“كورونا انتقام رباني من الكافرين”، ”وابتلاء منه واختبار لصبر المؤمنين وقوة إيمانهم”.
تلك المقولات المنتشرة على منصات التواصل الاجتماعي للذين يدعون على الله غضباً، أبعد ما يكون عن الذات الإلهية، وانتقاماً حاشا لله أن يمارسه على خليقته.. يصورون الله قاتلاً لجبلة يديه، يا لها من معادلة مختلة، تصور الله على أنه مزاجي وظالم!
فإذا كان وباء كورونا انتقاماً إلهياً من الكافرين فلماذا ضرب به المؤمنين أيضا؟ وإذا كان انتقاماً من المتجبرين فلماذا يدفع الثمن فقراء العالم والمهمشين؟ وإذا كان الفيروس لدعوة الضالين للتوبة أفيقتلهم الله ثم يطلب منهم الانضمام لقطيع المؤمنين؟!
إن فكرة الانتقام الإلهي من فئة لصالح فئة أخرى هي ذات الفكرة التي يروج لها من صلبوا المسيح، فكرة شعب الله المختار، يا سادة العالم كله مختار لدى الله, فالله لم يخلق البشر ليعذبهم بل لأنهم صاروا شركاء معه في الخليقة، الله لاينتقم.
نحن لانعرف سوى الله الرحوم المحب، الذي يقبل الخطاة والساقطين على غلاتهم نحن لم نلتقِ إلا بهذا الإله الحنون الغفور المترفق الصبور طويل الأناة على خليقته، جلال الله لايحتاج فيروس ليبيد به البشر دون تفرقة، الله فارز وفاحص القلوب والكلي، كل في مخدعه دون عقاب جماعي، وكل المتعللين بآيات العهد القديم عليهم مراجعة أنفسهم في ذلك لأننا في العهد الجديد ارتضينا بالكفارة على الصليب، وقدم الله ابنه ذبيحة خلاص للبشرية لا يمكن أن يعود ويطلب ذبائحاً جديدة، إن مفهوم الانتقام الإلهي مرفوض حتى في البوذية فكيف نقبله نحن ونردده كما لو كان أمراً مفروغاً منه نخيف به الناس احترازياً إلى أن تمر الغيمة ثم يعود كل لسابق عهده.
فيا من تردد أن كورونا تعبير عن غضب الله وانتقامه الإلهي، حاشا لله أن ننسب إليه أي مما سبق وهذا لايتفق مع طبيعة الله القدوس، أن الله لا يغضب بمفهومنا الإنساني لكنه يستخدم لغتنا ليبين عدم رضاه عن الشر وأي حديث عن الغضب في العهد القديم لايناسب وعود الله في العهد الجديد.
فتعاليم المسيح في العهد الجديد تؤكد أن مفهوم غضب الله هو كإله يدين الخطية. يدينها في موعد الدينونة الأخيرة، وليس بإرسال وباء أو أعصار أو بركان، الله لايرسل الأوبئة الله أرسل رسله وأرسل ابنه, فالكتاب يقول: إن من يؤمن بالابن لن يواجه غضب الله لأن الابن قد حمل عنه غضب الله بموته على الصليب و”نحن متبررون الأن بدمه نخلص به من الغضب” (رومية5: 9 ) كل هذا يعني إننا في عهد النعمة قد تبررنا بالخلاص ولايمكن أن ينتقم الله من بنيه بل يمنحهم الفرص للعودة طوال حياتهم “لأنه أقام يوماً هو فيه مزمع أن يدين المسكونة بالعدل” (أعمال17: 31 ) فكيف ينتقم من المسكونة قبل أن يرفع الدينونة.