شعرت بالملل فأرادت أن تملأ وقت فراغها، ولم تكن تعلم أن بداخلها موهبة حقيقية في صنع المجسمات من الصلصال الحراري، إنها عزة عاطف، ربة منزل، وأم لثلاثة أطفال، درست التجارة، لم تدرس في كلية فنية ولكنها أبدعت في طبخ الصلصال دون الحاجة إلى توجيه، فقط التجربة هي من أرشدتها.
بدأت عزة رحلتها مع الصلصال الحراري منذ ثلاث سنوات، بعد أن أنجبت أبناءها الثلاثة، ففي وقت ما شعرت بالملل من المكوث في المنزل، وأرادت أن تقوم بعمل شيء ترفيهي، يكون مختلفًا وجديدًا ولم يعهد لها أن قامت به من قبل، وظلت تفتش عبر الإنترنت عن وسيلة لتحقق بها هدفها، إلى أن عثرت عن إعلان لشراء لصلصال الحراري، فاشترت منه لتجرب أشكالًا بسيطة في البداية من أجل تحقيق السعادة فقط.
تطور الأمر وبدأت عزة تصنع أشكالًا لوجوه تضحك وكلمات محببة إلى النفس وتوزعها كهدايا على أفراد عائلتها، إلى أن بدأت في رحلة الانسجام وشكلت أطباق لأشهى المأكولات الغربية والعربية.
أكدت عزة لـ”وطني”، أن السعادة تغمرها وهي تصنع المأكولات المصرية، لافتة إلى شعورها ببهجة ذلك الطعام أثناء تشكيله وأيضًا بعد ظهوره في صورته النهائية.
ففي شم النسيم، شكلت الرنجة والبصل والليمون والخبز بالصلصال، لتعيش أجواء العيد بهذا المجسم الرائع، وفي رمضان أعدت أطباق الأرز والبط والمكرونة والبشاميل وطواجن الباميه، فأعطت روح العزائم عنا هذه الأثناء بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد.
يُساعد عزة في صقل موهبتها زوجها أحمد، فحين تعد السفرة الصلصالية يرشدها إلى ما هو ناقص، كالمقبلات من الباذنجان المخلل أو بعض أنواع الخضار، فتُعدها لتكمل سفرتها.
أتقنت عزة طبخاتها الصلصالية إلى الحد الذي جعلها تَبشُر بعض الألوان، حتى لا تغفل عن القرمشة أو التحمير، وكذلك تستخدم الصلصال السائل والناشف، لتصنع الصوص وتجعل السفرة مكتملة الأركان.
اقترح البعض على عزة إنشاء صفحة لعرض إبداعاتها، وأنشأت بالفعل ولكنها لم تستمر طويلًا، شأنها شأن المبدعين الذين لم يحتملوا الضغوط، فضلًا عن أنها تمارس موهبتها من أجل تحقيق المتعة، ومن يبحث عن المتعة والإبداع لم يستطع صناعة نفس المنتج مرتين بنفس الروح.
أكثر ما شعرت عزة بالسعادة وهي تطهوه بالصلصال الحراري كان الفخذة الضاني، وكذلك بعض المأكولات الشعبية من كوارع وفتة وكرشه وطحال، فعلى الرغم من أنها لم تستطع طهو هذا النوع من المأكولات في المطبخ الواقعي، إلا أنها أبدعت في صناعة أطباقه بالصلصال الحراري.
كانت عزة تقف في المطبخ مع والدتها وهي صغيرة لكي تساعدها، ولكنها لم تصنع وجبة كاملة إلا بعد أن تزوجت منذ ست سنوات.
كان لإحساس عزة في المطبخ دورًا كبيرًا في إبداعها بعالم الصلصال الحراري، فهي لم تنس تحمير الخبز فاستخدمت الألوان مع الصلصال لتتقن صنعه، وكذلك استخدمت الصلصال اللزج من أجل صنع طاجن البامية، وجعلها هذا أيضًا تبحث عما ينقص البطة الصلصالية لتضيف شرائح البرتقال حتى تصبح في أكمل صورها.