صفات العقل المنفتح
1- عقل عملي دائما:
هو عقل دائما عملي, يراعي تغير الزمن الذي فيه, فتخيل أنك تعطي مصروفا لابنك في اليوم عشرة قروش! ولو قلت له أنا عندما كنت في مثل سنك كنت آخذ خمسة تعريفة سوف يتعجب! ولا يفهم ما هذه العملة الغريبة. العقل المنفتح هو عقل عملي يراعي الزمن.
2- عقل محاور:
أي يتناقش, فلا يصلح الآن في تربية أولادنا أو في مناقشتنا, أن نعطي أوامر, بل يجب الحوار والمناقشة, لأن العقل المحاور يتم من خلاله تبادل الأفكار بين الناس وتتفاعل فيه الخبرات, كما يساعد علي تنمية التفكير, فهو يولد أفكارا جديدة, ويساعد علي التخلص من الأفكار الخاطئة, ويؤدي إلي الوصول إلي الحقيقة.
3- عقل مهموم بإصلاح مجتمعه:
فمثلا الأب في المنزل مهموم بأن يصلح أسرته لكي ما تكون أفضل, والخادم في كنيسته مهموم بأن يجعل كنيسته أفضل.
والمواطن في وطنه, يريد أن يكون الوطن والمجتمع أفضل وأفضل, حتي السيد المسيح قال: أما أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل (يو10:10).
4- عقل واقعي:
لا يتكلم بالنظريات فقط, مثال لذلك عندما نتكلم عن ظاهرة الإدمان وانتشارها, فالمجتمع أصبح يئن من هذه الظاهرة في هذه الأيام. وهذه الظاهرة أصبحت تؤثر علي الأسرة, ولكن من خمسين عاما, لم يكن الإدمان بهذه الصورة, لذلك يجب مراعاة هذه الظاهرة أثناء وضع قوانين جديدة للأسرة.
لابد من مراعاة الزمن الذي نوجد فيه, فالإنسان صاحب الفكر المنفتح, إنسان واقعي يعالج الأمور من منظار واقعي, وليس من منظار خيالي. تصور مثلا عندما نقول مصر يوجد بها أزمة إسكان, فيقف شخص ويقول ما المشكلة نقوم ببناء البيوت! هل هو بذلك حل المشكلة؟ فلكي ما نقوم ببناء بيوت لابد من توفير الأراضي والمهندسين والعمال ومواد البناء, وكل هذا يحتاج إلي المال, ولذلك يجب أن يكون العقل واقعيا, وهو يفكر في حل أي مشكلة.
5- عقل مبدع:
الإبداع طاقة عقلية هائلة, فطرية في أساسها, اجتماعية في نمائها, مجتمعية إنسانية في انتمائها. والعقل هو مركز الإبداع, فهو الذي يمثل مركز التفكير لدي الإنسان, فإذا كان العقل هو المصنع الذي يلتقط المواد الخام, فيختبرها ويحللها ثم يفرزها ويوزعها علي خلايا المخ التخزينية, فهو إذا منبع الابتكار والأفكار وهو عنصر مهم من عناصر العملية الإبداعية في الإنجاز.
إن العقل المبدع يبتكر دائما, ويفكر فيما هو أفضل, وابتكارات الإنسان لا تنتهي في جميع المجالات, ومن سمات العقل المبدع:
أ- تحمل الغموض والتمتع بقدرة فائقة علي الصبر والتحمل للمشكلات أو المواقف الغامضة.
ب- حب الاستطلاع: يميل إلي طرح الأسئلة, والاستفسار من أجل الاستزادة في المعرفة.
ج- الاتصاف بالدعابة وخفة الظل والمرح.
د- الاتصاف بانفتاح العقل, وتقبل وجهات نظر الآخرين.
هـ- الميل إلي تحدي المواقف الصعبة, والأمور الغامضة.
و- الاتصاف بالمرونة في المواقف المختلفة.
ز- الاتصاف بالقدرة علي توليد الأفكار.
فالإنسان الذي ليس عنده هذه النعمة, عقله متجمد وضيق, أما الإنسان صاحب العقل المتفتح يفكر في المستقبل, ويخطط له بطريقة جيدة.
مثال: نعلم جميعا أن دول أوروبا تستخدم عملة واحدة وهي اليورو, وهذه العملة بدأ التفكير فيها منذ عام 1960م حتي تم تنفيذها عام 2000م بمعني أنه استغرق هذا القرار 40 عاما من التفكير والتخطيط.
والخلاصة أن العقل المنفتح يقوده الله, كما يقول الكتاب: وصية الرب مضيئة تنير العينين عن بعد (مز19:8). سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي (مز119:105).
ومن القصص الآبائية الجميلة: أنه كان يوجد ناسك من النساك في البرية, وكان يرفض أخذ أية هدية من الزوار, وعندما كان يطلب منه أحد الزوار أن يعطيه أي شيء علي سبيل البركة, كان يعتذر أنه لا يملك شيئا.
وفي يوم, وقف أمام الله باكيا وسأله: ماذا أفعل مع من يحضرون إلي الهدايا لأني برفضي أحزنهم, ومن يطلبون مني البركة أحزنهم أيضا, لأني لا أملك شيئا أعطيه لهم فماذا أفعل؟! فرد عليه صوت قائلا: من يحضر لك هدية اقبلها, وقل له ضعها هنا وباركه, ومن يريد أن يأخذ بركة قل له: خذ من هناك, وبالتالي لن يحزن هذا ولا ذاك.
وهناك قصة أخري من رهبنة شرق آسيا (الرهبنة البوذية), وهي مختلفة تماما عن الرهبنة المسيحية, فهم يرتدون الزي الأصفر, ويقومون بحلق شعرهم تماما, ومن قوانينهم أنهم لا يلمسون امرأة ولا حتي بالسلام.
تقول القصة: إنه في إحدي المرات كان يسير شيخ مع تلميذه الشاب, وهم في الطريق وجدوا فتاة صغيرة, في حوالي الثانية عشرة من عمرها, تريد عبور مستنقع, حيث تكثر المستنقعات هناك, ولكنها كانت خائفة. فقام الشيخ بحملها علي ذراعيه, وعبر بها الماء وتلميذه في حالة ذهول, كيف يكسر قوانين الرهبنة؟ ولكن خجل من سؤاله, وفي نهاية اليوم تعب هذا التلميذ من التفكير, وقرر أن يسأل معلمه. فقال له: أليس في تعاليمنا ألا نلمس امرأة, فكيف حملت هذه الفتاة؟! أليس هذا كسر للقانون؟! فأجابه الشيخ إجابة جميلة جدا, فقال: أنا قد حملتها خمس دقائق فقط ثم تركتها, أما أنت فقد حملتها في فكرك حتي الآن!
أرجوك أيها الحبيب, اطلب من الله في كل يوم أن يعطيك هذه النعمة, وأن يكون لك العقل المستنير الممسوح بنعمة روح الله, لكي ما يكون لك العقل المنفتح.