7 ـ وقوة قيامة المسيح كانت تحطيما لرؤساء كهنة اليهود ولكل الصدوقيين.
كانت دليلا علي جريمتهم في محاكمته وتقديمه للصلب وكانت دليلا علي كذب كل ادعاءاتهم السابقة وبالقيامة يصبحون مدانين أمام الشعب.
لذلك لما نادي التلاميذ بالقيامة في كل مناسبة, قال لهم رؤساء الكهنة, أما أوصيناكم وصية أن لا تعلموا بهذا الاسم وها أنتم قد ملأتم أورشليم بتعليمكم, وتريدون أن تجلبوا علينا دم هذا الإنسان (أع 5:28).
وكانت قوة القيامة ترعب رؤساء اليهود لأنها كانت تدل علي بره. فلو كان مدانا ما كان ممكنا له أن يقوم, وكما كانت القيامة دليلا علي بره, كانت في نفس الوقت دليلا علي ظلم هؤلاء الرؤساء, وعلي تلفيقهم للتهم ضده, هؤلاء الذين كانوا قد فرحوا حينما ظنوا أنهم قد تخلصوا منه وقتلوه.
إن الحديث عن ظهوره بعد قتلهم له, كان يرعبهم….
والرسل القديسون لم يكفوا مطلقا عن توبيخهم في هذه النقطة بالذات, وهكذا قال لهم القديس بطرس الرسول بعد معجزة شفاء الأعرج إله آبائنا مجد فتاه يسوع, الذي أسلمتموه أنتم, وأنكرتموه أمام وجه بيلاطس وهو حاكم بإطلاقه, ولكن أنتم أنكرتم القدوس البار, وطلبتم أن يوهب لكم رجل قاتل! ورئيس الحياة قتلتموه, الذي أقامه الله من الأموات, ونحن شهود علي ذلك… (أع 3:13ـ15).
8 ـ أما الصدوقيون فلا يؤمنون بالقيامة عموما. لذلك كانت قيامة المسيح برهانا عمليا خطيرا علي فساد عقائدهم وتعليمهم.
ولذلك قاوموا القيامة بكل قواهم, وقاوموا التلاميذ في مناداتهم بالقيامة. وهكذا يقول الكتاب فقام رئيس الكهنة, وجميع الذين معه الذين هم شيعة الصدوقيين, وامتلأوا غيرة. فألقوا أيديهم علي الرسل, ووضعوهم في حبس العامة… (أع 5:17ـ18).
ولكن قوة القيامة, كانت أقوي من هؤلاء جميعهم ومن مقاوماتهم.
حقا إن قيامته من الموت كانت أقوي من نزوله عن الصليب, كما أن قيامته كانت دليلا علي أنه مات بإرادته وليس مرغما.
وبخاصة لأنه قام بذاته دون أن يقيمه أحد وخرج من القبر بذاته والقبر مغلق كما خرج من بطن العذراء وبتوليتها مختومة.
حقا كما قال عن نفسه إن له سلطان أن يضعها, وله سلطان أن يأخذها (يو 10:18).
9 ـ كانت قيامته دليلا علي أنه أقوي من الموت, وبالتالي فهو أيضا أقوي من كل قوة البشر التي تقتل وتميت.
كان أقوي من ظلم الأشرار, ومن كل مؤامراتهم وسلطتهم, وعملوا كل ما يستطيعونه حتي حكموا عليه, وسمروه علي الصليب, وتحدوه مستهزئين به وظنوا أنهم قد انتصروا, وبخاصة لأن المسيح ظل طوال فترة محاكمته وتحدياتهم صامتا. وكشاة تساق إلي الذبح, كنعجة صامتة أمام جازيها
قيامته دلت علي أن موته كان بذلا, ولم يكن قهرا.
وكان الإيمان بقيامته يعني الإيمان بحبه وبذله وفدائه للبشرية, وكان يعني الإيمان بقوته وبكل ما قاله من قبل عن نفسه وعلاقته بالآب.
هذه قوة الذي مات بالجسد, وكان بلا هوته حيا ولا يموت.
إنها قوة ذلك الذي قال ليوحنا في سفر الرؤيا أنا الأول والآخر, والحي وكنت ميتا وها أنا أنا حي إلي أبد الآبدين آمين. ولي مفاتيح الهاوية والموت (رؤ 1: 18,17) هذا القوي الذي قام ناقضا أوجاع الموت إذ لم يكن ممكنا أن يمسك منه (أع 2:24).
10 ـ وقوة قيامة المسيح التي تمتاز بها عن كل قيامة سابقة أنها قيامة لا موت بعدها, قيامة دائمة أبدية.
فكل الذين أقيموا من الموت, عادوا فماتوا ثانية, ولا يزالون حتي الآن تحت سلطان الموت, ينتظرون القيامة العامة. أما المسيح فقد قام حيا إلي أبد الآبدين, لا سلطان للموت عليه, وبهذا لقبه الكتاب بأنه باكورة الراقدين (1كو 15:20).
11 ـ ومن قوة قيامة المسيح, إنها قيامة ممجدة.
لقد قام بجسد ممجد: لا يتعب ولا يمرض ولا ينحل, ولا يجوع ولا يعطش, جسد أمكنه أن يخرج من القبر المغلق, وأن يدخل والأبواب مغلقة كما أمكنه أن يصعد إلي السماء.
ونحن ننتظر في القيامة العامة أن نقوم هكذا أيضا وكما قال الرسول ننتظر مخلصا هو الرب يسوع, سيغير شكل جسد تواضعنا, ليكون علي صورة جسد مجده.. (في 3:21).
12 ـ وكما كانت قيامة المسيح قوية في ذاتها كذلك كانت قوية في تأثيرها علي الكنيسة والجميع..
استطاعت أن تغير مجري الأمور تماما من كل ناحية فالتلاميذ الذين كانوا خائفين لا يجرؤون علي المجاهرة بانتسابهم للمسيح, أخذوا من القيامة قوة عجيبة علي الكرازة.
بطرس الذي سبق فأنكر المسيح أمام جارية, استطاع بكل شجاعة أن يقول لرؤساء الكهنة ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس (أع 5:29) نحن لا يمكننا أن لا نتكلم بما رأينا وسمعنا (أع 4:19).
13 ـ ومن قوة قيامة المسيح تثبيت الإيمان:
أربعين يوما قضاها مع تلاميذ يحدثهم عن الأمور المختصة بالملكوت (أع 1:3). في هذه الفترة ثبتهم في الإيمان, وشرح لهم جميع التفاصيل الخاصة به ووضع لهم كل نظم الكنيسة وطقوسها وكل قواعد الإيمان وعقائده. فخرج من الفترة التي قضاها معهم المسيح بعد القيامة, وهم في منتهي القوة الروحية والإيمانية, استطاعوا أن يواجهوا العالم كله ثابتين راسخين.
وأصبحوا يتكلمون عن القيامة بخبرة قوية..
كما يقول القديس يوحنا الحبيب الذي سمعناه الذي رأيناه بعيوننا, الذي شاهدناه ولمسته أيدينا… (1 يو 1:1) فلم تعد القيامة مجرد عقيدة نظرية, بل صارت شيئا رأوه بأنفسهم وعاينوه ومنحتهم هذه الخبرة قوة في الإيمان أمكنهم أن ينقلوها إلي العالم بأسره في ثقة وفي يقين.