الفكر المنفتح
لتكن أقوال فمي وفكر قلبي مرضية أمامك يارب, صخرتي ووليي (مز19:14)
إن العقل الذي ميزنا به الله هو نعمة وعطية وهبة من الله لك أيها الإنسان, فقد أعطاك هذا العقل بمثابة نور, وأيضا أعطاه لك حتي تنميه وتجعله يتسع بالمعرفة.
وهو أيضا زينة وجمال للإنسان, فمن الممكن أن نصف شخصا فنقول: فلان عاقل أو فلانة عاقلة, أو نقول: فلان حكيم أو فلانة حكيمة, وأغلبنا درس مثل العذاري الحكيمات والجاهلات وشتان بين الاثنتين.
كذلك العقل ميزان تزن به كل مواقف حياتك, لذلك جعل لنا الرب جهاز التفكير, حوله العينان والأذنان والأنف والحنجرة واللسان, وذلك حتي يزن كل حواس الإنسان.
لذلك نجد العقل المنفتح لا يتعلم من الأشخاص فقط, بل يتعلم من الطبيعة والأشياء أيضا, فمثلا يحثنا الكتاب المقدس أن نتعلم من النملة, والنحلة. وهكذا في طريق حياتنا نتعلم من كل ما نراه أو نسمعه أو يمر بنا.
والعقل المنفتح لا يلتفت إلي الأثر الذي يتركه المركب خلفه في الماء, أو الأشخاص غير المناسبين الذين ظهروا في حياته السابقة.
أثر الخطية علي العقل
عليك أن تعلم أيها الحبيب أن الخطية تأتي وتلوث العقل فلا تجعله سليما, وأحد أفعال الخطية الخطيرة أنها تجعل العقل ضيقا, وهذه صفة صعبة جدا, فمثلا نقول عن شخص: فلان مخه مثل الحجر وهذه صفة أصعب. فالخطية تجعل عقل الإنسان يصير ضيقا, مثال لذلك المولود أعمي. الكل كان يعلم أنه أعمي والجميع رآه أعمي ويستعطي, لكن عندما شفاه السيد المسيح حيث خلق له عينين جديدتين, بدأ الفريسيون يشككون في أنه كان أعمي! وأحضروا والديه وسألوهما: أهذا ابنكما الذي تقولان إنه ولد أعمي؟ فكيف يبصر الآن؟ (يو9:19), ثم أحضروا الأعمي ثانية وحققوا معه, رغم أن الحقيقة كانت واضحة, لكن عقلهم كان عقلا ضيقا لم يستوعب معجزة الشفاء, وكانت النتيجة أن هذا الأعمي وقف بشجاعة, وقال لهم: إني لا أعرف إلا حقيقة واحدة أني كنت أعمي والآن أبصر (يو9:25).
إن الخطية التي تلوث العقل وتضيقه, أحيانا تصنع ما هو أصعب, فهي تغيب العقل, ويصبح الإنسان كأنه بلا عقل, وأحيانا يخاطب الإنسان نفسه إذا ما صنع شيئا خاطئا قائلا: أين ذهب عقلك؟!.
إن الخطية تجعل العقل لا يفكر, وإن فكر يفكر بانحراف. فالخطية تجعل عقل الإنسان ضيقا حتي لو كان هذا الإنسان متعلما وذا ثقافة عالية, وما أصعب خطية العقل الضيق!
الكتاب المقدس والفكر المنفتح
1- دانيال النبي والفتية الثلاثة:
أما هؤلاء الفتيان الأربعة فأعطاهم الله معرفة وعقلا في كل كتابة وحكمة (دا1:17). لقد كان لهم العقل المتسع والمنفتح, لأن الله وهب الأربعة فتية معرفة وعقلا مع حكمة في الأدب الكلداني والسلوك, لكن دانيال تميز عن زملائه بروح النبوة, إذ وهبه الله فهما للرؤي والأحلام, للكشف عن إرادة الله وخطته.
دانيال والفتية الثلاثة كان لهم معرفة وعقل حكيم, لذلك نمجدهم إلي اليوم, ونذكر سيرتهم وحياتهم في التسبحة في الهوس الثالث, ونقول لهم في قطعة أربسالين: رتلوا للذي صلب عنا وقام.
2- أبيجايل زوجة نابال الأحمق:
تصرفت هذه المرأة الحكيمة مع داود النبي بحكمة. فقال له: مبارك عقلك, ومباركة أنت (1صم25:33), فقد كان لها العقل المتسع والمنفتح والحكيم.
وفي سفر الأمثال يقول: فالآن أيها البنون اسمعوا لي. فطوبي للذين يحفظون طرقي. اسمعوا التعليم وكونوا حكماء ولا ترفضوه (أم8:32-33).
وفي سفر الرؤيا يقول: ها أنا آتي سريعا. طوبي لمن يحفظ أقوال نبوة هذا الكتاب (رؤ22:7).
3- المرأة الكنعانية:
عندما قال لها المسيح: ليس حسنا أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب (مت15:26), أجابت بإيمان وحكمة وعقل منفتح وموزون, وروح متضع, ورد لم يخطر علي بال جميع السامعين, قائلة: والكلاب أيضا تأكل من الفتات الذي يسقط من مائدة أربابها (مت15:27), فقال لها المسيح: يا امرأة, عظيم إيمانك! ليكن لك كما تريدين (مت15:28).
4- زكا صاحب قرار حكيم:
نعلم أنه كان عشارا ويسلك في الخطية, ولكن في اللحظة التي تقابل فيها مع السيد المسيح عقله انفتح وأفاق من غيبوبة الخطية, وبمجرد أن عينيه وقعت علي عين يسوع كل شيء فيه تغير! لقد تجدد عقله وانفتح فقال: ها أنا يارب أعطي نصف أموالي للمساكين, وإن كنت قد وشيت بأحد أرد أربعة أضعاف (لو19:8), وكان قراره قرارا حكيما.
5- بولس الرسول (شاول الطرسوسي):
لم تقابل مع الرب في طريق دمشق: قال وهو مرتعد ومتحير: يارب, ماذا تريد أن أفعل؟ (أع9:6).
فكان ذا عقل حكيم, وكأنه يقول للرب: ها أنا قد سلمتك حياتي, فاعمل فيها وأصلحها. ولذلك نسمع عن بولس الرسول, كيف صار تلميذا ورسولا عظيما وكارزا وأنهي حياته شهيدا.
6- بطرس الرسول:
عنما ذهب لبيت كرنيليوس القائد الروماني الأممي دليلا علي انفتاح فكره, فقد احتمل بطرس عدم رضي الناس من أجل رضي الله. كان روح الرب يهيئ الجو لانفتاح باب الإيمان للأمم, فقد كانت الخدمة محصورة في دائرة أهل الختان. والآن يصدر الأمر واضحا لرسول أهل الختان بطرس مؤكدا بدء انفتاح باب الإيمان للأمم.
7- سر الميرون أول صليب يرشم به الطفل المعمد يكون علي النافوخ (العقل) لكي ما يمسح هذا العقل بنعمة الروح القدس.
والكاهن عندما يصلي لأي شخص يضع الصليب علي رأسه, أي علي موضع عقله وفكره.