منذ بدء دخول جائحة فيروس كورونا إلى مصر، خاطر بحياته وتحدى الخوف من إصابته بالفيروس، فكان شعوره بالمسؤولية المجتمعية تجاه بلده وأهالي قريته، حافزه الرئيسي لتحمل مشاق العمل في الشارع منذ السابعة صباحًا حتى السابعة مساءً، دون النظر إلى جسده المنهك من التعب والإرهاق الشديد طوال اليوم ، هو السيد أبو سلام أحد شباب قرية “محلة أبو علي” الذي ترك عمله وتطوع لتوعية وتثقيف أهالي قريته بطبيعة المرض، وكذلك محاولته توفير الكثير من الخدمات الأخرى من شراء الخضروات من أسواق الجملة والبحث عن أهل الخير لدعم الفكرة.
جاءته الفكرة بمجرد دخول الفيروس إلى مصر، فقام بإنشاء جروب (مجموعة) عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك؛ بهدف النزول إلى شوارع القرية لتطهيرها و تعقيمها وتوعية الأهالي بطرق الوقاية من هذا الفيروس المستجد، ومن هنا بدأ تدشين الحملة الشعبية لمكافحة فيروس كورونا بقرية محلة أبو علي – مركز المحلة الكبرى – محافظة الغربية، والتي قامت في بدايتها على فكرة توعية ومكافحة انتشار المرض وطرق الوقاية منه في القرية، ثم تطورت إلى توفير السلع والخضروات للمواطنين بأسعار مخفضة.
الفكرة وتنفيذها لاقت إعجاب شباب آخرين من القرية من أصدقاء السيد أبو سلام، ومنهم محمد الدوماني، أحمد عثمان، محمد العبد، نشأت شبند، وبعض مع رجال الخير بالقرية، الذي ساعدوا في تنفيذ الحملة على أرض الواقع ونجاحها، و بدأوا في تطهير كل مكان بالقرية من مساجد، ، كنائس ، مدارس، مصالح حكومية، مصانع، محال تجارية، أماكن عامة، وسائل مواصلات، وأيضًا داخل المنازل.
لم يكتف هؤلاء الشباب بالتطهير في القرية فقط إنما أخذوا على عاتقهم أيضا متابعة أي تجمعات في القرية محاولين منعها بالتنظيم وإبقاء مسافات بين الأفراد، حسبما أكد “أبو إسلام” وقاموا بإلغاء الأسواق الشعبية، حرصًا منهم على سلامة أهالي القرية من الإصابة بفيروس كورونا المستجد.
و أوضح “أبو سلام”، لـ”وطني” كيفية تنظيمهم لمكاتب البريد، حيث قاموا باستئجار كراسي على نفقتهم الخاصة، و وزعوها بطريقة متباعدة ومنظمة؛ لمنع التكدس. ثم بعد ذلك توجهوا إلى مكاتب صرف التموين، وقاموا بتنظيم الكراسي والأفراد بطريقة منتظمة ومتباعدة أيضًا.
وبعدها بدأت شكوى الأهالي من ارتفاع أسعار الخضروات، فحاولوا إيجاد حل لإيقاف استغلال التجار، فتوجه الشباب إلى البائعين طالبين منهم خفض الأسعار مراعاة للأزمة الطارئة التي تمر بها البلاد، ولكن التجار رفضوا التعاون، قائلين: “لو خفضنا نخسر”.
وهنا لم يستسلم السيد أبو سلام – الذي كان يعمل محاسبًا بأحد مصانع الملابس، وترك عمله إثر أزمة فيروس كورونا-، فتوجه إلى أحد رجال الأعمال واقترض منه المال ليذهب إلى سوق الجملة ويشتري الخضار من أجل تخفيف المعاناة على أهالي القرية .
وبعد أن تحرك “أبو سلام” وأصدقاؤه، إلى سوق الجمعة وجدوا أن هناك تفاوت كبير بين سعر الجملة وسعر التجار في القرية، فاشتروا الخضروات وطرحوها للبيع و وزعوها بسعر الجملة على الأهالي.
ساعدهم في تنفيذ الأمر تبرع أهل الخير بالسيارات لنقل الخضار، فجمعوا الخضار وقاموا بوزنه، ثم حملوه على السيارة، وجابوا به (لفوا) شوارع القرية منعًا للتكدس والزحام في مكان واحد.
نجحت فكرة الشباب نجاحًا كبيرًا واستطاعوا أن يحاربوا جشع التجار ويخففوا عبء الأزمة على أهالي القرية، مما جعل الأهالي يطالبونهم بالاستمرار في جلب الخضار وبيعه بأسعار مخفضة بعد مرور الأزمة. وهذا النجاح شجع العديد من الشباب المشاركة في الحملة، ليس ذلك فحسب بل بدأت البنات في الانضمام أيضًا.
كما أن الشباب يحاولون مد الأهالي بالمعلومات اللازمة لهم؛ منعًا للحيرة والتكدس في البحث عما يريدون، فيعلنون عبر جروب الحملة عن موعد سير سيارات الخضار وأماكنها، كما أنهم يعلنون عن مواعيد صرف إعانة العمالة غير المنتظمة وطرق صرفها للتوعية ومنعًا للتزاحم.
واختتم السيد أبو سلام حديثه مع “وطني”، موضحًا أن كل ما فعله كان بدافع الخوف على أهله وبلده.
الجدير بالذكر يبلغ تعداد أهالي قرية محلة أبو علي ١٢٠ ألف نسمه، وهي قرية صناعية، يوجد بها أكثر من ٥٠٠ مصنعًا، مما يزيد من التخوفات والإجراءات الاحترازية من القائمين على الحملة لكثرة دخول الغرباء إلى القرية، على الرغم من أنهم حاليًا يحاولون قدر المستطاع منع دخول أحد إليها.