لاشك بأن مجلس النواب المصري في نهاية دورته النيابية هذا العام, أمام تحديات وطنية بالغة الأهمية تتوازي مع المهام التي واجهت نفس المجلس حينما تولي مسئولية الحياة التشريعية في مصر حينما جاء بالانتخابات التي أعقبت تولي رئيس الجمهورية, السلطة التشريعية في المرحلة الانتقالية أثناء تطبيق مصر لخطة المستقبل بعد أن استطاعت أن تسترد الهوية المصرية وأن يضع شعب مصر قراره بأن لا مجال في حياتنا للرجوع إلي عصور سحيقة من الزمن يعتليها الإرهاب الفكري والتعصب الديني, فكانت خارطة الطريق عقب 30 يونية 2013 وما تم إعلانه يوم 3 يوليو 2013.
فكان مجلس النواب المصري الذي تولي المسئولية أمام تحدي التشريع والموافقة بعد المراجعة لأكثر من مائتي وخمسون قانونا صدرت من السلطة التشريعية المؤقتة والتي كانت في زمة رئاسة الجمهورية.
وقد استطاع هذا المجلس بقيادة حكيمة للأستاذ الدكتور علي عبدالعال أن يعبر بالبلاد هذه المرحلة القلقة بهدوء, وترسيخ مبدأ الديمقراطية, واستتباب الأمن في قلوب المصريين بأن هناك مجلس نواب يعمل علي ترسيخ الحياة السياسية المصرية بطمأنينة خاصة وفي هذه الفترة القادمة المتبقية علي مدة هذه الدورة التشريعية والتي لا تتعدي عدة شهور علي انتهائها, يوجد تحديات أخري لها من الأهمية لشعب مصر أن ينجزها هذا المجلس وهي مشروعات بقوانين تمس أعصاب الوطن ومستقبله وأهمها:
مشروع بقانون لتحرير العلاقة بين المالك والمستأجر والذي صدر بشأنه حكم تاريخي من المحكمة الدستورية, يوم 5 مايو 2018, ألزم فيه مجلس النواب بضرورة إنهاء قانون ينهي هذا العوار الدستوري الذي تعيشه البلاد منذ عام 1920 أي مائة عام عاش هذا القانون (الاستثنائي), حين صدوره لظروف الحرب العالمية الأولي, ومازال يعيش في ظل غابة من القوانين والفرمانات العثمانية التي ورثها شعب مصر, في حقبات زمنية لا أقل من وصفها بأنه ظلامية!!.
وبجانب أن هذا القانون سوف يعيد الحقوق لأصحابها وينهي حالة من الظلم الاجتماعي غير المقبول (عدلا أو عرفا وحتي دينيا) فإن أهمية صدوره لإنهاء حالة من حالات الفوضي في الاقتصاد غير الرسمي في البلاد, حيث تفقد الموازنة العامة للدولة أكثر من عشرة مليارات من الجنيهات سنويا (قيمة تقديرية) لعدم تطبيق الضريبة العقارية علي أكثر من عشرة ملايين وحدة عقارية (مغلقة) دون مراعاة لأصحاب هذه العقارات ودون مراعاة للعائد المنتظر من دخولها في منظومة الاقتصاد الرسمي للدولة.
ومشروع بقانون آخر تأخر لظروف سياسية في البلاد وهو قانون الإدارة المحلية والذي أشار إليه السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي في أكثر من مناسبة مشيرا علي الأستاذ الدكتور رئيس مجلس النواب بأهمية هذا القانون للمصريين فهو المحرك الرئيسي لعملية التنمية المستدامة في الوطن, وهو النواة التي يمكن أن نطبق من خلالها اللامركزية في الإدارة وإنهاء المشاكل المركزية لكثير من الأمور التي تقف عثرة في سبيل تقدم الوطن نحو مستقبل قد مهدت له خطة الدولة بإعادة الروح لجسد الوطن, بالبنية الأساسية الجديدة التي شرعنا فيها منذ أكثر من أربع سنوات من طرق وكباري وإنهاء العشوائيات وبناء أكبر مراكز إنتاج للطاقة الكهربية, وشروعنا في إنشاء مفاعل نووي للأغراض السلمية في الساحل الشمالي, سوف يكون له دور بالغ الأهمية في خطتنا لتحلية مياه البحر المتوسط والاستعاضة عن الفقر المائي الذي سنواجهه بقوة خلال الأعوام القادمة.
كما أن هناك مشروعا بقانون أمام المجلس تم موافقة اللجان المختصة عليه وهو تعديلات لقانون نقابة المهندسين والذي يهم أكثر من مليون مهندس مقيد في هذه النقابة العريقة وينتظر دوره في أجندة المجلس للعرض علي الجلسة العامة وما سيترتب عليه من آثار معيشية وقانونية بالغة الأهمية علي فئة مهمة من فئات المجتمع, وكثير من القرارات والتعديلات التشريعية أمام مجلسنا الموقر, لعل وعسي أن نحصل علي أداء رائع للمجلس في أسابيع قادمة سوف تحسب لأعضائه المحترمين في خوضهم للانتخابات النيابية القادمة.
[email protected]