(1): الانتماء ويوم العلم
ذت صباح, نشرت صحيفة الأهرام صورة لعلم مصر المرفوع فوق مجمع محاكم الجلاء, وقد تمزق قماش العلم. عندئذ تذكرت طفلة في السنة الأولي الابتدائية, رأيتها في نيويورك تراجع علي شاشة الكمبيوتر درسها عن العلم. كانت الشاشة تقول: لأن العلم يمثل بلدنا, لذلك يجب أن نتعامل دائما باحترام مع العلم. أحد وسائل إظهار احترامنا للعلم هو تكريمه, بتخصيص يوم له يسمي يوم العلم. في يوم العلم يتم رفعه فوق عدد كبير من المباني, وأمام كثير من البيوت.
ومن مظاهر الاحترام للعلم, أن نحمله بحرص. ولابد من إنزال العلم دائما في الليل عندما يبدأ حلول الظلام. وإذا تركنا العلم مرفوعا بعد حلول الظلام, فلابد أن نضيء فوقه نورا. ولا يجب أن نسمح أبدا بأن يلمس العلم الأرض. ولا يجب أن نتسبب في تمزيق العلم, أو تركه ممزقا إذا حدث وتمزق. ولا يجب أن نكتب أي شيء فوق العلم. ولا يجب أن نرتدي العلم كملابس. وعندما نحفظ العلم, يجب تطبيقه بعناية. إننا عندما نظهر احترمنا للعلم, فإننا نظهر احترامنا لبلدنا. قلت لنفسي: بمثل هذه الوسائل, ينمو الانتماء للوطن منذ الطفولة المبكرة.
(2): البردي والكتان في أمريكا
رأيت أمامي نباتات البردي التي كانت سيقانها تستخدم في مصر الفرعونية لصنع الورق, وتحسست بيدي نبات الكتان الذي كان المصريون القدماء يستخدمونه لصنع ملابس, ونزرعه حتي الآن لنفس السبب. ومشيت وسط حقل مزروع بالقمح, الذي لا تزال نعمد عليه في صنع الخبز. هذه نماذج من النباتات التي تعرضها حديقة النباتات بمدينة ريتشموند, اصمة ولاية فرجينيا بالولايات المتحدة الأمريكية. وعلي مدخل حديقة النباتات, شاهدت تمثالا لرجل يرتدي الملابس الفرعونية, ويحمل لوحة مكتوب عليها بالهيروغليفية والإنجليزية المحصولات الفرعونية ـ معرض للنباتات من مصر القديمة والحديثة.
وفي نفس الوقت الذي يقيم فيه متحف الفنون الجميلة لولاية فرجينيا معرضا لروائع مصر القديمة, فإن حديقة النباتات القريبة من المتحف تقدم عرضا حيا للنباتات التي كانت تنمو في ضفتي النيل منذ آلاف السنين, والتي لا تزال تنمو حتي الآن. سمعت أحد الزائرين يقول: عندما أشاهد بعيني وأشم وألمس هذه النباتات ومحصولاتها, فإن هذا يساعدني علي أن أتعايش مع الحياة الحقيقية التي عاشتها مصر العظيمة منذ الاف السنين.
(3): الطريق إلي المجد
يحكي عن إبراهام لنكولن, الذي يعتبره الأمريكيون من أعظم رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية (1860 ـ 1865), إنه عندما كان شابا صغيرا فقيرا, كان يعمل بائعا في دكان بإحدي المدن الصغيرة, وهناك ذاعت شهرته بأنه رجل جدير بالاحترام والتقدير. فذات مرة ذهبت إليه إمرأة فقيرة تريد شراء كمية من أخشاب الوقود التي لم يكن يبيعها, فساعدها علي قطع بعض الأغصان الجافة لتتخذها وقودا, وفي مرة أخري غاصت عجلات عربة في طين الأمطار, وتعذرت عليها الحركة, فكان هو أول من تقدم لمساعدة السائق حتي تخلصت العربة مما وقعت فيه, وفي مرة ثالثة أخطأ وأعطي أحد المشترين أقل مما يستحق, فلم يغمض له جفن طوال الليل, وعند الفجر مشي عدة أميال إلي بيت الرجل ليرد إليه حقه وهكذا اشتهر بين الناس باهتمامه بالآخرين, فكان هذا بداية طريقه إلي الرئاسة والمجد.
(4): اكتشاف جديد في كل صفحة
صفحة كبيرة فوقها صفحة أصغر منها قد ألتصقت من أحد أطرافها بالصفحة الأكبر. وعلي الصفحة الصغيرة صورة لصغير من صغار الحيوانات, مكتوب علي أحد أركانها: عندما أكبر, سأصبح أقوي صياد. وعلي الطفل أن يفكر ويخمن من هو الذي سيصبح أقوي صياد, قبل أن يرفح الصفحة الصغيرة, ليشاهد من خلفها علي الصفحة الأكبر صورة أسد. وعلي صفحة أخري من هذا الكتاب الذي عنوانه عندما أكبر, نري صورة طائر رمادي يسبح في الماء, مكتوب بجوارها سأصبح كبير الحجم رائعة وبيضاء مثل الثلج, وخلفها يكتشف الطفل صورة بجعة. وعلي صفحة ثالثة نري علي الصفحة الصغيرة صورة طائر له منقار برتقالي كبير, يغطيه شعر (زغب) أبيض, وله ساقان طويلتان, وفي الركن نقرأ سيكون لي ريش وردي جميل, وخلفها نري صورة طائر البشاروش أو الفلامنجو. وهكذا تقدم كل صفحة اكتشافا بصريا مثيرا للطفل, يدرك من خلاله الفرق بين شكل الصغار وشكلهاالذي قد يختلف تماما عن شكلها عندما يكتمل نموها, وذلك بعد أن نتركه يفكر, ويبذل جهدا في اكتشاف ماذا سيصبح هذا الصغير عندما يكبر, فنحقق التفاعل والمشاركة بين الطفل والكتاب.
يعقوب الشاروني
Email:[email protected]