المشروع القومى لتحديث الملف الوظيفى إلكترونيا..خطوة نحو التحول الرقمى للمؤسسات.
فيروس كورونا يسرع بالتحول الرقمى للمؤسسات المالية المصرفية وغير المصرفية.
مع اجتياح فيروس كورونا العالم ، دفع العديد من الشركات العالمية مثل مايكروسوفت وأمازون وتويتر وآبل والقطاعات العاملة فى السوق المحلية ، كالبنوك والبورصة وغيرها من القطاعات سزاء العام أو الخاص، تنفيذ خطة العمل من المنزل ( العمل عن بعد ) لمنع انتشار فيروس كورونا، وذلك للحد من التجمعات داخل أماكن العمل , حيث دفع هذا الانتشار الكبير للعدوى الحكومة تعطيل الكثير من الوظائف النظامية ، والتوجه للعمل من المنازل الآمر الذى جعل الكثير من الموظفين النظاميين أنفسهم في مواجهة تجربة جديدة وهي أداء العمل من المنزل , ويأتى ذلك أعقاب إعلان الحكومة عن مجموعة من الإجراءات الإحترازية التى شملت تخفيض عدد العاملين في القطاع الإدارى للدولة ، والعمل من المنازل وبلا أى مقدمات يجد الموظفيين أنفسهم يتوقّفون عن الإستيقاظ مبكراً للحاق بالعمل في الصباح الباكر، والتخلّص من الركض في زحام الحافلات والسيارات والمترو … فالتجربة الراهنة لن تكون مجرد فيروس أصاب العديد من الأشخاص بل ستشكل صورة حقيقية للمستقبل القادم الذى ستحتل فيه التكنولوجيا بعدا أساسيا ، فتجربة العمل من المنزل، والتعلم عن بعد، والإدارة عن بعد ستكون أهم الأولويات الفترة المقبلة… فى هذا التحقيق سوف نتعرف على التجربة ؟ وهل فيروس كورونا يمثل فرصة للعمل عن بعد وتصدر تطبيقات مثل “دينج توك” وتقنيات تدعم العمل عن بعد أم ستعود الطرق التقليدية مرة أخرى بعد زمن كورونا؟ّ!!
تحديث الملف الوظيفى إلكترونيا
فى البداية قال الدكتور صالح الشيخ، رئيس الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، إن الجهاز انتهى من تحديث بيانات مليون و100 ألف موظف فى 15 محافظة، وذلك فى إطار تنفيذ المشروع القومى لتحديث الملف الوظيفى إلكترونيا، مؤكداً إنتهاء الجهاز من تحديث بيانات جميع الموظفين إلكترونياً فى الجهاز الإدارى للدولة بحلول 30 يونيو 2021.
وأضاف رئيس الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة : إن الجهاز يُجرى اختبارات لمنظومة التراسل الإلكترونية بينه وبين الوحدات الإدارية، وعقب الإنتهاء من الإختبارات سيتم تدشينه وبدء التراسل الإلكترونى بينه وبين هذه الوحدات التى تم إنتهاء تحديث الملف الوظيفى بها، ومن المقرر البدء بدواوين الوزارات ، وأضاف الدكتور صالح الشيخ : ” نعد تطبيقاً حكومياً نعرف من خلاله حجم العمالة فى كل جهة، ندخل كل وزارة وجهة حكومية ونستعين بالخدمة العامة ، ونقلل الملفات الورقية ، وجار عمل ملف إلكترونى لكل موظف، وانتهينا من الوزارات، وأنهينا جزءا كبيراً من الجامعات والهيئات، وأدخلنا المحافظات ، وأضاف: “نعطى كل موظف ملفه على أبلكيشن، فى إطار منظومة الموارد البشرية المميكنة، ويستطيع فيما بعد تقديم أى طلب من خلاله ، ومن ثم سنمنع التراسل بين الجهات ورقيا”.
استخدام التقنيات الرقمية
وقال النائب فايز بركات، عضو لجنة التعليم،بمجلس النواب , إنه منذ انتشار فيروس كورونا بدأ المصريون في التحول الرقمي، حيث ارتفع الطلب على توصيل خدمة الإنترنت إلى المنازل بسبب احتياج الجميع للعمل من المنزل , وأوضح، أن فيروس كورونا عجّل من عملية التحول الرقمى للمؤسسات المالية المصرفية وغير المصرفية التى تعمل فى مصر التى كانت تسعى الحكومة لتنفيذها على مدار الشهور الماضية، حيث تسعى منذ أشهر طويلة إلى عمل تغيير شامل يتم فيه استخدام التقنيات الرقمية “الرقمنة” فى كل المعاملات داخل المجتمع، وتبسيط الإجراءات للحصول على الخدمة؛ لرفع كفاءة المؤسسات، وتهيئة بيئة الأعمال الداعمة لدور القطاع الخاص والجاذبة للاستثمار المحلى والأجنبى، والقضاء على الفساد. وأضاف: إن التدابير المتخذة لمنع المخالطة والتقييد الجزئي لحركة المواطنين تساهم بالاتجاه إلى الإنترنت سواء للدراسة أو العمل عن بعد، ما يؤدي إلى زيادة إيرادات مقدمي خدمات الإنترنت.
العمل عن بعد .. أصبح علم
ومن جانبه قال الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي ورئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، إن ثقافة العمل عن بعد مرتبطة بعلم، وفي أوروبا هذه التجربة ناجحة لأن مستوى الشعوب متقدم واستخدام أدوات العلم الحديثة متاحة، ففي أوروبا الجاهل هو من لا يجيد استخدام الكمبيوتر وتكنولوجيا الذكاء الإصطناعي وليس من لا يجيد القراءة والكتابة ، لكن نحن لدينا مشكلة تتمثل فى الأمية التقليدية ، ومن يتعاملون مع الإنترنت وثورة المعرفة في مصر لا يجيدون استخدامه بالشكل الكافي .
وأكد الدكتور رشاد عبده أن هناك قواعد للعمل المنزلي الذي يحتاج إلى بذل الجهد بلا رقابة ، بحيث يخصص العامل المساحة الخاصة للعمل وعزل المؤثرات التي تشتت التركيز، مثل الأطفال والحيوانات المنزلية ، ولعل أهم القواعد على الإطلاق فتح قنوات التفاعل والإتصال برئيس العمل وفريق المكتب ومعرفة ما هو المتوقع من العمل المنزلي ، مشيراً إلى أنه إذا ما طالت أزمة كورونا يُمكن لأي مصنع أن يستأجر مكان للسكن والإقامة للعمال بجواره كتجربة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر كان ينشأ مصنع متكامل وبجواره مساكن للعمال ومدرسة ونادي ومركز ثقافي، فمن الممكن أن تستلهم التجربة مع إحكام الرقابة الصحية على هذه المساكن للعمال حتى لا تتعطل المصانع وهي الأهم لدينا.
وذكر الدكتور “عبده” أن المصالح الخدمية لم تتأثر بتخفيف أعداد العاملين بالدولة وحضور جزء منهم 3 أيام بالتناوب لأن لدينا بطالة مقنعة متمثلة في زيادة أعداد الموظفين بالأساس ، خاصة مع وجود تفويض السلطة والمسئولية وإدراك الموظفين لطبيعة العمل، مشيداً بكفاءة الدولة في التعامل مع أزمة كورونا ، خاصة مع توجيهات الرئيس بتخصيص 20 مليار جنيه للبورصة ما تسبب في صعودها مقارنة بانخفاض باقي البورصات العالمية وكذلك ضخ البنك الأهلي وبنك مصر 3 مليارات جنيه للبورصة .
سيتغير نمط الحياة
وترى الدكتورة ماريان أميرعازر عضو مجلس النواب وعضواً بالمجلس الاستشاري الدولي للتكنولوجيا بمؤسسة ايساكا (ISACA) العالمية ، أن التكنولوجيا أصبحت هى الحاضنة للأعمال الاقتصادية والأساسية لسير الحياة ، خاصة مع انتشار فيروس كورونا الذى يهدد العالم ، مشيرة إلى أنه سيتغير نمط الحياة خلال الفترة القادمة ، خاصة مع ظهور وتداول العملات الإلكترونية فى القريب ، وترسيخ عمليات العمل عن بُعد والتى ستؤثر على كفاءة العمل وزيادة سرعته ، وما سيدعم ذلك من مبادرات حكومية مثل دفع فواتير الكهرباء والمياه والغاز ، فضلاً عن تحصيل ودفع خدمات أخرى إلكترونياً رخض السيارات والضرائب وغيرها .
كما أكدت عضو المجلس الاستشاري الدولي للتكنولوجيا بمؤسسة ” ايساكا ” العالمية على أهمية الفوائد التى يُمكن جنيها من تتطبيق وترشيخ ثقافة العمل عن بُعد مستقبلاً ومنها تقليل الزحام المرورى وتوفير الوقت والجهد وبالتالى تقليل معدلات التلوث ، وأضافت عضو مجلس النواب قائلة : إن فكرة “العمل من المنزل” تبنتها مؤسسات دولية كبرى ، وكذلك شركات عالمية تعمل فى مصر ، وذلك فى إطار أن هناك أعمال لا تحتاح إلا جهاز كمبيوتر وإنترنت فقط ومن منظور كيفية إتمام العمل بغض النظر عن المكان الذى يتم من خلاله تأدية العمل ، منوهة أن الحكومة أخذت المبادرة وأجرت مؤخراً إجمتاع مجلس الوزراء من خلال تقنيات ” الفديو كونفرس” ، كما بدأ القطاع الخاص أن تنتهج خطوات العمل من المنزل ، وكذلك الشركات الصغيرة والمتوسطة خاصة مع إبتكار المزيد من التطبيقات الذكية والمتخصصة فى تقنيات العمل من المنزل ، كما ترى “عازر” أن تيسير الأعمال سوف يشهد تغييراً كبيراً وغير عادى ، خاصة بعد أن تنبه العالم لخطورة العُملات الورقية التى يُكمنها نقل الفيروس ، مما سيعزز الإنتقال بالتعامل بدون ” كاش ” وذلك بالإعتماد على بطاقات الدفع الإلكترونية ، كما أن هناك قرارات كانت قد صدرت لتعزيز ثقافة العمل عن بٌعد ، وجارى حالياً تفعيلها فى ظل تهديد فيروس ” كورونا ” ، منوهة إلى أن هذا التحول الرقمى بلا شك سوف يُساعد بدوره على التحول من الاقتصاد الغير رسمى إلى الاقتصاد الرسمى ، والذى ستكون فيه الكثير من المعاملات الإلكترونية أكثر أماناً .
التدوال بالبورصة عن بعد
كما إنتهت إدارة البورصة فى مصر من تطوير “أنظمتها الإلكترونية المساعدة للتداول” على النحو الذي يسمح بإستمرارية عمل قطاعات البورصة مع كافة أطراف السوق وكذا الموظفين وذلك عن بعد، وبما لا يخل بسرعة وكفاءة انجاز الأعمال المطلوبة , وذلك فى ضوء دعم جهود الدولة الرامية إلى تعليق كافة التجمعات للحد من مخاطر انتشار فيروس كورونا المستجد ، وذلك مع الحفاظ على استمرارية نشاط كافة المؤسسات، حيث سبق ذلك تطوير البورصة من خلال شركة مصر لنشر المعلومات لتمكين الشركات من عقد اجتماعاتها الكترونياً لإستمرارية العمل والنشاط اتساقا مع الإطار القانوني المنظم لذلك , وتضمنت الخدمات المتاحة للعمل عن بعد وفقاً لأنظمة مساعدة للتداول والتي تم تطويرها من قبل إدارة البورصة.
فرصة ممتازة
يرى الدكتور خالد الشافعي ، الخبير الاقتصادي ورئيس مركز العاصمة للدراسات والأبحاث الاقتصادية، إن جميع مجالات العمل الإداري في مصر يصلح معها نظام العمل عن بعد، مؤكدًا أن جزء كبير من الأعمال يتم الآن عن بعد وهو مطلب أساسي للحكومة الإلكترونية المزمع انتقالها للعاصمة الإدارية، مشيراً إلى أن هناك خدمات كثيرة يمكن تقديمها للمواطن عن بعد وفى تجربة العمل من المنزل يوجد مساحات ممتازة لتكثيف القراءة سواء في مجالك أو في المجالات العامة، وتنمية الهوايات المُعطّلة من سنوات طويلة بسبب انشغالك في الوظيفة النظامية ، مشدداً على أهمية الوعي الاجتماعي لتعميق ثقافة العمل عن بُعد، وحاليا الكل يتابع ما تسفر عنه الأزمة، وأصحاب الأعمال يفكرون في كيفية إدارة عملهم عن بُعد.
الأمن الرقمي
قال الدكتور حسام صالح خبير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، إن البنية المعلوماتية من شبكات الإنترنت قادرة على تحمل الضغوط التى زادت عليها في الآونة الأخيرة في أعقاب قرارات الحكومة المصرية بالتوجه للتعليم عن بعد والعمل من المنزل الأمر الذى يجعلنا لا نقلق بشأن بنية الاتصالات في مصر , وذكرأن الأمن الرقمي لابد أن يتمثل فى أفضل الممارسات باستخدام أجهزة خاصة بجهة العمل بدلاً من الأجهزة الشخصية ، مشددًا على أن أكبر خطأ قد ترتكبه جهات العمل هو عدم إيلاء أمن الجهاز الشخصي الخاص بالموظف أي اهتمام، وتجاهل حقيقة أنه قد يكون مدخلًا لهجوم رقمي ويوصي جهات العمل باتباع التدابير الأساسية التالية للتقليل من المخاطر الأمنية , بإتاحة شبكة افتراضية خاصة لتأمين اتصال جميع الموظفين العاملين عن بُعد بشبكات الشركة، وحماية حركة البيانات ، بالإضافة للتأكد من تنفيذ التحديثات الخاصة بأنظمة التشغيل والتطبيقات , تقييد امتيازات الوصول لدى الموظفين المتصلين بشبكة الشركة، استنادًا إلى مبادئ الحاجة إلى المعرفة , وأضاف:لابد من تذكير زملاء العمل بقواعد الأمن الرقمي الأساسية، المتمثلة في عدم النقر على الروابط في رسائل البريد الإلكتروني الواردة من مجهولين، واستخدام كلمات مرور قوية، وما إلى ذلك، والتأكد من أن الموظفين على دراية بمخاطر التجاوب مع الرسائل غير المرغوب فيها، كما أن من الضروري الاتفاق على قواعد لتأمين العمل، مثل قصر طرح الأسئلة على قنوات الدردشة المحمية، وإجراء المكالمات الجماعية عبر قنوات الاتصال المؤمنة.
المصانع تعمل عن بعد
قال المهندس وائل عمار، رئيس شعبة وسائل النقل باتحاد الصناعات الهندسية ، أن المصانع العاملة في قطاع تجميع السيارات ومكوناتها كغيرها من الصناعات تعمل في الوقت الحالي على منع انتشاركورونا المستجد بين عامليها ، لذا سمحت لقطاع من الموظفين بالعمل عن بعد وتخفيض ساعات العمل بمقرات المصانع، كما تعمل على التعقيم المستمر لمواقع العمل وقياس درجات حرارة الموظفين والعاملين بشكل يومي , وأضاف المهندس “عمار ” أن أكبر تحديات العمل من المنزل بالنسبة للمستجدين على هذا النمط هو عدم القدرة على التركيز بإنتظام وسط الفوضى , إذا كان هناك أطفال في المنزل، أو أقارب أو زملاء، أو أي تجمّع عائلي بشكل كبير، فغالباً ما يصدر عنهم من أصوات وأنشطة سوف تتقاطع مع مستوى تركيزك وتُشتّت انتباهك لفترات طويلة قد تعرقل مسار العمل كله ,وأوضح أن العمل في المنزل يختلف في طبيعة العمل النظامي المعتاد في أنه يجعل اليوم يمرّ بسرعة فحينما تتعمّق في مهمة ما أثناء العمل المنزلي فإنك تفقد كل الإحساس بالوقت , وأستطرد :هذا الإنغماس في العمل، ومع تكراره يوميا ثم أسبوعيا، يُفقدك تماما الشعور بالوقت، وتكتشف أن الأيام تمضي بدون إحداث تُميّز فى أنشطة الحياة المختلفة ، بإستثناء المهام التي تسلّمتها وأنجزتها .
العديد من التحديات
قال المهندس أحمد الدسوقي، خبير الإتصالات والتحول الرقمى، إن الأمية الرقمية في مصر تصل إلى 69% من الشعب المصري والعمل عن بعد المتعلق بالإنتريت من اساسياته التحول الرقمى ، وأضاف: إن الرقمنة تعني تحويل العمليات التشغيلية والمعلومات من الحالة التقليدية إلى الحالة الرقمية، فمثلًا الشمول المالي يعنى تحويل عمليات البنك إلى شكل رقمي .