يواجه المجتمع العالمي منذ ما يقرب من خمسة أشهر, فيروسكورونا المستجد المسبب لمرض كوفيد-19, وهو فيروس انتقل من دولة الصين إلي عدد آخر من الدول, شرقا وغربا, شمالا وجنوبا وتسبب في وفاة عدد غير قليل علي مستوي العالم, بالإضافة إلي عدد كبير من الإصابات الأمر الذي دعا منظمة الصحة العالمية WHO إلي إعلان الفيروس وباء عالميا واعتبره العالم جائحة, في تعبير عن مصيبة أو كارثة بسبب انتشار الوباء, ما يمثل أزمة عالمية تهدد الجميع ولا تستثني أحدا, ومن جانب آخر فقد تسبب هذا الفيروس القاتل في وقوع الكثير من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية, علي مستوي المؤسسات والأفراد, حيث تأثرت سلبا الكثير من الفاعليات والأنشطة المحلية منها والإقليمية والدولية.
وفي مصر فإن جهودا كبيرة قامت – وتقوم بها- مؤسسات الدولة الرسمية منها وغير الرسمية, من أجل مواجهة الفيروس والحد من انتشاره, ومن جانب آخر العمل علي مواجهة المشكلات المتنوعة التي خلقتها الأزمة الراهنة, ومن ذلك مثلا لا حصرا المشكلات المتعلقة بانتظام العملية التعليمية, والظروف المادية غير المستقرة للعمالة المؤقتة وغير المنتظمة ومسألة عودة العالقين في الخارج, والرغبة في مواصلة العمل في مختلف موقع الإنتاج, والحاجة إلي مواجهة حالة الخوف والتوتر والهلع التي أصابت بعض المواطنين.
وإذا كان ثمة رهان علي وعي المواطن والتزامه بالإجراءات الاحترازية واتباع التدابير الوقائية, فإن الواقع يشير إلي أن خطابا صحيا بين المواطنين العاديين من غير المتخصصين, بات ينمو ويتصاعد يوما بعد آخر, وهو وجه إيجابي لتلك الأزمة, بل إني أزعم أن أطفالي الثلاثة, وعلي الرغم من حداثة سنهم يوسف ودانيالسبع سنوات وفاديخمس سنوات أصبحوا يعرفون بعض المعلومات عن فيروس كورونا وطرق مكافحته, وهي حالة عامة ربما تعود في جانب منها إلي الحوار الأسري والتجمع اليومي أمام مصادر الأخبار وهو حوار زادت مدته مؤخرا, خاصة بعد تعليق الدراسة في الجامعات والمدارس ودور الحضانة, وغلق المساجد والكنائس والحدائق العامة والمتنزهات والأندية ومراكز الشباب وفرض حظر التجوال لمدة تقترب من اثنتي عشرة ساعة علي مدار اليوم.
في هذا الإطار يمكننا الإشارة إلي بعض نواحي الخطاب الصحي للمواطنين من خلال النقاط التالية:
أولا: الاهتمام بمتابعة ما تنشره الصحف من مواد وموضوعات صحية وما تقدمه برامج الثقافة الصحية في الإذاعة والتليفزيون وعدد من المواقع الإلكترونية ربما في مقدمتها موقع منظمة الصحة العالمية وما يصرح به مديرهاتيدروس أدهانوم غيبريسوس.
ثانيا: الإنصات الجيد لما يقوله خبراء الطب من المتخصصين والمعنيين بمكافحة الفيروسات وسبل مواجهتها والمتابعة اليومية لعدد الوفيات والإصابات والجهود الخاصة التي تقوم بها المختبرات العالمية, وغيرها من المؤسسات والمراكز البحثية المحلية بهدف الوصول إلي مصل ولقاح مناسب للقضاء علي الفيروس.
ثالثا: القيام بنشر المعلومات الصحية المنقولة علي لسان الخبراء والمتخصصين وتبادل اللرسائل المعنية بالتوعية الصحية علي مواقع التواصل الاجتماعي وفي مقدمتها فيسبوك وواتس آب وتويتر ويوتيوب, إضافة إلي الرسائل القصيرة.
رابعا: العمل علي تغيير الكثير من العادات والتقاليد والأنماط السلوكية ومن ذلك مثلا الاكتفاء بكلمات طيبة عند تبادل التحية والامتناع عن تلامس الأيدي والقبلات والأحضان, والحفاظ علي مسافة معقولة بين الفرد وغيره عملا بالمبدأ الشهير الوقاية خير من العلاج وتطبيقا للمثل الشعبي القائلما طبيب إلا نفسك.
خامسا: الدعوة إلي الاهتمام بالنظافة الشخصية والنظافة العامة علي حد سواء من حيث ارتداء الكمامات والجوانتي عند الاضطرار للتواجد خارج المنزل, والتعامل بحرص مع كل شيء من حولنا, والاهتمام بتطهير وتعقيم أماكن العمل.
سادسا: العناية بطرق ووسائل تقوية المناعة عبر انتشار النصائح الخاصة بتناول الأغدية المفيدة والصحية في مقدمتها الليمون والبصل والثوم والعسل, وممارسة الرياضة من أجل التنعم بحياة صحية سليمة.
سابعا: الاهتمام بتقدير الأطباء وتكريمهم باعتبارهم جيش مصر الأبيض في إشارة إلي ارتدائهم البالطو الأبيض أثناء العمل في المستشفيات والعيادات والمراكز الطبية, حيث انطلقت عدة حملات إعلامية عبر وسائل الإعلام وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي, تدعو إلي واجب تقديم الشكر لأطباء مصر وقطاع التمريض, حيث يواصلون عملهم في إسعاف المصابين دون خوف من الإصابة بالفيروس.
نعم هناك للأسف بعض من المواطنين من لايزال يتصرف دون وعي ودون مسئولية, ومن ذلك مثلا حالة الزحام التي تشهدها بعض المناطق التجارية وعدم اتباع الإجراءات الوقائية اللازمة والخوف من الأطباء والممرضين الذين يعتنون بالمصابين بفيروسكورونا ومن جانب آخر قد لاتكون الأمور-التي ذكرتها سابقا- حلا حاسما وعلاجا ناجزا للقضاء النهائي والتام علي الفيروس, ولكن من المؤكد أن خطابا صحيا ينمو ويتصاعد علي لسان عدد غير قليل من المواطنين العاديين, ما يمثل فرصة جيدة يمكن استثمارها من أجل بناء وعي صحي عند المواطن, يؤكد من خلاله مسئوليته نحو نفسه, وفي الوقت ذاته التزامه نحو الآخرين.