بلغة الصحافة “الديسك” هو أحد أقسام الجريدة التي يتم فيها مراجعة المادة التحريرية التي يقدمها الصحفي وتصحح لغوياً وإملائياً ومعلوماتياً وصياغةً لتعد للطبع والنشر في أفضل صورة حسب سياسة تحرير كل جريدة .
قد يحذف الديسك جزء من المادة الصحفية وقد يضيف لها بعض العناوين والمقدمة الصحفية وأحياناً يضطر إلى رفض المادة بجملتها إذا رأي أنها غير صالحة للنشر..
ما يحدث الأن في العالم إثر وباء “كورونا” الذي اجتاح كل أرجاء العالم يشعرني أن العالم الأن دخل “الديسك” لمراجعته وتصحيح اخطائه.
وتتنازعني الأفكار.. ترى هل يخرج العالم مجدداً من هذا الوباء في صورة أفضل ؟ أم سيكون عاصياً رافضاً للتصحيح فيمزق ويلقى أو يترك خراباً؟!
دعونا نتفاءل بأن العالم سيخرج من هذه الغمة العظيمة بصورة أفضل
فلعل العالم الذي تصارع وتناحر في حروب وتاجر في السلاح يدرك أن للإنسانية عدو واحد وهو الشر والشرير وعدو الخير، وأن فيروس لا يري بالعين المجردة أربك العالم كله لكنه أشعر العالم أنه عليه مواجهة عدو واحد فعليه أن يتوحد في مواجهته.
لعل العالم عندما يخرج بعد إعادة صياغته من الديسك، يدرك أن أكبر ميزانية لابد أن تخصص للصحة وللتعليم والتى بدونهما لا يمكن حماية أي تقدم وأى رقي وأي نجاح وأي اقتصاد، مهما كان قويًا .
لعل العالم يخرج من “الديسك” والمانشيت الرئيسي له (العنوان) هو “الجيش الأبيض يستحق الكثير والكثير” مدركاً وموقناً أن المهن الطبية التى ضاعت هيبتها ومكانتها وتقديرها في العديد من المجتمعات هي الدرع الحقيقي الذي يستحق كل تقدير معنوي ومادي لانهم هم خطوط الدفاع الأولى في الظروف الصعبة وهم الذين يدفعون الثمن الأكبر في مثل هذه الأزمات لا يستقيم الأمر أن يكونوا في ذيل قوائم الدخل أو أن يكونوا ( ملطشة الإعلام والمرضى بلا وعي).. فلعلنا لا ننسي ذلك الجيش الابيض .
لعل العالم يخرج من “الديسك” وبه من العناوين الفرعية التى تؤكد أن البيئة لها حرمتها وأن الاستخدام غيرالعادل لمواردها والتعامل الخاطئ مع أحيائها يسئ إلى التوازن البيئي ويجلب أمراضاً لم تكن في الحسبان.
لعل العالم يخرج من “الديسك” مؤكداً على معلومة أساسية في صياغته الجديدة تقول: أن التفكير في استخدام الأسلحة البيولوجية يأكل الأخضر واليابس ، وينقلب السحر على الساحر ويخرج المارد ولا يكون له حاكم ولا ضابط.
لعل العالم يحذف الفقرة التى عاشها بعض سكانه معتبراً أن الوصايا الإلهية عبئاً وثقلاً فاعطاه ظهره ولسان حاله يقول: “لتكن في سماك ودع لنا الأرض نفعل فيها ما نريد”.. فيقوم الديسك باستبدالها بفقرة أخرى تؤكد أن كل الوصايا الإلهية إنما لصالح البشر ليكون لهم حياة أفضل.. وأن الله وحده سيظل ضابط الكل وصانع الخيرات ومحب البشر.
لعلنا جميعاً نخرج من “الديسك” مدركين أن الفيسبوك ليس مصدراً موثوقاً فيه للمعلومات فكم المعلومات المضللة التى انتشرت عبره عن فيروس “كورونا” وعن وسائل الحماية منه كادت تسبب كوارث صحية .
لعلنا كمصريين نخرج من “الديسك” معتزين بمصرنا واثقين في حكومتنا التى احسنت إدارة الأزمة واعتبرت مصلحة المواطن المصري أولوية في كل اجراءاتها وقرارتها، وأن المواطن المصري له قيمة عظمى في بلده.. ولعلنا أيضا كمصريين أن نثق في أن خطط تطوير بعض المنظومات كالتعليم – والذي كان يواجه مقاومة شعبية عنيفة – أثبت أنه احتياج عصري .
وأخيرًا.. لعلنا كبشر نخرج من “الديسك” بعد الحذف والإضافة والتصحيح وتحديد هدف الموضوع أو بالأحرى هدف الحياه في أبهى صورة وهي صورة الإنسانية بكل ما تعنيه.