الكراهية وكره الأجانب ونرفض قوى الاستقطاب والنعرات القومية والحمائية.”
وفي حين أن جائحة كـوفيد-19 قد حالت دون قيام الحدث التذكاري المعتاد في مقر الأمم المتحدة، فقد تم إحياء اليوم من خلال احتفال افتراضي، حيث تم تذكر الضحايا والناجين من الإبادة الجماعية لعام 1994، بتجديد الالتزام بوضع علامات الإنذار المبكر والحماية الجماعية لكافة الأشخاص المتضررين من النزاعات والأزمات. وأوضح الأمين العام قائلا:
“إننا لن نقوى على التصدي للتحديات العالمية العديدة التي تواجهنا، سواء تعلق الأمر بفيروس COVID-19 أم بتغير المناخ، إلا إذا اعترفنا بأننا جميعا أسرة بشرية واحدة نعيش معا في الكوكب نفسه.”
وقال الأمين العام إن أولئك الذين نجوا من الإبادة الجماعية يلهمون “المصالحة والإصلاح،” مشددا على أنه ومنذ أن وقعت الإبادة الجماعية أثبتت رواندا أن من الممكن النهوض من تحت الأنقاض وتضميد الجراح وبناء مجتمع أقوى وأكثر استدامة.
وحث الأمين العام الجميع على الاستلهام من العبرة التي ما زلنا نستمدها من رواندا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
محاربة الكراهية
وقال رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، لهذه الدورة- الرابعة والسبعين- تيجاني محمد باندي إن الإبادة الجماعية في رواندا قد هزت ضمير العالم، مشيرا إلى أن مسؤوليتنا الجماعية تحتم إعادة الالتزام بحماية المدنيين ومنع وقوع الإبادة الجماعية مرة أخرى.
وأوضح باندي أن “التدخل المبكر هو أمر أساسي، ويجب أن نعطي الأولوية للشمول من خلال تعزيز التسامح، ومكافحة خطاب الكراهية، وتعزيز الحوار بين الثقافات.”
وحث باندي الجميع على “مواجهة الكراهية في جميع مظاهرها،” محييا الناجين الشجعان والذين حاولوا منع القتل. وأثني على جميع القوات الرواندية المنتشرة في بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام حول العالم، قائلا إن خدمتهم المنبثقة من التضحية “تمنحنا الأمل.”
وقال رئيس الجمعية العامة إنه وعلى مدى السنوات الـ 26 الماضية، أصبحت البلاد معروفة بالسلام والازدهار، قائلا: “نتطلع إلى أيام أكثر إشراقا أمام الروانديين، الذين لا يزالون متحدين في التزامهم بالمصالحة.” ودعا إلى التعلم من تجربتهم.
ندوب وصدمات عميقة في حياة الناجين
وعلى الرغم من مرور 26 عاما، أشارت المديرة العامة لمكتب الأمم المتحدة في جنيف، تاتيانا فالوفايا إلى أن “ذكريات هذه المأساة ما زالت حية إلى حد كبير،” قائلة إن الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994 أدت إلى تغيير العقلية الجماعية لأمة بأكملها وتركت ندوبا وصدمات عميقة في حياة الناجين.”
وأشارت إلى أن الأجيال القادمة ستستمر في “تحمل الألم الذي لا يطاق الناجم عن فقدان أفراد الأسرة والأصدقاء.” وقالت إنه وعلى الرغم من أن رواندا تعلمت من مأساتها، إلا أن تواتر حدوث الفظائع الجماعية المنذرة بالخطر، تبين أن المجتمع الدولي لم يتعلم. ففي جميع أنحاء العالم، هناك موجة كبيرة من كراهية الأجانب والعنصرية ومعاداة السامية والتعصب. وأضافت:”إن الخطاب الذي يحض على الكراهية لا يتحدى قواعد ومبادئ حقوق الإنسان فحسب، بل يقوض أيضا التماسك الاجتماعي، ويقوض القيم المشتركة ويضع الأساس للعنف – ويعيق قضية السلام والاستقرار وإعمال حقوق الإنسان للجميع.”
وقالت المسؤولة الأممية إنه وبعد أكثر من عقد من الزمان، يظل منع الإبادة الجماعية “مهمة أساسية في عصرنا، مشيرة إلى أن الحفاظ على الذاكرة حية وتعزيز التسامح والقيم الإنسانية والتعايش السلمي سيثبت أن التنوع مصدر قوة وليس تهديدا.
وتعود اعمال الإبادة الجماعية للتوتسي فى رواندا الي الإبادة الجماعية في رواندا أعمال عنف واسعة النطاق بدأت في 7 أبريل واستمرت حتى منتصف يوليو 1994م، حيث شن القادة المتطرفون في جماعة “الهوتو” التي تمثل الأغلبية في رواندا حملة إبادة ضد الأقلية من قبيلة “توتسي”. وخلال فترة لا تتجاوز 100 يوم، قُتل ما يقارب مليون شخص وتعرضت مئات الآلاف من النساء للاغتصاب. وقتل في هذه المجازر ما يقدر ب75% من التوتسيين في رواندا.
انتهت الإبادة الجماعية في 15 يوليو 1994م، عندما نجحت الجبهة الوطنية الرواندية، وهي قوة من المتمردين ذات قيادة توتسية، في طرد المتطرفين وحكومتهم المؤقتة المؤيدة للإبادة الجماعية إلى خارج البلاد. ومع ذلك فلا تزال آثار الإبادة الجماعية باقية إلى اليوم، حيث أنها تركت رواندا مدمرة، وخلفت مئات الآلاف من الناجين الذين يعانون من الصدمات النفسية، وحولت البنية التحتية للبلد إلى أنقاض، وتسببت في إيداع ما يربو على مائة الف من الممارسين لها في السجون. ولا يزال تحقيق العدالة والمساءلة والاتحاد والتصالح أمراً صعباً.