أسفرت اشتباكات بين المتظاهرين وعناصر من الجيش في مدينة طرابلس شمال لبنان، عن مقتل متظاهر شاب ووقوع عدد من الجرحى من قوى الأمن؛ وذلك على خلفية تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد وحدوث احتجاجات عنيفة تم حرق بنوك، كما تخللتها مواجهات مع قوات الأمن والجيش التي سعت إلى تفريقهم.
وقد عبرت قيادة الجيش اللبناني، عن “أسفها لسقوط شهيد خلال الاحتجاجات”، مشيرة إلى أنها “فتحت تحقيقاً بالحادث ودعت الجميع المحافظة على مؤسسات الدولة”.
وتشهد المدن اللبنانية مظاهرات في مناطق متفرقة من البلاد، وذلك على الرغم من تدابير الحجر الصحي المفروضة لاحتواء فيروس كورونا، احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية بسبب ارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية وغلاء المواد الغذائية الأساسية، وستبقى الاحتجاجات الشعبية مستمرة لأن الناس لم يعد لديها ما تخسره.
وانتشر على الانترنت مقاطع فيديوهات لمتظاهرين لبنانيين غاضبين عبروا عن ألمهم وجوعهم أمام الكاميرا، ويخاطبون السياسيين والحكومة بأنهم جوعى، وفِي مشهد يدمي القلوب يصرخ أحد المتظاهرين بالشرطة التي حاولت إبعاده عن مكان التظاهر بأنه جائع ولم يأكل شيئًا ليرد عليه الشرطي في مقطع مؤثر بأنه أيضًا جائع وقد تكون حالته أصعب من المتظاهر نفسه.
ونرى أنه قد تحدث ثورة جياع في لبنان – لا قدر الله- بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية الصعبة وانهيار قيمة الليرة اللبنانية وانتشار فيروس كورونا ونتمنى ألا يحدث ذلك وتخرج لبنان من كبوتها في أسرع وقت.
جدير بالذكر أن لبنان على وشك الإفلاس، وأن معدلات الفقر والبطالة والدين العام وصلت لمعدلات قياسية غير مسبوقة هي الأسوأ بتاريخ لبنان، فهل يختلف هذا الحراك عما سبقه في ظل جائحة كورونا؟
فالجائحة أدت إلى إعلان التعبئة العامة، وإغلاق المؤسسات والمحلات التجارية، وتعليق معظم الأعمال، مما فاقم من الأزمة الإقتصادية ، وقد بدأت الاحتجاجات الشعبية في ١٧ أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي تنديدًا بالأوضاع الاقتصادية السيئة، واستمرار الوضع المالي بالانحدار.
في تقديري أن الأزمة الحقيقية في لبنان ناشئة عن سياسات ممنهجة منذ عقود، وإن ما يحدث في لبنان هو نتاج فشل سياسي لطبقة سياسية فقدت مفهوم المصلحة العامة، فهي تعمل لصالحها ولا تعمل لصالح المواطن اللبناني، وبالتالي فإن العجز سببه الفساد السياسي ، مع وجود صراع طائفي وسياسي يترافق مع الوضع الاقتصادي السيئ، وتكمن خطورة الموقف في عجز البنك المركزي على التدخل من أجل كبح انخفاض الليرة اللبنانية المستمر.
وعاد الحراك إلى الشارع اللبناني نتيجة الجوع والغلاء الفاحش، مما يجعل الوضع مرشح للتصعيد خاصة في غياب أي تدخل دولي بسبب جائحة كورونا وتفاقم الدين العام، ويتحمل حزب الله اللبناني الموالي لإيران المسؤولية الأكبر لما وصلت إليه لبنان الحبيبة.
لذا يجب أن يتكاتف كل اللبنانيين حكومةً وشعباً للخروج من تلك الأزمات والحرص على استقرار لبنان سياسياً وأمنياً بما يحفظ وحدة البلد وتماسُك مؤسّساته، وتغليب مصلحة اللبنانيين على أي اعتبارات طائفية أو مذهبية أو إقليمية، وضرورة معالجة الوضع الاقتصادي ومُلامسة تطلّعات الناس وهمومهم المعيشية، والحدّ من الهَدْر والقضاء على الفساد، و رفض المحسوبيات في التوظيف، والابتعاد قدر الإمكان عن الإجراءات الاقتصادية المؤلمة بحق الشعب اللبناني الذي يعاني الأمرّين من تفشي الفقر وانعدام فُرَص العمل ونقص الخدمات، من دون ذلك تبقى الأمور مرشحة لمزيد من الأزمات، حمي الله لبنان وشعبها من كل سوء.