أيام وساعات وكأنها شهور مر بها طلبة مصريون عائدون من الصين ، بعد تجربة صعبة.. رحلة شيقة لكنها حافلة بالمصاعب ، تعلموا منها الكثير.. وبرغم خيبة الأمل في عدم استكمال هؤلاء الطلاب منحتهم الدراسية بجامعات الصين، إلا أن الأمل لم يفارقهم في استكمال دراستهم سواء في الصين أو في بلادهم، كل ذلك جعلنا نتحدث مع مجموعة منهم لنستمع إلى تجربتهم..
في البداية قالت مارينا أشرف إبراهيم (21 سنة ) الفرقة الرابعة بكلية الألسن جامعة عين شمس قسم لغة صينية، أنها إجتازت كورسات لغة صينية في جامعة القاهرة بنجاح وتم قبول عشرين طالب وطالبة في شهر مايو الماضي، وبالفعل حصلت على منحة دراسية في إحدى جامعات الصين وسافرت مع زملاءها في شهر اغسطس للاستعداد، لأن الدراسة هناك جادة جدا وغير الملتزم يمكن أن يعود لبلاده في أي وقت.
وتكمل مارينا : إلتحقت بجامعة مدينة تيانجين وهى قريبة من بكين، وكان لنا سكن في بيت الطلبة الخاص بالأجانب داخل الجامعة وهو مكان نظيف ونشتري أكلات من مطاعم داخل الجامعة وجباتنا متنوعة بين افطار وغداء وعشاء، لذلك الحملة التي شنها البعض مبالغ فيها جدا ، لأن شمال الصين تختلف عن جنوبها، ففي الشمال مواطنين أغنياء ولايجتاحون لأكل مأكولات حية وغيرها مما يتم اصطيادها، أما في الجنوب مثل جوانزو وغيرها من المقاطعات الفقيرة يأكلون “أي حاجة”
وعن الظروف التي مروا بها في الصين، تسرد مارينا : سمعنا عن موضوع فيروس كورونا في حوالي العشرين من يناير الماضي، وكان وقتها عيد الربيع عند الصينين، وكل المطاعم والمحال تغلق، فلم نشعر بحاجة غريبة ولكن بعد يوم 28 بدأ الموضوع يزداد وعرفنا أن الموضوع أكبر من مجرد إنتشار فيروس وصدر قرار بعدم خروجنا من محيط الجامعة وعدم الأكل خارج الجامعة فبدأنا نستشعر الخطر، وتم توزيع كمامات وترمومترات علينا، وكان فريق متخصص يقوم بالكشف علينا كل يوم واستمرينا على هذا الحال خمسة أيام، وكان هناك توقعات أن الحالات ستزيد ولذلك قررت السفر لمصر، ولم أخاف ولكني تضايقت وتوترت من خوف أهلي على، فحجزوا لي طيران وسافرت انا وسبعة من أصدقائي. وخوفاً من ركوب قطار فيه ناس قد تنقل العدوى، انتقلنا بسيارة خاصة إلى بكين ومن هناك على مصر، خلال رحلتنا بالسيارة كانت الشوارع “فاضية” والمشهد محزن ، وعندما وصلنا المطار كان هناك كشف على بوابات المطار ومن يكتشف عنده حرارة عالية يمنع من السفر.
وأشارت مارينا أشرف إلى مبالغة الكثير على الفيسبوك فيتحدثون وكأن الصينيون كلهم تأكل الكلاب وإنهم السبب في هذه الفيروسات، وأرى هذا غير صحيح لأن هناك ثقافات مختلفة من أغنياء في الشمال إلى بسطاء من تجار وفلاحين في الجنوب.
وأوضحت مارينا: نحن نتواصل مع أصدقائنا هناك ممن رفضوا السفر ، وهم مازلوا في الجامعة لكنهم على مايرام، ولكن أرى أن الدراسة صعب أن تبدأ ثانية بسهولة ومنتظرين النتائج، لكن نطمئن من أصدقائنا أن الموضوع بدأ يهدأ وإن المحال التجارية بدأت تفتح أبوابها مرة أخرى.
أما لؤي أحمد محمد، رابعة ألسن عين شمس قسم لغة صينية ، يروي لنا قائلاً: تابعنا ما كانت تنشره المواقع الصينية عن انتشار فيروس كورونا، وكنا قلقين لكن لم نتوقع إن الموضوع سيزيد، وجامعة القاهرة بدأت تتواصل معنا وتحذرنا من التواجد في أماكن التجمعات، وبدأنا نمنع الأكل من خارج الجامعة والخروج من الحجرة، وتواصلنا مع أهالينا وكانوا يلحون عليَّ بشدة لنعود قبل تفاقم الأمر، فقررنا السفر واتجهنا إلى المطار مرتاديين كمامات حماية مطهرة من دخول أي ميكروب ورجعنا إلى مصر سالمين، بعد أن اتمننا التيرم الأول هناك.
ويحلم لؤي أن يعود إلى الصين مرة أخرى، لاستكمال منحته الدراسية، وينتظر قرار جامعة عين شمس لتقييم الأمر ، إما السفر للصين لاستكمال العام الدراسي أو استكمال التيرم الثاني هنا في مصر.
أما يارا أشرف، كلية ألسن جامعة عين شمس، قالت، إنها قضت ساعات من الرعب حينما وصلت إلى مطار بكين، كانت الساحات خالية من الحركة المعتادة، وفي مطار القاهرة تم الكشف على العائدين وقياس درجة الحرارة والشخص السليم يتم دخوله البلاد، أما القادم من مدينة ووهان الصينية فيخضع للحجر صحي، وتم إرسال طائرة خاصة من مصر لعودة المصريين من هناك وعمل حجر صحي لهم.
وتستكمل يارا كلامها: قضينا خمسة أيام رعب، فلو شعرت إن “حلقي” ملتهب كنت أبكي من شدة الخوف، وكنت ألتقي مع أصدقائي داخل محيط الجامعة دون السلام حتى باليد، وكنا نستخدم كمية كبيرة من المطهرات، وكان فريق العمل في الجامعة هناك يعاملونا بحرص وجدية ويحاولون طمأنتنا، ولكن كنا لا ننام ، لدرجة كنت أصاب بالرعب من أي أجنبي ألتقي معه، ووقتها أصبت بال”وسواس”، و “كل ما اشوف حد صيني وتحديدا في المطار كنت أترعب. وعندما وصلت مصر ، كنت أشعر إني أحلم ولم أكن متخيلة إني سأعود بهذه السرعة دون اكتمال منحتي الدراسية و”صعبت عليا نفسي” ، ولكن ما صبرني اشتياقي لأهلي ووطني.”
وتختم يارا قصتها: تجربة صعبة جدا، تعلمت منها أن الحياة غير مضمونة بالمرة واننا لابد ان نترك كل شئ على الله.. وتعلمت من تلك التجربة اني لا اؤجل أي عمل حتى لو بسيط، لاني كنت أريد شراء حاجات او ازور أماكن لكن كل شيء حدث بسرعة ولم أستطع شراء حاجة او زيارة أماكن كثيرة، لكني تعرفت على أصدقاء جدد وتعلمت خبرات كتير ، ونفسي المنحة تتكرر تاني، وعندي امل أن يجدوا لنا حلاً حتى لا تضيع المنحة الدراسية التي اجتزنا نصفها.