فى 27 ابريل 2020 رحل تلميذ أمين للرب هو القمص بيجول باسيلى مقار كاهن كنيسة مارمرقس –فرانكفورت – المانيا شقيق الأنبا ديمتريوس، أسقف ملوي وأنصنا والأشمونين، وقد سبقته فى الرحيل شقيقته الراهبة الام أغابي في دير أبوسيفين بمصر القديمة يوم 16 أبريل 1964م.
كما يخدم أشقاؤه في الكنيسة خدمات رعوية وتعبدية متعددة، تنوعت في الرتب الكهنوتية والرهبانية وهم: القمص كيرلس باسيلي بفلوريدا بالولايات المتحدة الأمريكية، الراهبة يوستينا ابي سيفين، تاسوني أنجيل باسيلي شريكة حياة القمص بيشوى كامل كاهن الحق بالإسكندرية.
أتقن القمص بيجول اللغة القبطية كتابةً ومُحادثةً، وأسند إليه قداسة البابا شنودة الثالث تدريس اللغة القبطية بكنائس المهجر، ورُسِمَ بيد البابا الأنبا شنودة الثالث البطريرك 117.
تعود معرفتى الوثيقة بجميع أفراد الأسرة إلى فترة الستينيات حيث كنا نخدم جميعاً بكنيسة السيدة العذراء بمحرم بك بالإسكندرية، وأزداد الأرتباط بيننا فى حبرية البابا كيرلس السادس البطريرك 116، حيث كنا ننتظم جميعاً للصلاة معه بالكنيسة المرقسية بالإسكندرية صباحاً وعشية.
بعد أن تخرج المهندس جورج باسيلى مقار (القمص بيجول باسيلى مقار فيما بعد) من كلية الهندسة – جامعة الإسكندرية – شعبة الأتصالات الكهربية، وأنهى خدمته العسكرية، عُين فى هيئة التليفونات بالقاهرة، وبعد فترة صار من أشهر مهندسى التليفونات بالقاهرة، حتى أن هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية أسندت إليه الأشراف على تأسيس سنترالات التليفونات الجديدة المختلفة لنبوغه فى هذا التخصص. وفى نفس الفترة كان يخدم بكنيسة مارمرقس بمنطقة كليوباترا بحى مصر الجديدة بالقاهرة، ثم أنتقل للخدمة بعد ذلك للخدمة بكنيسة السيدة العذراء بأرض الجولف بمصر الجديدة. وبعد فترة من الخدمة الناجحة والصادقة تمت تزكيته لخدمة الكهنوت، فسيم كاهناً بيد البابا شنودة الثالث على كنيسة السيدة العذراء بأرض الجولف باسم الأب بيجول باسيلى مقار.
بدأ خدمته بالكنيسة خدمة نارية وببذل حقيقى وكان صورة رائعة للخادم الواعى فى كل شئ من بذل وتضحية وتواضع ومعرفة حسنة بالطقوس الكنسية وتقاليدها ولغتها والحانها بل وجميع الترتيبات الكنسية فى إنكار للذات وحُب حقيقى.
وعندما احتاجت الخدمة فى مدينة فرانكفورت بالمانيا لكاهن، تمت تزكية الأب بيجول باسيلى للسفر والخدمة بها، فسافر واستقر بها وبدأ نشاطه المعتاد وفى خلال فترة بسيطة تمكن شعب الكنيسة من التحدث باللغة القبطية التى كان يتقنها هو وجميع أخوته.
تميز الأب بيجول باسيلى – منذ شبابه المبكر – بالأهتمام بتاريخ مصر فى عصور مختلفة، وكان يتحدث عن التاريخ بسلاسة ووعى وفكر مستنير. كما كان حُجة فى التقاليد الكنسية، ولم يكن يفرط فيها. فهو سليل عائلة كهنوتية سواء بالإسكندرية أو صعيد مصر. كما كان قارئ جيد لتاريخ الكنيسة القبطية، وبفكر المهندس الناجح كان يربط بين الأحداث الكنسية بعبقرية شديدة.
كان لى العديد من اللقاءات معه سواء بالإسكندرية أو القاهرة أو فرانكفورت بالمانيا، وكانت تدور بيننا العديد من المناقشات عن تاريخ الخدمة بكنيسة السيدة العذراء بمحرم بك بالإسكندرية والتى كان يلقبها الأم الولود التى ولدت العديد من الخدام الذين خدموا فى أنحاء الإسكندرية وخارجها، وكان من أبرز خارجيها كاهن الحق القمص بيشوى كامل اسحق – كاهن كنيسة مارجرجس بأسبورتنج. كما كانت تدور الأحاديث بيننا فى الثقافة القبطية، وعندما أصدرت جمعية مارمينا العجايبى بالإسكندرية فى عام 2004 مجلة “راكوتى” للدراسات القبطية، كان يحرص على أقتناء جميع الأعداد، وعندما كنا نتقابل كان يدور بيننا أحاديث فى بعض الموضوعات التاريخية المنشورة بالمجلة.
كان شقيقه الأصغر المهندس فيكتور باسيلى (تنيح فى 6 نوفمبر 1986) – وأيضاً كان مهندس تليفونات نابغ بالإسكندرية – يستلذ بمناقشة شقيقه المهندس جورج باسيلى (الأب بيجول) فى العديد من الأمور التاريخية والطقسية، فكلاهما كان على علم ودراية كاملة.
تمتع الأب بيجول بحياة هادئة حتى بعيد رحيل زوجته الغالية منذ عدة سنوات – بالمانيا – لم يهتز وكان متمتعاً بسلام الله الكامل، وحرص على تربية نجليه وأبنته تربية كنسية حسنة بالإضافة إلى تمكنهم من اللغة القبطية نطقاً وكتابة وتدريساً، وكانت زوجته تنتمى إلى عائلة الأستاذ بسنتى رزق الله أستاذ اللغة القبطية بالإسكندرية.
وبعد أن أكمل الأب بيجول خدمته الناجحة رحل إلى الأمجاد مكللاً بالآلام لفترة بسيطة جداً، وفى السماء يسمع الصوت الفرِح: (نعماً أيها العبد الصالح والأمين، كنت أميناً فى القليل، أقيمك على الكثير، أدخل إلى فرح سيدك). طوباك بالحقيقة يا جبار البأس.