تحدث رائد أدب الطفل يعقوب الشاروني في مقاله الأخير عن المجد وكيف كان إبراهام لنكولن رئيس الولايات المتحدة صاحب مجد وشهرة منذ صغره وكيف جاءت شهرته من العمل ومساعدة الآخرين وإعطاء كل ذي حق حقه وأن هذه المبادئ هي التي رفعت من شأنه حتي وصل من بائع فقير في دكان صغير لمنصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دون أي سعي إلي شهرة أو مجد.
هذا الأمر جعلني أفكر في انقلاب موازين هذا العصر وسعي الكثيرين للشهرة والمجد وكيف يستغلون كل المناسبات لصالحهم سواء أفراح أو أحزان, فنجدهم يتباهون بما يحققونه من ثروات معايرين الآخرين وغير مبالين بفقر الكثيرين ومعاناتهم في توفير لقمة العيش وأولويات الحياة البسيطة, غير شاعرين بأحزان الناس ومرارة آلامهم.
أصبحت تكنولوجيا اليوم ركيزة أساسية لمن يريدون الشهرة والمجد, فبدأ من الفيس بوك, واتس آب, وانستجرام والأفظع علي الإطلاق التيكتوك ومن بعده لايكي والعديد من التطبيقات التي يستخدمها أي شخص ويطل علينا من أي مكان فيظهر الشباب بملابس خليعة ومراهقات من أمام المرأة وأطفال يقلبون مشاهد جريئة وخطيرة ربما لا يفهمونها ولا يعرفون مخاطرها, وبين مشاهد الإسفاف والعنف والبلطجة أصبح الكل مشهورا طالما يمتلك حسابا إليكترونيا وكاميرا.
وفي نفس النطاق خرجت علينا العديد من أشباه الأصوات من كل اتجاه يسمون ما يقومون به بالفن الشعبي أو تحديدا العناء الشعبي, لم يكن الغناء الشعبي هكذا في أي عهود مضت, فقد اشتهرت أسماء كثيرة وحققت أرقام ومبيعات قياسية وأحبها المستمعين وكانوا ركيزة أساسية في الأفراح والحفلات التي أحيتها, فبدءا من محمد عبدالمطلب, محمد رشدي, العزبي, عدوية, حسن الأسمر, وحكيم, مرورا بشعبان عبدالرحيم, وسعد الصغير, وحتي الأصوات النسائية مثل فاطمة عيد, خضرة محمد خضر, وأصوات الجيل الحالي أمينة, وبوسي, كل هؤلاء وكثيرين آخرين لم يغنوا عن العلاقات المحرمة, لم يتمثلوا بالبلطجة والعنف, فلماذا أصبح السبيل للشهرة مخيبا للآمال, دون إبداع دون التزام ولو بأبسط معايير المجتمع أخلاقيا؟ سحقا للشهرة الزائفة وسحقا للمجد الباطل وشكرا لكل مبدع وفنان ارتقي بكلمات وأسلوبه وقدم من أعماله رسالة هادفة وفنا راقيا.