قام قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية بإلقاء عظة خلال ترأسه طقس صلوات الجمعة العظيمة وذلك بكنيسة التجلى بدير الانبا بيشوى “وادي النطرون”.
وبدأ قداسته العظة قائلاً:
تعيش الكنيسة احداث الصليب بكل ما فيه من مشاعر ومن قلوب تتأمل و نتواجه مع اُناس كثيرين، والمسيح يعُلق على الصليب،
واضاف البابا أن هذا اليوم له صفه خاصة، لانه في ميلاد السيد المسيح كان الحدث ليلا حيث اضاءت السماء وأنشدت الملائكه نشيد الميلاد “المجد لله في الاعالي وعلي الارض السلام وبالناس المسره” وفي هذا اليوم المسيح يُعلق على الصليب ويصلب في وسط النهار في الساعة الثانية عشر وتصير هناك ظلمة على المسكونة كلها، انه الرب الخالق الذي جاء متجسداً ومخلصاً لكل أحدٍ.
نقف امام الصليب وامام هذا الحدث الذي غير حياة ومصير الانسان، اننا نواجه مع ما يسمى ب” اسرار الوجود الانساني”
وذكر قداسته إثنين من أسرار الوجود الإنساني وهى:
١. سر الحب
٢. سر الموت
سر الحب : هو شعور واحساس يشعر به الانسان قبل ان يولد “وهوجنين في بطن امه” حيث يولد الانسان يحب بعض الناس ولا يقدر أن يحب البعض الأخر من الناس في العلاقات المجتمعية.
إن كلمة الحب لها أكثر من عشرون معنى في اللغة اليونانية اهمها:
١. حب الايروس “حب الشهوة”: وهذا حب لا يكتمل
٢. حب الفيلور هو الحب الاجتماعي
٣. حب الأغابى: وذلك هو الحب الأصيل وهو الحب الروحاني وهو الحب الذي قدمه لنا السيد المسيح دون مقابل، لذلك نقول “نحن نحبه لأنه هو احبنا أولاً”ولكن الصليب يعطي إجابة لسر هذا الحب.
سر الموت: يموت الإنسان بعد فترة من الزمان ولا يأخذ معه أي شئ من الدنيا من كنوز او إنجازات فعلها اثناء حياته على الأرض.ويضع سر الموت العديد من علامات الإستفهام.
فالموت والصليب تجمعوا في الصليب، لذلك نقول ان “الصليب هو سر الحب حتى الموت”
تعريف الصليب: “هو سر الحب حتى الموت” وهذا ما قدمه السيد المسيح لنا. وعندما نقف امام الصليب يشعر الإنسان أن ما صنعه المسيح هو شئ كبير جداً ولا يستحق الإنسان كل ذلك حيث تحمل المسيح من اجله الألم والمهانة.
وأشار قداسته إلى ثلاثة عناوين رئيسية تساعدنا في فهم الصليب؛ الذي هو سر الحب حتى الموت المسيح:
١- المسيح هو العجيب في تعاليمه
٢- المسيح الفريد في اعماله
٣- الوحيد في خلاصه
اولاً: المسيح العجيب في تعاليمه:
المسيح وهو على الصليب قد حول الصليب الى منبر تعليمي، كانت الناس تصرخ امامه وتقول”اصبله اصلبه” ومنهم من كان يدق المسامير ، لكن المسيح قد حول الصليب لمنبر لتعليم الإنسان ” المسيح يصرخ امام الذين كانوا يعذبونه ويقول يا ابتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون” انه المسيح كان يطلب لصالبيه الغفران.
وهنا اعطانا المسيح درس الغفران، و هذه هي مسيحيتنا ” اغفر لهم لانهم لايعلمون ماذا يفعلون” ونصلي ايضاً ونقول “واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن ايضا للمذنبين الينا”. هذه تعليم الصليب العجيب في تعليمه مين يقدر أن يفعل ذلك؟!!
ثانياً: المسيح الفريد في أعماله:
لقد بدأ عهداً جديداً عهد المسيحية التي على الصليب حيث يفتح المسيح احضانه من اجل كل احد ، كان من الممكن أن يموت بأي شكل أخر، لكن موته على الصليب، فيها الاحضان المفتوحه لكل احد لانه الفريد في اعماله، عندما كان المسيح مُعلق على الصليب أتي قائد المئه بحربه وطعن جنب المسيح، ومن هذه الطعنه خرج دم وماء، ولكن السيد المسيح عندما طعنه هذا الرجل وهو انسان وثني روماني؛ صرخ قائلاً: ” حقاً كان هذا ابن الله ” وهذه واحد من الناس الذين صلبوا المسيح.
وخروج الدم والماء من جنب المسيح فالماء يمثل “سر المعموديه” والدم يمثل” سر الافخارستيا” .
ثالثاً: المسيح هو الفريد في خلاصه:
ليس بأحد غيره الخلاص. فهو الوحيد الذى قدم خلاصه لجميع البشر.
يسوع المسيح يسوع المخلص والمسيح ماسح، من يقدر أن ينزع الخطايا!؟ ان دم المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية، عندما صُلب المسيح على الصليب كتبوا لافته وعلقوها على الصليب “يسوع ملك اليهود”.
كما قال المسيح على الصليب عبارة “قد أكمل” وقد تم تكرار هذه العبارة في الكتاب المقدس فى ثلاث محطات ١. سفر التكوين “اُكملت السموات والأرض ” وهي بداية الخليقة
٢. في سفر الرؤيا “قد تم” وهي نهاية الزمان
٣. والمسيح في الصلب “قد أكمل ” وهذه في الوسط.
– لقد اكتملت قصه الانسان والله، بين الله والانسان توجد قصه من أيام آدم وهذه القصة تعاقب عليها اباء كثيرين حتى تمت واكتملت في شخص ربنا يسوع.
ويقول القديس غريغوريوس لاشئ من المعجزات التي حدثت عند الصليب وعند القبر او بعد القبر يعادل معجزة الخلاص، فإن قطرات دم المسيح تجدد خلقة هذا العالم .
ومن المهم أن كل واحد فينا يعتبر ان المسيح قد صُلب من اجله، وقد يكون الله قد سمح بظروف هذا الوباء، وقد سمح لنا الله بأن نكون في المنازل لكي يقدم لنا رسالة لكى يقول لنا” إننى صلبت من أجلك من أجل هذا البيت ومن أجل هذه الأسرة ” وشعور ان المسيح قد صلب من اجلك، ومن هنا تشعر ان الله معك في كل وقت.
واوضح قداسته أن للصليب أربعة أطراف وهي تشرح أربعة مفاعيل سر الصليب.
١. مفعول سر الشكر
٢.مفعول عاطفة الحب
المسيح ضحي وفتح ذراعيه لأجل كل أحدٍ، لذلك في المسيحية ظهرت هيئات كثيرة عبر التاريخ لتخدم هذا الحب و الخدمة تقدم عن طريق حب و الصليب هو سر الحب حتي الموت
٣. الفعل الثالث هو التوبة حينما نقف امام المسيح المُعلق على الصليب: يقول لي أجعل قلبك نقى، فبنقاوة قلبي أستطيع أن أري مسيحي
٤. يعيطنا إحتمال للضيقات
عندما ينظر الانسان إلي ما صنعه المسيح يشعر الإنسان هو الجاني الذي يستحق العقاب ولكن الله حمله عنه .
“نقدم شكر،حب،توبة،احتمال ”
لكي تتخيل الصليب كيف كان في فكر من عاشوا قبلك داواد النبي رسم بالكلمات الصليب كأروع فنان في المزمور ١٠٣ “لم يصنع معنا حسب خطايانا ولم يجازنا حسب اثامنا لأنه مثل إرتفاع السماوات فوق الأرض قويت رحمته على خائفيه وكبعد المشرق عن المغرب أبعد عنا معاصينا ” فالضلع الرأسي في الصليب يمثل الرحمة والضلع الأفقي يمثل المغفرة التي قدمها الصليب .
واختتم البابا العظة قائلاً: إن الصليب هو تجديد لشبابنا ومن حكمة الكنيسة أن عيد الربيع يأتي في الصوم يوم ٢١ مارس، و الكنيسة تنقله لثاني يوم عيد القيامة ونحن في الصليب يتجدد شبابنا ربما هذه السنة مختلفة لكن وجودنا في البيت ومتابعتنا للصلوات نعيشها بصورة شخصية : “أما أنا وبيتي فنعبد الرب” أحب انتهز هذه الفرصة واهنئ كل بيت داخل وخارج مصر ونحن نصلي لأجل سلام العالم وأن يرفع الله هذا الوباء ويعطينا سلام وهدوء ويحفظ العالم وبلادنا ورغم أنها أيام أعياد إلا اننا نلتزم بالجلوس في البيت، لأن بعض البلاد الأخرى قد استهانت بهذا الأمر ووصلت لمرحلة صعبة .الرب يحفظكم .
كما هنأ قداسته الشعب قائلاً: بإسم كل الأباء الأساقفة و الكهنة و الشمامسة أهنئ الجميع.
الجمعة ١٧ أبريل ٢٠٢٠م… ٩ برموده ١٧٣٦شالآن بث مباشر لصلوات يوم الجمعة العظيمة من دير القديس العظيم الأنبا بيشوي بوادي النطرون….الجزء الثاني#أسبوع_الآلام#البصخة_المقدسة#الجمعة_العظيمة
Gepostet von المتحدث الرسمي بإسم الكنيسة القبطية الارثوذكسية am Freitag, 17. April 2020